آيات من القرآن الكريم

لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَىٰ مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ
ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ

على معنى يفرون كما ذكره المفسرون. وجملة المعنى (١): يهربون سراعاً (٢).
١٣ - قوله تعالى: ﴿لَا تَرْكُضُوا﴾ قال المفسرون: لما أخذتهم السيوف وانهزموا -وكانوا قد خرجوا من مساكنهم لقتال بختنصر فلما انهزموا- مروا على دورهم منهزمين، وديارهم (٣) بها أهلوهم وذراريهم فلم يلووا (٤) عليهم فنادتهم الملائكة استهزاء بهم ﴿لَا تَرْكُضُوا﴾ (٥).
[والتقدير في النظم فقيل لهم: لا تركضوا] (٦).
قال صاحب النظم: ومن عادة العرب إذا ظفر الواحد منهم بواتر له (٧) أن يقول له (٨) مثل هذا القول، كما قال الشاعر:

(١) في (د)، (ع): (الأمر).
(٢) انظر: "التبيان" للطوسي ٧/ ٢٠٨.
(٣) (ديارهم): ساقطة من (أ)، (ت).
(٤) في (أ)، (ت): (فلوتلوا).
(٥) ذكر الثعلبي في "الكشف والبيان" ٣/ ٢٨ أنحوًا من ذلك. وانظر: "الدر المنثور" ٥/ ٦١٨ - ٦١٩. والأظهر أن الآيات وصف قصة كل قرية، وأنه لم يرد تعيين حضوراء ولا غيرها، فالمعنى على هذا: أن أهل تلك القرى الظالمة لما تيقنوا أن العذاب نازل بهم لا محالة ركضوا فارين، فقيل لهم- على وجه الهزء والتهكم: لا تركضوا هاربين من العذاب وارجعوا إلى ما كنتم فيه من النعمة والسرور والمعيشة والمساكن الطيبة. فاحذروا -أيها المخاطبون- أن تستمروا على تكذيب أشرف الرسل، فيحل بكم كما حل بأولئك. انظر: "المحرر الوجيز" ١٠/ ١٣٠ - ١٣١، "تفسير ابن كثير" ٣/ ١٧٤، "تفسير ابن سعدي" ٣/ ٢٧٠.
(٦) ساقط من (د)، (ع).
(٧) بواتر: أي: من أصابه بوتر، والوتر: الجناية التي يجنيها الرحل على غيره من قتل أو نهب أو سبي. "لسان العرب" ٥/ ٢٧٤ (وتر).
(٨) (له): ساقطة من (أ)، (ت)

صفحة رقم 31

هَلَّا سألت جُمَوع كنْدَة يوم ولَّوا أين أينا (١)؟ (٢).
فجاء هذا على تلك العادة التي هي بينهم.
وقوله تعالى: ﴿وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ﴾ قال الكلبي: خولتم (٣) ونعمتم (٤) فيه (٥).
وقال ابن عباس: يريد ما كنتم تتنعمون فيه (٦).
وقال السدي: ﴿إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ﴾ أن تجبرتم (٧).
وقال ابن قتيبة: أي إلى نعمكم التي أترفتم (٨).
ومضى الكلام في هذا عند قوله: ﴿أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا﴾ [الإسراء: ١٦].
وقوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ﴾ قال قتادة: أي شيئاً من دنياكم، استهزاء بهم (٩).
(١) في (ت)، (أ): (أبنا)، والصواب ما في (ع)، (ر).
(٢) البيت لعبيد بن الأبرص ضمن أبيات يقولها لامرئ القيس، وكان امرؤ القيس قد توعَّد بني أسد إذ قتلوا أباه. وكندة قوم امرئ القيس. والبيت في "ديوان عبيد" ص ١٤٢، و"الشعر والشعراء" لابن قتيبة ص ١٦١، و"مشكل القرآن" له أيضًا ص ١٨٦، و"معاني القرآن" للفراء ١/ ١٧٧.
(٣) خولتم: أي: أعطيتم وملكتم. "الصحاح" للجوهري ٤/ ١٦٩٠ (خول)، "القاموس المحيط" ٣/ ٣٧٢.
(٤) في (ت): (تعميم).
(٥) انظر: البغوي ٥/ ٣١٢، ابن الجوزي ٥/ ٣٤٢.
(٦) انظر: "تنوير المقباس" ص ٢٠٠.
(٧) لم أجده.
(٨) "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٢٨٤. وفيه أي: إلى نعمكم التي أترفتكم.
(٩) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" ٢/ ٢٢، والطبري ١٧/ ٨، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٥/ ٦١٨ وعزاه لعبد الرازق وابن المنذر وابن أبي حاتم.

صفحة رقم 32
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية