
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- حرمة الكذب على الله تعالى، وإنه ذنب عظيم يسبب دمار الكاذب وخسرانه.
٢- من مكر الإنسان وخداعه١ أن يحول القضية الدينية البحتة إلى سياسة خوفاً من التأثير على النفوس فتؤمن وتهتدي إلى الحق.
٣- معية الله تعالى لموسى وهارون تجلت في تصرفات موسى إذ الإذن لهم بالإلقاء أولا من الحكمة وذلك أن الذي يبقى في نفوس المتفرجين والنظارة هو المشهد الأخير والكلمة الأخيرة التي تقال لاسيما في موقف كهذا.
قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (٦٦) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى (٦٧) قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الاعْلَى (٦٨) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (٦٩) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (٧٠) قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلاقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ وَلاصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (٧١)
شرح الكلمات:
فأوجس في نفسه خيفة: أي أحس بالخوف في نفسه.
أنت الأعلى: أي الغالب المنتصر.
تلقف: أي تبتلع بسرعة ما صنع السحرة من تلك الحبال والعصي.
كيد ساحر: أي كيد ساحر لا بقاء له ولا ثبات.

لا يفلح الساحر: أي لا يفوز بمطلوبة حيثما كان.
فألقي السحرة سجداً: أي ألقوا بأنفسهم ورؤوسهم على الأرض ساجدين.
إنه لكبيركم: أي لمعلمكم الذي علمكم السحر.
من خلاف: أي يد يمنى مع رجل يسرى.
في جذوع النخل: أي على أخشاب النخل.
أينا أشد عذاباً وأبقى: يعني نفسه- لعنه الله- ورب مرسى اشد عذاباً وأدومه على مخالفته وعصيانه.
معنى الآيات:
ما زال السياق في الحديث عن المباراة التي بين موسى عليه السلام وسحرة فرعون إنه لما ألقى السحرة حبالهم وعصيهم وتحركت واضطربت ومتلأت بها الساحة شعر موسى بخوف في نفسه فأوحى إليه ربه تعالى في نفس اللحظة: ﴿لا تخف إنك أنت الأعلى﴾ أي الغالب القاهر لهم.
هذا ما دلت عليه الآية الأولى (٦٧) فأوجس١ في نفسه خيفة موسى والثانية (٦٨) ﴿قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى﴾ وقوله تعالى: ﴿وألق ما في يمنيك٢ تلقف ما صنعوا﴾ أي تبتلع بسرعة وعلل لذلك فقال: ﴿إنما صنعوا كيد ساحر٣﴾ أي هو مكر وخدعة من ساحر ﴿ولا يفلح الساحر حيث أتى﴾ أي لا يفوز الساحر بما أراد ولا يظفر به أبداً لأنه مجرد تخيلات يريها غيره. وليس لها حقيقة ثابتة لا تتحول ولما شاهد السحرة ابتلاع العصا لكل حبالهم وعصيتهم عرفوا أن ما جاء به موسى ليس سحراً وإنما هو معجزة سماوية ألقوا بأنفسهم على الأرض ساجدين لله رب العالمين لما بهر نفوسهم من عظمة المعجزة وقالوا في وضوح ﴿آمنا برب هارون وموسى﴾. وهنا صاح فرعون مزمجراً مهدداً ليتلافى في نظره شر الهزيمة فقال
٢ لم يقل له: ألق العصا لأن فيها إكباراً لشأن العصا وأنها بحق قادرة على إبطال باطل السحرة.
٣ قرأ الجمهور: ﴿كيد ساحر﴾ وقرأ بعضهم: ﴿كيد سحر﴾ بكسر السين أي: كيد ذي سحر، وكيد: خبر مرفوع، والمبتدأ: ما الموصولية في قوله: ﴿إن ما صنعوا﴾ وصنعوا: صلتها، وكيد: الخبر. وقرىء بنصب كيد على أنّ ما كافة. وكيد معمول لصنعوا.

للسحرة ﴿آمنتم له قبل أن آذن لكم﴾ بذلك ﴿إنه لكبيركم١﴾ أي معلمكم العظيم ﴿الذي علمكم السحر﴾ فتواطأتم معه على الهزيمة. ﴿فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف﴾ تعذيباً وتنكيلاً فاقطع يمين أحدكم مع يسرى رجليه، أو العكس ﴿ولأصلبنكم٢ في جذوع النخل﴾ أي لأشدنكم على أخشاب النخل واترككم معلقين عبرة ونكالاً لغيركم ﴿ولتعلمن أينا أشد عذاباً وأبقى﴾ أي أدومه: رب موسى الذي آمنتم به أو أنا "فرعون عليه لعائن الله" هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- الشعور بالخوف والإحساس به عند معاينة أسبابه لا يقدح في الإيمان.
٢- تقرير أم ما يظهر السحرة من تحويل الشيء إلى آخر إنما هو مجرد تخييل لا حقيقة له.
٣- حرمة السحر لأنه تزوير وخداع.
٤- قوة تأثير المعجزة في نفس السحرة لما ظهر لهم من الفرق بين الآية والسحر.
٥- شجاعة المؤمن لا يرهبها خوف بقتل ولا بصلب.
قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٧٢) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (٧٣) إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيى (٧٤) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (٧٥) جَنَّاتُ عَدْنٍ
٢ حروف الجر تتناوب، والفاء هنا: (في جذع النخل) بمعنى: على. قال الشاعر:
هم صلبوا العبديّ في جذع نخلة
فلا عطست شيبان إلاّ بأجدعا