وبالجملة، فلما جاء القضاء ضاق الفضاء، فلم يمس بعد أن كان مسجود الملك مرفوع السماك إلى السماك مشمول الرعاية موفور العناية حتى نزع عنه لباس الأمن والفراغ، وبدل باستئناسه الاستيحاش، تدفعه الملائكة بعنف أن اخرج من غير مكث ولا بحث، فأزلتهما يد التقدير بحسن التدبير، وكان الشيطان المسكين كذئب يوسف لطخ خرطومه بدم نصح، فلما وقعا من القربة في الغربة، ومن الألفة في الكلفة لما ذاقا من شجرة المحبة المورثة للمحنة استوحشا من كل شيء، واتخذا عدوّا بعضكم لبعض عدو، وهكذا شرط المحبة عداوة ما سوى المحبوب. فكما أن ذاته لا تقبل الشركة في التعبد، كذلك لا تقبل الشركة في المحبة. فلما استقرت حبة المحبة في أرض قلب آدم جعل الأرض مستقر شخصه ليتمتع بتربية بذر المحبة بماء الطاعة والتكليف إلى حين إدراك ثمرة المعرفة وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: ٥٦]
وقال ﷺ «إن داود قال: يا رب لم خلقت الخلق؟ فقال: كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لأعرف».
ثم إنه بعد ما ابتلي بالهبوط بشره بأن وحيه لا ينقطع وهدايته لا ترتفع، وإن من ربى بذر المحبة بماء الطاعة والطباعة فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ في المستقبل وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما مضى من الهبوط إلى الأرض، لأنهم يرجعون بجذبات العناية والهداية إلى ذرى حظائر القدس وبالله التوفيق.
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٤٠ الى ٤٦]
يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٤٠) وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (٤١) وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤٢) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣) أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٤٤)
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخاشِعِينَ (٤٥) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (٤٦)
القراآت:
إِسْرائِيلَ بغير همزة حيث كان: يزيد وحمزة في الوقف نِعْمَتِيَ وكذلك ما بعدها ساكنة الياء: أبو زيد عن المفضل فَارْهَبُونِ فَاتَّقُونِ بالياء في الحالين:
يعقوب، وكذلك كل ياء محذوفة في الخط عند رأس الآية. وروى مسيح بن حاتم وابن دريد عن سهل وعباس بالياء في الوصل. أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ ممالة: قتيبة وأحمد بن فرج
الوقوف:
فَارْهَبُونِ (هـ) ربع الجزء. كافِرٍ بِهِ (ص) لاتفاق الجملتين وعلى قَلِيلًا أجوز لاختلاف النظم بتقديم المفعول. فَاتَّقُونِ (هـ) تَعْلَمُونَ
(هـ) الرَّاكِعِينَ (هـ) الْكِتابَ (ط) تَعْقِلُونَ (هـ) الصَّلاةِ (ط) الْخاشِعِينَ (لا) لأن «الذين» صفتهم. راجِعُونَ
التفسير:
أنه تعالى لما أقام دلائل التوحيد والنبوة والمعاد، ثم ذكر الإنعامات العامة للبشر ومن جملتها خلق آدم إلى تمام قصته، أردفها الإنعامات الخاصة على أسلاف اليهود، إلانة لشكيمتهم واستمالة لقلوبهم وتنبيها على نبوة محمد ﷺ من حيث كونه إخبارا بالغيب مدرجا في مطاوي ذلك ما يرشدهم إلى أصول الأديان ومكارم الأخلاق، وإسرائيل هو يعقوب بن إسحق بن إبراهيم عير منصرف للغلمية والعجمية المعتبرة لقب له، ومعناه صفوة الله. وقيل: عبد الله، لأن «إسر» بالعبرية هو العبد، «وإيل» الله. وقوله يا بَنِي إِسْرائِيلَ خطاب مع جماعة اليهود الذين كانوا بالمدينة من ولد يعقوب في أيام محمد صلى الله عليه وسلم. وحد النعمة وما يتعلق بها قد سبق في تفسير الفاتحة. والعائد من الصلة محذوف أي أنعمت بها عليكم. قال بعض العارفين: عبيد النعم كثيرة، وعبيد المنعم قليلون، فإن الله تعالى ذكر بني إسرائيل نعمه عليهم، ولما آل الأمر إلى أمة محمد ﷺ ذكرهم المنعم فقال فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [البقرة: ١٥٢] عن ابن عباس أنه قال: من نعمه تعالى على بني إسرائيل أن نجاهم من آل فرعون، وظلل عليهم في التيه الغمام، وأنزل عليهم المن والسلوى، وأعطاهم الحجر الذي كان يسقيهم ما شاءوا، وأعطاهم عمودا من النور أضاء لهم بالليل، وكانت رؤوسهم لا تتشعت وثيابهم لا تبلى، وفي تذكير هذه النعم فوائد: منها أن فيها ما يشهد بصدق محمد ﷺ وهو التوراة والإنجيل والزبور. ومنها أن كثرة النعم توجب عظم المعصية، فذكرهم إياها ليحذروا مخالفة ما دعوا إليه من الإيمان بمحمد ﷺ والقرآن. ومنها أن تذكر النعم الكثيرة يوجب الحياء من إظهار المخالفة. ومنها أن كثرة النعم تفيد أن المنعم خصهم بها من بين سائر الناس، ومن خص أحدا بنعم كثيرة فالظاهر أنه لا يزيلها عنهم كما قيل: إتمام المعروف خير من ابتدائه. فتذكير النعم السالفة مطمع في النعم الآتية، وذلك الطمع يمنع من إظهار المخالفة والمخاصمة. والنعمة على الآباء نعمة على الأبناء إذ لولاها لم يبق نسلهم، ولأن الانتساب إلى آباء خصهم الله تعالى بنعم الدين والدنيا نعمة عظيمة في حق الأولاد، ولأنهم إذا علموا أن آباءهم إنما خصوا بهذه النعم لمكان طاعتهم والإعراض عن الكفر والجحود، رغبوا في هذه الطريقة لأن الابن مجبول على اتباع الأب «من أشبه أباه فما ظلم». والعهد يضاف إلى المعاهد والمعاهد جميعا. يقال: أوفيت بعهدي أي بما عاهدتك عليه، وأوفيت بعهدك أي بما عاهدتك عليه. والمعنى: أوفوا بما عاهدتموني عليه من الإيمان بي والطاعة لي أوف بعهدكم أي أرض عنكم وأدخلكم الجنة حكاه الضحاك عن ابن
عباس. وتحقيقه في قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ [التوبة: ١١١] وقيل: المراد من هذا العهد ما أثبته في الكتب المتقدمة من صفة محمد ﷺ وأنه سيبعثه، وإليه الإشارة في قوله وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً إلى قوله وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ [المائدة: ١٢] وفي الأعراف فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ [الأعراف: ١٥٦] الآية.
وفي آل عمران وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ [آل عمران: ٨١] وفي الصف وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ [الصف: ٦] وعن ابن عباس: إن الله كان عهد إلى بني إسرائيل في التوراة أني باعث من بني إسماعيل نبيا أميا، فمن تبعه وصدق بالتوراة الذي يأتي به أي بالقرآن غفرت له ذنبه وأدخلته الجنة وجعلت له أجرين، أجرا باتباع ما جاء به موسى وجاءت به سائر أنبياء بني إسرائيل، وأجرا باتباع ما جاء به محمد ﷺ النبي الأمي الذي من ولد إسماعيل وتصديق هذا في القرآن يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ [الحديد: ٢٨].
وعن أبي موسى الأشعري مرفوعا «ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين:
رجل من أهل الكتاب آمن بعيسى ثم آمن بمحمد ﷺ فله أجران، ورجل أدّب أمته فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران، ورجل أطاع الله وأطاع سيده فله أجران» «١»
فإن قيل: لو كان الأمر كما قلتم، فكيف يجوز من جماعتهم جحده صلى الله عليه وسلم؟
قلنا: إما لأن هذا العلم به ﷺ كان حاصلا عند العلماء بكتبهم ولم يكن لهم عدد كثير فجاز منهم كتمانه صلى الله عليه وسلم، وإما لأن ذلك النص كان نصا خفيا لعدم تعيين الزمان والمكان بحيث يعرفه كل أحد، فجاز وقوع الشكوك والشبهات فيه. جاء في الفصل التاسع من السفر الأول من التوراة: أن هاجر لما غضبت عليها سارة تراءى لها ملك لله تعالى. فقال لها: يا هاجر أين تريدين؟ قالت: أهرب من سيدتي سارة. فقال: ارجعي إلى سيدتك واخفضي لها فإن الله سيكثر زرعك وذريتك، وستحبلين وتلدين ابنا تسميه إسماعيل، من أجل أن الله سمع خشوعك، وهو يكون عينا بين الناس وتكون يده فوق الجميع، ويد بجميع مبسوطة إليه بالخضوع. فقيل: هذا الكلام خرج مخرج البشارة لأنهم كانوا قبل الإسلام محصورين في البادية لا يتجاسرون على الدخول في أوائل العراق وأوائل الشام إلا على أتم خوف، فلما جاء الإسلام استولوا على الخافقين بالإسلام ومازجوا الأمم ووطئوا بلادهم ومازجتهم الأمم وحجوا بيتهم ودخلوا باديتهم بسبب مجاورة الكعبة.
وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ فلا تنقضوا عهدي وهو من قولك: زيد أرهبته أي زيدا رهبت رهبته بتقديم المفعول للاختصاص. فتقديره: وإياي ارهبوا فارهبون. وهو أوكد في إفادة الاختصاص من إِيَّاكَ نَعْبُدُ [الفاتحة: ٤] لمكان الفاء المؤذنة بتلازم ما قبلها وما بعدها.
أي إن كنتم راهبين شيئا فارهبون. ومن قبل التكرير ولأجل الإضمار والتفسير. والرهبة هي الخوف، والخوف إما من العقاب وهو نصيب أهل الظاهر، وإما من الجلال وهو وظيفة أرباب القلوب، والأول يزول، والثاني لا يزول. ومن كان خوفه في الدنيا أشد كان أمنه يوم القيامة أكثر وبالعكس.
يروى أنه ينادي مناد يوم القيامة: وعزتي وجلالي أني لا أجمع على عبدي خوفين ولا أمنين، من أمنني في الدنيا خوفته يوم القيامة، ومن خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة.
قوله وَآمِنُوا معطوف على اذْكُرُوا والمراد بِما أَنْزَلْتُ القرآن ومُصَدِّقاً حال مؤكدة من الراجع المحذوف وفيه تفسيران: أحدهما أن في القرآن أن موسى وعيسى حق، والتوراة والإنجيل حق، والتوراة أنزل على موسى، والإنجيل على عيسى، فكان الإيمان بالقرآن مؤكدا للإيمان بالتوراة والإنجيل والثاني أنه حصلت البشارة بمحمد ﷺ وبالقرآن في التوراة والإنجيل، فكان الإيمان بمحمد والقرآن تصديقا للتوراة والإنجيل، والتكذيب بمحمد ﷺ والقرآن تكذيبا لهما، وفي هذا التفسير دلالة على نبوة محمد ﷺ من جهة أن شهادة كتب الأنبياء لا تكون إلا حقا، ومن جهة أنه ﷺ أخبر عن كتبهم ولم يكن له ﷺ معرفة بذلك الأمر قبل الوحي وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ ﷺ أي أوّل من كفر به صلى الله عليه وسلم، أو أوّل فريق أو فوج كافر به صلى الله عليه وسلم، أو ولا يكن كل واحد منكم أوّل كافر به كقوله «كسانا حلة» أي كل واحد منا.
(وهاهنا سؤالان) الأول: كيف جعلوا أوّل من كفر به ﷺ وقد سبقهم إلى الكفر به ﷺ مشركو العرب؟ وفي الجواب وجوه: الأوّل: انه تعريض وأنه كان يجب أن يكونوا أول من يؤمن به ﷺ لمعرفتهم به ﷺ وبصفته، ولأنهم كانوا المبشرين بزمان محمد ﷺ والمستفتحين به على الذين كفروا، وكانوا يعدّون أتباعه أولى الناس كلهم. فلما بعث كان أمرهم على العكس فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ [البقرة: ٨٩]. والثاني: ولا تكونوا مثل أوّل كافر به يعني من أشرك من أهل مكة أي ولا تكونوا- وأنتم تعرفونه ﷺ موصوفا في التوراة- مثل من لم يعرفه ﷺ لأنه لا كتاب له. الثالث: وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ من أهل الكتاب، لأن هؤلاء كانوا أول من كفر به وبالقرآن من بني إسرائيل. الرابع وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ يعني بكتابكم. يقول ذلك لعلمائهم، لأن تكذيبكم بمحمد ﷺ يوجب تكذيبكم بكتابكم. الخامس: المراد بيان تغليظ كفرهم، وذلك أن السابق الى الكفر كفره
غليظ
«من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها» «١»
والكافر عن دليل ومعرفة بما يوجب الإيمان كفره أغلظ ممن كفر ولا دليل له على الإيمان، فاشتركا من هذا الوجه، فصح إطلاق أحدهما على الآخر. السادس: ولا تكونوا أوّل من جحد مع المعرفة. السابع:
أوّل فريق كفر من اليهود لأن النبي ﷺ قدم المدينة وبها قريظة والنضير، فكفروا ثم تتابعت سائر اليهود على ذلك الكفر. الثامن: ولا تكونوا أول الكافرين به ﷺ عند سماعكم بذكره صلى الله عليه وسلم، بل تثبتوا وراجعوا عقولكم فيه صلى الله عليه وسلم.
السؤال الثاني: كأنه يجوز لهم الكفر إذا لم يكونوا أوّل الجواب ليس في ذكر الشيء دلالة على أن ما عداه بخلافه. وأيضا في قوله وَآمِنُوا دلالة على أن كفرهم أولا وآخرا محظور. وأيضا قوله وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا لا يدل على إباحة ذلك بالثمن الكثير.
وقوله رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها [الرعد: ٢] لا يدل على وجود عمد لا نراها فكذلك هاهنا. قال المبرد: هذا الكلام خطاب لقوم خوطبوا به قبل غيرهم، فقيل لهم:
لا تكفروا بمحمد ﷺ فإنه سيكون بعدكم كفار، فلا تكونوا أنتم أول الكفار فإنه يكون عليكم وزر من كفر إلى يوم القيامة. والاشتراء استعارة للاستبدال كما قلنا في اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى [البقرة: ١٦] أي لا تستبدلوا بآياتي ثمنا قليلا، وإلا فالثمن هو المشترى به، والثمن القليل هو الرياسة التي كانت لهم في قومهم. خافوا عليها لفوات لو تبعوا دين الإسلام.
وقيل: الثمن هو الرشا التي يأخذها علماؤهم على تحريف الكلم عن مواضعه وتسهيلهم لهم ما صعب عليهم من الشرائع وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ مثل وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ وقيل: الاتقاء إنما يكون عند الجزم الجزم بحصول ما يتقى عنه، فكأنه أمرهم بالرهبة. على أن جواز العقاب قائم، ثم أمرهم بالتقوى على أن يقين العقاب قائم.
قوله وَلا تَلْبِسُوا أمر بترك الإغواء والإضلال كما أن قوله وَآمِنُوا أمر بترك الكفر والضلال. ولإضلال الغير طريقان: لأنه إن سمع الدلائل فإضلاله بتشويشها عليه، وإن لم يسمعها فإضلاله بكتمانها ومنعه من الوصول إليها. فقوله وَلا تَلْبِسُوا إشارة إلى القسم الأول، وقوله وَتَكْتُمُوا المجزوم بلا المقدرة للنهي عطفا على المنهي قبله إشارة إلى القسم الثاني. والباء التي في بِالْباطِلِ إما للوصل كما في قولك «لبست الشيء بالشيء» خلطته به، فكان المعنى: ولا تكتبوا في التوراة ما ليس منها فيختلط الحق المنزل بالباطل
الذي كتبتم حتى لا يميز بينهما. وإما للاستعانة كما في «كتبت بالقلم» فالمعنى: ولا تجعلوا الحق ملتبسا بباطلكم وهو الشبهات التي توردونها على السامعين. وذلك أن النصوص الواردة في التوراة والإنجيل في أمر محمد ﷺ كانت نصوصا خفية يحتاج في معرفتها إلى الاستدلال، ثم إنهم كانوا يجادلون فيها ويشوّشون وجه الدلالة على المتأملين كقوله وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ [غافر: ٥] قيل: ويجوز أن يكون وَتَكْتُمُوا منصوبا بإضمار «أن»، والواو بمعنى الجمع أي لا تجمعوا لبس الحق بالباطل وكتمان الحق نحو «لا تأكل السمك وتشرب اللبن». قلت: هذا التقدير يوهم أن يكون المحظور هو الجمع بين الأمرين كالجمع بين أكل السمك وشرب اللبن حتى لو أتى بكل منهما منفردا عن الآخر جاز، اللهم إلا أن يحال ذلك على القرينة كما في قوله وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً [الدهر: ٢٤] إذ لا يجوز أن يريد أطع أحدهما لقرينة الإثم والكفر. وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ما في إضلال الخلق من الضرر العظيم العائد عليكم يوم القيامة
«من سن سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها» «١»
والنهي عن اللبس والكتمان وإن قيد بالعلم لم يدل على جوازهما حال عدم العلم، لأن السبب في ذكره أن الإقدام على الفعل الضار مع العلم بكونه ضارا أفحش من الإقدام عليه عند الجهل بكونه ضارا، والنهي وإن كان خاصا لكنه عام، فكل عالم بالحق يجب عليه إظهاره ويحرم عليه كتمانه. ثم لما أمرهم بذكر نعمته وبالإيمان برسوله وكتابه ونهاهم عن اللبس والكتمان، بين لهم ما لزمهم من أصول الشرائع فقال وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ أي التي عرفتموها بوصف النبي، بناء على أنه لا يجوز تأخير بيان المجمل عن وقت الخطاب. وأما القائلون بجواز التأخير فقد جوزوا ورود الأمر بالصلاة وإن لم يعرف حقيقتها، ويكون المقصود أن يوطن السامع نفسه على الامتثال وإن كان لا يعلم أن المأمور به ما هو كما لو قال السيد لعبده: إني آمرك غدا بشيء فلا بد أن تفعله. ويكون الغرض أن يعزم العبد في الحال على أدائه في الوقت الثاني. ومعنى الصلاة لغة وشرعا قد تقدم في أول البقرة. وأما الزكاة فهي في اللغة، الزيادة والنماء، وفي الشرع القدر المخرج من النصاب لأنها تزيد في بركة المخرج عنه، ويمكن أن يقال: مأخوذة من التطهير من زكى نفسه تزكية إذا مدحها وطهرها من العيوب. قال تعالى خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها [التوبة: ١٠٣] فإن المخرج يطهر ما بقي من المال.
قال ﷺ «عليك بالصدقة فإن فيها ست خصال: ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة. فأما التي في الدنيا فتزيد في
الرزق، وتكثر المال، وتعمر الدار. وأما التي في الآخرة فتستر العورة، وتصير ظلا فوق الرأس، وتكون سترا من النار».
وفي هذا الخطاب مع اليهود دلالة على أن الكفار مخاطبون بفروع الشرائع.
