آيات من القرآن الكريم

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ ۖ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ۗ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ
ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ

قوله تعالى (وآتينا عيسى ابن مريم البينات)
قال الشيخ الشنقيطي عند هذه الآية: لم يبين هنا ما هذه البينات ولكنه بينها في مواضع أخر كقوله (ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم) آل عمران ٤٩. إلى غير ذلك من الآيات.
وأخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن من طريق ابن إسحاق بسنده عن ابن عباس (ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى بن مريم البينات) أي الآيات التي وضع على يديه من إحياء الموتى وخلقه من الطين كهيئة الطير، ثم ينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وإبراء الأسقام والخبر بكثير من الغيوب مما يدخرون في بيوتهم، وما رد عليهم من التوراة مع الإنجيل الذي أحدث إليه ثم ذكر كفرهم بذلك كله.
صفة عيسى ابن مريم عليه السلام
تقدم ذكرها عند قوله تعالى (وإذ واعدنا موسى) آية (٥١) أنه مربوع الخلق في الحمرة والبياض سبطًا.
قوله تعالى (وأيدناه بروح القدس)
أخرج ابن أبي حاتم عن أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل ثنا أبي، ثنا أبي ثنا شبيب بن بشر ثنا عكرمة عن ابن عباس في قول الله (أيدنا) يقول: قوينا.
ورجاله ثقات إلا أحمد وشبيب فصدوقان وشبيب يخطئ ولكن المتن لا يحتمل الخطأ بل تؤيده اللغة.
وقال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وأيدناه بروح القدس) هو جبريل على الأصح ويدل لذلك قوله تعالى (نزل به الروح الأمين) والشعراء: ١٩٣ الآية، وقوله (فأرسلنا إليها روحنا) الآية مريم: ١٧.

صفحة رقم 192

أخرج ابن أبي حاتم عن أحمد بن سنان الواسطى ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل ثنا أبو الزعراء قال: قال عبد الله: روح القدس: جبريل. ثم قال: وروى عن محمد بن كعب القرظي قتادة وعطية العوفي والسدي والربيع بن أنس وإسماعيل بن أبي خالد نحو ذلك.
ويؤيد هذا القول ما تقدم وما رواه الشيخان بسنديهما عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع حسان بن ثابت الأنصاري يستشهد أبا هريرة: أنشدك بالله هل سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: "يا حسان أجب عن رسول الله - ﷺ -، اللهم أيده بروح القدس". قال: أبو هريرة: نعم.
(صحيح البخاري رقم ٤٥٣- الصلاة، ب الشعر في المسجد)، (وصحيح مسلم رقم ٢٤٨٥ - فضائل الصحابة، ب فضائل حسان بن ثابت). واللفظ للبخاري.
قوله تعالى (أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم فريقا كذبتم وفريقا تقتلون)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن ابن إسحاق بسنده عن ابن عباس قال: ومارد عليهم من التوراة مع الإنجيل الذي أحدث الله إليه ثم ذكر كفرهم بذلك كله قال (أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون.
قال البخاري: وقال يونس عن الزهري قال عروة قالت عائشة رضي الله عنها: "كان النبي - ﷺ - يقول في مرضه الذي مات فيه: يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم".
(الصحيح ٤٤٢٨- المغازى، ب مرض النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ووفاته). وصله الحافظ ابن حجر بسنده عن أبي بكر بن أبي داود ثنا أحمد بن صالح ثنا عنبسة ثنا يونس به. (تغليق التعليق ٤/١٦٢). وأخرجه الحاكم من طريق أحمد بن صالح عن عنبسة به. وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٣/٥٨). وأخرجه الطبراني من حديث ابن عباس بنحوه وحسن إسناده الهيثمي (مجمع الزوائد ٩/٣٥) وقد تتبع الحافظ ابن حجر أغلب طرقه فقال: وهذا وصله البزار والحاكم والإسماعيلي من طريق عنبسة بن خالد عن يونس بهذا الإسناد. وقال البزار: تفرد به عنبسة عن يونس، أي بوصله، وإلا فقد رواه موسى بن عقبة

صفحة رقم 193

في المغازي عن الزهري لكنه أرسله، وله شاهدان مرسلان أيضاً أخرجهما إبراهيم الحربي في (غريب الحديث)، له أحدهما من طريق يزيد بن رومان والآخر من رواية أبي جعفر الباقر، وللحاكم موصول من حديث أم مبشر قالت قلت يا رسول الله ما تتهم بنفسك؟ فإني لا أتهم يا بنى إلا الطعام الذي أكل بخيبر وكان ابنها بشر ابن البراء بن معرور مات، فقال: وأنا لا أتهم غيرها. وهذا أوان انقطاع أبهري، وروى ابن سعد عن شيخه الواقدي بأسانيد متعددة في قصة الشاة التي سمت له بخيبر، فقال في آخر ذلك: وعاش بعد ذلك ثلاث سنين حتى كان وجعه الذي قبض فيه. وجعل يقول: "ما زلت، أجد ألم الأكلة التي أكلتها بخيبر عدادا حتى كان هذا أوان انقطاع أبهري" عرق في الظهر وتوفى شهيداً. ا. هـ.
(فتح الباري ٨/١٣١، وانظر تغليق التعليق ٤/١٦٢، ١٦٣).
قوله تعالى (وقالوا قلوبنا غلف)
أخرج ابن أبي حاتم عن أحمد بن سنان ثنا أسباط بن محمد عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إنما سمي القلب لتقلبه.
وأخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قالوا (قلوبنا غلف) قال في غطاء.
وأخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية (قلوبنا غلف) لا تفقه.
وأخرجه الطبري بلفظه بسنده الحسن عن قتادة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو الأودي ثنا أبو أسامة عن النضر بن عربي عن عكرمة (قلوبنا غلف) قال: عليها طابع.
ورجاله ثقات وإسناده صحيح. وأبو أسامة هو حماد بن أسامة معروف برواية عمرو الأودي عنه.
(انظر تهذيب الكمال ٧/٢٢١).
وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله (قلوبنا غلف) قال: هو كقوله (قلوبنا في أكنة) فصلت: ٥.
(التفسير ص ٤١)، وإسناده صحيح.
قوله تعالى (بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون) أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله (فقليلا ما يؤمنون) قال: لا يؤمن منهم إلا قليل.
(التفسير ص ٤١).

صفحة رقم 194
الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور
عرض الكتاب
المؤلف
حكمت بشير ياسين
الناشر
دار المآثر للنشر والتوزيع والطباعة- المدينة النبوية
سنة النشر
1420 - 1999
الطبعة
الأولى ، 1420 ه - 1999 م
عدد الأجزاء
4
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية