
يبينوا للناس أمر النبي ﷺ كما قال تعالى: ﴿لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ﴾ [آل عمران: ١٨٧]. أي أمْر محمد ﷺ وقال: ﴿يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التوراة والإنجيل﴾ [الأعراف: ١٥٧]. فالمعنى آمنوا بمحمد ﷺ وانصُروه كما عهدت إليكم في التوراة؛ أوف لكم بما عهدت لكم من دخولكم الجنة.
وروي أن في التوراة: " هو أحمد الضحوك القتول يركب البعير ويلبس الشمْلة ويجتزي بالكسرة، سيفه على عاتقه ".
ومعنى ﴿فارهبون﴾ أي خافون واخشوني أن أنزل بكم ما أنزلت بمن / كان قبلكم من النقمات.
قوله: ﴿مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ﴾.
أي هذا القرآن يصدق التوراة والإنجيل لأن فيها الأمر باتباع / محمد ﷺ، وكذلك في القرآن. فمن لم يتبعه فقد كفر بالجميع؛ لأنهم يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل. وكذلك حكى الله عنهم، فإذا جحدوا به فقد جحدوا ما هو مكتوب عندهم، ومَن جحَد حرفاً واحداً من كتاب الله فهو جاحد للجميع.
قوله: ﴿أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾.
أي أول من كفر. وقيل: أول فريق كافر.

وقيل: معناه: لا تسبوا الكفر وأنتم علماء فيُقتدى بكم.
وقيل: معناه: [ولا تكونوا] أول من كفر به من أهل الكتاب؛ يريد قريظة والنضير خاصة، لأنه قد كفر به المشركون قبل ذلك / بمكة، وليس نهيه أن تكونوا أول كافر يبيح لهم أن يكونوا ثانياً أو ثالثاً فما بعده، لأن النهي عن الشيء لا يكون دليلاً على إباحة أضداده. وذلك في الأمر جائز، يكون الأمر بالشيء دليلاً عن النهي عن أضداده.
والهاء في " به " تعود على محمد ﷺ.
وقيل: على كتابهم لأنهم إذا كفروا بمحمد ﷺ، فقد كفروا بكتابهم.
وقيل: الهاء تعود على القرآن لأنه جرى ذكره في أول الآية، ولم يجر ذكر محمد ﷺ ولا التوراة والإنجيل باللفظ، ولكن جرى ذلك بالمعنى في قوله: ﴿لِّمَا مَعَكُمْ﴾.