آيات من القرآن الكريم

وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ

(وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (١١)
هذه الآية الكريمة مفصلة بعض التفصيل لما تضمنه هلاك المسرفين في الآية السابقة (وَكَمْ) بمعنى الكثير، وهي مفعول لـ (قَصَمْنَا)، والقصم هو التكسير والتهشيم، الذي تنفصل فيه الأجزاء عن بعضها، وهي تدل على الغضب، والهلاك يكون لأهل القرية، والمعنى وكم قصمنا أهل قرية كانت ظالمة، وإني أرى كما رأى بعض المفسرين أن القصم كان في القرية نفسها، كما حدث لقوم لوط، إذ جعل عالي الأرض سافلها، وكما حصل لثمود، إذ جاءتهم ريح صرصر عاتية دمرتهم وكما حدث لعاد... إلى آخره، وقوله: (كَانَتْ ظَالِمَةَ)، أي أهلها ظالمون فالظلم

صفحة رقم 4836

لا يقع من البناء والأحجار، ولكن من الذين يحلون في القرية، فأسند الفعل إلى المحل وأريد الحالّ.
وقوله تعالى: (وَأَنشَأنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ) أي أن هذه القرية التي قصمت وحطم بنيانها وأزيلت من الوجود أنشأ بعدها قرية أخرى غير ظالم أهلها يسكنها قوم آخرون، وهنا أمران يوجبان الالتفات.
أولهما - أن الحديث عن القرية ولكنه سبحانه قال إنه لَا ينشئ القرية مرة أخرى، إنما ينشئ قوما آخرين، وإنشاء قوم آخرين ينشئ قرية، وليس الأمر أمر البنيان، وإنما الأمر أمر من يسكنون البنيان، ووصفوا بـ (آخَرِينَ) لبيان تباينهم عن الأولين.
الأمر الثاني - التعبير بـ (أَنشَانَا)، والتعبير بقوله (بَعْدَهَا)، فالذكر للبَعدية بالنسبة للقرية مع أن الإنشاء للأقوام الآخرين، وكان ذلك لأن الحديث عن قصم القرية، وتكسيرها وتهشيمها وهو المظهر الحسي لهلاك الأقوام بهلاك قراهم وأماكنهم التي كانوا بها يعيشون.
(فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (١٢) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (١٣)

صفحة رقم 4837
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية