آيات من القرآن الكريم

وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ
ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ

على العام وفيه منة عليهم حيث نجوا بنجاتهم مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ اى اتباعه واهل دينه أصله اهل بدليل اهيل خص بالاضافة الى العظماء من الأنبياء والملوك- وفرعون لقب لملك العمالقة وكان فرعون موسى وليد بن مصعب بن الريان عمّر اكثر من اربعمائة سنة- وفرعون يوسف ريان وكان بينهما اكثر من اربعمائة سنة- يَسُومُونَكُمْ يكلفونكم ويذيقونكم- واصل السوم الذهاب في طلب الشيء وقيل معناه يصرفونكم في اصناف العذاب كالابل السائمة في البرية وذلك ان فرعون جعل بنى إسرائيل أصنافا في الأعمال يبنون ويحرثون- ويحملون الأثقال- ويؤدون الجزية والنساء يغزلن لهم سُوءَ الْعَذابِ اى أشده وسواه وهو مصدر ساء يسوء- مفعول ليسومونكم والجملة حال من الضمير في نجينكم- او من ال فرعون- او منهما جميعا يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ بيان ليسومونكم ولذلك لم يذكر بالعطف بل على البدل وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ- قال البغوي وذلك ان فرعون راى في منامه كانّ نارا أقبلت من بيت المقدس وأحاطت بمصروا حرقت لكل قبطى بها ولم يتعرض لبنى إسرائيل فهاله ذلك وسال الكهنة عن رؤياه فقالوا يولد في بنى إسرائيل غلام يكون على يده هلاكك وزوال ملكك- كذا اخرج ابن جرير عن السدى- قال البغوي- فامر فرعون بقتل كل غلام يولد في بنى إسرائيل وجمع القوابل فقال لهن لا يولد غلام من بنى إسرائيل الا قتل ولا جارية الا تركت حتى قيل انه قتل في طلب موسى اثنى عشر الف صبى- وقال وهب- بلغني انه ذبح تسعون الفا «١» - ثم اسرع الموت في مشيخة بنى إسرائيل فدخل رءوس القبط على فرعون وقالوا ان الموت قد وقع في بنى إسرائيل فيذبح صغارهم ويموت كبارهم فيوشك ان يقع العمل علينا فامر فرعون ان يذبحوا سنة ويتركوا سنة فولد هارون في السنة التي لا يذبحون فيها وموسى في السنة التي يذبحون فيها وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ البلاء معناه الاختبار فتارة تكون بالشدة والعذاب يختبر مصابرتهم- وتارة بالنعمة والرخاء يختبر به شكرهم قال الله تعالى- وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً- فالواجب الشكر عند الرخاء والصبر عند الشدة- والمشار اليه بذلكم اما انجاؤهم من ال فرعون فالمراد به الثاني- واما سومهم سوء العذاب فالمراد به الاول مِنْ رَبِّكُمْ بتسليط فرعون او ببعث موسى وتوفيقه تخليصكم عَظِيمٌ (٤٩) صفة بلاء-.
وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فلقناه بدخولكم- وقيل معناه فرقنا لكم وذلك انه لما دنا هلاك فرعون وامر الله موسى ان يسرى ببني إسرائيل امر موسى قومه ان يسيروا بالليل ويسرّجوا

(١) فى الأصل تسعون الف ١٢

صفحة رقم 67

فى بيوتهم- واخرج الله كل ولد زنا في القبط من بنى إسرائيل إليهم وبالعكس والقى الموت على القبط واشتغلوا بدفنهم حتى أصبحوا وطلعت الشمس وخرج موسى في ستمائة الف او اكثر- وكانوا دخلوا مصر مع يعقوب اثنين وسبعين إنسانا- فلما أرادوا السير في الليل ضرب عليهم التيه فلم يدراين يذهبون- فسال مشيخة بنى إسرائيل فقالوا ان يوسف لما حضره الموت أخذ على اخوته عهدا ان لا يخرجوا من مصر حتى يخرجوه معهم فسالهم عن قبره فلم يعلموا فنادى موسى انشد الله كل من يعلم موضع قبر يوسف الا أخبرني به ومن لم يعلم به فصمت أذناه عن قولى- فلم يسمع الا عجوز فقالت لو دللت أتعطيني كل ما سالتك فابى وقال حتى اسئل ربى فامره الله- فقالت لا أستطيع المشي فاخرجنى من مصر وفي الاخرة لا تنزل في غرفة من الجنة الا نزلتها معك قال نعم- قالت «١» انه في جوف النيل فدما الله فحسر عنه فاخرجه في صندوق وحمله ودفنه بالشام- فساروا وموسى على ساقتهم وهارون على مقدمتهم- وامر فرعون قومه ان لا يخرجوا في طلب بنى إسرائيل حتى يصيح الديك فو الله ما صاح ديك تلك الليلة- فخرج فرعون وعلى مقدمته هامان في الف الف وسبعمائة الف- وكان فيهم سبعون الفا من دهم- فسارت بنوا إسرائيل الى البحر والماء في غاية الزيادة- فاذا هم بفرعون حين أشرقت فتحيروا- فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قالَ موسى كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ فاوحى الله اليه أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ وظهر فيه اثنا عشر طريقا بعدد الأسباط وارتفع الماء بين كل طريقين كالجبل وأرسل الله الريح والشمس على قعر البحر حتى يبس الطرق وخاضت كل سبط بنى اسراءيل في طريق ولا يرى بعضهم بعضا بحجاب الماء فخافوا على إخوانهم بالغرق- فاشتبك الماء بإذن الله حتى يرى بعضهم من بعض ويسمع فعبروا سالمين. فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ- وذلك ان فرعون لما راى البحر منفلقا قال هذا من هيبتى حتى أدرك عبيدى الآبقين- وكان فرعون على حصان أدهم ولم يكن في خيل فرعون أنثى فجاء جبرئيل على فرس أنثى فاقتحم البحر فلما اشتم أدهم فرعون ريحها اقتحم البحر في اثرها وهم لا يرونه ولا يملك فرعون من امره شيئا واقتحم الخيول جملة خلفه في البحر وجاء ميكائيل على فرس خلف القوم يسوقهم ويقول الحقوا بأصحابكم حتى خاضوا كلهم وكان بين طرفى البحر اربعة فراسخ وهو بحر قلزم بحر من بحار فارس

(١) فى الأصل قال ١٣

صفحة رقم 68
التفسير المظهري
عرض الكتاب
المؤلف
القاضي مولوي محمد ثناء الله الهندي الفاني فتي النقشبندى الحنفي العثماني المظهري
تحقيق
غلام نبي تونسي
الناشر
مكتبة الرشدية - الباكستان
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية