آيات من القرآن الكريم

وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ

تكفرون وتجحدون بِاللَّهِ اى بوحدانيته ومعكم ما يصرفكم عن الكفر الى الايمان من الدلائل الانفسية والآفاقية والاستفهام إنكاري لا بمعنى انكار الوقوع بل بمعنى انكار الواقع واستبعاده والتعجيب منه لان التعجب من الله يكون على وجه التعجيب والتعجيب هو ان يدعو الى التعجب وكانه يقول ألا تتعجبون انهم يكفرون بالله كما في تفسير ابى الليث وقال القاضي هو استخبار والمعنى أخبروني على أي حال تكفرون وَكُنْتُمْ أَمْواتاً جمع ميت كاقوال جمع قيل اى والحال انكم كنتم أمواتا اى أجساما لا حياة لها عناصر واغذية ونطفا ومضغا مخلقة وغير مخلقة قال في الكشاف فان قلت كيف قيل لهم أموات حال كونهم جمادا وانما يقال ميت فيما نصح منه الحياة من البنى قلت بل يقال ذلك لعادم الحياة لقوله تعالى بَلْدَةً مَيْتاً فَأَحْياكُمْ بخلق الأرواح ونفخها فيكم في أرحام أمهاتكم ثم في دنياكم وهذا الزام لهم بالبعث والفاء للدلالة على التعقيب فان الأحياء حاصل اثر كونهم أمواتا وان توارد عليهم في تلك الحالة أطوار مترتبة بعضها متراخ عن بعض كما أشير اليه آنفا ثم لما كان المقام في الدنيا قد يطول جاء بثم حرف التراخي فقال ثُمَّ يُمِيتُكُمْ عند انقضاء آجالكم وكون الامانة من دلائل القدرة ظاهر واما كونها من النعم فلكونها وسيلة الى الحياة الثانية التي هي الحيوان الابدى والنعمة العظمى ثُمَّ يُحْيِيكُمْ للسؤال في القبور فيحيى حتى يسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين ويقال من ربك ومن نبيك وما دينك ودل ثم التي للتعقيب على سبيل التراخي على انه لم يرد به حياة البعث فان الحياة يومئذ يقارنها الرجوع الى الله بالحساب والجزاء وتتصل به من غير تراخ فلا يناسب ثم اليه ترجعون ودلت الآية على اثبات عذاب القبر وراحة القبر كما في التيسير ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ بعد الحشر لا الى غيره فيجازيكم بأعمالكم ان خيرا فخير وان شرا فشر واليه تنشرون من قبوركم للحساب فما اعجب كفركم مع علمكم بحالكم هذه فان قيل ان علموا انهم كانوا أمواتا فاحياهم ثم يميتهم لم يعلموا انه يحييهم ثم اليه يرجعون قلت تمكنهم من العلم بهما لما نصب لهم من الدلائل منزل منزلة علمهم في ازاحة العذر سيما وفي الآية تنبيه على ما يدل به على صحتهما وهو انه تعالى لما قدر ان أحياهم اولا قدران يحييهم ثانيا فان بدأ الخلق ليس باهون عليه من إعادته هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ هذا بيان نعمة اخرى اى قدر خلقها لاجلكم ولانتفاعكم بها في دنياكم ودينكم لان الأشياء كلها لم تخلق في ذلك الوقت ما فِي الْأَرْضِ اى الذي فيها من الأشياء جَمِيعاً نصب حالا من الموصول الثاني وقد يستدل بهذا على ان الأصل في الأشياء الإباحة كما في الكواشي وقال في التيسير اهل الإباحة من المتصوفة الجهلة حملوا اللام في لكم في قوله تعالى هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ على الإطلاق والإباحة على الإطلاق وقالوا لا حظر ولا نهى ولا امر فاذا تحققت المعرفة وتأكدت المحبة سقطت الخدمة وزالت الحرمة فالحبيب لا يكلف حبيبه ما يتعبه ولا يمنعه ما يريده ويطلبه وهذا منهم كفر صريح وقد نهى الله تعالى وامر وأباح وحظر ووعد وأوعد وبشر وهدد والنصوص ظاهرة والدلائل متظاهرة فمن حمل هذه الآية على الإباحة المطلقة فقد انسلخ من الدين بالكلية انتهى كلام التيسير ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ قصد إليها اى الى خلقها بإرادته ومشيئته قصدا سويا بلا صارف يلويه ولا عاطف يثنيه من ارادة شىء آخر في تضاعيف خلقها

صفحة رقم 90

او غير ذلك ولا تناقض بين هذا وبين قوله وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها لان الدحو البسط وعن الحسن خلق الله الأرض في موضع بيت المقدس كهيئة الفهر اى الحجر ملئ الكف عليها دخان يلتزق بها ثم اصعد الدخان وخلق منه السموات وامسك الفهر في موضعه ثم بسط منه الأرض كذا في الكواشي وقال ابن عباس رضى الله عنهما أول ما خلق الله جوهرة طولها وعرضها مسيرة الف سنة في مسيرة عشرة آلاف سنة فنظر إليها بالهيبة فذابت واضطربت ثم ثار منها دخان فارتفع واجتمع زبد فقام فوق الماء فجعل الزبد أرضا والدخان سماء قالوا فالسماء من دخان خلقت وبريح ارتفعت وباشارة تفرقت وبلا عماد قامت وبنفخة تكسرت فَسَوَّاهُنَّ اى
اتمهن وقومهن وخلقهن ابتداء مصونات عن العوج والفطور لانه سواهن بعد ان لم يكن كذلك والضمير فيه مبهم فسر بقوله تعالى سَبْعَ سَماواتٍ فهو نصب على انه تمييز نحو ربه رجلا قال سلمان هي سبع اسم الاولى رقيع وهي من زمردة خضراء واسم الثانية أرفلون وهي من فضة بيضاء والثالثة قيدوم وهي من ياقوتة حمراء والرابعة ما عون وهي من درة بيضاء والخامسة دبقاء وهي من ذهب احمر والسادسة وفناء وهي من ياقوتة صفراء والسابعة عروباء وهي من نور يتلألأ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فيه تعليل كانه قال ولكونه عالما بكنه الأشياء كلها خلق ما خلق على هذا النمط الأكمل والوجه الانفع واستدلال بان من كان فعله على هذا النسق العجيب والترتيب الأنيق كان علميا فان إتقان الافعال وأحكامها وتخصيصها بالوجه الأحسن الانفع لا يتصور إلا من عالم حكيم رحيم وازاحة لما يختلج في صدورهم من ان الأبدان بعد ما تفتتت وتكسرت وتبددت اجزاؤها واتصلت بما يشاكلها كيف يجمع اجزاء كل بدن مرة ثانية بحيث لا يشذ شىء منها ولا ينضم إليها ما لم يكن معها فيعاد منها كما كان وفي هذه الآية اشارة الى مراتب الروحانيات فالاول عالم الملكوت الارضية والقوى النفسانية والثاني عالم النفس والثالث عالم القلب والرابع عالم العقل والخامس عالم السر والسادس عالم الروح والسابع عالم الخفاء الذي هو السر الروحي والى هذا أشار امير المؤمنين على رضى الله عنه بقوله سلونى عن طرق السماء فانى اعلم بها من طرق الأرض وطرقها الأحوال والمقامات كالزهد والتقوى والتوكل والرضى وأمثالها واعلم ان المراتب اثنتا عشرة على عدد السموات والعروش الخمسة وكان الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره يقول للتوحيد اثنا عشر بابا فالجلوتية يقطعونها بالتوحيد لان سرهم في اليقين والخلوتية يقطعونها بالأسماء لان سرهم فى البرزخ وهم يقولون جنة الافعال وجنة الصفات وجنة الذات وذلك لان الجنات على ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما سبع فاذا كان اربع منها لاهل اليقين اعنى الجلوتية فالثلاث لاهل البرزخ اعنى الخلوتية وهي الافعال والصفات والذات وفي التأويلات النجمية كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ اما خطاب توحيد للمؤمنين اى أتكفرون بالله وبانبيائه لانكم كُنْتُمْ أَمْواتاً ذرات فى صلب آدم فَأَحْياكُمْ باخراجكم من صلته وأسمعكم لذيذ خطاب ألست بربكم وأذاقكم لذات الخطاب ووفقكم للجواب بالصواب حتى قلتم بلى رغبة لا رهبة ثُمَّ يُمِيتُكُمْ بالرجعة الى أصلاب آبائكم والى عالم الطبيعة الانسانية ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ببعثة الأنبياء وقبول دعوتهم

صفحة رقم 91

الملكوت وبسر المتابعة وخصوصيتها يترقى من عالم الملكوت الى عالم الجبروت والعظموت وهو غيب الغيب ويشاهد بنور الله المستفاد من سر المتابعة أنوار الجمال والجلال فيكون في خلافة الحق عالما للغيب والشهادة كما ان الله تعالى عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ اى الغيب المخصوص به وهو غيب الغيب أَحَداً يعنى من الملائكة إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ يعنى من الإنسان فهذا هو السر المكنون المركوز في استعداد الإنسان الذي كان الله يعلم منه والملائكة لا يعلمونه كما قال تعالى إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ ومنها ان الملائكة لما نظروا الى كثرة طاعتهم واستعداد عصمتهم ونظروا الى نتائج الصفات النفسانية استعظموا أنفسهم واستصغروا آدم وذريته فقالوا أَتَجْعَلُ فِيها يعنى في الأرض خَلِيفَةً مع انه يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ يعنى نحن لهذه الأوصاف أحق بالخلافة منه كما قال بنوا إسرائيل حين بعث الله لهم طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ فاجابهم الله تعالى بان استحقاق الملك ليس بالمال انما هو بالاصطفاء والبسطة في العلم والجسم فقال إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ فكذلك هنا أجابهم الله تعالى بقوله إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ اجمالا ثم فصله بقوله إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وبقوله وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها وبقوله ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ليعلموا ان استعداد ملك الخلافة واستحقاقها ليس بكثرة الطاعات ولكنه مالك الملك يؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء فلما تفاخر الملائكة بطاعتهم على آدم من الله تعالى على آدم بعلم الأسماء ليعلموا انهم ولو كانوا اهل الطاعة والخدمة فانه اهل العقل والمنة واين اهل الخدمة من اهل المنة فبتفاخرهم على آدم صاروا ساجدين له ليعلموا ان الحق تعالى مستغن عن طاعتهم وبمنته على آدم صار مسجودا لهم ليعلموا ان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء وفي قوله إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ اشارة اخرى الى انه كما يدل على ان لآدم فضائل لا يعلمها الملائكة فكذلك له رذائل وأوصاف مذمومة لا يعلمها الملائكة لانهم لا يعلمون منه اوصافا مذمومة هي من نتائج قالبه مشتركة مع الحيوانات مودعة في ملكوته غير أوصاف مذمومة تكون من نتائج النفس الامارة عند تتابع نظر الروح الى النفس حالة عدم استعمال الشرع من العجب والرياء والسمعة والحسد واشتراء الحياة الدنيا بالآخرة والابتداع والزيغوغة واعتقاد السوء وغير ذلك مما لا يشاركه الحيوانات فيه انتهى ما في التأويلات وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها قال وهب بن منبه لما أراد الله ان يخلق آدم اوحى الى الأرض اى افهمها وألهمها انى جاعل منك خليفة فمنهم من يطيعنى فادخله الجنة ومنهم من يعصينى فادخله النار فقالت الأرض منى تخلق خلقا يكون للنار قال نعم فبكت فانفجرت منها العيون الى يوم القيامة وبعث إليها جبريل عليه السلام ليأتيه بقبضة من زواياها الأربع من اسودها وأبيضها وأحمرها وأطيبها واخبثها وسهلها وصعبها وجبلها فلما أتاها جبريل ليقبض منها قالت الأرض بالله الذي أرسلك لا تأخذ منى شيأ فان منافع التقرب الى السلطان كثيرة ولكن فيه خطر عظيم كما قيل

