آيات من القرآن الكريم

وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ
ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ

عليه ما صنع قلت له: أسأت «١».
٤٩ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ: البلاء الاختبار في الخير والشرّ، فبلاء محنة في ذبح أبنائكم، وبلاء نعمة في تنجيتكم.
٥١ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ليس بظرف لأن الوعد «٢» ليس فيها «٣»، بل [المراد] «٤» انقضاء الأربعين وهو تقدير الإعراب، أي: وعدناه انقضاء أربعين مفعول ثاني.
وذم المخاطبين بالعجل «٥» - ولم يتخذوه لرضاهم، بما فعلته أسلافهم.
٥٣ الْكِتابَ: التوراة، وَالْفُرْقانَ: فرق الله بهم البحر «٦»، أو الفرج من الكرب كقوله «٧» : يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً.
٥٤ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ عقوبة للّذين لم ينكروا العجل كراهة القتال «٨»،

(١) تهذيب اللغة: ١٣/ ١٣١.
(٢) في «ج» : الموعد.
(٣) كذا في «ك»، وأشار ناسخ الأصل في الهامش إلى ورود «منها» في نسخة أخرى.
(٤) عن نسخة «ج».
(٥) في قوله تعالى: ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ.
(٦) ذكره الماوردي في تفسيره: ١/ ١٠٨ دون عزو.
(٧) سورة الأنفال: آية: ٢٩.
قال الطبري- رحمه الله- في تفسيره: ٢/ ٧١: «وأولى هذه التأويلات بتأويل الآية، ما روي عن ابن عباس وأبي العالية ومجاهد: من أنّ «الفرقان»، الذي ذكر الله أنه آتاه موسى في هذا الموضع، هو الكتاب الذي فرق به بين الحق والباطل، وهو نعت للتوراة وصفة لها.
فيكون تأويل الآية حينئذ: وإذ آتينا موسى التوراة التي كتبناها في الألواح وفرقنا بها بين الحق والباطل.
فيكون «الكتاب» نعتا للتوراة أقيم مقامها استغناء به عن ذكر التوراة، ثم عطف عليه ب «الفرقان» إذ كان من نعتها».
(٨) نقله الماوردي في تفسيره: ١/ ١٠٩ عن ابن جريج، وفيه أيضا: «فجعلت توبتهم بالقتل- الذي خافوه». [.....]

صفحة رقم 94

وهو قتل البعض بعضا، أو الاستسلام للقتل لأنه ليس للمرء بعد قتله نفسه حال مصلحة ولم يسقط بالتوبة، لأنه وجب حدا. وحكى الحكم الرّعيني «١» أن خالدا القسري «٢»
أرسله إلى قتادة «٣» يسأله عن حروف منها فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ، فقال: إنما هو «فاقتلوا» من الاستقالة «٤».

(١) هو الحكم بن عمر- وقيل ابن عمرو بواو- الرّعيني: بضم الراء وفتح العين المهملة وبعدها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها النون. نسبة إلى ذي رعين من اليمن.
عن الأنساب للسمعاني: ٦/ ١٣٩.
ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: ٣/ ١٢٣، والذهبي في ميزان الاعتدال:
١/ ٥٧٨، والمغني في الضعفاء: ١/ ٢٧٣، وابن حجر في لسان الميزان: ٢/ ٤٢.
وذكروا له رواية عن قتادة. ونقل الذهبي في الميزان عن يحيى بن معين قال: ليس بشيء، لا يكتب حديثه. وعن النسائي قال: ضعيف.
(٢) خالد القسري: (٦٦- ١٢٦ هـ).
هو خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد القسري: بفتح القاف وسكون السين المهملة وفي آخرها الراء المهملة نسبة إلى قسر، بطن من قيس.
كان خالد واليا على مكة في زمن الوليد بن عبد الملك، ثم تولى إمارة العراق في عهد هشام بن عبد الملك واستمرت ولايته حتى عام ١٢٠ هـ حيث عزله هشام، وخلفه في إمارة العراق يوسف بن عمر الثقفي.
وقتل سنة ١٢٦ هـ.
أخباره في: الأنساب للسمعاني: ١٠/ ١٤٤، وفيات الأعيان: ٢/ ٢٢٦، سير أعلام النبلاء: ٥/ ٤٢٥، والبداية والنهاية: ١٠/ ١٩.
(٣) قتادة: (٦٠- ١١٧ هـ).
هو قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز السدوسي البصري أبو الخطاب، الإمام التابعي، أخذ عن سعيد بن المسيب والحسن البصري وغيرهما، وروى عنه أيوب السختياني، ومعمر بن راشد، والأوزاعي وغيرهم.
ترجمته في: المعارف: ٤٦٢، وإنباه الرواة: ٣/ ٣٥، تذكرة الحفاظ: ١/ ١٢٢، طبقات المفسرين للداودي: ٢/ ٤٣.
(٤) في نسخة «ج» : الاقتيال. وأورد ابن جني في المحتسب: ١ (٨٢، ٨٣) هذه الرواية من طريق ابن مجاهد، ثم قال: «اقتال هذه افتعل، ويصلح أن يكون عينها واوا كاقتاد، وأن يكون ياء كاقتاس. وقول قتادة: إنها من الاستقالة يقتضي أن يكون عينها ياء لما حكاها أصحابنا عموما: من قلت الرجل في البيع بمعنى أقلته، وليس في قلت دليل على أنه من الياء لقولهم: خفت ونمت وهما من الخوف والنوم، لكنه في قولهم في مضارعه:
أقيله... »
.
ونقل ابن عطية في المحرر الوجيز: ١/ ٢٩٨ قول قتادة، ثم قال: «والتصريف يضعف أن يكون من الاستقالة، ولكن قتادة- رحمه الله- ينبغي أن يحسن الظن به في أنه لم يورد ذلك إلا بحجة من عنده».
ونقل أبو حيان في البحر المحيط: ١/ ٢٠٨ عن الثعلبي قال: «فأما فأقيلوا» فهو أمر من الإقالة وكأن المعنى: أن أنفسكم قد تورطت في عذاب الله بهذا الفعل العظيم الذي تعاطيتموه من عبادة العجل وقد هلكت فأقيلوها بالتوبة والتزام الطاعة وأزيلوا آثار تلك المعاصي بإظهار الطاعات».

صفحة رقم 95

[٧/ أ] والمشهور عن قتادة أنه غشيتهم ظلمة، فقاموا يتناجزون «١» فلما بلغ/ الله نقمته منهم انجلت الظلمة، وسقطت الشّفار «٢» من أيديهم فكان ذلك للحي مصلحة وللمقتول شهادة «٣».
والجهرة «٤» : ظهور الشيء بالمعاينة «٥»، إلّا أنّ المعاينة ترجع إلى المدرك والجهرة إلى المدرك. وجهرت الجيش وأجهرتهم: إذا كثروا في عينك «٦».
والصاعقة هنا: الموت «٧».

(١) في اللسان: ٥/ ٤١٤ (نجز) :«المناجزة في القتال: المبارزة والمقاتلة، وهو أن يتبارز الفارسان فيتمارسا حتى يقتل كل واحد منهما صاحبه أو يقتل أحدهما... وتناجز القوم:
تسافكوا دماءهم كأنهم أسرعوا في ذلك»
.
(٢) الشّفرة- بالفتح-: السكين العريضة العظيمة، وجمعها شفر وشفار، وشفرات السيوف:
حروف حدّها.
تهذيب اللغة: ١١/ ٣٥١، واللسان: ٤/ ٤٢٠ (شفر).
(٣) نقله ابن كثير في تفسيره: ١/ ١٣١ عن قتادة، وأورده السيوطي في الدر المنثور: ١/ ١٦٩ ونسب إخراجه إلى عبد بن حميد عن قتادة أيضا.
(٤) من قوله تعالى: وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ [البقرة: ٥٥].
(٥) انظر معاني القرآن للأخفش: ١/ ٢٦٧، وتفسير الماوردي: ١/ ١٠٩، وتفسير البغوي: ١/ ٧٤.
(٦) هذا النصّ في تهذيب اللغة للأزهري: ٦/ ٤٩ عن الأصمعي، وانظر اللسان: ٤/ ١٥٠، وتاج العروس: ١٠/ ٤٩٠ (جهر).
(٧) ذكره ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: ٤٩، وقال: «يدلك على ذلك قوله:
ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ، واختاره الزجاج في معاني القرآن: ١/ ١٣٧، وقال ابن الجوزي في زاد المسير: ١/ ٨٣: «هذا قول الأكثرين. وزعم أنهم لم يموتوا، واحتجوا بقوله تعالى: وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً وهذا قول ضعيف، لأن الله تعالى فرق بين الموضعين، فقال هناك: فَلَمَّا أَفاقَ وقال ها هنا: ثُمَّ بَعَثْناكُمْ والإفاقة للمغشي عليه، والبعث للميت»
اهـ.
وانظر تفسير المشكل لمكي: ٩٢، وتفسير الماوردي: ١/ ١٠٩، وتفسير البغوي: ١/ ٧٤.

صفحة رقم 96
إيجاز البيان عن معاني القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم محمود بن أبي الحسن (علي) بن الحسين النيسابورىّ الغزنوي
تحقيق
حنيف بن حسن القاسمي
الناشر
دار الغرب الإسلامي - بيروت
سنة النشر
1415 - 1995
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية