
وقيل: تعود على كفار اليهود الذين عاندوا النبي ﷺ بالمدينة، والسورة مدنية.
وقيل: عني بهذه الآية المنافقون؛ يظهرون الإيمان ويضمرون الكفر.
قوله: ﴿يُخَادِعُونَ الله﴾.
الخداع: إظهار خلاف الاعتقاد.
وقوله: ﴿وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم﴾.
أي وباله يرجع عليهم. واختار جماعة من العلماء: (وَمَا يَخْدَعُون) - بفتح الياء وسكون الخاء - من غير ألف، وهي قراءة ابن عامر وأهل الكوفة، وإنما اختاروا ذلك لأن الله جل ذكره أخبر عنهم أولاً أنهم ﴿يُخَادِعُونَ الله﴾.
ولفظ قوله: ﴿وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم﴾، نفي ذلك، فيصير في ظاهر اللفظ قد أوجب شيئاً ثم نفاه بعينه، فوجب أن يختاروا ﴿وَمَا يَخْدَعُونَ﴾

ليكون المنفي على معنى مخالفاً للموجب.
[فأما وجه] قراءة من قرأ الثاني " ﴿وَمَا يَخْدَعُونَ﴾ بألف فهو على معنى: وما يخادعون تلك المخادعة المذكورة عنهم إلا أنفسهم، إذ وبالها راجع عليهم.
و" خادع " في اللغة، يجوز أي يكون معناه / معنى " خدع " من واحد. ومعنى " خدع " بلغ مراده. فلذلك أجمع القراء على ﴿يُخَادِعُونَ﴾ في الأول لأنه ليس بواقع، وفي الثاني ﴿يُخَادِعُونَ﴾ بغير ألف لأنه أخبر تعالى أنه واقع بهم وراجع عليهم.
وذكر القتبي أن معنى الأول: يخادعون بالله الذين آمنوا / وهو قولهم إذا لقوا المؤمنين: آمنا ".
وأصل المفاعلة أن تكون من اثنين، لكن قد أتت من واحد، قالوا: " عَاقَبْتُ اللِّصَّ "، " وَطارَقْتُ النَّعْلَ " و " جَازَيْتُ فُلاناً وَحَادَيْتُهُ وََوَادَعْتُهُ وَدارَيْتُهُ ".
والمخادعة في هذا المعنى إنما هي للنبي / ﷺ وأصحابه، أي يخادعون نبي الله وأولياءه. و " خدع " فعل واقع، و " خادع " فعل يجوز أن يقع، ويجوز ألا يقع،