
ولا يجوز إلا أن تقول قاما، فعلامة التأنيث فيما فيه اللبس كعلامة التثنية ههنا.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٤٩)
موضع إذ نصب، كأنه قال: واذكروا إذ نجيناكم مِنْ آل فرعون، وآلُ
فرعَون أتْبَاعُه ومن كان على دينه، وكذلك آلُ الأنبياءِ صلوات اللَّه عليهم من كان على دينهم، وكذلك قولنا: صلى اللَّه على محمد وآله: معنى آله من اتبعه من أهل بيته وغيرهم، ومعنى خِطابِهمْ هَهنَا تذكيرهم بالنعمة عليهم في أسلَافِهِمْ كما وصفنا.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (يَسُومُونكُمْ سُوءَ العَذابِ).
معنى (يَسُومُونكُمْ) في اللغة. يولونكم، ومعنى سوءَ العذابِ، شديد العذاب، وإن كان العذاب كله سوءًا، فإنما نُكرَ في هذا الموضع لأنه أبلغ ما يعامل به مَرْعِيٌّ.
فلذلك قيل سوءَ العذاب، أي ما يبلغ في الإساءَة ما لا غاية بعده.
وفسره بقوله: (يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ) والقراءَة المجمع عليها - يُذَبِّحُونَ - بالتشديد - ورواية شاذة يَذْبَحُون أبناءَكم، والقراءَة المجمع عليها أبلغ، لأن (يُذَبِّحُونَ) للتكثير، ويَذْبَحُونَ يصلح أن يكون للقليل وللكثير فمعنى التكثير ههنا أبلغ، و (أبناءَكم) جمع ابن، والأصل كأنه إنما جمع بني وبنو ويقال: ابن بيَّن البنوة، فهي تصلح أن تكون "فعَل" و " فِعْل" كأنه أصله بناية، والذين قالوا بنون كأنَّهم جمعوا "بَنا" وبنون، فأبناءُ جمع " فعَل وَفِعْل ".
و"بِنْتٌ" يدل على أنه يَستقيم أن يكون فِعْلًا، ويجوز أن يكون " فَعَل " نقلت إلى " فِعْل " كما نقلت أخت من فَعَل إلى فُعْل، فأمَّا بنات فهو ليس بجمع بنت على لفظها، إنما ردت إلى أصلها فجمعت بنات على أن الأصل في بنت "فِعْله" كأنَّها مما حذفت لامه،

وَالأخفش: يختار أن يكون المحذوف من ابن الواو قال: لأن أكثر ما تحذف الواو بثقلها. والياءُ تحذف أيضاً للثقل.
قال أبو إِسحاق: والدليل على ذلك أن يداً قد أجمعوا على أن
المحذوف منه الياءُ ولهم دليل قاطع على الإِجماع قال: يديت إِليه يداً، ودم
محذوف منه الياءُ، يقال دم ودميان.
قال الشاعر:
فلو أنَّا على حَجَر ذبِخنا... جَرى الدَّميَانِ بالخَبَر اليقينِ
والبنوًة ليست بشاهد قاطع في الواو، لأنهم يقولون الفتوة والفتيان في
التثنية - قال عزَّ وجلَّ: (وَدَخَلَ مَعَهُ السِجْنَ فَتَيانِ).
فابْن يجوز أن يكون المحذوف منه الواو أو الياءُ. وهما عندي متساويان.
وقوله عزَّ وجل: (وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ).