آيات من القرآن الكريم

وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى
ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﱿ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ

تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٣١) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (١٣٢)
شرح الكلمات:
أفلم يهد لهم: أي أفلم يُبَيَّنْ لهم.
من القرون: أي من أهل القرون.
لآيات لأولى النهى: أي أصحاب العقول الراجحة إذ النهية العقل.
ولولا كلمة سبقت: أي بتأخير العذاب عنهم.
لكان لزاماً: أي العذاب لازماً لا يتأخر عنهم بحال.
ما يقولون: من كلمات الكفر، ومن مطالبتهم بالآيات.
ومن آناء الليل: أي ساعات الليل واحدها إِنْيٌ أو إِنْوٌ.
لعلك ترضى: أي رجاء أن تثاب الثواب الحسن الذي ترضى به.
إلى ما متعنا به أزواجا منهم: أي رجالاً منهم١ من الكافرين.
زهرة الحياة الدنيا: أي زينة الحياة الدنيا وقيل فيها زهرة لأنها سرعان ما تذبل وتذوى.
لنفتنهم فيه: أي لنبتليهم في ذلك أيشكرون أم يكفرون.
والعاقبة للتقوى: العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة لأهل التقوى.
معنى الآيات:
بعد ذكر قصة آدم عليه السلام وما تضمنته من هداية الآيات قال تعالى ﴿أفلم يهد﴾ لأهل مكة المكذبين المشركين أي أَغَفَلوا فلم يهد لهم أي يتبين ﴿كم أهلكنا قبلهم من القرون﴾ أي إهلاكنا للعديد من أهل القرون الذين هم يمشون في مساكنهم ذاهبين جائين

١ أزواجاً: رجالاً ونساءً لأنّ الرجل زوج والمرأة زوج والتعبير بلفظ أزواج لأجل الدلالة على العائلات والبيوت أي: إلى ما متّعناهم به من مال وبنين.

صفحة رقم 389

كثمود وأصحاب مدين والمؤتفكات أهلكناهم بكفرهم ومعاصيهم فيؤمنوا ويوحدوا ويطيعوا فينجوا ويسعدوا. وقوله تعالى: ﴿إن في ذلك﴾ المذكور من الإهلاك للقرون الأولى ﴿لآيات﴾ أي دلائل واضحة على وجوب الإيمان بالله ورسوله وطاعتهما، ﴿لأولى النهى﴾ أي لأصحاب العقول أما الذين لا عقول لهم لأنهم عطلوها فلم يفكروا بها فلا يكون في ذلك آيات لهم. وقوله تعالى ﴿ولولا كلمة سبقت١ من ربك﴾ بأن لا تموت نفس حتى تستوفي أجلها، وأجل مسمن عند الله في كتاب المقادير لا يتبدل ولا يتغير لكان عذابهم لازماً لهم لما هم عليه من الكفر والشرك والعصيان. وعليه ﴿فاصبر﴾ يا رسولنا ﴿على ما يقولون﴾ من أنك ساحر وشاعر وكاذب وكاهن من كلمات الكفر، واستعن على ذلك بالصلاة ذات الذكر والتسبيح ﴿قبل طلوع الشمس﴾ وهو صلاة الصبح ﴿وقبل غروبها﴾ وهو صلاة العصر ﴿ومن آناء الليل﴾ أي ساعات الليل وهما صلاتا المغرب والعشاء، ﴿وأطراف النهار﴾ وهو صلاة الظهر لأنها تقع بين طرفي النهار أي نصفه الأول ونصفه الثاني٢ وذلك عند زوال الشمس، لعلك بذلك ترضى بثواب الله تعالى لك.
وقوله تعالى ﴿ولا تمدن عينيك﴾ أي لا تتطلع ناظراً ﴿إلى ما متعنا به أزواجاً منهم﴾ أشكالاً في عقائدهم وأخلاقهم وسلوكهم ﴿زهرة٣ الحياة الدنيا﴾ أي من زينة الحياة الدنيا ﴿لنفتنهم فيه﴾ أي لنختبرهم في ذلك الذي متعناهم به من زينة الحياة الدنيا وقوله تعالى: ﴿ورزق ربك﴾ أي ما لك عند الله من أجز ومثوبة خير وأبقي٤ خيراً في نوعه وأبقى في مدته، واختيار الباقي على الفاني مطلب العقلاء.
وقوله تعالى: ﴿وأمر أهلك٥ بالصلاة واصطبر عليها﴾ أي من أزواجك وبناتك وأتباعك

١ فيه تقديم وتأخير، الأصل: ولولا كلمة سبقت وأجل مسبق لكان لزاماً. أي لكان العذاب لازماً لهم.
٢ العتمة. واحد الأناء: أنيٌ وإنى وأنى.
٣ قال مجاهد: الأغنياء منهم، وبهذا يشمل النساء والرجال إذ كل منهما زوج فرجح هذا أنّ أزواجاً: مفعول به، ولا يتنافى هذا مع ما في التفسير لأن قولنا: أشكالاً في عقولهم وأخلاقهم وسلوكهم يعني: منطقاً الرجال الأزواج.
٤ ﴿زهرة﴾ منصوب على الحال من الموصول. والزهرة: واحدة الزهور وهو نور الشجر والمراد هنا: الزينة المعجبة المبهرة في النساء والبنين والأنعام والبساتين والجنان.
٥ الخطاب للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجميع أمّته تابعة له في ذلك فكلّ مؤمن يجب عليه أن يقيم الصلاة وأن يأمر أهله بذلك ويصبر. روي أنه لما نزلت هذه الآية كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يذهب إلى بنته فاطمة كل صباح وقت الصلاة" وكان عمر رضي الله عنه يوقظ أهل داره لصلاة الليل ويصلي وهو يتمثل بالآية: وكان عروة بن الزبير إذا رأى شيئاً من أخبار السلاطين وأحوالهم بادر إلى منزله فدخله وهو يقرأ: ﴿ولا تمدّن عينك..﴾ الآية.

صفحة رقم 390

المؤمنين بالصلاة ففيها الملاذ وفيها الشفاء من آلام الحاجة والخصاصية واصطبر عليها واحمل نفسك على الصبر على إقامتها. وقوله ﴿لا نسألك رزقاً﴾ أي لا نكلفك مالاً تَعْطِيناه ولكن تكلف صلاة فأدها على أكمل وجوهها. ﴿نحن نرزقك﴾ أي رزقك علينا، ﴿والعاقبة للتقوى﴾ أي العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة لأهل التقوى من عبادنا وهم الذين يخشوننا فيؤدون ما أوجبنا عليهم ويجتنبون ما حرمنا عليهم رهبة منا ورغبة فينا. هؤلاء لهم أحسن العواقب ينتهون إليها نصر في الدنيا وسعادة في الآخرة.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- تقرير مبدأ العاقل من اعتبر بغيره.
٢- بيان فضيلة العقل وشرف صاحبه وانتفاعه به.
٣- وجوب الصبر على دعوة الله والاستعانة على ذلك بالصلاة.
٤- بيان أوقات الصلوات الخمس والحصول على رضى النفس بثوابها.
٥- وجوب عدم تعلق النفس بما عند أهل الكفر من مال ومتاع لأنهم ممتحنون به.
٦- وجوب الرضا بما قسم الله للعبد من رزق انتظاراً لرزق الآخرة الخالد الباقي.
٧- وجوب الأمر بالصلاة بين الأهل والأولاد والمسلمين والصبر على ذلك.
٨- فضل التقوى وكرامة أصحابها وفوزهم بحسن العاقبة في الدنيا والآخرة.
٩- إقام الصلاة بين أفراد الأسرة المسلمة ييسر الله تعالى به أسباب الرزق، وتوسعته عليهم.
وَقَالُوا لَوْلا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الأولَى (١٣٣) وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى (١٣٤) قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (١٣٥)

صفحة رقم 391
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية