آيات من القرآن الكريم

يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ
ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ

فلما سمعها الواعظ شهق شهقة فخر من فرسه مغشيا عليه فحملوه الى بيته فتوفى الى رحمة الله تعالى: قال الحافظ

واعظان كين جلوه در محراب ومنبر ميكنند چون بخلوت ميروند آن كار ديكر ميكنند
مشكلى دارم ز دانشمند مجلس باز پرس توبه فرمايان چرا خود توبه كمتر ميكنند
قال رسول الله تعالى عليه وسلم (ليلة اسرى بي مررت على ناس تقرض شفاههم بمقاريض من نار فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الخطباء من أمتك يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم يجزون نصيبهم في نار جهنم فيقال لهم من أنتم فيقولون نحن الذين كنا نأمر الناس بالخير وننسى أنفسنا) قال الأوزاعي شكت النواويس الى الله تعالى ما تجده من جيف الكفار فاوحى الله إليها بطون العلماء السوء أنتن مما أنتم فيه وفي الحديث (ما من عبد يخطب خطبة الا والله تعالى سائله عنها يوم القيامة ما أراد بها) قال الشيخ افتاده افندى لو ان واعظا يرى نفسه خيرا من المستمعين يشكل الأمر كذا إذا لم يكن من يصغى الى كلامه مساويا لمن يلطم على قفاه يشكل الأمر فلذلك قال عليه السلام (كم من واعظ يلعب به الشيطان) اللهم الا ان يقول ينتفع منى المسلمون وان كنت معذبا في النار فهو نوع فناء لكن يخاف ان يجد حظه في ضمنه وقال ايضا من كان يعظ الناس اما ان يعتقد انهم يعرفون ما يعرفه او يعتقد انهم لا يعرفون ما يعرفه فعلى الاول لا يحتاج الى وعظه وعلى الثاني قد اثبت لهم جهلا ولنفسه فضلا عليهم فهو محض كبر وبالجملة حيل النفس كثيرة لا تتيسر النجاة منها الا بمحض لطف الله تعالى وادنى الحال ان يلاحظ قوله عليه السلام (ان الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاسق) فما دام لم يصل السالك الى الحقيقة لا يتخلص من الورطة قال عليه الصلاة والسلام (الناس كلهم سكارى الا العالمون) الحديث والمخلصون على خطر عظيم وانما الا من للمخلص بالفتح وهو الواصل الى التوحيد الحقيقي الفاني عن القهر والكرم الخارج عن حد الوجود والعدم وهو الفناء الكلى وهم الذين اريدوا بقوله تعالى إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ ولا بد من رعاية الشريعة في جميع المراتب فان الكمال فيها والا فهو ناقص ولذلك ان المجاذيب لا يخلون عن النقصان ألا يرى ان الأنبياء عليهم السلام لم يسمع عن واحد منهم عروض السفه والجنون فالكامل في مرتبة الكمال يكون كامل العقل حتى يحس بصرير الباب في حال استغراقه اللهم أوصلنا الى الكمال وَاسْتَعِينُوا يا بنى إسرائيل على قضاء حوائجكم بِالصَّبْرِ اى بانتظار الظفر والفرج توكلا على الله تعالى او بالصوم الذي هو صبر عن المفطرات لما فيه من كسر الشهوة وتصفية النفس وَالصَّلاةِ اى التوسل بالصلاة والالتجاء إليها حتى تجابوا الى تحصيل المآرب وجبر المصائب كانهم اى بنى إسرائيل لما أمروا بما شق عليهم لما فيه من ترك الكلفة وترك الرياسة والاعراض عن المال عولجوا بذلك روى انه عليه السلام كان إذا حزبه امر فرع الى الصلاة وروى ان ابن عباس رضى الله عنهما نعى له بنت وهو في سفر فاسترجع وقال عورة سترها الله ومؤونة كفاها الله واجر ساقه الله ثم تنحى عن الطريق وصلى ثم انصرف الى

صفحة رقم 124

كما في تفسير القرطبي وقال في التأويلات النجمية وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ عن شهوات النفس ومتابعة هواها وَالصَّلاةِ اى دوام الوقوف والتزام العكوف على باب الغيب وحضرة الرب وَإِنَّها اى الاستعانة بهما لَكَبِيرَةٌ امر عظيم وشأن صعب إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ وهم الذين تجلى الحق لاسرارهم فخشعت له أنفسهم كما قال عليه الصلاة والسلام (إذا تجلى الله لشئ خضع له) وقال وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً فالتجلى يورث الالفة مع الحق ويسقط الكلفة عن الخلق الَّذِينَ يَظُنُّونَ اى يوقنون بنور التجلي أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ انهم يشاهدون جمال الحق وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ بجذبات الحق التي كل جذبة منها توازى عمل الثقلين يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا اشكروا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ بها عَلَيْكُمْ بانزال المن والسلوى وتظليل الغمام وتفجير الماء من الحجر وغيرها وذكر النعم على الآباء الزام الشكر على الأبناء فانهم يشرفون بشرفهم ولذلك خاطبهم فقال تعالى فضلتكم ولم يقل فضلت آبائكم لان في فضل آبائهم فضلهم وَاذكروا أَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ من عطف الخاص على العام للتشريف اى فضلت آباءكم على عالمى زمانهم بما منحتهم من العلم والايمان والعمل الصالح وجعلتهم أنبياء وملوكا مقسطين وهم آباؤهم الذين كانوا في عصر موسى عليه السلام وبعده قبل ان يغيروا وهذا كما قال في حق مريم وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ اى نساء زمانك فان خديجة وعائشة وفاطمة أفضل منها فلم يكن لهم فضل على امة محمد ﷺ قال تعالى في حقهم كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ كما في التيسير فالاستغراق في العالمين عرفى لا حقيقى قال بعضهم من آمن من اهل الكتاب بمحمد ﷺ كانت له فضيلة على غيره وكان له أجران اجر إيمانه بنبيه واجر اتباعه لمحمد ﷺ وقد روى عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (ثلاثة يعطيهم الله الاجر مرتين من اشترى جارية فاحسن تأديبها فاعتقها وتزوجها وعبد أطاع سيده وأطاع الله ورجل من اهل الكتاب أدرك النبي ﷺ فآمن به) قال القشيري اشهد الله بنى إسرائيل فضل أنفسهم فقال فضلتكم على العالمين واشهد محمدا ﷺ فضل ربه فقال قل بفضل الله وبرحمته وشتان بين من مشهوده فضل نفسه وبين من مشهوده فضل ربه وشهوده فضل نفسه قد يورث الاعجاب وشهوده فضل ربه يورث الإيجاب ثم ان اليهود كانوا يقولون نحن من أولاد ابراهيم خليل الرحمن ومن أولاد اسحق ذبيح الله والله تعالى يقبل شفاعتهما فينا فرد الله عليهم فانزل هذه الآية وقال وَاتَّقُوا اى واخشوا يا بنى إسرائيل يَوْماً يوم القيامة اى حساب يوم او عذاب يوم فهو من ذكر المحل وارادة الحال لا تَجْزِي اى لا تقتضى فيه ولا تؤدى ولا تغنى فالعائد محذوف والجملة صفة يوم نَفْسٌ مؤمنة عَنْ نَفْسٍ كافرة شَيْئاً ما من الحقوق التي لزمت عليها وهو نصب على المفعول به وإيراده منكرا مع تنكير النفس للتعميم والاقناط الكلى قال تعالى لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ وكيف تنفع وقد قال يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ الآية: قال في المثنوى

صفحة رقم 126

وهذا في حق الكفار فاما المؤمن فقد استثناه فقال يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ اى خال عن الشرك وَلا يُقْبَلُ مِنْها اى من النفس الاولى المؤمنة شَفاعَةٌ ان شفعت للنفس الثانية الكافرة عند الله لتخليصها من عذابه والشفاعة مصدر الشافع والشفيع وهو طالب قضاء حاجة غيره مأخوذ من الشفع لانه يشفع نفسه بمن يشفع له في طلب مراده ولا شفاعة في حق الكافر بخلاف المؤمن قال النبي عليه السلام (شفاعتى لاهل الكبائر من أمتي) فمن كذب بها لم ينلها والآيات الواردة في نفى الشفاعة خاصة بالكفار وَلا يُؤْخَذُ مِنْها اى من المشفوع لها وهي النفس الثانية العاصية عَدْلٌ اى فداء من مال او رجل مكانها او توبة تنجو بها من النار والعدل بالفتح مثل الشيء من خلاف جنسه وبالكسر مثله من جنسه وسمى به الفدية لانها تساويه وتماثله وتجرى مجراه وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ اى يمنعون من عذاب الله تعالى ومن أيدي المعذبين فلا نافع ولا شافع ولا دافع لهم والضمير لما دلت عليه النفس الثانية المنكرة الواقعة في سياق النفي من النفوس الكثيرة والتذكير لكونها عبارة عن العباد والأناسي والنصرة هاهنا أخص من المعونة لاختصاصها بدفع الضرر ثم هذه الآية في غاية البلاغة فانها جمعت ذكر الوجوه التي بها يتخلص المرء من النكبة التي أصابته في الدنيا وهي اربع ينوب عنه غيره في تحمل ما عليه او يفتدى بمال فيخلص منها او يشفع له شافع فيوهب له او ينصره ناصر فيمنعه فقطعها الله عنهم جميعا وعن عكرمة انه قال ان الوالد ليتعلق بولده يوم القيامة فيقول يا بنى انى اب لك في الدنيا وقد احتجت الى مثقال حبة من حسناتك لعلى أنجو بها مما ترى فيقول له ولده انى أتخوف مثل الذي تخوفت أنت فلا أطيق ان أعطيك شيأ ثم يتعلق بزوجته فيقول لها فلانة انى زوج لك في الدنيا فتثنى عليه خيرا فيقول لها انى اطلب منك حسنة واحدة تهبينها لى لعلى أنجو مما ترين فتقول لا أطيق ذلك انى تخوفت مثل الذي تخوفت منه فيقول الله وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى يعنى من أثقلته الذنوب لا يحمل أحد من ذنبه شيأ: قال السعدي

چون يفر المرء آيد من أخيه يهرب المولود يوما من أبيه
زان شود هر دوست آن ساعت عدو كه بت تو بود واز ره مانع او
برفتند هر كس درود آنچهـ كشت نماند بجز نام نيكو وزشت
بر آن خورد سعدى كه بيخى نشاند كسى برد خرمن كه تخمى فشاند
وفي التأويلات النجمية يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ظاهره عام وباطنه خاص مع قوم منهم قد علم الله فيهم خيرا فاسمعهم خطابه في السر فذكروا نعمته التي أنعم بها عليهم وهي استعداد قبول رشاش نوره يوم خلق الله الخلق في ظلمة ثم رش عليهم من نوره فآمنوا بمحمد عليه السلام من خاصية قبول ذلك الرشاش كما قال عليه السلام (فمن أصابه ذلك النور فقد اهتدى ومن اخطأه فقد ضل) وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ اى بهذه النعمة اى فضلتكم مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين بهذه النعمة عند رش النور على من لم يصبهم ذلك النور من العالمين وَاتَّقُوا يَوْماً اى عذاب يوم يخوف الله العام بأفعاله كما قال واتقوا النار إلخ ويخوف الخاص بصفاته كقوله إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ وقوله لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ ويخوف خاص الخاص بذاته

صفحة رقم 127
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية