آيات من القرآن الكريم

فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ
ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔﮕ

سببه منه وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ان كان من الوجود العلمي فله وعزما مفعولاه وقدم الثاني على الاول لكونه ظرفا وان كان من الوجود المقابل للعدم وهو الأنسب لان مصب الفائدة هو المفعول وليس فى الاخبار بكون العزم المعدوم له مزيد مزية فله متعلق به والعزم فى اللغة توطين النفس على الفعل وعقد القلب على إمضاء الأمر. والمعنى لم نعلم او لم نصادف له تصميم رأى وثبات قدم فى الأمور ومحافظة على ما امر به وعزيمة على القيام به إذ لو كان كذلك لما أزله الشيطان ولما استطاع تغريره وقد كان ذلك منه عليه السلام فى بدء امره من قبل ان يجرب الأمور ويتولى حارها وقارها ويذوق شريها وأريها لا من نقصان عقله فانه أرجح الناس عقلا كما قال عليه السلام (لو وزنت أحلام بنى آدم بحلم آدم لرجح حلمه) وقد قال الله تعالى وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ومعنى هذا ان آدم مع ذلك اثر فيه وسوسته فكيف فى غيره: قال الحافظ

دام سختست مكر لطف خدا يار شود ور نه آدم نبرد صرفه ز شيطان رجيم
قيل لم يكن النسيان فى ذلك الوقت مرفوعا عن الإنسان فكان مؤاخذا به وانما رفع عنا وفى التأويلات النجمية وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ اى من قبل ان يكون اولا وان لا يتعلق بغيرنا ولا ينقاد لسوانا فلما دخل الجنة ونظر الى نعيمها فَنَسِيَ عهدنا وتعلق بالشجرة وانقاد للشيطان وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً يشير الى ان الله تعالى لما خلق آدم وتجلى فيه بجميع صفاته صارت ظلمات صفات خلقيته مغلوبة مستورة بسطوات تجلى أنوار صفات الربوبية ولم يبق فيه عزم التعلق بما سواه والانقياد لغيره فلما تحركت فيه دواعى البشرية الحيوانية وتداعت الشهوات النفسانية الانسانية واشتغل باستيفاء الحظوظ نسى أداء الحقوق ولهذا سمى الناس ناسا لانه ناس فنشأت له من تلك العاملات ظلمات بعضها فوق بعض وتراكمت حتى صارت غيوم شموس المعارف وأستار أقمار العوارف فنسى عهود الله ومواثيقه وتعلق بالشجرة المنهي عنها قال العلامة يا انيسان عادتك النسيان اذكر الناس ناس وارق القلوب قاس قال ابو الفتح البستي فى الاعتذار من النسيان الى بعض الرؤساء يا اكثر الناس إحسانا الى الناس يا احسن الخلق إعراضا عن الباس نسيت وعدك والنسيان مغتفر فاغفر فاول ناس أول الناس قال على رضى الله عنه عشرة يورثن النسيان. كثرة الهم. والحجامة فى النقرة. والبول فى الماء الراكد. وأكل التفاح الحامض. وأكل الكزبرة. وأكل سؤر الفار. وقراءة الواح القبور. والنظر الى المصلوب. والمشي بين الجملين المقطورين. وإلقاء القملة حية كما فى روضة الخطيب لكن فى قاضى خان لا بأس بطرح القملة حية والأدب ان يقتلها وزاد فى المقاصد الحسنة مضغ العلك اى للرجال إذا لم يكن من علة كالبخر ولا يكره للمرأة ان لم تكن صائمة لقيامه مقام السواك فى حقهن لان سنها أضعف من سن الرجال كسائر اعضائها فيخاف من السواك سقوط سنها وهو ينقى الأسنان ونشد اللثة كالسواك واعلم ان من أشد اسباب النسيان العصيان فنسأل الله العصمة والحفظ وَإِذْ قُلْنا اى واذكر يا محمد وقت قولنا لِلْمَلائِكَةِ اى لمن فى الأرض والسماء منهم عموما كما سبق تحقيقه اسْجُدُوا لِآدَمَ سجود تحية

صفحة رقم 434

وتكريم وقال البيضاوي اذكر حاله فى ذلك الوقت ليتبين لك انه نسى ولم يكن من اولى العزيمة والثبات انتهى وفيه اشارة الى استحقاقه لسجودهم لمعان جمة. منها لانه خلق لامر عظيم هو الخلافة فاستحق لسجودهم. ومنها لان الله تعالى جعله مجمع مجرى عالمى الخلق والأمر والملك والملكوت والدنيا والآخرة فما خلق شيأ فى عالم الخلق والدنيا الا وقد جعل فى قالبه أنموذجا منه وما خلق شيأ فى عالم الأمر والآخرة الا وقد أودع فى روحه حقائقه واما الملائكة فقد خلقت من عالم الأمر والملكوت دون عالم الخلق والملك فبهذه النسبة اختص آدم بالكمال وما دونه بالنقصان فاستحق السجود والكمال. ومنها لانه خلق روحه فى احسن تقويم من بين سائر الأرواح من الأرواح الملكية وغيرها وخلقت صورته فى احسن صورة على صورة الرحمن والملائكة وان خلقت فى حسن ملكى روحانى لم يخلقوا فى حسن صورته فله الافضلية فى كلا الحالين فاستحق لسجودهم بالافضلية. ومنها لانه شرف فى تسوية قالبه بتشريف خمر طينة آدم بيده أربعين صباحا وباختصاص لما خلقت بيدي وأكرم فى تعلق روحه بالقالب بكرامة ونفخت فيه من روحى فالزمهم سجود الكرامة بقوله فقعوا له ساجدين واثبت له استحقاق سجودهم بقوله يا إبليس ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي. ومنها لانه اختص بعلم الأسماء كلها وانهم قد احتاجوا فى انباء اسمائهم كما قال يا آدم انبئهم بأسمائهم فوجب عليهم أداء حقوقه بالسجود. ومنها لانه لما خلقه الله تعالى تجلى فيه بجميع صفاته فاسجد الله تعالى ملائكته إياه تعظيما وتكريما وإعزازا وإجلالا فانه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فسجدوا الا إبليس ابى ان يسجد وذلك لان الله تعالى لما قال للملائكة انى جاعل فى الأرض خليفة الى ونقدس لك كان هذا الكلام منهم نوع اعتراض على الله وجنس غيبة لآدم واظهار فضيلة لانفسهم عليه فاجابهم الله بقوله انى اعلم ما لا تعلمون اى انى أودعت فيه من علم الأسماء واستعداد الخلافة ما لا تعرفون به فله الفضيلة عليكم فاسجدوا له كفارة لاعتراضكم واستغفارا لغيبته وتواضعا لانفسكم فاقر الملائكة واعترفوا بما جرى عليهم من الخطأ وتابوا واستسلموا لاحكام الله تعالى فسجدوا لآدم واما إبليس فقد أصر على ذنب الاعتراض والغيبة والعجب بنفسه ولم يستسلم لاحكام الله وزاد فى الاعتراض والغيبة والعجب فقال انا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين وابى ان يسجد كذا فى التأويلات فَسَجَدُوا تعظيما لامر ربهم وامتثالا له إِلَّا إِبْلِيسَ فانه لم يسجد ولم يطرح اردية الكبر ولم يخفص جناحه: وفى المثنوى

آنكه آدم را بدن ديد او رميد وانكه نور مؤتمن ديد او حميد «١»
يقال ابلس يئس وتحير ومنه إبليس او هو أعجمي كما فى القاموس كأنه قيل ما باله لم يسجد فقيل أَبى السجود وامتنع منه قال فى المفردات الإباء شدة الامتناع فكل اباء امتناع وليس كل امتناع اباء فَقُلْنا عقيب ذلك اعتناء بنصحه يا آدَمُ إِنَّ هذا الحقير الذي رأيت ما فعل عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ حواء والزوج اسم للفرد بشرط ان يكون معه آخر من جنسه ذكرا كان او أنثى ولعداوته وجوه الاول انه كان حسودا فلما رأى
(١) در اواخر دفتر سوم در بيان حكايت ديدن خواجه غلام خود را إلخ

صفحة رقم 435
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية