آيات من القرآن الكريم

فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ
ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ

لِمَا أُمِرَ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: رَأْيًا مَعْزُومًا حَيْثُ أَطَاعَ عَدُوَّهُ إِبْلِيسَ الَّذِي حَسَدَهُ وَأَبَى أَنْ يَسْجُدَ لَهُ. وَ"الْعَزْمُ" فِي اللُّغَةِ: هُوَ تَوْطِينُ النَّفْسِ عَلَى الْفِعْلِ.
قَالَ أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ: لَوْ وُزِنَ حِلْمُ آدَمَ بِحِلْمِ جَمِيعِ وَلَدِهِ لَرَجَحَ حِلْمُهُ (١) وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: "وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا".
فَإِنْ قِيلَ: أَتَقُولُونَ إِنَّ آدَمَ كَانَ نَاسِيًا لِأَمْرِ اللَّهِ حِينَ أَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ؟.
قِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَسِيَ أَمْرَهُ، وَلَمْ يَكُنِ النِّسْيَانُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَرْفُوعًا عَنِ الْإِنْسَانِ، بَلْ كَانَ مُؤَاخَذًا بِهِ، وَإِنَّمَا رُفِعَ عَنَّا (٢).
وَقِيلَ: نَسِيَ عُقُوبَةَ اللَّهِ وَظَنَّ أَنَّهُ نُهِيَ تَنْزِيهًا.
﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (١١٦) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (١١٧) ﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لَآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى﴾ أَنْ يسجد. ﴿فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ﴾ حَوَّاءَ، ﴿فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى﴾ يَعْنِي: تَتْعَبُ وَتَنْصَبُ، وَيَكُونُ عَيْشُكَ مِنْ كَدِّ يَمِينِكَ بِعَرَقِ جَبِينِكَ. قَالَ السُّدِّيُّ: يَعْنِي الْحَرْثَ وَالزَّرْعَ وَالْحَصِيدَ وَالطَّحْنَ وَالْخَبِيزَ.
وعن سعيد ١٤/ب بْنِ جُبَيْرٍ: قَالَ أُهْبِطَ إِلَى آدَمَ ثَوْرٌ أَحْمَرُ، فَكَانَ يَحْرُثُ عَلَيْهِ، وَيَمْسَحُ الْعَرَقَ عَنْ جَبِينِهِ، فَذَلِكَ [شَقَاؤُهُ (٣).
وَلَمْ يَقُلْ: "فَتَشْقَيَا" رُجُوعًا بِهِ إِلَى آدَمَ، لِأَنَّ تَعَبَهُ أَكْثَرُ فَإِنَّ الرَّجُلَ] (٤) هُوَ السَّاعِي عَلَى زَوْجَتِهِ.

(١) ذكر بعض هذه الأقوال الطبري: (١٦ / ٢٢١ - ٢٢٢) وقال: "وأصل العزم اعتقاد القلب على الشيء يقال منه: عزم فلان على كذا: إذا اعتقد عليه ونواه، ومن اعتقاد القلب: حفظ الشيء، ومنه الصبر على الشيء، لأنه لا يجزع جازع إلا من خور قلبه وضعفه، فإذا كان ذلك كذلك، فلا معنى لذلك أبلغ مما بينه الله تبارك وتعالى، وهو قوله: "ولم نجد له عزما" فيكون تأويله: ولم نجد له عزما قلب على الوفاء لله بعهده، ولا على حفظ ما عهد إليه".
(٢) انظر تفصيلا لهذا في أضواء البيان ٤ / ٥٢٠ - ٥٢٢.
(٣) انظر: زاد المسير ٥ / ٣٢٨.
(٤) ساقط من "أ".

صفحة رقم 298
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية