آيات من القرآن الكريم

فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۖ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ
ﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ ﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ

٨- إن في هذا القرآن الذي أنزله الله على عبده محمد صلّى الله عليه وسلم لبلاغا لقوم عابدين أي لمنفعة وكفاية للذين عبدوا الله بما شرعه وأحبه ورضيه، وآثروا طاعته على كل شيء.
نبي الرحمة المهداة
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ١٠٧ الى ١١٢]
وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (١٠٧) قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٨) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ (١٠٩) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ (١١٠) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (١١١)
قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (١١٢)
الإعراب:
عَلى سَواءٍ إما منصوب على أنه صفة مصدر محذوف، وتقديره: آذنتكم إيذانا على سواء، وإما في موضع نصب على الحال من الفاعل والمفعول في آذَنْتُكُمْ وهما التاء والكاف والميم، مثل قول الشاعر:
«فلئن لقيتك خاليين لتعلمن» فنصب خاليين على الحال من ضمير الفاعل والمفعول في «لقيتك».
البلاغة:
فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ استفهام يراد به الأمر، أي أسلموا كما في الآية المتقدمة: فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ أي فاشكروا [الأنبياء ٢١/ ٨٠].

صفحة رقم 142

المفردات اللغوية:
وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ أي وما أرسلناك يا محمد إلا للرحمة بالعالمين: الإنس والجن لأن ما بعثت به سبب لإسعادهم، وموجب لصلاح معاشهم ومعادهم.
قُلْ: إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ أي ما يوحى إلى في أمر الإله إلا وحدانيته، فهو الإله الواحد لأن المقصود الأصلي من بعثته مقصور على التوحيد، فكلمة إِنَّما الأولى لقصر الحكم على الشيء، والثانية على العكس. فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ منقادون خاضعون لما يوحى إلي من وحدانية الإله. والاستفهام بمعنى الأمر، أي أسلموا وأخلصوا العبادة لله تعالى على مقتضى الوحي.
فَإِنْ تَوَلَّوْا أعرضوا عن ذلك. آذَنْتُكُمْ أعلمتكم ما أمرت به، وكثر استعماله في الإنذار، كما قال تعالى: فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة ٢/ ٢٧٩].
عَلى سَواءٍ أي مستوين في علمه، أي أنا وأنتم في العلم بما أعلمتكم به أو في الحرب والمعاداة. وَإِنْ أَدْرِي أي ما أدري. ما تُوعَدُونَ من العذاب أو من غلبة المسلمين عليكم أو من القيامة والحشر، فذلك كائن لا محالة، وإنما يعلمه الله. إِنَّهُ يَعْلَمُ إنه تعالى. الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ أي ومن الفعل، منكم ومن غيركم من الطعن في الإسلام. وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ أي وما أدري لعل تأخير عذابكم استدراج لكم، وزيادة في الامتحان والاختبار. لَكُمْ ليرى كيف صنعكم. وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ وتمتع إلى أجل مقدر تقتضيه مشيئته.
رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ أي اقض بيني وبين مكذبيّ كأهل مكة بالعدل، أي بتعجيل العذاب لهم أو النصر عليهم، فعذبوا ببدر وأحد وحنين والأحزاب أو الخندق، ونصره الله عليهم. تَصِفُونَ أي أن الله هو كثير الرحمة على خلقه، المطلوب منه المعونة على ما تصفون من الحال بأن الشوكة تكون لهم، وبكذبكم على الله باتخاذه ولدا، وعلي بأني ساحر، وعلى القرآن بأنه شعر.
المناسبة:
بعد بيان قصص الأنبياء المتقدمين عليهم، وبعد الاعلام بأن القرآن بلاغ ومنفعة وكفاية للعابدين، أخبر الله تعالى عن سبب بعثة النبي صلّى الله عليه وسلم وهو أنه رحمة للعالمين في الدين والدنيا، أما في الدين فبتخليصهم من الجاهلية والضلالة، وأما في الدنيا فبالتخليص من كثير من الذل والقتال والحروب، والنصر والعلو ببركة دينه. وأما مجيئه بالسيف أيضا فهو لتأديب من استكبر وعاند، ولم يتفكر ولم يتدبر، كما أن الله رحمن رحيم، وهو أيضا منتقم من العصاة.

صفحة رقم 143

التفسير والبيان:
وَما أَرْسَلْناكَ.. أي وما أرسلناك يا محمد بشريعة القرآن وهديه وأحكامه إلا لرحمة جميع العالم من الإنس والجن في الدنيا والآخرة، فمن قبل هذه الرحمة، وشكر هذه النعمة، سعد في الدنيا والآخرة، ومن ردّها وجحدها، خسر الدنيا والآخرة. وقيل: كونه رحمة للكفار: أنهم أمنوا به من الخسف والمسخ وعذاب الاستئصال.
قال تعالى مبينا خسارة الجاحدين: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً، وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ، جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ [إبراهيم ١٤/ ٢٨- ٢٩].
وقال سبحانه في صفة القرآن: قُلْ: هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ، وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ، وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى، أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ [فصلت ٤١/ ٤٤]. وقال صلّى الله عليه وسلم- فيما رواه مسلم عن أبي هريرة: «إني لم أبعث لعانا، وإنما بعثت رحمة» ورواه الحاكم بلفظ: «إنما أنا رحمة مهداة».
ثم أمر الله رسوله أن يقول للمشركين بما يكون إعذارا وإنذارا في مجاهدتهم:
قُلْ: إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أي قل يا محمد لمشركي مكة ولكل إنسان: ما يوحى إلي شيء في شأن الإله إلا أنه إله واحد لا شريك له، فاعبدوه وحده، وأسلموا له وانقادوا، وأطيعوني واتبعوني على ذلك.
فَإِنْ تَوَلَّوْا، فَقُلْ: آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ أي فإن أعرضوا وتركوا ما دعوتهم إليه، فقل: أعلمتكم أني حرب لكم، كما أنكم حرب لي، وأنا بريء منكم، كما أنتم برآء مني، كقوله تعالى: وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ: لِي عَمَلِي، وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ، أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ [يونس ١٠/ ٤١]، وقوله سبحانه:
وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً، فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ [الأنفال ٨/ ٥٨] أي ليكن

صفحة رقم 144

علمك وعلمهم بنبذ العهد على السواء، وهذا معنى الآية هنا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ أي أعلمتكم ببراءتي منكم، وبراءتكم مني، لعلمي بذلك، وقد استوينا في هذا العلم.
وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ أي إن ما توعدون من العذاب وغلبة المسلمين عليكم واقع كائن لا محالة، ولكن لا علم لي بقربه ولا ببعده.
إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ، وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ أي إن الله يعلم الغيب جميعه، ويعلم ما يظهره العباد وما يسرون، يعلم ما تجهرون به من الطعن في الإسلام، وما تضمرونه من الحقد والكيد على المسلمين، وسيجزيكم على قليل ذلك وكثيره.
وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ أي وما أدري لعل تأخير العذاب عنكم ابتلاء واختبار لكم، وتمتع بلذات الدنيا إلى أجل مسمى، لينظر كيف تعملون.
قالَ: رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ أي قال النبي: ربنا افصل بيننا وبين قومنا المكذبين بالحق والعدل، فقولك الحق، وأنت الحق، ووعدك الحق، وحكمك بالحق، ولا تحب إلا الحق. قال قتادة: كانت الأنبياء عليهم السلام يقولون:
رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ [الأعراف ٧/ ٨٩] وأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يقول ذلك.
وروى مالك عن زيد بن أسلم: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا شهد غزاة قال: رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ.
وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ أي والله ربنا هو المطلوب منه العون على ما تصفون من الشرك والكفر، والكذب والباطل، وهو القول: بأن لله ولدا، وأني ساحر شاعر، وأن القرآن شعر، وعلى ما تطمعون أن تكون الشوكة والغلبة لكم.

صفحة رقم 145

والاحتكام إلى الله إنذار وإظهار للحق، وتوعد للكفار، وتهديد بالهزيمة والاندحار أمام جند الإيمان وأنصار الحق.
فقه الحياة أو الأحكام:
في اختتام سورة الأنبياء بهذه الآيات دلالات ظاهرة وحجة بينة على الحق الأبلج وهي:
١- إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم خاتم النبيين الذي توج الله برسالته رسالات الأنبياء المتقدمين رحمة لجميع الناس، فمن آمن به، وصدّق بدعوته، سعد، ومن لم يؤمن به سلم في الدنيا مما لحق الأمم من الخسف والمسخ والغرق وعذاب الاستئصال، وخسر الآخرة خسرانا مبينا.
٢- جميع رسالات الأنبياء ورسالة خاتمهم أيضا لا يوحى فيها شيء في شأن الإله إلا التوحيد والوحدانية، فلا يجوز الإشراك به، فهل أنتم أيها البشر قاطبة منقادون لتوحيد الله تعالى، أي فأسلموا تسلموا.
٣- إن أعرض المشركون والكفار عن رسالة الإسلام فقد تمّ إنذارهم وإعذارهم، وتمّ إعلامهم ألّا لقاء بين الإيمان والكفر، وألّا صلح بين المسلمين والكفار، وأن الحرب والعداوة مستمرة بين الفريقين، ولكن لا يشترط أن تكون حربا مستعرة وقتالا دائرا، وإنما ذلك إعلان قاطع عما يكنّ في أصائل قلوب المؤمنين من إنكار قلبي لمختلف ألوان الكفر، دون مهادنة ولا رضا، ولا إقرار لأي شيء من أوضاع الكفر الفاسدة.
٤- إن أجل العذاب ويوم القيامة لا يدريه أحد، لا نبي مرسل، ولا ملك مقرّب.
٥- الله تعالى عالم الغيب والشهادة، والسر والجهر، والباطن والظاهر

صفحة رقم 146

يعلم مطاعن الكفار بالإسلام، ومكائدهم وأحقادهم على المسلمين وشركهم وكفرهم، وسيجزيهم على ما يصدر منهم من صغير أو كبير.
وربما كان الإمهال بالعذاب اختبارا ليرى ما يصنعون، والله أعلم بما يفعلون، وربما كان عدلا وفضلا تأخير العذاب ليتمتع الكفار بلذائذ وشهوات الدنيا، ثم يحرموا منها في الآخرة.
٦- عقيدة المؤمن الصادق الإيمان لها محوران في أزمات الاحتكاك مع الكفار، المحور الأول- هو تفويض الأمر إلى الله وتوقع الفرج من عنده، وهذا ما أمر به الله تعالى نبيه صلّى الله عليه وسلم بقوله: قالَ: رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ أي احكم بيني وبين هؤلاء المكذبين وانصرني عليهم. والمحور الثاني- هو الاستعانة بالله القوي الغالب، وهذا ما ختمت به السورة: وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ أي ما تصفونه من الكفر والتكذيب، والطمع في الغلبة على أهل الإيمان.
٧- يقوم شرع الله ودينه على عقيدة التوحيد الخالص من شوائب الشرك، وعلى العدل والقسط، فالله سبحانه يقضي بالحق، وينصر أهل الحق والإيمان بالله، ويخذل الظلمة والكفار، ويدحر الظلم وأهله، ويعين المظلوم، وينصر الضعيف، وينتصف للفقير من الغني، ويسوي بين الخصمين، ولو كان أحدهما مسلما والآخر كافرا، ويدعو إلى الرحمة والإحسان، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، وهذه هي أصول الحضارة الصحيحة، ونواة (الديمقراطية) السديدة، فلا تعصب فيه، ولا ظلم، ولا جهل، ولا فوضى، وإنما العلم والمعرفة والوعي منهاج الحياة الإسلامية، وطريق الدعوة القرآنية، ومصباح العالم كله.

صفحة رقم 147

بسم الله الرّحمن الرّحيم

سورة الحج
مدنية، وهي ثمان وسبعون آية.
تسميتها:
سميت سورة الحج لإعلان فريضة الحج فيها على الناس، على لسان إبراهيم الخليل عليه السلام: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ بعد بناء البيت العتيق، فأذن، فبلغ صوته أنحاء الأرض، وأسمع النطف في الأصلاب والأجنة في الأرحام، وأجابوا النداء: «لبيك اللهم لبيك».
صلتها بما قبلها:
هناك تناسب وارتباط بين بداية هذه السورة، وخاتمة السورة السابقة، فقد ختم الله سورة الأنبياء ببيان اقتراب الساعة ووصف أهوالها في قوله:
وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ، فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا وافتتح هذه السورة بقوله: إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ، يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ.
وفي السورة المتقدمة بيان قصص أكثر من عشرة من الأنبياء تدور على ما قاموا به من إثبات توحيد الله، ونبذ الشرك، والإيمان بالبعث، وفي هذه السورة استدلال بخلق الإنسان بأطواره المتعددة وبإبداع السموات والأرض على قدرة الله على إحياء البشر للبعث، وعلى وجوده تعالى ووحدانيته، ثم تنبيه الأفكار على الالتفات لأحوال أهل القرى الظالمة التي أهلكها الله، والاتعاظ بها بسبب تكذيبهم الرسل.

صفحة رقم 148

مشتملاتها:
بالرغم من أن هذه السورة مدنية تضمنت الكلام عن فرضية الحج ومناسكه، وعن مشروعية القتال ومقومات النصر، فإنها تحدثت عن أمور مشابهة لموضوعات السور المكية من الإيمان بالله عزّ وجلّ وتوحيده، والبعث والاستدلال عليه، والجزاء على الأعمال.
افتتحت السورة بما يهز المشاعر، وينشر الرعب والخوف من أهوال الساعة، وشدائد يوم القيامة.
ثم انتقلت إلى بيان أدلة البعث، وإتيان القيامة، وبيان بعض مشاهدها من جعل الأبرار في دار النعيم، وزجّ الكفار في نار الجحيم، وإعلان خسارة المنافقين المضطربين الذين لا يعرف لهم قرار ولا اتجاه. ثم أبانت حرمة المسجد الحرام، وفرضية الحج ومنافعه، وحرماته وشعائره، ومناسكه وذبائحه، وأردفت ذلك بالحديث المقنع عن أسباب فرضية القتال، ومقومات النصر على الأعداء، مع تسلية الرسول صلّى الله عليه وسلم عما ناله من أذى قومه، وتكذيبهم له، والتعريف بحال أهل القرى الظالمة التي أهلكها الله، وجعل العاقبة للمتقين، وتحديد مهمة النبي صلّى الله عليه وسلم وهي الإنذار مكذبي القرآن بالنار، وتبشير المؤمنين الذين يعملون الصالحات بالجنة والنعيم، وإظهار مدى فضل الله على المهاجرين وإثابتهم.
واقتضت الحكمة بعدئذ الكلام عن أدلة القدرة الإلهية من خلق الليل والنهار، والسماء والأرض، والإحياء والإماتة، والعلم الشامل لجميع مكنونات الكون، وتفرد الله تعالى بالحساب والفصل والحكم بين الناس. ثم بيان مدى تبرم الكفار بآيات الله، وإظهار الغضب على وجوههم، وتحديهم بأن معبوداتهم من الأصنام وغيرها لا تستطيع خلق ذبابة، فضلا عن خلق الإنسان، وأن منشأ

صفحة رقم 149
التفسير المنير
عرض الكتاب
المؤلف
وهبة بن مصطفى الزحيلي الدمشقي
الناشر
دار الفكر المعاصر - دمشق
سنة النشر
1418
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية