
عطاء عنه: (يريد: بئس يوم القيامة ﴿حِمْلًا﴾ يريد: سوء العذاب) (١).
وقال الكلبي: (بئس ما حملوا] (٢) على أنفسهم من المآثم كفرا بالقرآن) (٣).
قال أبو إسحاق: (المعنى. بئس الوزر لهم حملاً يوم القيامة، وحملاً منصوب على التمييز) (٤).
١٠٢ - قوله تعالى ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ﴾ وقرأ أبو عمرو (ننفخ) بالنون، والوجه قراءة العامة (٥) لقوله: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ﴾ (٦)، وقوله: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا﴾ [النبأ: ١٨]، ولأن النفخ يكون من المَلَك الموكل بالصور بأمر الله، فالأجود أن يقرأ على غير تسمية الفاعل، ووجه قراءة أبي عمرو: أنه على معنى إضافة الأمر بالنفخ إلى الله تعالى، ويقوي ذلك ما عطف عليه من قوله: ﴿وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا﴾ يقال: زَرِقَت عينه، تَزْرَقُ، زَرَقًا، وزُرْقَةً، وازْرَاقَّت، ازرِقَاقًا (٧).
(٢) ما بين المعقوفين مكرر في نسخة (س).
(٣) "معالم التنزيل" ٥/ ٢٩٣، "مجمع البيان" ٧/ ٤٧، "البحر المحيط" ٦/ ٢٧٨.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٧٦.
(٥) قرأ نافع، وابن كثير، وابن عامر، وحمزة والكسائي، وعاصم: (ينفح) بالياء، وقرأ أبو عمرو البصري: (تنفخ) بالنون.
انظر: "السبعة" ص ٤٢٤، "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٢٥٠، "حجة القراءات" ص ٤٦٣،"التبصرة" ٢٦١.
(٦) وردت هذه الآية في سور متعددة: في الكهف: (٩٩)، ويس: (٥١)، والزمر (٦٨)، وق: (٢٠).
(٧) انظر: "تهذيب اللغة" (زرق) ٢/ ١٥٢٥، "القاموس المحيط" (الزرق) ٣/ ٢٤٠،=

قال ابن عباس: (يريد: بالمجرمين الذين اتخذوا مع الله إلهًا) (١).
قال: (يريد: زرق العيون سود الوجوه) (٢). وإلى هذا ذهب جماعة من المفسرين: (أن معنى الزرق هاهنا أن في عيونهم زرقًا، وهي الخضرة في سواد العين) (٣). كعين السَّنَّوْرُ (٤) والعرب تتشاءم بالزرت وتذمه (٥). والمعنى في هذا: تشويه الخلق بسواد الوجوه وزرقة العيون.
وقال الكلبي: (زرقا: عميا) (٦).
وذكره الفراء وابن الأعرابي، والزجاج (٧)، قال الزجاج: (يخرجون من قبورهم بصراء ويعمون في المحشر. قال: وإنما قيل للعمى: زرق؛ لأن السواد يزرق إذا ذهب نواظرهم) (٨)، هذا كلامه، ولم يكشف عن المعنى.
(١) ذكر نحوه ابن الجوزي في "زاد المسير" ٥/ ٣٢١ بدون نسبة.
(٢) "روح المعاني" ١٦/ ٢٦٠، وذكره البغوي في "تفسيره" ٥/ ٢٩٤ بدون نسبة.
(٣) "الكشف والبيان" ٣/ ٢٤ ب، "بحر العلوم" ٢/ ٣٥٤، "عالم التنزيل" ٥/ ٢٩٤، "فتح القدير" ٣/ ٥٥١.
(٤) السَّنَّوْرُ: الهر، مشتق منه، وجمعه السَّنَانيِر. انظر: "لسان العرب" (سنر) ٤/ ٢١١٧، "المعجم الوسيط" (السنور) ١/ ٤٥٤.
(٥) قال الزمخشري في "تفسيره" ٢/ ٥٥٣: إن الزرقة أبغض شيء من ألوان العيون إلى العرب؛ لأن الروم أعداؤهم وهم زرق العيون، ولذلك قالوا في صفة العدو: أسود الكبد، أصهب السيال، أزرك العين.
(٦) "زاد المسير" ٥/ ٣٢١، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٢٤٤، "التفسير الكبير" ٢٢/ ١١٤، وذكرته بعض كتب التفسير بدون نسبة. انظر: "جامع البيان" ١٦/ ٢١٠، "بحر العلوم" ٢/ ٣٥٤، "النكت والعيون" ٣/ ٤٢٤.
(٧) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٩١، "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٧٦، "تهذيب اللغة" (زرق) ٢/ ١٥٢٥.
(٨) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٦٧.

وذكر ابن قتيبة فقال: (أي بيض العيون من العمى قد ذهب الناظر والسواد) (١). وهذا كلامه كما قال؛ لأن العرب تسمى كل أبيض صافي البياض: أزرق، ويقال للمياه الصافية: زرق، قال زهير (٢):
فلَمَّا وَرَدْنَ المَاءَ زُرْقًا جِمَامهُ | وَضَعْنَ عِصيّ الحَاضِر المتَخَيَمِ |
ورواه أيضًا أبو العباس عن ابن الأعرابي (٥).
قال أبو إسحاق: (ومن قال: عطاشا فجيد أيضًا؛ لأنهم من شدة العطش يتغير سواد أعينهم، حتى يزرق) (٦). وهذا الذي ذكره صحيح؛ لأن
(٢) البيت لزهير بن أبي سلمى.
زرقاء: الزرقة: شدة الصفاء، يقال: ما أزرق إذا اشتد صفاؤه.
جِمَامَة: الجمام جمع جم الماء، وجمته وهو: ما اجتمع منه في البئر والحوض وغيرهما. وضع العصي: كناية عن الإقامة. الحاضر المتخيم: الحاضر النازل على الماء والمتخيم المقيم، وأصله من تخيم إذا نصب الخيمة.
انظر: "ديوان زهير" ص ٧٨، "المحرر الوجيز" ١٠/ ٩١، "البحر المحيط" ٦/ ٢٧٩، "شرح القصائد العشر" للتبريزي ص ١٣٣، "شرح المعلقات السبع" للزوزني ص ١٤١، "تهذيب اللغة" (زرق) ٢/ ١٥٢٥، "لسان العرب" (زرق) ٣/ ١٨٠٢٧.
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" (زرق) ٢/ ١٥٢٥، "القاموس المحيط" (الزرق) ٣/ ٢٤٠، "لسان العرب" (زرق) ٣/ ١٨٢٧.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٩١، "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٧٦.
(٥) "تهذيب اللغة" (زرق) ٢/ ١٥٢٥.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٧٦.