آيات من القرآن الكريم

لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ
ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ

(لا يحزنهم) بفتح الياء وضم الزاي، وقرئ بضم الياء وكسر الزاي.
قال اليزيدي: حزنه لغة قريش وأحزنه لغة تميم، بيان لنجاتهم من الفزع بالكلية إثر بيان نجاتهم من النار لأنهم إذا لم يحزنهم (الفزع الأكبر) وهو أهوال يوم القيامة من البعث والحساب والعقاب، والأمر بالعبد إلى النار، لا يحزنهم ما عداه بالضرورة.

صفحة رقم 375

وقال ابن عباس: هو النفخة الآخرة، وقيل هو حين يذبح الموت وينادي يا أهل النار خلود ولا موت، وقيل هو حين يطبق على جهنم، وذلك بعد أن يخرج الله منها من يريد أن يخرجه، ثم تغلق النار على أهلها.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنة عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة على كثبان المسك لا يهولهم الفزع الأكبر يوم القيامة؛ رجل أمَّ قوماً وهم له راضون، ورجل كان يؤذن في كل يوم وليلة وعبد أدى حق الله وحق مواليه " (١).
(وتتلقاهم الملائكة) أي تستقبلهم على أبواب الجنة يهنونهم، وقال المحلي: عند خروجهم من القبور، ولا مانع أنها تستقبلهم في الحالين، ويقولون لهم (هذا يومكم الذي كنتم توعدون) به في الدنيا وتبشرون بما فيه، هكذا قال جماعة من المفسرين: إن المراد بقوله: (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى) إلى هنا هم كافة الموصوفين بالإيمان والعمل الصالح لا المسيح وعزير والملائكة، لأن علياً قرأ هذه الآية، ثم قال: أنا منهم وأبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف.
وقال أكثر المفسرين: إنه لما نزل (إنكم وما تعبدون) الآية أتى ابن الزبعري (٢) إلى رسول الله ﷺ فقال: يا محمد ألست تزعم أن عزيراً رجل صالح وأن عيسى رجل صالح، وأن مريم امرأة صالحة؟ قال: " بلى "، قال: فإن الملائكة وعيسى وعزيراً ومريم يعبدون من دون الله، فهؤلاء في النار، فأنزل الله هذه الآية إلى آخرها أخرجه ابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس وأخرجه أبو داود والطبراني من وجه آخر بأطول منه.
_________
(١) الترمذي كتاب البر باب ٥٤ - كتاب الجنة باب ٢٥ - الإمام أحمد ٢/ ٢٦.
(٢) الزبعري معناه السيء الخلق الغليط وهو لقب والمد عبد الله القرشي ولقد أسلم بعد هذه القصة إهـ منه.

صفحة رقم 376
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية