آيات من القرآن الكريم

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ

٩- حسن التقسيم وهو فن من فنون البلاغة فحواه استيعاب المتكلم جميع اقسام المعنى الذي هو آخذ فيه بحيث لا يغادر منه شيئا فقد استوعبت هذه الآيات جميع الأوصاف المحمودة، والعبادات التي يعكف عليها المؤمنون لأن العبادات كلها تنحصر في نوعين:
بدنية ومالية، ولا بد من استيفائهما لتكون العبادات كلها مقبولة وما أجمل الحديث الشريف القائل: «يقول العبد مالي مالي وإنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى أو أعطى فاقتنى، وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس» وقوله: مالي مالي مفعول به لفعل محذوف أي أحبّ مالي والثاني تأكيد للأول.
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٦ الى ٧]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٦) خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٧)
اللغة
: (سَواءٌ) اسم بمعنى الاستواء أجري مجرى المصادر فلذلك لا يثنّى ولا يجمع قالوا: هما وهم سواء فإذا أرادوا لفظ المثنّى قالوا:
سيّان وإن شئت قلت سواءان وفي الجمع هم أسواء وأيضا على غير القياس: هم سواس وسواسية أي متساويان ومتساوون والسّواء:
العدل الوسط بين حدّين يقال: ضرب سواءه أي وسطه وجئته في سواء النهار أي في منتصفه، وإذا كانت سواء بعد همزة التّسوية فلا بدّ من أم اسمين كانت الكلمتان، أم فعلين وإذا كان بعدها فعلان بغير همزة التّسوية عطف الثاني بأو، نحو: سواء عليّ قمت أو قعدت وإذا كان بعدها مصدران عطف الثاني بالواو أو بأو، نحو سواء عليّ

صفحة رقم 27

قيامك وقعودك. وقيامك أو قعودك (غِشاوَةٌ) فعالة من غشاه أو غشيه إذا غطّاه وهذا البناء لما يشتمل على الشيء كالعصابة والعسامة ويجوز في الغين الكسر والضّمّ والفتح.
الإعراب:
(إِنَّ الَّذِينَ) إنّ واسمها وجملة (كَفَرُوا) من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول (سَواءٌ) خبر مقدم أو خبر إنّ (عَلَيْهِمْ) جار ومجرور متعلقان بسواء (أَأَنْذَرْتَهُمْ) همزة الاستفهام بمعنى التسوية وهي والفعل بعدها في تأويل مصدر مبتدأ مؤخّر أو فاعل نسواء الذي أجري مجرى المصادر والجملة خبر إنّ (أَمْ) عاطفة متصلة وسيأتي حكمها في باب الفوائد (لَمْ تُنْذِرْهُمْ) لم: حرف نفي وقلب وجزم وتنذرهم فعل مضارع مجزوم بلم والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به والجملة معطوفة على جملة أأنذرتهم (لا) نافية (يُؤْمِنُونَ) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو فاعل وجملة لا يؤمنون خبر بعد خبر ولك أن تجعلها تفسيرية لا محل لها من الإعراب (خَتَمَ) فعل ماض (اللَّهُ) فاعل (عَلى قُلُوبِهِمْ) الجار والمجرور متعلقان بختم (وَعَلى سَمْعِهِمْ) عطف على قوله على قلوبهم (وَعَلى أَبْصارِهِمْ) الواو استئنافية والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدّم (غِشاوَةٌ) مبتدأ مؤخر (وَلَهُمْ) الواو حرف عطف والجار والمجرور متعلقان بمحذوف (عَذابٌ) مبتدأ مؤخر (عَظِيمٌ) نعت لعذاب والجملة معطوفة على الجملة السابقة.
البلاغة:
١- في إسناد الختم الى القلوب استعارة تمثيلية فقد شبّهت

صفحة رقم 28

قلوبهم في نبوّها عن الحقّ وعدم الإصغاء إليه بحال قلوب ختم الله عليها وهي قلوب البهائم وهو تشبيه معقول بمحسوس أو هو مجاز عقليّ وهو باب واسع عند العرب يقولون: سال بهم الوادي إذا هلكوا وطارت بفلان العنقاء إذا طالت غيبته.
٢- وحدّ السمع لوحدة المسموع دون القلوب والابصار لتنوّع المدركات والمرئيات.
٣- تنكير العذاب هنا فيه إشارة الى أنه نوع منه مجهول الكمّ والكيف ووصفه بعظيم لدفع الإيهام بقلّته وندرته، والتأكيد بأنه بالغ حد العظمة.
الفوائد:
١- همزة التسوية هي الواقعة بين سواء وبعد ما أبالي وما أدري وليت شعري وضابطها: أنها الهمزة التي تدخل على جملة يصح حلول المصدر محلها كما تقدم.
٢- أم: لها حالان:
آ- متصلة وهي منحصرة في نوعين وذلك لأنها إما أن تتقدّم عليها همزة التسوية كما في الآية أو همزة يطلب بها التّعيين نحو:
أزيد في الدّار أم عمرو؟ وسميت متصلة لأن ما قبلها وما بعدها لا يستغنى بأحدهما عن الآخر وتسمى أيضا معادلة لمعادلتها الهمزة في النوع الأول إذ كلتاهما تفيد التسوية.
ب- منقطعة وهي المسبوقة بالخبر المحض نحو قوله تعالى:

صفحة رقم 29
إعراب القرآن وبيانه
عرض الكتاب
المؤلف
محيي الدين بن أحمد مصطفى درويش
الناشر
دار الإرشاد للشئون الجامعية - حمص - سورية ، (دار اليمامة - دمشق - بيروت) ، ( دار ابن كثير - دمشق - بيروت)
سنة النشر
1412 - 1992
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية