آيات من القرآن الكريم

أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ
ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ

كفت پيغمبر كه روز رستخيز كى كذارم مجرمانرا أشك ريز «١»
من شفيع عاصيان باشم بجان تا رهانم شان زاشكنجه كران
عصايان واهل كبائر را بجهد وا رهانم از عتاب نقض عهد
صالحان امتم خود فارغند از شفاعتهاى من روز كزند
بلكه ايشانرا شفاعتها بود كفتشان چون حكم نافذ مى رود
وَهُمْ مع ذلك مِنْ خَشْيَتِهِ اى من خشيتهم منه تعالى فاضيف المصدر الى مفعوله مُشْفِقُونَ مرتعدون [يا از مهابت وعظمت او ترسان] والإشفاق عناية مختلطة بخوف لان المشفق يحب المشفق عليه ويخاف ما يلحقه كما فى المفردات قال ابن الشيخ الخشية والإشفاق متقاربان فى المعنى والفرق بينهما ان المنظور فى الخشية جانب المخشى منه وهو عظمته ومهابته وفى الإشفاق جانب المخشى عليه وهو الاعتناء بشأنه وعدم الامن من ان يصيبه مكروه ثم ان الإشفاق يتعدى بكل واحد من كلمتى من وعلى يقال اشفق عليه فهو مشفق واشفق منه اى حذر فان عدى بمن يكون معنى الخوف فيه اظهر من معنى الاعتناء وان عدى بعلى يكون معنى الاعتناء اظهر من معنى الخوف وعن رسول الله ﷺ انه رأى جبريل ليلة المعراج ساقطا كالحلس من خشية الله تعالى وعنه ايضا ان اسرافيل له جناح بالمشرق وجناح بالمغرب والعرش على جناحه وانه ليتضاءل الأحيان حتى يعود مثل الوصع وهو بالسكون ويحرك طائر أصغر من العصفور كما فى القاموس
خوف وخشيت حليه اهل دلست أمن وبي پروايى شان غافلست
حينئذ وَمَنْ يَقُلْ [وهر كه كويد] مِنْهُمْ اى من الملائكة إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ اى حال كونه متجاوزا إياه تعالى فَذلِكَ الذي فرض قوله فرض محال فهذا لا يدل على انهم قالوه وقال بعضهم هو إبليس حيث ادعى الشركة فى الالوهية ودعا الى عبادة نفسه وفيه انه يلزم ان يكون من الملائكة نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كسائر المجرمين ولا يغنى عنهم ما ذكر من صفاتهم السنية وأفعالهم المرضية وهو تهديد للمشركين بتهديد مدّعى الربوبية ليمتنعوا عن شركهم كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ مصدر تشبيهى مؤكد لمضمون ما قبله اى مثل ذلك الجزاء الفظيع نجزى الذين يضعون الأشياء فى غير مواضعها ويتعدون أطوارهم بالاشراك وادعاء الالهية. والقصر المستفاد من التقديم معتبر بالنسبة الى النقصان دون الزيادة اى لا جزاء انقص منه والجزاء ما فيه الكفاية من المقابلة ان خيرا فخير وان شرا فشر يقال جزيته كذا وبكذا وفى التأويلات النجمية يشير بقوله لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ الى انهم خلقوا منزهين عن الاحتياج الى مأكول ومشروب وملبوس ومنكوح وما يدفع عنهم البرد والحر وما ابتلاهم الله بالامراض والعلل والآفات ليسبقوا الله بالقول ويستدعوا منه رفعها وإزالتها والخلاص منها بالتضرع وكذلك ما ابتلاهم الله بطبيعة تخالف أوامر الله تعالى فيمكن منهم خلاف ما يؤمرون وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ نظيره لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ ولعمرى انهم وان كانوا
(١) در أوائل دفتر سوم در بيان جزع ناكردن آن شيخ بزركوار بر مرك فرزندان خويش

صفحة رقم 469

مكرمين بهذه الخصال فان بنى آدم فى سر وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ آكد المكرمين منهم بكرامات اكبر منها درجة وارفع منها منزلة وذلك لانهم لما خلقوا محتاجين الى ما لا تحتاج اليه الملائكة أكرموا بالكرامتين اللتين لم تكرم بهما الملائكة فاحداهما الرجوع الى الله مضطرين فيما يحتاجون اليه فاكرموا بكرامة الدعاء ووعدهم عليه الاستجابة بقوله ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ فلهم الشركة مع الملائكة فى قوله لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ الآية لانهم بامره دعوه عند رفع الحاجات ولذلك اثنى عليهم بقوله تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وقد أعظم امر الدعاء بقوله قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ وهم ممتازون عن الملائكة بكرامة الدعاء والاستجابة وهذه مرتبة الخواص من بنى آدم فى الدعاء. فاما مرتبة أخص الخواص فهى انهم يدعون ربهم لا خوفا ولا طمعا بل محبة منهم وشوقا الى وجهه الكريم كما قال يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وهذه هى الكرامة الثانية التي من نتائج الاحتياج حتى لا يبقى شىء من المخلوقات الا محتاجا بخلاف مخلوق آخر فان لكل مخلوق استعدادا فى الاحتياج يناسب حال جبلته التي جبل عليها فكل مخلوق يفتقر الى خالقه بنوع ما وتفتقر اليه بنوا آدم من جميع الوجوه وهذا هو سر قوله تعالى وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ كما ان ذاته وصفاته استوعبت الغنى كذلك ذواتهم وصفاتهم استوعبت الفقر فاكرمهم الله بعلم اسماء ما كانوا محتاجين اليه كله ورفقهم للسؤال عنه وأنعم عليهم بالاجابة فقال وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وعد ذلك من النعم التي لا نهاية لها وكرامة لا كرامة فوقها بقوله وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها وبقوله يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ يشير الى انه يعلم ما بين أيدي الملائكة من خجالة قولهم أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها الآية فان فيه شائبة نوع من الاعتراض ونوع من الغيبة ونوع من العجب حتى عيرهم الله فيما قالوا وقال إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ يعنى اعلم منه استحقاق المسجودية واعلم منكم استحقاق الساجدية له وما خلفهم اى وما يأمرهم بالسجود له والاستغفار لمن فى الأرض يعنى المغتابين من أولاده ليكون كفارة لما صدر منهم فى حقهم وَلا يَشْفَعُونَ فى الاستغفار إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى يعنى الله تبارك وتعالى من اهل المغفرة وهم من خشيته مشفقون اى من خشية الله وسطوة جلاله خائفون ان لا يعفو عنهم ما قالوا او يأخذهم به ومن يقل منهم انى اله من دونه يعنى من الملائكة فذلك نجزيه جهنم يشير الى انه ليس للملك استعداد الاتصاف بصفات الالوهية ولو ادعى هذه المرتبة فجزاؤه جهنم البعد والطرد والتعذيب كما كان حال إبليس وبه يشير الى ان الاتصاف بصفات الالوهية مرتبة بنى آدم كما قال عليه السلام (تخلقوا بأخلاق الله) وقال (عنوان كتاب الله الى أوليائه يوم القيامة من الملك الحي الذي لا يموت الى الملك الحي الذي لا يموت) فافهم جدا كذلك نجزى الظالمين يعنى الذين يضعون الأشياء فى غير موضعها كاهل الرياء والسمعة والشرك الخفي انتهى ما فى التأويلات النجمية أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا الهمزة لانكار نفى الرؤية وانكار النفي نفى له ونفى النفي اثبات والواو للعطف على مقدر والرّؤية قلبية لا بصرية حتى لا يناقض قوله تعالى ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ والمعنى ألم يتفكروا او ألم يستفسروا من العلماء او ألم يطالعوا الكتب او ألم يسمعوا الوحى ولم يعلموا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا ثنى الضمير الراجع الى الجمع باعتبار ان المرجع اليه

صفحة رقم 470

جماعتان رَتْقاً على حذف المضاف اى ذواتى رتق بمعنى ملتزقتين ومنضمتين لافضاء بينهما ولا فرج فان الرتق هو الضم والالتحام خلقة كان او صنعة فَفَتَقْناهُما الفتق الفصل بين المتصلين وهو ضد الرتق اى ففصلنا وفرقنا إحداهما عن الاخرى بالريح وفى الحديث المشهور (أول ما خلق الله جوهرة فنظر إليها بنظر الهيبة فذابت وارتعدت من خوف ربها فصارت ماء ثم نظر إليها نظر الرحمة فجمد نصفها فخلق منه العرش وارتعد العرش فكتب عليه لا اله الا الله محمد رسول الله فسكن العرش فترى الماء يرتعد الى يوم القيامة) وذلك قوله تعالى وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ اى العذب (ثم حصل من تلاطم الماء ادخنة متراكمة بعضها على بعض وزبد فخلق منها السموات والأرض طباقا
وكانتا رتقا وخلق الريح فيها ففتق بين طباق السموات وطباق الأرض) كما اخبر بقوله ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ وانما خلقها من دخان ولم يخلقها من بخار لان الدخان خلق متماسك الاجزاء يستقر عند منتهاه والبخار يتراجع وذلك من كمال علمه وحكمته (ثم بعد ذلك مد الزبد على وجه الماء ودحاه فصار أرضا بقدرته) وذلك قوله تعالى وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها [وكفته اند آسمان بسته بود از وى باران نمى آمد وزمين بسته بود ازو كياه نمى رست ما آن را بباران واين را بگياه كشاديم] يعنى فتق السماء وهى أشد الأشياء وأصلبها بألين الأشياء وهو الماء وكذلك فتق الأرض بألين الأشياء وهو النبات مع شدتها وصلابتها فان قيل المفتوقة بالمطر هى سماء الدنيا فما معنى الجمع قلنا جمع السموات لان لها مد خلافى الأمطار إذا لتأثير انما يحصل من جهة العلو واعلم ان الفتق صفة الله تعالى كالعلم والقدرة وغيرهما فهو ازلى والمفتوق حادث بحدوث التعلق كما فى العلم وغيره من الصفات التي لا يلزم من قدمها قدم متعلقاتها فتكون تعلقاتها حادثة. فقول البيضاوي ان الفتق عارض خطأ كما فى بحر العلوم وَجَعَلْنا خلقنا مِنَ الْماءِ الماء جسم سيال قد أحاط حول الأرض كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ اى كل حيوان عرف الماء باللام قصدا الى الجنس اى جعلنا مبدأ كل شىء حى من هذا الجنس اى جنس الماء وهو النطفة كما فى قوله تعالى وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ اى كل فرد من افراد الدواب من نطفة معينة هى نطفة أبيه المختصة به او كل نوع من انواع الدواب من نوع من انواع المياه وهو نوع النطفة التي تختص بذلك النوع من الدواب يقول الفقير قد فرقوا بين الحي والحيوان بان كل حيوان حى وليس كل حى حيوانا كالملك فالظاهر ما جاء فى بعض الروايات من (ان الله تعالى خلق الملائكة من ريح خلقها من الماء وآدم من تراب خلقه منه والجن من نار خلقها منه) وقال بعضهم يدخل فى الآية النبات والشجر لنمائهما بالماء والحياة قد تطلق على القوة النامية الموجودة فى النبات والحيوان كما فى المفردات ويدل على حياتهما قوله تعالى يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كما فى الكبير أَفَلا يُؤْمِنُونَ [آيا نمى كردند مشركان با وجود اين آيات واضحه] وفى التأويلات النجمية يشير بقوله أَوَلَمْ يَرَ الى فَفَتَقْناهُما الى ان أرواح المؤمنين والكافرين خلقت قبل السموات والأرض كما قال عليه السلام (ان الله خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي الف عام) وفى رواية (باربعة آلاف سنة وكان خلق السموات والأرض

صفحة رقم 471
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية