على احيائه ابتداء بلا واسطة أصلا لاشتماله على التقرب الى الله تعالى وأداء الواجب ونفع اليتيم بالتجارة الرابحة والتنبيه على بركة التوكل على الله تعالى والشفقة على الأولاد ونفع بر الوالد وان من حق الطالب ان يقدم قربة ومن حق المتقرب ان يتحرى الأحسن ويغالى بثمنه كما يروى عن عمر رضى الله عنه انه ضحى بنجيبة اشتراها بثلاثمائة دينار وان المؤثر هو الله تعالى وانما الأسباب امارات لا تأثير لها لان الموتين الحاصلين في الجسمين لا يعقل ان يتولد منهما حياة وان من رام ان يعرف أعدى عدوه الساعي في اماتته الموت الحقيقي فطريقه ان يذبح بقرة نفسه التي هي قوته الشهوية حين زال عنها شره الصبى ولم يلحقها ضعف الكبر وكانت معجبة رائقة المنظر غير مذللة في طلب الدنيا مسلمة من دنسها لا شية بها من قبائحها بحيث يتصل اثره الى نفسه فيحيى به حياة طيبة ويعرف ما به ينكشف الحال ويرتفع ما بين العقل والوهم من التدارئ والجدال قال بعض اهل المعرفة في قوله فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى
انما جعل الله احياء المقتول في ذبح البقرة تنبيها لعبيده ان من أراد منهم احياء قلبه لم يتأت له الا باماتة نفسه فمن أماتها بانواع الرياضات احيى الله قلبه بانوار المشاهدات فمن مات بالطبيعة يحيى بالحقيقة وكما ان لسان البقرة بعد ذبحها ضرب على القتيل وقام بإذن الله وقال قتلنى فلان فكذلك من ضرب لسان النفس المذبوحة بسكين الصدق على قتيل القلب بمداومة الذكر يحيى الله قلبه بنوره فيقول وما أبرئ نفسى ان النفس لامارة بالسوء: قال السعدي
نميتازد اين نفس سركش چنان
كه عقلش تواند كرفتن عنان
تو بر كره توسنى در كمر
نكر تا نپيچد ز حكم تو سر
اگر پالهنك از كفت در كسيخت
تن خويشتن كشت وخون تو ريخت
فيجب علينا غاية الوجوب ان نتقيد بإحياء نفوسنا بالحياة الحقيقية وإصلاح قلوبنا بالإصلاح الحقيقي واخلاص اعمالنا بالإخلاص الحقيقي فان المنظر الإلهي انما هو القلوب والأعمال لا القصور والأموال كما ورد في الحديث (ان الله لا ينظر الى صوركم وأحوالكم بل الى قلوبكم وأعمالكم) فالمعتبر هو الباطن والسرائر دون السير والظواهر والعاقل من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والجاهل من نسى نفسه واتبع هواه وما يعقل ذلك الا العالمون وما يعلمه الا الكاملون: قال السعدي
شخصم بچشم عالميان خوب منظرست
وز خبث باطنم سر خجلت فتاده پيش
طاوس را بنقش ونكارى كه هست خلق
تحسين كنند او حجل از پاى زشت خويش
وقد سئل بعض المشايخ عن الإسلام فقال ذبح النفس بسيوف المخالفة ومخالفتها ترك شهواتها قال السرى السقطي ان نفسى تطالبنى مدة ثلاثين سنة او أربعين سنة ان اغمس جوزة في دبس فما أطعمتها وريئى رجل جالس في الهواء فقيل له بم نلت هذا قال تركت الهوى فسخر لى الهواء وقيل لبعضهم انى أريد ان أحج على التجريد فقال جرد اولا قلبك من السهو ونفسك عن اللهو ولسانك عن اللغو ثم اسلك حيث شئت ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ خطاب لاهل عصر
صفحة رقم 163
النبي عليه السلام من الأحبار وثم لاستبعاد القسوة من بعد ذكر ما يوجب لين القلوب ورقتها ونحوه ثم أنتم تمترون والقسوة والقساوة عبارة عن الغلظ والصلابة كما في الحجر وصفة القلوب بالقسوة والغلظ مثل لنبوها عن الاعتبار وان المواعظ لا تؤثر فيها مِنْ بَعْدِ ذلِكَ اى من بعد سماع ما ذكر من احياء القتيل ومسخ القردة والخنازير ورفع الجبل وغيرها من الآيات والقوارع التي تميع منها الجبال وتلين بها الصخور فَهِيَ اى القلوب كَالْحِجارَةِ اى مثل الحجارة في شدتها وقسوتها والفاء لتفريع مشابهتها لها على ما ذكر من القساوة تفريع التشبيه على بيان وجه الشبه كقولك احمر خده فهو كالورد أَوْ أَشَدُّ منها قَسْوَةً تمييز وأو بمعنى بل او للتخيير اى ان شئتم فاجعلوها أشد منها كالحديد فانتم مصيبون وانما لم تحمل على أصلها وهو الشك والتردد لما ان ذلك محال على علام الغيوب فان قلت لم قيل أشد قسوة وفعل القسوة مما يخرج منه افعل التفضيل وفعل التعجب قلت لكونه أبين وادل على فرط القسوة من لفظ أقسى لان دلالته على الشدة بجوهر اللفظ الموضوع لها مع هيئة موضوعة للزيادة في معنى الشدة بخلاف لفظ الاقسى فان دلالته على الشدة والزيادة في القسوة بالهيئة فقط ووجه حكمة ضرب قلوبهم مثلا بالحجارة وتشبيهها بها دون غيرها من الأشياء الصلبة من الحديد والصفر وغيرهما لان الحديد تلينه النار وهو قابل للتليين كما لان لداود عليه السلام وكذا الصفر حتى يضرب منها الأواني والحجر لا يلينه نار ولا شىء فلذلك شبه قلب الكافر بها وهذا والله اعلم في حق قوم علم الله انهم لا يؤمنون وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ بيان لفضل قلوبهم على الحجارة من شدة القسوة وتقرير لقوله او أشد قسوة ومن الحجارة خبران والاسم قوله لَما واللام للتأكيد اى الحجر يَتَفَجَّرُ اى يتفتح بكثرة وسعة مِنْهُ راجع الى ما الْأَنْهارُ جمع نهر وهو المجرى الواسع من مجارى الماء والمعنى وان من الحجارة ما فيه خروق واسعة يتدفق منها الماء الكثير اى يتصبب وَإِنَّ مِنْها اى من الحجارة لَما يَشَّقَّقُ أصله يتشقق اى يتصدع والصدع جعل الشيء ذا نواحى فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ اى ينشق انشقاقا بالطول او بالعرض ينبع منه الماء ايضا يعنى العيون دون الأنهار وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ اى يتردى وينزل من أعلى الجبل الى أسفله مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وهي الخوف عن العلم وهنا مجاز عن انقيادها لامر الله وانها لا تمتنع على ما يريد فيها وقلوب هؤلاء اليهود لا تنقاد ولا تلين ولا تخشع ولا تفعل ما أمرت به وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ بساه عَمَّا تَعْمَلُونَ اى الذي تعملونه وهو وعيد شديد على ما هم عليه من قساوة القلوب وما يترتب عليها من الأعمال السيئة فقلب الكافر أشد في القساوة من الحجارة وانها مع فقد اسباب الفهم والعقل منها وزوال الخطاب عنها تخضع له وتتصدع قال تعالى لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وقلب الكافر مع وجود اسباب الفهم والعقل وسعة هيئة القبول لا يخضع ولا يلين قالت المعتزلة خشية الحجر على وجه المثل يعنى لو كان له عقل لفعل ذلك ومذهب اهل السنة ان الحجر وان كان جمادا لكن الله يفهمه ويلهمه فيخشى بإلهامه فان لله تعالى علما فى الجمادات وسائر الحيوانات سوى العقلاء لا يقف عليه غيره فلها صلاة وتسبيح وخشية
صفحة رقم 164
كما قال جل ذكره وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وقال وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ فيجب على المرء الايمان به
ويحيل علمه الى الله تعالى روى ان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان على ثبير والكفار يطلبونه فقال الجبل انزل عنى فانى أخاف ان تؤخذ على فيعاقبنى الله بذلك فقال له جبل حراء الى اليّ يا رسول الله وكان النبي ﷺ إذا خطب استند الى جذع نخلة من سوارى المسجد فلما صنع له المنبر فاستوى عليه اضطربت تلك السارية من فراق رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وحنت كحنين الناقة حتى سمعها اهل المسجد ونزل رسول الله عليه السلام فاعتنقها فسكنت: قال في المثنوى
آنكه او را نبود از اسرار داد
كى كند تصديق او ناله جماد
وبينما راع في غنمه عدا عليه الذئب فاخذ منها شاة فطلبه الراعي حتى استنقذها منه اى استخلصها فالتفت اليه الذئب فقال من لها يوم السبع يوم ليس لها راع غيرى فقال الناس سبحان الله ذئب تكلم فقال رسول الله ﷺ إنا أو من به وأبو بكر وعمر وعلى هذا إنطاق الله جلود الكفار يوم القيامة وتسبيح الحصى في كفه عليه السلام وكلام الشاة المسمومة ومجيىء الشجرتين اليه ﷺ حتى يستتر بهما في قضاء حاجته ثم رجوعهما الى مكانهما وأمثال ذلك كثيرة ذكر الشيخ قطب وقته الهدائى الاسكدارى في واقعاته انه كان يسمع فى أثناء سلوكه من الماء الجاري ذكر يا دائم يا دائم: وفي المثنوى
نطق آب ونطق خاك ونطق كل
هست محسوس حواس اهل دل
فلسفى كو منكر حنانه است
از حواس أوليا بيكانه است
هر كرا در دل شك و پيچانيست
در جهان او فلسفى پنهانيست
قال بعض الحكماء معنى قوله ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ يبست ويبس القلب ان ييبس عن ماءين أحدهما ماء خشية الله تعالى والثاني ماء شفقة الخلق وكل قلب لا يكون فيه خشية الله ولا شفقة الخلق فهو كالحجارة او أشد قسوة قال رسول الله ﷺ (لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فان كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب وان ابعد الناس من الله القلب القاسي) وقال ايضا (اربعة من الشقاء جمود العين وقسوة القلب وطول الأمل والحرص على الدنيا) والاشارة فى تحقيق الآية ان اليهود وان شاهدوا عظيم الآيات فحين لم تساعدهم العناية لم يزدهم كثرة الآيات الا قسوة على قسوة فان الله أراهم الآيات الظاهرة فرأوها بنظر الحسن ولم يرهم البرهان الذي يراه القلب فيحجزهم عن التكذيب والإنكار يدل عليه قوله تعالى وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ وهكذا حال بعض الممكورين حين يشرعون في الرياضات يلوح لهم من صفاء الروحانية ظهور بعض الآيات وخرق العادات فاذا لم يكن مقارنا برؤية البرهان ليكون مؤيدا بالتأييدات الالهية لم يزدهم الا العجب والغرور واكثر ما يقع هذا للرهابين والمتفلسفة الذين استدرجهم الحق بالخذلان من حيث لا يعلمون وانما تشبه قلوبهم بالحجارة لعدم اللين الى الذكر الحقيقي وهو ما يتداركه الحق بذكره كقوله فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ومراتب القلوب في القسوة متفاوتة فبعضها بمرتبة الحجارة التي يتفجر منها الأنهار
صفحة رقم 165
منهم وَهُمْ يَعْلَمُونَ اى يحرفونه والحال انهم يعلمون انهم كاذبون مفترون وَإِذا لَقُوا اى اليهود الَّذِينَ آمَنُوا من اصحاب النبي عليه السلام قالُوا اى منافقوهم آمَنَّا كايمانكم وان محمدا هو الرسول المبشر به وَإِذا خَلا مضى ورجع بَعْضُهُمْ الذين لم ينافقوا اى إذا فرغوا من الاشتغال بالمؤمنين متوجهين ومنضمين إِلى بَعْضٍ اى الى الذين نافقوا بحيث لم يبق معهم غيرهم قالُوا اى الساكتون عاتبين لمنافقيهم على ما صنعوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ تخبرونهم والاستفهام بمعنى النهى اى لا تحدثوهم يعنون المؤمنين بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اى بينه الله لكم خاصة في التوراة من نعت النبي عليه السلام والتعبير عنه بالفتح للايذان بانه سر مكنون وباب مغلق لا يقف عليه أحد لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ اللام متعلقة بالتحديث دون الفتح والضمير في به لما فتح الله اى ليحتجوا عليكم به فيقطعوكم بالحجة ويبكتوكم عِنْدَ رَبِّكُمْ اى في حكمه وكتابه كما يقال هو عند الله كذا اى في كتابه وشرعه والمحدثون به وان لم يحوموا حول ذلك الغرض وهو المحاجة لكن فعلهم ذلك لما كان مستتبعا له البتة جعلوا فاعلين للغرض المذكور إظهارا لكمال سخافة عقلهم وركاكة آرائهم أَفَلا تَعْقِلُونَ متصل بكلامهم من التوبيخ والعتاب اى ألا تلاحظون فلا تعقلون هذا الخطأ الفاحش وهو ان ذلك حجة لهم عليكم فالمنكر عدم التعقل ابتداء او أتفعلون ذلك فلا تعقلون بطلانه مع وضوحه حتى تحتاجون الى التنبيه عليه فالمنكر حينئذ عدم التعقل بعد الفعل أَوَلا يَعْلَمُونَ الهمزة للانكار والتوبيخ والواو للعطف على مقدر ينساق اليه الذهن والضمير للموبخين اى أيلومونهم على التحديث مخافة المحاجة ولا يعلمون أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ اى جميع ما يسرونه وما يعلنونه ومن ذلك أسرارهم الكفر واعلانهم الايمان فحينئذ يظهر الله للمؤمنين ما أرادوا إخفاءه بواسطة الوحى الى النبي عليه السلام فتحصل المحاجة والتبكيت كما وقع في آية الرجم وتحريم بعض المحرمات عليهم فأى فائدة في اللوم والعتاب وَمِنْهُمْ اى من اليهود أُمِّيُّونَ لا يحسنون الكتب ولا يقدرون على القراءة والأمي منسوب الى امة العرب وهي الامة الخالية عن العلم والقراءة فاستعير لمن لا يعرف الكتابة والقراءة لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ اى لا يعرفون التوراة ليطالعوها ويتحققوا ما فيها من دلائل النبوة فيؤمنوا إِلَّا أَمانِيَّ جمع امنية من التمني والاستثناء منقطع لانها ليست من جنس الكتب اى لكن الشهوات الباطلة ثابتة عندهم وهي المفتريات من تغيير صفة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وانهم لا يعذبون في النار الا أياما معدودة وان آباءهم الأنبياء يشفعون لهم وان الله لا يؤاخذهم بخطاياهم ويرحمهم ولا حجة لهم في صحة ذلك وَإِنْ هُمْ اى ما هم إِلَّا يَظُنُّونَ ظنا من غير تيقن بها اى ما هم الا قوم قصارى أمرهم الظن والتقليد من غيران يصلوا الى مرتبة العلم فانى يرجى منهم الايمان المؤسس على قواعد اليقين فَوَيْلٌ كلمة يقولها كل واقع فيه لكة بمعنى الدعاء على النفس بالعذاب اى عقوبة عظيمة وهو مبتدأ خبره ما بعده قال رسول الله ﷺ (الويل واد في جهنم يهوى فيه الكافر أربعين خريفا قبل ان يبلغ قعره) وقال سعيد بن المسيب رضى الله تعالى عنه انه واد في جهنم لو سيرت فيه جبال الدنيا لماعت من شدة حره اى ذابت لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ المحرف
صفحة رقم 167
بِأَيْدِيهِمْ تأكيد لدفع توهم المجاز فقد يقول انسان كتبت الى فلان إذا امر غيره ان يكتب عنه اليه ثُمَّ يَقُولُونَ لعوامهم هذا اى المحرف مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فى التوراة روى ان أحبار اليهود خافوا ذهاب مآكلهم وزوال رياستهم حين قدم النبي عليه السلام المدينة فاحناوا في تعويق أسافل اليهود عن الايمان فعمدوا الى صفة النبي عليه السلام في التوراة وكانت هى فيها حسن الوجه جعد الشعر اكحل العين ربعة اى متوسط القامة فغيروها وكتبوا مكانه طوال ازرق سبط الشعر وهو خلاف الجعد فاذا سألهم سفلتهم عن ذلك قرأوا عليهم ما كتبوا فيجدونه مخالفا لصفته عليه السلام فيكذبونه لِيَشْتَرُوا بِهِ اى يأخذوا لانفسهم بمقابلة المحرف ثَمَناً هو ما أخذوه من الرشى بمقابلة ما فعلوا من التحريف والتأويل الزائغ وانما عبر عن المشترى الذي هو المقصود بالذات في عقد المعاوضة بالثمن الذي هو وسيلة فيه إيذانا بتعكيسهم حيث جعلوا المقصود بالذات وسيلة والوسيلة مقصودة بالذات قَلِيلًا لا يعبأ به انما وصفه
بالقلة اما لفنائه وعدم ثوابه واما لكونه حراما لان الحرام لا بركة فيه ولا يربو عند الله كذا في تفسير القرطبي فَوَيْلٌ لَهُمْ اى العقوبة العظيمة ثابتة لهم مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ من أجل كتابتهم إياه وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ من أخذهم الرشوة وعملهم المعاصي واصل الكسب الفعل لجر نفع او دفع ضر ولهذا لا يوصف به سبحانه وفي الآيات إشارات الاولى ان علم الرجل ويقينه ومعرفته ومكالمته مع الله لا يفيده الايمان الحقيقي الا ان يتداركه الله بفضله ورحمته قال الله تعالى وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وان الله تعالى كلم إبليس وخاطبه بقوله يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ وما أفاده الايمان الحقيقي إذا لم يكن مؤيدا من الله بفضله ورحمته ولم يبق على الايمان بعد العيان فكيف يؤمن بالبرهان: قال في المثنوى
جز عنايت كه كشايد چشم را
جز محبت كه نشاند خشم را
جهد بى توفيق خود كس را مباد
در جهان والله اعلم بالسداد
جهد فرعونى چوبي توفيق بود
هر چهـ او مى دوخت آن تفتيق بود
والثانية ان العالم المعاند والعامي المقلد سواء في الضلال لان العالم عليه ان يعمل بعلمه وعلى العامي ان لا يرضى بالتقليد والظن وهو متمكن من العلم وان الدين ليس بالتمني فالذين ركنوا الى التقليد المحض واغتروا بظنون فاسدة وتخمينات مبهمة فهم الذين لا نصيب لهم من كتبهم الا قراءتها دون معرفة معانيها وادراك اسرارها وحقائقها وهذا حال اكثر اهل زماننا من مدعى الإسلام فالمدعى والمتمنى عاقبتهما خسران وضلال وحسرة وندامة ووبال: وفي المثنوى
تشنه را گر ذوق آيد از سراب
چون رسد در وى گريزد جويد آب
مفلسان گر خوش شوند از زر قلب
ليك ان رسوا شود در دار ضرب
والثالثة ان من بدل أو غير أو ابتدع في دين الله ما ليس منه فهو داخل في الوعيد المذكور وقد حذر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أمته لما علم ما يكون في آخر الزمان فقال (ألا ان من قبلكم
صفحة رقم 168