آيات من القرآن الكريم

فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ۚ وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ
ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ ﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﱿ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ ﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏ

وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا بيّنّا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ القرآن ذِكْراً عظة وعبرة. وقال قتادة: جدّا وورعا.
فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ قرأ يعقوب بفتح النون والياءين، وقرأ الآخرون: بضم الياء الأولى والأخرى وسكون الوسطى.
قال مجاهد وقتادة: لا تقرئه أصحابك ولا تمله عليهم حتى يتبيّن لك معانيه، نهى عن تلاوة الآية التي تنزل عليه وإملائه على أصحابه قبل بيان معناها، وهذه رواية العوفي عن ابن عباس.
وقال في سائر الروايات «١»
: كان النبىّ صلّى الله عليه وسلّم إذا نزل جبرائيل بالوحي يقرأه مع جبرائيل، ولا يفرغ جبرائيل مما يريد من التلاوة حتى يتكلم النبي صلّى الله عليه وسلّم بأوّله حرصا منه على ما كان ينزل عليه وشفقة على القرآن مخافة الانفلات والنسيان، فنهاه الله سبحانه عن ذلك وقال: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ أي بقراءة القرآن مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ من قبل أن يفرغ جبرئيل من تلاوته عليك.
وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً بالقرآن أي فهما
، وقيل: حفظا ونظيرها قوله لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ
الآية «٢».
[سورة طه (٢٠) : الآيات ١١٥ الى ١٣٥]
وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (١١٥) وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى (١١٦) فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى (١١٧) إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى (١١٨) وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى (١١٩)
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى (١٢٠) فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى (١٢١) ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى (١٢٢) قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى (١٢٤)
قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً (١٢٥) قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى (١٢٦) وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى (١٢٧) أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (١٢٨) وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى (١٢٩)
فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى (١٣٠) وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٣١) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (١٣٢) وَقالُوا لَوْلا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى (١٣٣) وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى (١٣٤)
قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى (١٣٥)

(١) تفسير القرطبي: ١١/. ٢٥ بتفاوت. [.....]
(٢) القيامة: ١٦.

صفحة رقم 262

وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ الآية يقول الله سبحانه: وإن يضيّع هؤلاء الذين نصرّف لهم في القرآن الوعيد عهدي ويخالفوا أمري ويتركوا طاعتي فقد فعل ذلك أبوهم آدم (عليه السلام) حيث عهدنا إليه أي أمرناه وأوصينا إليه فَنَسِيَ فترك الأمر والعهد، نظيره قوله نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ «١» أي تركوا أمر الله فتركهم الله في النار. هذا قول أكثر المفسرين.
وقال ابن زيد: نسي ما عهد الله إليه في ذلك، ولو كان له عزم ما أطاع عدوّه إبليس الذي حسده وأبى أن يسجد له، وعصى الله الذي كرّمه وشرّفه، وعلى هذا القول يحتمل أن يكون آدم في ذلك القول بالنسيان مأخوذ، وإن كان هو اليوم عنّا مرفوعا.
وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً قال ابن عباس: حفظا لما أمر به، قتادة ومقاتل: صبرا، ابن زيد:
محافظة على أمر الله وتمسّكا به، الضحّاك: صريمة أمر، عطية: رأيا، وقيل: جزما، ابن كيسان: إصرارا وإضمارا على العود إلى الذنب ثانيا، وأصل العزم النيّة واعتقاد القلب على الشيء.
قال أبو أمامة: لو أنّ أحلام بني آدم جمعت منذ يوم خلق الله سبحانه آدم إلى يوم تقوم الساعة، ووضعت في كفّة ميزان، ووضع حلم آدم في الكفّة الأخرى لرجح حلمه بأحلامهم، وقد قال الله تعالى وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً.
وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أن يسجد له فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ حوّاء فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فتتعب ويكون عيشك من كدّ يمينك، بعرق جبينك.
قال سعيد بن جبير: أهبط إلى آدم ثور أحمر وكان يحرث عليه ويمسح العرق عن جبينه فهو شقاؤه الذي قال الله سبحانه، وكان حقّه أن يقول: فيشقيا ولكن غلب المذكّر رجوعا به إلى آدم لأنّ تعبه أكثر، وقيل: لأجل رؤوس الآي.
إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها أي في الجنّة وَلا تَعْرى. وَأَنَّكَ قرأ نافع بكسر الألف على

(١) التوبة: ٦٧.

صفحة رقم 263

الاستئناف، ومثله روى أبو بكر عن عاصم، وقرأ الباقون بالفتح نسقا على قوله أَلَّا تَجُوعَ لا تَظْمَؤُا بعطش فيها وَلا تَضْحى تبرز للشمس فيؤذيك حرّها. قال عمر بن أبي ربيعة:

رأت رجلا أمّا إذا الشمس عارضت فيضحى وأما بالعشيّ فيحصر
أخبرنا أبو بكر بن عبدوس المزكّى قال: أخبرنا أبو الحسن المحفوظي قال: حدّثنا عبد الله بن هاشم قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهدي عن سفيان عن خصيف عن عكرمة: وَلا تَضْحى ولا تصيبك الشمس.
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ يعني على شجرة إن أكلت منها بقيت خالدا مخلدا وَمُلْكٍ لا يَبْلى لا يبيد ولا يفنى.
فَأَكَلا يعني آدم وحوّاء مِنْها أي من شجرة المحنة فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى أي تعدّى إلى ما لم يكن له فعله.
وقال أكثر المفسرين: فَغَوى: أي أخطأ وضلّ ولم ينل مراده ممّا أكل.
ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ اختاره واصطفاه فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى هداه إلى التوبة ووفّقه بها.
قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ «١» فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ يعني الكتاب والرسول فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى.
أخبرنا أبو عمرو أحمد بن حمدون بقراءتي عليه قال: أخبرنا محمد بن إسحاق قال: حدّثنا سعيد بن عيسى «٢»، قال: حدّثنا فارس بن عمر وحدّثنا صالح بن محمد: قال: حدّثنا يحيى بن الضريس عن سفيان عن رجل عن الشعبي عن ابن عباس في قوله سبحانه فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى قال: أجار الله تعالى تابع القرآن من أن يضلّ في الدنيا ويشقى في الآخرة.
وأخبرني محمد بن القاسم قال: حدّثنا محمد بن يزيد قال: حدّثنا الحسن بن سفيان قال:
حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة.
وأخبرني ابن المقرئ قال: حدّثنا محمد بن أحمد بن سنان قال: حدّثنا الحسن بن سفيان قال: حدّثنا ابن شيبة قال: حدّثنا أبو خالد الأحمر عن عمرو بن قيس عن عكرمة عن ابن عباس
(١) في نسخة أصفهان زيادة: فعداوة الحيّة معناه اللدغ وعداوتنا معها القتل،
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: اقتلوا الحيّة واخفروا ذمّة إبليس، وعداوة إبليس لنا وعداوتنا له للكفر، فخص بالعداوة آدم وحواء وإبليس
، ثم ساواهم في المعنى وشاركهم في العداوة.
وروي في الخبر: إن إبليس قال: إن عبادك يحبونك ويعصونك ويبغضونني ويطيعونني، فقال الله تعالى: رضيت عنه بحبهم إياي وغفرت لهم ببغضهم إياك.
(٢) في نسخة أصفهان: سعيد بن إسحاق.

صفحة رقم 264

قال: ضمن الله لمن قرأ القرآن لا يضلّ في الدّنيا ولا يشقى في الآخرة ثمّ قرأ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى.
وبإسناده عن أبي بكر بن أبي شيبة قال: حدّثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال: من قرأ القرآن واتبع ما فيه هداه الله من الضلالة ووقاه يوم القيامة سوء الحساب، وذلك بأنّ الله يقول فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى.
وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي يعني عن القرآن فلم يؤمن به ولم يتّبعه فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ضيقا يقال: منزل ضنك وعيش ضنك، يستوي فيه الذكر والأنثى والواحد والاثنان والجمع، قال عنترة:
وإذا هم نزلوا بضنك فانزل «١»
واختلف المفسّرون في المعيشة الضنك،
فاخبرني أبو عثمان سعيد بن محمد بن محمد الحيري «٢» قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد المفيد قال: حدّثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب قال: حدّثنا أبو الوليد الطيالسي قال: حدّثنا حماد بن سلمة عن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: في قوله سبحانه وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً قال:
«عذاب القبر».
وقال ابن عباس: الشقاء، مجاهد: الضيق، الحسن وابن زيد: الزقوم والغسلين والضريع، قتادة: يعني في النار، عكرمة: الحرام، قيس بن أبي حازم: الرزق في المعصية، الضحاك:
الكسب الخبيث، عطيّة عن ابن عباس يقول: كلّ مال أعطيته عبدا من عبادي قلّ أو كثر لا يتّقيني فيه فلا خير فيه وهو الضنك في المعيشة، وإنّ قوما ضلّالا أعرضوا عن الحق وكانوا أولي سعة من الدنيا مكثرين فكانت معيشتهم ضنكا، وذلك أنّهم كانوا يرون أنّ الله ليس بمخلف لهم معائشهم من سوء ظنّهم بالله والتكذيب به، فإذا كان العبد يكذب بالله ويسيء الظنّ به اشتدت عليه معيشته فذلك الضنك أبو سعيد الخدري: يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ويسلّط عليه في قبره تسعة وتسعون تنّينا، لكلّ تنّين سبعة رؤوس تنهشه وتخدش لحمه حتى يبعث، ولو أنّ تنّينا منها ينفخ في الأرض لم تنبت زرعا. مقاتل: معيشة سوء لأنّها في معاصي الله. سعيد بن جبير: سلبه القناعة حتى لا يشبع.
وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى قال ابن عباس: أعمى البصر، مجاهد: أعمى عن الحجّة.

(١) مطلعه:
فأعنهم وأبشر بما بشروا به
. راجع تفسير الطبري: ٣/ ٣٤١ ولسان العرب: ١/ ٧١٢ و ٤/ ٦٢.
(٢) في نسخة أصفهان: سعيد بن محمد الحبري.

صفحة رقم 265

قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً بعيني، وقال مجاهد: عالما بحجّتي.
قالَ كَذلِكَ يقول كما أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها فتركتها وأعرضت عنها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى تترك في النار وكذلك أي وكما جزينا من أعرض «١» وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ أشرك وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ ممّا يعذّبهم به في الدنيا والقبر. وَأَبْقى وأدوم وأثبت.
أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ يتبيّن لهم كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ ومنازلهم إذا سافروا واتّجروا.
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى. وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ نظم الآية، وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ في تأخير العذاب عنهم وَأَجَلٌ مُسَمًّى وهو القيامة لَكانَ لِزاماً لكان العذاب لازما لهم في الدنيا كما لزم القرون الماضية الكافرة.
فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ نسختها آية القتال وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وصلّ بأمر ربّك، وقيل:
بثناء ربك قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يعني صلاة الصبح وَقَبْلَ غُرُوبِها يعني صلاة العصر وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ صلاة العشاء الآخر فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ صلاة الظهر والمغرب، وإنّما قال:
أطراف لهاتين الصلاتين لأنّ صلاة الظهر في آخر الطرف الأول من النهار، وفي أول الطرف الآخر من النهار فهي في طرفين منه والطرف الثالث غروب الشمس، وعند ذلك يصلّي المغرب، فلذلك قال: أَطْرافَ «٢»، ونصب «٣» عطفا على قوله: قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ.
لَعَلَّكَ تَرْضى بالشفاعة والثواب، قرأه العامة: بفتح التاء، ودليله قوله تعالى: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى وقرأ الكسائي وعاصم برواية أبي بكر بضم التاء.
وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ الآية.
قال أبو رافع: أرسلني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى يهودي يستسلفه فأبى أن يعطيه إلّا برهن، فحزن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأنزل الله سبحانه وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ولا تنظر إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ أي أعطيناهم أصنافا من نعيم الدنيا زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا أي زينتها وبهجتها
، قرأه العامة بجزم الهاء، وقرأ يعقوب بفتحها وهما لغتان مثل: جهرة وجهرة، وإنّما نصبها على القطع والخروج من الهاء في قوله: مَتَّعْنا بِهِ.

(١) في نسخة أصفهان: زيادة: عن القرآن.
(٢) في نسخة أصفهان: زيادة: النهار.
(٣) في نسخة أصفهان: زيادة: أطراف.

صفحة رقم 266

وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً وإنّما نكلّفك عملا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ الجملية المحمودة لِلتَّقْوى أي لأهل التقوى.
قال هشام بن عروة: كان عروة إذا رأى ما عند السلاطين دخل داره وقال: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ، إلى قوله وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى ثمّ ينادي: الصلاة الصلاة يرحمكم الله.
وقال مالك بن دينار: كان بكر بن عبد الله المزني إذا أصاب أهله خصاصة يقول: قوموا فصلّوا، ثم يقول: بهذا أمر الله رسوله، ويتلو هذه الآية.
وَقالُوا يعني هؤلاء المشركين لَوْلا يَأْتِينا محمد بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ كما أتى بها الأنبياء من قبله.
قال الله سبحانه أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بالتاء، قرأه أهل المدينة والبصرة وبعض قرّاء الكوفة لتأنيث البينة، وقرأ الآخرون بالياء لتقديم الفعل ولأنّ البيّنة هي البيان فردّه إلى المعنى بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الكتب الْأُولى أي بيان ما فيها يعني القرآن أقوى دلالة وأوضح آية.
وقال بعض أهل المعاني: يعني ألم يأتهم بيان ما في الكتب الأولى التوراة والإنجيل وغيرهما من أنباء الأمم التي أهلكناهم لمّا سألوا الآيات، فأتتهم فكفروا بها، كيف عجّلنا لهم العذاب والهلاك بكفرهم بها فما تؤمنهم إن أتتهم الآية أن يكون حالهم حال أولئك.
وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ أي من قبل نزول القرآن ومجيء محمد صلّى الله عليه وسلّم.
لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا هلّا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا يدعونا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى بالعذاب قُلْ يا محمد لهم كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ منتظر دوائر الزمان وما يكون من الحدثان ولمن يكون الفلح والنصر. فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ إذا جاء أمر الله تعالى وقامت القيامة مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ المستقيم وَمَنِ اهْتَدى من الضلالة أنحن أم أنتم؟.

صفحة رقم 267
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية