آيات من القرآن الكريم

يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ
ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ

عهد إليهم في ذلك.
وقيل: إنهم كانوا يخبرون الأنصار بصفة محمد ﷺ، ويأمرونهم بالإيمان به، وهم يؤمنون به قبل مبعثه، فلما بعث آمنت به الأنصار، وكفرت به اليهود.
ثم قال تعالى: ﴿أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾.
أي أفلا تعقلون / أن وبال ذلك راجع عليكم.
وأصل العقل المنع. يقال: " عَقَلْتُ نَفْسي عَنْ كَذا " أي مَنَعْتُها، " وَعَقَلْتُ البَعيرَ " إذا ربَطْتَهُ "، وعَقَلْتُ عَنِ الرّجُلِ " إذا لَزِمَتْهُ دِيَّةً فَأَعْطَيْتَها عَنْهُ. فهذا فرق بين عَقَلْتُهُ و " عَقَلْتُ عَنْهُ ".
قوله: ﴿بالصبر والصلاة﴾.
الصبر الصيام. وأصل الصيام الحبس.
وقيل: معناه اصبروا على ما تكرهه نفوسكم من الطاعة والعمل.
وفي رواية أبي صالح عن ابن عباس: " معناه بالصبر على أداء الفرائض،

صفحة رقم 253

وبالصلاة على تمحيص الذنوب ".
وقال مقاتل: " معناه استعينوا بهما على طلب الآخرة ".
وقال مجاهد وغيره: " الصبر الصوم ".
وقيل: معناه: أصبروا أنفسكم عن المعاصي، أي أحبسوها.
وذكر الصلاة ها هنا لما فيها من الذكر والخشوع. وكان رسول الله [ ﷺ] " إذا حَزَبَهُ أمْرٌ فَزَعَ إِلى الصَّلاةِ " وقال الله: ﴿إِنَّ الصلاة تنهى عَنِ الفحشآء والمنكر﴾ [العنكبوت: ٤٥] فهي مما / يستعان بها على / ترك المعاصي وفعل الخير / كله.
وكان ابن عباس إذا أصيب بمصيبة توضأ، وصلى ركعتين ثم قال: " اللهم قد فعلنا ما أمرتَنا فأنجز لنا ما وعدتَنا ".
وقال أبو العالية: " معناه واستعينوا بالصبر والصلاة على مرضاة الله، فإنهما من

صفحة رقم 254

طاعته ".
قوله: ﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ﴾.
إنما وُحِّد، وأتى بضمير الصلاة لأن المعنى قد عرف، وكانت الصلاة أولى لقربها و " لجمعها الخير "، ولأنها أقرب إلى الضمير.
وقيل: المعنى: وإن إجابة محمد ﷺ لكبيرة، فالهاء تعود على إجابته / لأن الصبر والصلاة مما كان يدعو إليه ويأمر به.
ومعنى " كبيرة " ثقيلة شديدة، إلا على الخاشعين وإلا على الذين هدى الله.
والخاشع الخائف من الله. وأصله التواضع، والتذلل، والاستكانة.
وقيل: الهاء في " إنها " تعود على تولية الكعبة.
وقيل: تعود على الاستعانة ودل عليه " استعينوا ".
قوله: ﴿عَلَى العالمين﴾.

صفحة رقم 255

أي على عالم [أهل ذلك الزمان] وذلك أنه فضلهم بالرسل والكتب.
قوله: ﴿يَظُنُّونَ﴾. معناه: يوقنون.
والهاء في " إليه " تعود على اللقاء.
وقيل: على الله جل ذكره.
قوله: ﴿لاَّ تَجْزِي﴾.
أي لا تقضي، " جزى عني الشيء "، قضى، و " أجزأني، كفاني، مهموز.
وقيل: هما بمعنى واحد. وأصل الجزاء القضاء والتعويض.
قوله: ﴿نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ﴾.
أي لا تقضي ولا تغني. وهي خاصة لقول النبي [عليه السلام]: " شَفاعَتي لأَهْلِ الكَبائِرِ مِنْ أُمَّتِي ".
ولقوله: " لَيْسَ مِنْ نَبِيّ، إلاّ وقَدْ أُعْطِيَ دَعْوَةً، وإِنّي اخْتَبأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً

صفحة رقم 256

لأِمَّتِي وَهِيَ نائِلَة مِنْهُم مَنْ لا يُشْرِكُ بِالله شَيْئاً ".
فألفاظ الآية عامة، ومعناها الخصوص، هي في الكفار خاصة، وفي هذه الآية رد على اليهود لأنهم زعموا أنهم لا يعذبون يوم القيامة لأنهم أبناء الأنبياء، وأن آباءهم يشفعون لهم عند الله، فرد الله ذلك عليهم في هذه الآية.
قوله: ﴿مِنْهَا عَدْلٌ﴾.
أي: فداء.
وعن ابن عباس: " عدل: بدل ".
وعن النبي ﷺ: " العَدْلُ: الفِدْيَةُ ".
وقولهم: " لا يقبل منه، صرف ولا عدل ".
وقيل: العدل: الفدية، والصرف: الحيلة. قاله ابن السكيت.
وقال المازني: " العدل: الفريضة، والصرف: النافلة ".

صفحة رقم 257

وقيل: للفدية: عدل، لأنها مثل الشيء، وأصل " عدل الشيء " مثله. والعِدل - بكسر العين - ما حُمل على الظهر. يقال: " عِنْدي غلامٌ عِدْلُ غُلامِكَ، وَشاةٌ عِدْلُ شاتِكَ "، بِكسر العين، إذا كان أحدهما يعدل الآخر. وكذلك يفعل في كل شيء يماثل الشيء من جنسه فإن أردت أن عندك / قيمته من غير جنسه فتحت العين فقلت: " عِنْدي عَدْلُ غُلاَمِكَ وَعَدْلُ شاتِكَ ". أي قيمتها بفتح العين.
وروي في " العدل " الذي بمعنى الفدية كسر العين لغة.
والضمير في " ولاَّهُمْ " يعود على الكفار لأن النَّفْسَين [المذكورتين تدلان] على ذلك.
وقيل: تعود على النفسين لأنهما بمعنى الجمع لم يقصد بهما قصد نفسين بأعيانهما ولأن التثنية أول الجمع، فهي جمع.

صفحة رقم 258

قوله: ﴿وآلِ فِرْعَوْنَ﴾.
أصله: أهله، وترجع الهاء في التصغير. وجمعه آلون.
وجمع " آل " الذي هو السراب " أَأْوالٌ " كمالٍ وأمْوالٍ.
و" آل " المختار فيه ألا يضاف إلا إلى الأسماء المشهورة نحو آل هشام وآل محمد ﷺ فإن أضفته إلى البلدان والأرضين لم يجز عند جماعة من أهل العربية واللغة / لا يقال: آل المدينة ولا آل مصر، وإنما يقال بالهاء، حكاها الكسائي.
وسمع الأخفش آل المدينة وآل مكة نادران لا يقاس عليهما.
واسم فرعون الوليد بن مصعب.
وقيل: مصعب بن الريان، وهو اسم كانت ملوك العمالقة تتسمى به. وكانت ملوك الروم تتسمى قيصراً وهِرقلاً، وملوك فارس تتسمى كسرى،

صفحة رقم 259

وملوك اليمن تُبَّع ".
قال مجاهد: " فرعون موسى فارسي من أهل اصطخر قدم مصر فكان بها ".
قوله: ﴿يَسُومُونَكُمْ﴾ أي: يوردونكم. وقيل: يذيقونكم.
وقيل: يولونكم. وقيل: يصرفونكم في العذاب مرة كذا، مرة كذا.
والعذاب هنا هو استخدام القبط الرجال من بني إسرائيل وقتل الأبناء؛ روي عن ابن عباس أنه قال: " ذكر فرعون ما وعد الله خليله إبراهيم ﷺ أنه يجعل من ذريته / أنبياء ملوكاً، فأجمع رأيه مع أصحابه على أن يذبح / كل مولود ولد في بني إسرائيل ففعل ثم رأى أن الكبار يموتون بآجالهم والصغار يذبحون فخاف أن يضطر إلى أن يتولى الخدمة بنفسه ويغني الناس فأمر أن يقتل الصغار سنة ويدعوهم سنة، فحملت أم موسى بهارون في العام الذي لا ذبح فيه، فولدته علانية، [وحملت] في العام المقبل بموسى ﷺ.

صفحة رقم 260

وذكر عكرمة عن ابن عباس قال: " قالت الكهنة لفرعون: إنه يولد في هذا العام مولود يذهب بملكك. فجعل فرعون على كل ألف امرأة مائة رجل، وعلى كل مائة عشرة وعلى كل عشرةٍ رجلاً، وأمرهم بذبح الذكور إذا وضعن.
وقال السدي: " كان ذلك من فرعون لرؤيا رآها، فعُبِّرت له أن يكون من بيت المقدس مولود يكون خراب مصر على يديه. فأمر بذبح الغلمان / واستخدام الآباء تحت أيدي القبط، فأسرع الموت في مشيخة / بني إسرائيل، فدخل كبراء القبط على فرعون فقالوا له: إن هؤلاء القوم يسرع فيهم الموت فيوشك أن تبقى بغير خدمة، فأمر بذبح الذكور سنة وبتركهم سنة ".
قوله: ﴿بلاء مِّن رَّبِّكُمْ﴾.
أي نعمة إذ نجاكم مما كنتم فيه.
وقيل: معناه اختبار لكم من ربكم.

صفحة رقم 261
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية