آيات من القرآن الكريم

ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ ﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ

عن الورى وفي التأويلات النجمية ان لكل قوم عجلا يعبدونه من دون الله قوم يعبدون عجل الدراهم والدنانير وقوم يعبدون عجل الشهوات وقوم يعبدون عجل الجاه وقوم يعبدون عجل الهوى وهذا أبغضها على الله فالله تعالى يلهم موسى قلب كل سعيد ليقول يا قوم إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ اى ارجعوا الى الله بالخروج عما سواه ولا يمكنكم الا بقتل النفس فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ بقمع الهوى لان الهوى هو حياة النفس وبالهوى ادعى فرعون الربوبية وعبد بنوا إسرائيل العجل وبالهوى أبى واستكبر إبليس او ارجعوا بالاستنصار على قتل النفس بنهيها عن هواها فاقتلوا أنفسكم بنصر الله وعونه فان قتل النفس في الظاهر ييسر للمؤمن والكافر فاما قتل النفس في الباطن وقهرها فامر صعب لا يتيسر الا لخواص الحق بسيف الصدق وبنصر الحق ولهذا جعل مرتبة الصديقين فوق مرتبة الشهداء وكان النبي ﷺ إذا رجع من غزو يقول (رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر) وذلك لان المجاهد إذا قتل بسيف الكفار يستريح من التعب بمرة واحدة وإذا قتل بسيف الصدق في يوم الف مرة تحيى كل مرة نفس على بصيرة اخرى وتزداد في مكرها فلا يستريح المجاهد طرفة عين من جهادها ولا يأمن مكرها وبالحقيقة النفس هى صورة مكر الحق ولا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ يعنى قتل النفس بسيف الصدق خير لكم لان بكل قتلة رفعة ودرجة لكم عند بارئكم فانتم تتقربون الى الله بقتل النفس وقمع الهوى وهو يتقرب إليكم بالتوفيق للتوبة والرحمة عليكم كما قال (من تقرب الى شبرا تقربت اليه ذراعا) وذلك قوله فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ: قال في المثنوى

عمر اگر بگذشت ببخش اين دم است آب توبش ده اگر او بي نم است
بيخ عمرت را بده آب حيات تا درخت عمر گردد بإثبات
وَإِذْ قُلْتُمْ هذا هو الانعام السادس اى واذكروا يا بنى إسرائيل وقت قول السبعين من اسلافكم الذين اختارهم موسى حين ذهبوا معه الى الطور للاعتذار عن عبادة العجل وهم غير السبعين الذين اختارهم موسى أول مرة حين أراد الانطلاق الى الطور بعد غرق فرعون لاتيان التوراة يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ لن نصدقك لاجل قولك ودعوتك على ان هذا كتاب الله وانك سمعت كلامه وان الله تعالى أمرنا بقبوله والعمل به حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً اى عيانا لا ساتر بيننا وبينه كالجهر في الوضوح والانكشاف لان الجهر في المسموعات والمعاينة في المبصرات ونصبها على المصدرية لانها نوع من الرؤية فكأنها مصدر الفعل الناصب او حال من الفاعل والمعنى حتى نرى الله مجاهرين او من المفعول والمعنى حتى نرى الله مجاهرا بفتح الهاء فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ هى نار محرقة فيها صوت نازلة من السماء وهي كل امر مهول مميت او مزيل للعقل والفهم وتكون صوتا وتكون نارا وتكون غير ذلك وانما أحرقتهم الصاعقة لسؤالهم ما هو مستحيل على الله في الدنيا ولفرط العناد والتعنت وانما الممكن ان يرى رؤية منزهة عن الكيفية وذلك للمؤمنين في الآخرة وللافراد من الأنبياء فى بعض الأحوال في الدنيا وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ الى الصاعقة النازلة فان كانت نارا فقد عاينوها

صفحة رقم 139

وان كانت صوتا هائلا فقد مات بعضهم اولا ورأى الباقون انهم مانوا ويسمى هذا رؤية الموت مجازا ثُمَّ بَعَثْناكُمْ اى أحييناكم مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ بتلك الصاعقة وقيد البعث بقوله من بعد موتكم مع انه يكون بعد الموت لما انه قد يكون من الإغماء او من النوم قال قتادة أحياهم ليستوفوا بقية آجالهم وأرزاقهم وكان ذلك الموت بلا أجل وكانت تلك الموتة لهم كالسكتة لغيرهم قبل انقضاء آجالهم ولو ماتوا بآجالهم لم يبعثوا الى يوم القيامة فان قلت كيف يجوز ان يكلفهم وقد أماتهم ولو جاز ذلك فلم لا يجوز ان يكلف اهل الآخرة إذا بعثوا بعد الموت قلنا الذي يمنع من تكليفهم في الآخرة هو الاماتة ثم الاحياء وانما يمنع من ذلك لانه قد اضطرهم يوم القيامة الى معرفته والى معرفة ما في الجنة من اللذات وما في النار من الآلام وبعد العلم الضروري لا تكليف فاذا كان المانع هو هذا لم يمتنع في هؤلاء الذين أماتهم الله بالصعقة ان لا يكون قد اضطرهم وإذا كان كذلك صح ان يكلفوا من بعد ويكون موتهم ثم الاحياء بمنزلة النوم او بمنزلة الإغماء لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ نعمة الحياة بالتوحيد والطاعة او لعلكم تشكرون وقت مشاهدتكم بأس الله بالصاعقة نعمة الايمان التي كفرتموها بقولكم لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فان ترك النعمة لاجل طلب الزيادة كفران لها اى لعلكم تشكرون نعمة الايمان فلا تعودون الى اقتراح شىء بعد ظهور المعجزة واصل القصة ان موسى عليه السلام لما رجع من الطور الى قومه فرأى ما هم عليه من عبادة العجل وقال لاخيه والسامري ما قال وأحرق العجل وألقاه في البحر وندم القوم على ما فعلوا وقالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين امر الله موسى ان يأتيه في ناس من بنى إسرائيل يعتذرون اليه من عبادة العجل فاختار موسى سبعين من قومه من خيارهم فلما خرجوا الى الطور قالوا لموسى سل ربنا حتى يسمعنا كلامه فسأل موسى عليه السلام ذلك فاجابه الله ولما دنا من الجبل وقع عليه عمود من الغمام وتغشى الجبل كله ودنا من موسى ذلك الغمام حتى دخل فيه وقال للقوم ادخلوا فكلم الله موسى يأمره وينهاه وكلما كلمه تعالى أوقع على جبهته نورا ساطعا لا يستطيع أحد من السبعين النظر اليه وسمعوا كلامه تعالى مع موسى افعل لا تفعل فعند ذلك طمعوا فى الرؤية وقالوا ما قالوا فاخذتهم الصاعقة فخروا صعقين ميتين يوما وليلة فلما ماتوا جميعا جعل موسى يبكى ويتضرع رافعا يديه الى السماء يدعو ويقول يا إلهي اخترت من بنى إسرائيل سبعين رجلا ليكونوا شهودى بقبول توبتهم وماذا أقول لهم إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم لو شئت أهلكتهم قبل هذا اليوم مع اصحاب العجل أتهلكنا بما فعل السفهاء منا فلم يزل يناشد ربه حتى أحياهم الله ورد إليهم أرواحهم وطلب توبة بنى إسرائيل من عبادة العجل فقال لا الا ان يقتلوا أنفسهم قالوا ان موسى عليه السلام سأل الرؤية في المرة الاولى في الطور ولم يمت لان صعقته لم تكن موتا ولكن غشية بدليل قوله تعالى فَلَمَّا أَفاقَ وسأل قومه في المرة الثانية حين خرجوا للاعتذار وماتوا وذلك لان سؤال موسى كان اشتياقا وافتقارا وسؤال قومه كان تكذيبا واجتراء ولم يسألوا سؤال استرشاد بل سؤال تعنت فانهم ظنوا انه تعالى يشبه الأجسام وطلبوا رؤيته رؤية الأجسام في الجهات والاحياز المقابلة للرائى وهي محال وليس

صفحة رقم 140
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية