
وَلَداً
عطف على مضمون أم اتّخذوا الهة من الأرض ومضمون أم اتّخذوا من دونه الهة يعنى جعلوا الله شركاء وقالوا اتّخذ الرّحمن ولدا- قال البغوي نزلت في خزاعة حيث قالوا الملائكة بنات الله سُبْحانَهُ تنزيه له تعالى عن ذلك بَلْ عِبادٌ يعنى بل هم اى الملائكة عباد مخلوقون ليسوا باولاد مُكْرَمُونَ (٢٦) مقربون.
لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ اى لا يقولون شيئا الا باذنه- وأصله لا يسبق قولهم قوله واذنه فنسب السبق إليهم واليه وجعل القول محله وأداته تنبيها على استهجان اسبق المعترض به للقائلين على الله مالا يرضاه- وأنيب اللام عن الاضافة اقتصارا وتجافيا عن تكرير الضمير وَهُمْ بِأَمْرِهِ اى بما يأمرهم به يَعْمَلُونَ (٢٧) يتمثلون ولا يعصونه أصلا.
يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ اى لا يخفى عليه شيء مما عملوا وما هم عاملين- وهو كالعلة لما قبله والتمهيد لما بعده فانهم لاحاطة علمه تعالى بأحوالهم يضبطون أنفسهم ويراقبون أحوالهم وَلا يَشْفَعُونَ مهابة منه إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ان يشفع له قال ابن عباس الا لمن قال لا اله الا الله- وقال مجاهد الا لمن رضى الله عنه وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (٢٨) الخشية خوف مع التعظيم ولذلك خص به العلماء- والإشفاق خوف مع اعتناء فان عدى بمن كما في هذه الاية فمعنى الخوف فيه اظهر وان عدى بعلى فبا بالعكس- فالمعنى وهم من خوفه لاجل عظمته ومهابته خائفون لا يأمنون مكره.
وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ اى من الخلائق او من الملائكة على سبيل الفرض إِنِّي قرأ نافع وابو عمر بفتح الياء والباقون بإسكانها إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ الشخص نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ والغرض من الاية نفى الربوبية ونفى ادعاء ذلك من الملائكة- وتهديد المشركين بتهديد مدعى الالوهية فهذه الاية كقوله تعالى نْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً
- وقال قتادة عنى بذلك إبليس حيث دعا الى عبادة نفسه وامر بطاعة نفسه وقد كان من الملائكة اما حقيقة او حكما لاجل الحاقه بهم واما غيره من الملائكة فلم يقل به أحد كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٢٩).
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا قرأ ابن كثير الم ير بغير واو العطف والباقون بالواو

يعنى الم يعلموا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا لم يقل كانت لان المراد جماعة السموات وجماعة الأرض رَتْقاً قال ابن عباس والضحاك وعطاء وقتادة كائتا شيئا واحدا ملتزقين فَفَتَقْناهُما فصلناهما بالهواء والرتق في للغة السد والضم والفتق الشق والفتح قال كعب خلق الله السموات والأرض بعضها على بعض ثم خلق ريحا فوسطها فتحها بها وقال مجاهد والسدى كانت السموات مرتقة طبقة واحدة ففتقها فجعلها سبع سموات وكذلك الأرض كانت مرتقة طبقة واحدة ففتقها فجعلها سبع ارضين وقال عكرمة وعطية كانت السماء رتقا لا تمطروا لأرض رتقا لا تنبت ففتق السماء بالمطر والأرض بالبنات والمراد حينئذ بالسماوات السماء الدنيا وجمعها باعتبار الآفاق او السموات بأسرها على ان لها مدخلا في الأمطار وهذا القول اظهر فان الكفرة «١» وكل من له عقل ينظر ويعلم ان المطر ينزل من السماء بعد مالم يمطر والنبات يخرج من الأرض بعد ما لم يخرج وهو امر حادث لا بد له من محدث واجب الوجود فالرتق والفتق بهذا المعنى ظاهر واما كونها في بدو الخلق ملتزقة وفتقت بالرياح فغير ظاهر على الكفار لكنهم متمكنون من تحصيل العلم بها بالاستفسار من العلماء ومطالعة الكتب السماوية وتناسب تاويل عكرمه وعطية قوله تعالى وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ عطف على فتقناهما يعنى فتقنا السماء وأنزلنا منها ماء وفتقنا الأرض وأخرجنا منها نباتا وجعلنا من الماء الّذي أنزلناه من السماء كل شيء حى وهو معطوف على كانتا وذلك محمول على السموات والأرض وعلى هذا يقال الرابط محذوف تقديره وجعلنا من الماء كل شيء حى كائن بينهما او الجملة عطف على مضمون ما سبق لان الاستفهام لانكار نفى الرؤية وهو يستلزم ثبوت الروية وذلك يستلزم وحصول الرتق والفتق فالتقدير حصل منها فتق السموات والأرض بعد رتقهما وجعلنا من الماء كل شيء حى والجعل ان كان بمعنى الخلق وهو الجعل البسيط فالطرف متعلق به وان كان بمعنى التصيير وهو الجعل المركب فالظرف مستقر مفعول ثان فان قيل خلق النبات الّذي له نوع من الحيوة من الماء وتصييره كائنا من الماء ظاهر فانه بمنزلة النطف للحيوان وكذا بعض الحيوانات كالحشرات فان؟؟؟ ضقها من الرطوبات واما اكثر الحيوانات