وفي قوله وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ وجوه: أحدها أن اليهود لا ركوع في صلاتهم، فخص الركوع بالذكر تحريضا لهم على الإتيان بصلاة المسلمين. وثانيها صلوا مع المصلين فلا تكرار لأن الأول أمر بإقامتها، والثاني أمر بالجماعة. وثالثها الركوع والخضوع لغة سواء، فيكون نهيا عن الاستكبار المذموم وأمرا بالتذلل للمؤمنين، ثم إنه سبحانه لما أمرهم بالإيمان والشرائع بناء على ما خصهم به من النعم رغبهم في ذلك بناء على مأخذ آخر، وهو أن التغافل عن أعمال البر مع حث الناس عليها مستقبح في العقول. والهمزة في أَتَأْمُرُونَ للتقرير مع التقريع، والتعجيب من حالهم. والبر اسم جامع لأعمال الخير، ومنه بر الوالدين وهو طاعتهما وعمل مبرور مرضي. واختلف في البر هاهنا. قال السدي: إنهم كانوا يأمرون الناس بطاعة الله ثم يتركونها وينهونهم عن معصية الله ويرتكبونها. وقال ابن جريج.
تأمرون الناس بالصلاة والزكاة وتتركونهما. أبو مسلم: كانوا قبل مبعث النبي يخبرون مشركي العرب أن رسولا سيظهر منكم ويدعو إلى الحق ويرغبونهم في اتباعه، فلما بعث الله محمدا ﷺ حسدوه وأعرضوا عن دينه. الزجاج: يأمرون الناس بالصدقة ويشحون بها.
وقيل: يأمرون من نصحوه في السر من أقاربهم وغيرهم باتباع محمد ﷺ ولا يتبعونه.
وقيل: يأمرون غيرهم باتباع التوراة وهم يخالفونها لأنهم وجدوا فيها ما يدل على صدق محمد ﷺ ثم ما آمنوا به. وقيل: لعل المنافقين من اليهود كانوا يأمرون باتباعه في الظاهر وينكرونه ﷺ في الباطن، فوبخهم الله على ذلك. والنسيان هو السهو الحادث بعد حصول العلم، والناسي غير مكلف فكيف يتوجه الذم على ما صدر عنه؟ فإذن المراد وتغفلون عن حق أنفسكم وتعدلون عما لها فيه من النفع وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أي التوراة وتدرسونها وتعلمون ما فيها من أعمال البر ومن نعت محمد ﷺ ومن الوعيد على ترك البر ومخالفة القول العمل أَفَلا تَعْقِلُونَ؟ وهو تعجيب للعقلاء من أفعالهم. وكثيرا ما يحذف الفعل بعد همزة الاستفهام للعلم به والتقدير: أفعلتم ذلك فلا تعقلون. وقس على هذا نظائره في القرآن فإنها كثيرة. وللتعجيب وجوه: منها أن المقصود من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إرشاد الغير إلى المصالح وتحذيره عن المفاسد، وإرشاد النفس إليها وتحذيرها منها أهم بشواهد العقل والنقل، فمن وعظ ولم يتعظ فكأنه أتى بما لا يقبله العقل الصحيح. ومنها
أن مثل هذا الوعظ يصير سببا للمعصية لأن الناس يقولون لولا أن هذا الواعظ مطلع على أنه لا أصل لهذه التخويفات لما أقدم على المناهي، فيكون داعيا لهم إلى التهاون بالدين والجرأة على المعاصي، وهذا مناف للغرض من الوعظ فلا يليق بالعقلاء. ومنها أن غرض الواعظ ترويج كلامه وتنفيذ مرامه، فلا خالف إلى ما نهى عنه صار كلامه بمعزل عن القبول وهذا خلاف المعقول. قال بعضهم: ليس للعاصي أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر استدلالا بهذه الآية، وبقوله تعالى لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ [الصف: ٢] وبأن الزاني بامرأة يقبح منه أن ينكر عليها، وأجيب بأن المكلف مأمور بشيئين: ترك المعصية، ومنع الغير عنها، والإخلال بأحد التكليفين لا يقتضي الإخلال بالآخر. والذم في الآية مترتب على الشق الثاني وهو نسيان النفس لا على مجموع الأمرين، قالوا: وحديث القبح ممنوع.
قلت: والحق أنه مكابرة،
فعن أنس أن النبي ﷺ قال «مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من النار. فقلت: يا أخي يا جبريل من هؤلاء؟ فقال: هؤلاء خطباء من أهل الدنيا، كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم» «١»
وقال ﷺ «إن في النار رجلا يتأذى أهل النار بريحه». فقيل: من هو يا رسول الله؟ قال: عالم لا ينتفع بعلمه»
وقال ﷺ «مثل الذي يعلم الناس الخير ولا يعمل به كالسراج يضيء للناس ويحرق نفسه»
وعن الشعبي:
يطلع قوم من أهل الجنة على قوم من أهل النار فيقولون: لم دخلتم النار فإنا دخلنا الجنة بفضل تعليمكم؟ فقالوا: إنا كنا نأمر بالخير ولا نفعله. وقيل: من وعظ بقوله ضاع كلامه، ومن وعظ بفعله نفذت سهامه. وقيل: عمل رجل في ألف رجل أبلغ من قول ألف رجل في رجل. روي أن يزيد بن هارون مات- وكان واعظا زاهدا مات- فرؤي في المنام فقيل: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي، وأوّل ما سألني منكر ونكير فقالا: من ربك؟ فقلت: أما تستحيان من شيخ دعا الناس إلى الله كذا وكذا سنة فتقولان له من ربك. وقيل للشبلي عند النزع: قل لا إله إلا الله. فقال:
إن بيتا أنت ساكنه... غير محتاج إلى سرج
ولما أمرهم الله تعالى بالإيمان وترك الإضلال وبالتزام الشرائع وموافقة القول للفعل وكان ذلك شاقا عليهم لما فيه من ترك الرياسات والإعراض عن المال والجاه، عالج الله تعالى هذا المرض بقوله وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ فكأنه قيل: واستعينوا على ترك ما تحبون من الدنيا والدخول فيما تستثقله طباعكم من قبول دين محمد ﷺ بالصبر أي حبس
النفس عن اللذات، فإنكم إذا كلفتم أنفسكم ذلك مرنت عليه وخف عليها. ثم إذا ضممتم الصلاة إلى ذلك كمل الأمر، لأن المشتغل بالصلاة مشتغل بذكر لطفه وقهره، فإذا تذكر لطفه مال إلى الطاعة، وإذا تذكر قهره انتهى عن المعصية. وقيل: الصبر الصوم لأنه حبس النفس عن المفطرات ومنه يقال: شهر الصبر لشهر رمضان. ومن حبس نفسه عن قضاء شهوتي البطن والفرج زالت عنه كدورات حب الدنيا، فإذا انضاف إليه الصلاة استنار القلب بأنوار معرفة الله. وإنما قدم الصوم على الصلاة لأن تأثير الصوم في إزالة ما لا ينبغي وتأثير الصلاة في حصول ما ينبغي والنفي مقدم على الإثبات. ويجوز أن يراد بالصلاة الدعاء أي استعينوا على البلاء بالصبر والالتجاء إلى الدعاء والابتهال في دفعه إلى فاطر الأرض والسماء. وهذا الخطاب وإن كان خاصا ببني إسرائيل وإلا لزم تفكك النظم، لكن المعنى على العموم فعلى كل مكلف أن يستعين على حوائجه إلى الله بالصلاة والصبر على تكاليفها مراعيا في ذلك ما يجب من الإخلاص وحسن الأدب واستحضار العلم بأنها انتصاب بين يدي الجبار العالم بالطويات والأسرار ومنه قوله وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها [طه: ١٣٢]. ومن خواص الصلاة اندفاع البلايا وانكشاف الغموم والرزايا. كان رسول الله ﷺ إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة. وإنها أي الصلاة أو الاستعانة أو جميع المأمورات والمنهيات في هذه الآيات لكبيرة لشاقة ثقيلة كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ [الشورى: ١٣] إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ يعلمون أنهم ملاقو جزاء ربهم وأنهم إلى حكمه راجعون، فتصدر عنهم الأعمال مع طيب نفس وانشراح صدر، وهذا بخلاف حال المنافقين الذين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا. فالملحد إذا لم يعتقد في فعلها منفعة لا يواتيه طبعه في الاشتغال بها وإن كان زمانا يسيرا فتثقل عليه، والموحد حيث اعتقد في فعلها أعظم المنافع وهو الفوز بالنعيم المقيم والخلاص من العذاب الأليم يهون عليه تزجية الأوقات بوظائف العبادات. وكان رسول الله ﷺ يصلي حتى تورّمت قدماه، ومع ذلك
يقول: «يا بلال روّحنا»، «وجعلت قرة عيني في الصلاة» «١»
والخشوع والخضوع أخوان وهما التطامن والتواضع، ومنه الخشعة للأكمة المتواضعة.
وفي الحديث «كانت الأرض خاشعة على الماء ثم دحيت»
وللظن هاهنا تفسيران: أحدهما أنه بمعنى العلم تجوّزا لأن الظن هو الاعتقاد الذي يقارنه تجويز النقيض، وتجويز نقيض لقاء الرب أي البعث والنشور كفر فكيف يمدح به؟ وسبب هذا التجوز أنهما يشتركان في رجحان الاعتقاد، وإن افترقا بتجويز النقيض وعدمه فصح إطلاق
أحدهما على الآخر، ولا سيما إذا كان الظن عن أمارة قوية تقرّبه من العلم. وثانيهما أن الظن بمعناه الحقيقي والمراد بملاقاة الرب، إما لقاء ثوابه وذلك مظنون لا معلوم، وإما الموت الذي هو سبب اللقاء ووقته غير معلوم إلا أنه متوقع كل لحظة وقوعا راجحا عند المؤمن، لأنه قطع أمله أو لأنه يحب لقاء ربه إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ [الجمعة: ٦]. ويحتمل أن يقال: معناه على هذا التفسير الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم بذنوبهم، فإن الإنسان الخاشع قد يسيء ظنه بنفسه وبأعماله فيغلب على ظنه أنه يلقى الله بذنوبه، فعند ذلك يتسارع إلى التوبة وذلك من صفات المدح.
وبقي هاهنا بحثان: الأول: استدل أهل السنة بالآية على جواز رؤية الله تعالى، وأنكرها المعتزلة قالوا: اللقاء لا يفيد الرؤية لقوله تعالى فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ [التوبة: ٧٧] والمنافق لا يرى ربه، ولقوله وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ [البقرة: ٢٢٣] ويشمل الكافر والمؤمن.
وقال ﷺ «من حلف على يمين ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان» «١»
وأجيب بأن اللقاء في اللغة وصول أحد الجسمين إلى الآخر اتصال التماس، وهذا اللقاء سبب الإدراك. فحيث يمتنع حمله على أصله وجب حمله على الإدراك، لأن إطلاق لفظ السبب على المسبب من أقوى وجوه المجاز. فإن منع من ذلك أيضا مانع أضمر بحسب ذلك، فإن الإضمار خلاف الأصل لا يصار إليه إلا لمانع.
ففي قوله إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ [التوبة: ٧٧] دعت الضرورة إلى إضمار الجزاء ونحوه، وفي الآية لا ضرورة، فحمله على الإدراك أولى.
البحث الثاني: المراد من الرجوع إلى الله الرجوع إلى حكمه حيث لا مالك لهم سواه لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ [غافر: ١٦] كما كانوا كذلك في أول الخلق بخلاف أيام حياتهم في الدنيا، فإنه قد يملك الحكم عليهم ظاهرا غير الله تعالى. قال المجسمة:
الرجوع إلى غير الجسم محال فدل ذلك على كونه تعالى جسما. وقال أهل التناسخ:
الرجوع إلى الشيء مسبوق بالكون عنده فدلت الآية على كون الأرواح قديمة ولا يخفى جوابهما والله أعلم.
أحمد في مسنده (١/ ٣٧٧، ٤١٦).