صفحة رقم 98

فرجع جبريل عليه السلام الى مكانه ولم يأخذ منها شيأ فقال يا رب حلفتنى الأرض باسمك العظيم فكرهت ان اقدم عليها فارسل الله ميكائيل عليه السلام فلما انتهى إليها قالت الأرض له كما قالت لجبريل فرجع ميكائيل فقال كما قال جبريل فارسل الله اسرافيل عليه السلام وجاء ولم يأخذ منها شيأ وقال مثل ما قال جبريل وميكائيل فارسل الله ملك الموت فلما انتهى قالت الأرض أعوذ بعزة الله الذي أرسلك ان تقبض منى اليوم قبضة يكون للنار فيها نصيب غدا فقال ملك الموت وانا أعوذ بعزته ان اعصى له امرا فقبض قبضة من وجه الأرض مقدار أربعين ذراعا من زواياها الأربع فلذلك يأتى بنوه اخيافا اى مختلفين على حسب اختلاف ألوان الأرض وأوصافها فمنهم الأبيض والأسود والأحمر واللين والغليظ فصار كل ذرة من تلك القبضة اصل بدن للانسان فاذا مات يدفن في الموضع الذي أخذت منه ثم صعد الى
السماء فقال الله له أما رحمت الأرض حين تضرعت إليك فقال رأيت أمرك أوجب من قولها فقال أنت تصلح لقبض أرواح ولده قال فى روضة العلماء فشكت الأرض الى الله تعالى وقالت يا رب نقص منى قال الله على ان أرد إليك احسن وأطيب مما كان فمن ثمه يحنط الميت بالمسك والغالية انتهى فامر الله تعالى عزرائيل فوضع ما أخذ من الأرض في وادي نعمان بين مكة والطائف بعد ما جعل نصف تلك القبضة في النار ونصفها فى الجنة فتركها الى ما شاء الله ثم أخرجها ثم أمطر عليها من سحاب الكرم فجعلها طينا لازبا وصور منه جسد آدم واختلفوا في خلقة آدم عليه السلام فقيل خلق في سماء الدنيا وقيل في جنة من جنات الأرض بغربيتها كالجنة التي يخرج منها النيل وغيره من الأنهار واكثر المفسرين انه خلق في جنة عدن ومنها اخرج كما في كشف الكنوز وفي الحديث القدسي (خمرت طينة آدم بيدي أربعين صباحا) يعنى أربعين يوما كل يوم منه الف عام من أعوام الدنيا فتركه أربعين سنة حتى يبس وصار صلصالا وهو الطين المصوت من غاية يبسه كالفخار فامطر عليه مطر الحزن تسعا وثلاثين سنة ثم أمطر عليه مطر السرور سنة واحدة فلذلك كثرت الهموم في بنى آدم ولكن يصير عاقبتها الى الفرح كما قيل ان لكل بداية نهاية وان مع العسر يسرا

بدريا در منافع بيشمارست اگر خواهى سلامت در كنارست
ان مع العسر چويسرش قفاست شاد برانم كه كلام خداست
وكانت الملائكة يمرون عليه ويتعجبون من حسن صورته وطول قامته لان طوله كان خمسمائة ذراع الله اعلم بأى ذراع وكان رأسه يمس السماء ولم يكونوا رأوا قبل ذلك صورة تشابهها فمر به إبليس فرآه ثم قال لامر ما خلقت ثم ضربه بيده فاذا هو أجوف فدخل فيه وخرج من دبره وقال لاصحابه الذين معه من الملائكة هذا خلق أجوف لا يثبت ولا يتماسك ثم قال لهم أرأيتم ان فضل هذا عليكم ما أنتم فاعلون قالوا نطيع ربنا فقال إبليس في نفسه والله لا أطيعه ان فضل على ولئن فضلت عليه لأهلكنه عاقبت كرك زاده كرك شود وجمع بزاقه في فمه وألقاه عليه فوقع بزاق اللعين على موضع سرة آدم عليه السلام فامر الله جبريل فقور بزاق اللعين من بطن آدم فحفرة السرة من تقوير جبريل وخلق الله من تلك القوارة كلبا وللكلب ثلاث خصال فانسه بآدم لكونه من طينه وطول سهره في الليالى من أثر مس جبريل عليه السلام وعضه الإنسان وغيره وأذاه من غير خيانة من اثر بزاق اللعين وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة

صفحة رقم 99

وسمى بآدم لكونه من أديم الأرض لانه مؤلف من انواع ترابها ولما أراد الله ان ينفخ فيه الروح امره ان يدخل فيه فقال الروح موضع بعيد القعر مظلم المدخل فقال له ثانيا ادخل فقال كذلك فقال له ثالثا فقال كذلك فقال ادخل كرها اى بلا رضى واخرج كرها ولذا لا يخرج الروح من البدن الا كرها فلما نفخه فيه مار في رأس آدم وجبينه واذنيه ولسانه ثم مار في جسده كله حتى بلغ قدميه فلم يجد منفذا فرجع منخريه فعطس فقال له ربه قل الحمد لله رب العالمين فقالها آدم فقال يرحمك الله ولذا خلقتك يا آدم فلما انتهى الى ركبتيه أراد الوثوب فلم يقدر فلما بلغ قدميه وثب فقال تعالى وخلق الإنسان عجولا فصار بشرا لحما ودما وعظاما وعصبا وأحشاء ثم كساه لباسا من ظفر يزداد جسده في كل يوم وهو في ذلك منتطق متوج وجعل في جسده تسعة أبواب سبعة فى رأسه أذنين يسمع بهما وعينين يبصر بهما ومنخرين يجد بهما كل رائحة وفما فيه لسان يتكلم به وحنك يجد به طعم كل شىء وبابين في جسده وهما قبله ودبره يخرج منهما ثقل طعامه وشرابه وجعل عقله في دماغه وشرهه في كليتيه وغضبه في كبده وشجاعته في قلبه ورغبته في رئته وضحكه فى طحاله وفرحه وحزنه في وجهه فسبحان من جعله يسمع بعظم ويبصر بشحم وينطق بلحم ويعرف بدم فلما سواه ونفخ فيه من روحه علمه اسماء الأشياء كلها اى ألهمه فوقع فى قلبه فجرى على لسانه بما في قلبه بتسمية الأشياء من عنده فعلمه جميع اسماء المسميات بكل اللغات بان أراه
الأجناس التي خلقها وعلمه ان هذا اسمه فرس وهذا اسمه بعير وهذا اسمه كذا وعلمه أحوالها وما يتعلق بها من المنافع الدينية والدنيوية وعلمه اسماء الملائكة واسماء ذريته كلهم واسماء الحيوانات والجمادات وصنعة كل شىء واسماء المدن والقرى واسماء الطير والشجر وما يكون وكل نسمة يخلقها الى يوم القيامة واسماء المطعومات والمشروبات وكل نعيم فى الجنة واسماء كل شىء حتى القصعة والقصيعة وحتى الجنة والمحلب قال في كشف الكنوز اتفق جم غفير من اهل العلم على ان الأسماء كلها توقيفية من الله تعالى بمعنى ان الله تعالى خلق لآدم علما ضروريا بمعرفة الألفاظ والمعاني وان هذه الألفاظ موضوعة لتلك المعاني وفي الخبر لما خلق الله آدم بث فيه اسرار الاحرف ولم يبث في أحد من الملائكة فخرجت الاحرف على لسان آدم بفنون اللغات فجعلها الله صورا له ومثلت له بانواع الاشكال وفي الخبر علمه سبعمائة الف لغة فلما وقع في أكل الشجرة سلب اللغات الا العربية فلما اصطفاه بالنبوة رد الله عليه جميع اللغات فكان من معجزاته تكلمه بجميع اللغات المختلفة التي يتكلم بها أولاده الى يوم القيامة من العربية والفارسية والرومية والسريانية واليونانية والعبرانية والزنجية وغيرها قال بعض المفسرين علم الله آدم ألف حرفة من المكاسب ثم قال قل لاولادك ان أردتم الدنيا فاطلبوها بهذه الحرف ولا تطلبوها بالدين واحكام الشرائع وكان آدم حراثا اى زراعا ونوح نجارا وإدريس خياطا وصالح تاجرا وداود زرادا وسليمان كان يعمل الزنبيل في سلطنته ويأكل من ثمنه ولا يأكل من بيت المال وكان موسى وشعيب ومحمد رعاة وكان اكثر عمله صلى الله تعالى عليه وسلم في البيت الخياطة وفي الحديث (عمل الأبرار من الرجال الخياطة وعمل الأبرار من النساء الغزل) كذا في روضة الأخيار وقال العلماء الأسماء في قوله تعالى وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ

صفحة رقم 100
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية