
معنى الآيات:
ذكر تعالى في هذه الآيات الثلاث صفات المتقين من الإيمان بالغيب وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والإيمان بما أنزل الله من كتب والإيمان بالدار الآخرة وأخبر عنهم بأنهم لذلك هم على أتم هداية من ربهم، وأنهم هم الفائزون في الدنيا بالطهر والطمأنينة وفي الآخرة بدخول الجنة بعد النجاة من النار.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
دعوة المؤمنين وترغيبهم في الاتصاف بصفات أهل الهداية والفلاح، ليسلكوا سلوكهم فيهتدوا ويفلحوا في دنياهم وأخراهم.
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٦) خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٧) ﴾
شرح الكلمات:
﴿كَفَرُوا﴾ : الكفر: لغة التغطية والجحود، وشرعاً: التكذيب١ بالله وبما جاءت به رسله عنه كلاً أو بعضاً.
﴿سَوَاءٌ ٢﴾ : بمعنى مُسْتَوٍ انذارهم وعدمه، إذ لا فائدة منه لحكم الله بعدم هدايتهم.
﴿أَأَنْذَرْتَهُمْ﴾ : الإنذار التخويف بعاقبة الكفر والظلم والفساد.
٢ سواء عليهم: هذا خبر إن الذين كفروا. وسواء: اسم مصدر، إذ فعله استوى، والمصدر الاستواء، واسم المصدر سواء، ولذا فهو بمعنى مستو، أي: استوى إنذارهم وعدمه في إنهم لا يؤمنون، وهذا من العام الخاص، إذ ما كل الكافرين لا يؤمنون وإنما من كتبت عليهم الشقوة إذلالاً؛ كأبي لهب وأبي جهل وعقبة والعاصي والنضر وغيرهم.

﴿ختم١ الله﴾ : طبع، إذ الختم والطبع واحد وهو وضع الخاتم أو الطابع على الظرف حتى لا يعلم ما فيه، ولا يتوصل إليه فيبدل أو يغير.
الغشاوة: الغطاء يغشى به ما يراد منع وصول شيء إليه.
العذاب: الألم يزيل عذوبة الحياة ولذتها. مناسبة الآيتين لما قبلهما ومعناهما:
لما ذكر أهل الإيمان والتقوى والهداية والفلاح ذكر بعدهم أهل الكفر والضلال والخسران، فقال: [إن الذين كفروا] ٢ إلخ. فأخبر بعدم استعدادهم للإيمان حتى استوى إنذارهم٣ وعدمه وذلك لمضي سنة الله فيهم بالطبع على قلوبهم حتى لا تفقه، وعلى آذانهم٤ حتى لا تسمع، ويجعل الغشاوة على أعينهم حتى لا تبصر، وذلك نتيجة مكابرتهم وعنادهم وإصرارهم على الكفر. وبذلك استوجبوا العذاب العظيم فحكم به عليهم. وهذا حكم الله تعالى في أهل العناد والمكابرة والإصرار في كل زمان ومكان.
هداية الآيتين:
من هداية الآيتين:
١- بيان سنة الله تعالى في أهل العناد والمكابرة والإصرار بأن يحرمهم الله تعالى الهداية، وذلك بتعطيل حواسهم حتى لا ينتفعوا بها فلا يؤمنوا ولا يهتدوا.
٢- التحذير من الإصرار على الكفر والظلم والفساد الموجب للعذاب العظيم.
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨)
٢ قطعت جملة: إن الذين كفروا ولم تعطف على السابق لكمال الانقطاع بينهما وهو التضاد، إذ الأولى في ذكر الهداية والمهتدين، وهذه في ذكر الكفر والكافرين.
٣ قد يقال: ما دام قد علم الله تعالى أن بعضاً لا يؤمنون فلِمَ ينذرون، إذا إنذارهم مع العلم بأنه لا ينفعهم، تكليف بالمحال. والجواب: أن دعوة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكل أحد، وهو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يعلم من كتب الله تعالى عليه الشقاء ممن كتب له السعادة، فلذا هو يدعو وينذر، ومن كان من أهل السعادة أجاب الدعوة، ومن لم يكن من أهلها رفضها ولم يجب.
٤ تقديم السمع على البصر في عدة آيات من القرآن يفيد أن حاسة السمع أنفع من حاسة البصر، وهو كذلك والعقل أعظم.