آيات من القرآن الكريم

وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ ۚ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ
ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ

﴿وَقَالُواْ﴾ بيانٌ لفنٍ آخرَ من قبائحهم على طريق الالتفاتِ إلى الغَيْبة إشعاراً بإبعادهم عن رُتبة الخِطاب لِمَا فُصِّل من مخازيهم الموجبةِ للإعراض عنهم وحكايةِ نظائرِها لكل من يفهم بُطلانها وقباحتَها من أهل الحق والقائلون هم الموجودون في عصر النبي عليه الصلاةَ والسلام
﴿قلوبنا غلف﴾ جمع أغلف مستعار من الأغلف الذي لم يُختَنْ أي مُغشّاة بأغشية جِبِلِّيةٍ لا يكاد يصل إليها ما جاء به محمدٍ صلَّى الله عليهِ وسلم ولا تفقه كقولهم ﴿قلوبُنا فِى أكِنّة مِمَّا تدعونا إليه﴾ وقيل هو تخفيف غلف جمع غِلاف ويؤيده ما رُوي عن أبي عمرو من القراءة بضمتين يعنون أن قلوبنا أوعيةٌ للعلوم فنحن مستغنون بماعندنا عن

صفحة رقم 127

البقرة (٨٩)
غيره قاله ابن عباس وعطاء وقال الكلبي يعنون أن قلوبَنا لا يصل إليها حديث إلا وعته ولو كان في حديثك خير لوعته أيضا
﴿بل لَّعَنَهُمُ الله بِكُفْرِهِمْ﴾ ردٌّ لما قالوه وتكذيبٌ لهم في ذلك والمعنى على الأول بل أبعدهم الله سبحانه عن رحمته بأن خذلهم وخلاّهم وشأنَهم بسبب كفرهم العارضِ وإبطالِهم لاستعدادهم بسوء اختيارِهم بالمرة وكونِهم بحيث لا تنفعهم الإلطاف أصلاً بعد أن خلقهم على الفطرة والتمكنِ من قبول الحق وعلى الثاني بل أبعدهم من رحمته فأنى لهم ادعاءُ العلمِ الذي هو أجلُّ آثارِها وعلى الثالث بل أبعدهم من رحمته فلذلك لا يقبلون الحق المؤديَ إليها
﴿فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ﴾ ما مزيدة للمبالغة أي فإيماناً قليلاً يؤمنون وهو إيمانُهم ببعض الكتاب وقيل فزماناً قليلاً يؤمنون وهو ما قالوا آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجهَ النهار واكفُروا آخره وكلاهما ليس بإيمان حقيقةً وقيل أريد بالقِلة العدمُ والفاءُ لسببية اللعن لعدم الإيمان

صفحة رقم 128
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية