
على الوجه المذكور وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى الفلاح الظفر وادراك البغية والاستعلاء قد يكون طلب العلو المذموم وقد يكون طلب العلاء اى الرفعة والآية تحتمل الامرين جميعا اى وقد فاز بالمطلوب من غلب ونال علو المرتبة بين الناس قال فى الإرشاد يريدون بالمطلوب ما وعدهم فرعون من الاجر والتقريب وبمن غلب أنفسهم جميعا او من غلب منهم حثالهم على بذل المجهود فى المغالبة يقول الفقير فيه اشارة الى ان المنهي من العلوم والأسباب كالسحر ونحوه ما يتقرب به الى الدنيا وجمع حطامها لا الى الآخرة والفوز بنعيمها ولا الى الله تعالى ولذا قال إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ فكل من أراد ان يتوصل بما يفعله مما نهاه الشرع الى درجة من الدرجات الاخروية او مرتبة من المراتب المعنوية فانه يضيع سعيه ولا يفلح ولا يبقى له سوى التعب ثم ان ارباب التقليد يقتفون آثار فرعون وسحرته ويقولون فى حق اهل التحقيق ان هؤلاء يخرجونكم من مناصب شيخوختكم ومراتب قبولكم عند العوام ويصرفون وجوه الناس عنكم ويذهبون باشراف قومكم من الملوك والأمراء وارباب المعارف واهل الدثور والأموال فيسلكون مسالك الحيل ويريدون ان يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون اى المشركون بالشرك الخفي: وفى المثنوى
هر كه بر شمع خدا آرد پفو | شمع كى ميرد بسوزد پوز او «١» |
پستست قدر سفله اگر خود كلاه جاه | بر اوج سلطنت زند از كردش زمان |
سفليست خاك اگر چهـ نه بر مقتضاى طبع | همراه كرد باد كشد سر بر آسمان |

قلنا لما تعين طريقا الى كشف الشبهة صار جائزا وفى الاسئلة المقحمة هذا ليس بامر وانما هو للاستهانة بذلك وعدم الاكتراث به لما كان يعلم ان ذلك سبب لظهور الحق وزهوق الباطل فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى الفاء فصيحة وإذا لمفاجأة ظرفية والحبال جمع حبل وهو الرسن والعصى جمع عصا والتخيل تصوير خيال الشيء فى النفس والتخيل تصور ذلك والخيال أصله الصورة المجردة كالصورة المتصورة فى المنام وفى المرآة وفى القلب بعيد غيبوبة المرئي ثم تستعمل فى صورة كل امر متصور وفى كل شخص دقيق يجرى مجرى الخيال وانها تسعى نائب فاعل ليحيل والسعى المشي السريع وهو دون العدو. والمعنى فالقوا ففاجأ موسى وقت ان يخيل اليه سعى حبالهم وعصيهم من سحرهم: وبالفارسية [پس رسنها وعصاهاى ايشان نموده شد بموسى از جادويى وكيد ايشان كه كويى بدرستى كه آن ميرود ومى شتابد] وذلك انهم كانوا لطخوها بالزنبق فلما ضربت عليها الشمس اضطربت واهتزت فخيل اليه انها تتحرك فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى الوجس الصوت الخفي والتوجس التسمع والإيجاس وجود ذلك فى النفس والخيفة الحالة التي عليها الإنسان من الخوف وهى مفعول أوجس وموسى فاعله. والمعنى أضمر موسى فى نفسه بعض خوف من مفاجأته بمقتضى البشرية المجبولة على النفرة من الحيات والاحتراز عن ضررها المعتاد من اللسع ونحوه كما دل عليه قوله فى نفسه لانه من خطرات النفس لا من القلب وفى الحقيقة ان الله تعالى البس السحر لباس القهر فخاف موسى من قهر الله لا من غيره لانه لا يأمن من مكر الله الا القوم الفاسقون يقول الفقير
چون خدا خواهد شود هر برك خار | رشته باريك در چشم عين مار |
برك لرزان آب ريزان از الم | چون نمى ترسم ز قهر كردكار |

انتهى والتأنيث لكون ما عبارة عن العصا والصنع اجادة الفعل فكل صنع فعل وليس كل فعل صنعا ولا نسب الى الحيوانات والجمادات كما ينسب إليها الفعل. والمعنى تبتلع وتلقم ما صنعوه من الحبال والعصى التي خيل إليك سعيها وخفتها والتعبير عنها بما صنعوا للتحقير والإيذان بالتموية والتزوير اى زوّروه وافتعلوه إِنَّما صَنَعُوا ما موصولة او موصوفة اى ان الذي صنعوه او ان شيأ صنعوه كَيْدُ ساحِرٍ بالرفع على انه خبر لان اى كيد جنس الساحر ومكره وحيلته وتنكيره للتوسل به الى تنكير ما أضيف اليه للتحقير والكيد ضرب من الاحتيال يكون محمودا او مذموما وان كان يستعمل فى المذموم اكثر وكذلك الاستدراج والمكر وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ اى لا يدرك بغيته هذا الجنس حَيْثُ أَتى من الأرض وعمل السحر فيها وهو من تمام التعليل وفى التأويلات النجمية يشير الى ان ما فى يمينك هو مصنوعى وكيدى وما صنعه السحرة انما هو مصنوعهم وكيدهم ولا يفلح الساحر ومصنوعه وكيده حيث اتى مصنوعى وكيدى لان كيدى متين واعلم ان الفلاح دنيوى وهو الظفر بالسعادات التي تطيب بها حياة الدنيا وهو البقاء والغنى والعز واخروى وهو اربعة أشياء بقاء بلا فناء وغنى بلا فقر وعز بلا ذل وعلم بلا جهل ففلاح اهل الدنيا كلا فلاح لان عاقبته خيبة وخسران ألا ترى ان من قال لاستاذه لم اى اعترض عليه لن يفلح ابدا وقد رأينا بعض المعترضين قد اوتى مالا وجاها ورياسة فهو فى تقلبه خائب خاسر وقس عليه سائر المخالفين من اهل المنكرات قال فى نصاب الاحتساب الساحر إذا تاب قبل ان يؤخذ تقبل توبته وان أخذ ثم تاب لم تقبل توبته وفى شرح المشارق للشيخ أكمل روى محمد بن شجاع عن الحسن بن زياد عن ابى حنيفة رحمه الله انه قال فى الساحر يقتل إذا علم انه ساحر ولا يستتاب ولا يقبل قوله انى اترك السحر وأتوب منه فاذا أقر انه ساحر فقد حل دمه وان شهد عليه شاهدان بالسحر فوصفوا ذلك بصفة يعلم انها سحر قتل ولا يستتاب انتهى وفى شرح رمضان على شرح العقائد ان الساحر يقتل ذكرا او أنثى إذا كان سعيه بالإفساد والإهلاك فى الأرض وإذا كان سعيه بالكفر فيقتل الذكر دون الأنثى انتهى وفى الفروع لا تقتل الساحرة المسلمة ولكن تضرب وتحبس لانها ارتكبت جريمة عظيمة وانما لا تقتل لان النبي عليه السلام نهى عن قتل النساء مطلقا وفى الأشباه كل كافر تاب فتوبته مقبولة فى الدنيا والآخرة الا جماعة الكافر بسب النبي وبسب الشيخين او أحدهما وبالسحر ولو امرأة وبالزندقة إذا أخذ قبل توبته انتهى وفى فتاوى قارئ الهداية الزنديق من يقول ببقاء الدهر اى لا يؤمن بالآخرة
ولا الخالق ويعتقد ان الأموال والحرم مشتركة وقال فى موضع آخر هو الذي لا يعتقد الها ولا بعثا ولا حرمة شىء من الأشياء وفى قبول توبته روايتان والذي ترجح عدم قبول توبته انتهى قال فى شرح الطريقة السحر فى اللغة كل ما لطف ودق ومنه السحر للصبح الكاذب وقوله عليه السلام (ان من البيان لسحرا) وبابه منع وفى العرف اراءة الباطل فى صورة الحق وهو عندنا امر ثابت لقوله عليه السلام (السحر حق والعين حق) وفى شرح الأمالي السحر من سحر يسحر سحرا إذا خدع أحدا وجعله مدهوشا متحيرا وهذا