٣٠ - قوله تعالى ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ﴾. قال النحاة: (إذ) و (إذا) [حرفا توقيت، (إذ) للماضي و (إذا)] (١) لما يستقبل (٢).
قال المبرد: إذا جاء (إذ) مع المستقبل كان معناه المضي نحو قوله: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ﴾ [الأنفال: ٣٠]، ﴿وَإِذْ تَقُولُ﴾ [الأحزاب: ٣٧] يريد: وإذ مكر، وإذ قلت. وإذا جاء (إذا) (٣) مع الماضي كان معناه الاستقبال (٤) كقوله: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ﴾ [النازعات: ٣٤] و ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ﴾ [النصر: ١] أي يجيء (٥).
فإن قيل: إذا كانت (إذ) لما مضى (٦)، فكيف جاز (٧) ﴿وَإِذ قَالَ اللهُ
(٢) قال الثعلبي (إذ وإذا حرفا توقيت، إلا أن (إذ) للماضي و (إذا) للمستقبل وقد يوضع أحدهما موضع الآخر) "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ أ، وذكر نحوه ابن الأنباري في (الأضداد) ص ١١٨، وكذا الأزهري في "تهذيب اللغة" ١/ ١٣٧، وقال سيبويه: (إذا لما يستقبل من الدهر... وهي ظرف... وتكون إذ مثلها، "الكتاب" ٤/ ٢٣٢، وانظر: "مغني اللبيب" ١/ ٨٠، ٨٧.
(٣) في (ب): (إذ).
(٤) في (ب) كان معناه الاستقبال في (المعنى وفي اللفظ)، وهذِه الزيادة غير موجودة في (أ)، (ج). ولا في "تفسير الثعلبي" الذي نقل الواحدي عنه.
(٥) في (أ)، (ج). (تجئ) وفي (ب) بدون إعجام، والتصحيح من "تفسير الثعلبي"، انظر كلام المبرد في "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ أ، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ٢٢٣، ولم أجده بهذا النص فيما اطلعت عليه من كتب المبرد، انظر: "المقتضب" ٢/ ٥٢ - ٥٧، ٧٦، ٧٧، ١٧٦، ١٧٨، "تهذيب اللغة" ١/ ١٣٧، "الأضداد" لابن الأنباري ص ١١٨.
(٦) سبق قريبًا أن (إذ)، قد تأتي للمستقبل إذا شهر المعنى، ذكر هذا ابن الأنباري واستشهد بقوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ﴾ [المائدة: ١١٠] انظر "الأضداد" ص ١١٨.
(٧) في (ب): (جاد).
يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} [المائدة: ١١٦]، ﴿وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ﴾ [غافر: ٤٧]؟.
والجواب أن هذا خرج على تقدير الاستقبال في المعنى، وفي اللفظ على صورة المضي (١)، لأن ما تحقق كونه فهو بمنزلة ما قد كان، كقوله: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾ [الأعراف: ٤٤]، ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ﴾ [الأعراف: ٥٠] وأشباهه (٢).
وقال أبو عبيدة: (إذ) هاهنا (٣) زائدة، معناه: وقال ربك للملائكة (٤). وأنكر الزجاج وغيره هذا القول (٥)، وقالوا (٦): إن الحرف إذا أفاد
(٢) انظر: "الأضداد" لابن الأنباري ص ١١٩، "تهذيب اللغة" ١/ ١٣٧.
(٣) في المكرر (في هذا الموضع).
(٤) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٣٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٩ ب، و"الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٩٥، وبنحو قول أبي عبيدة قال ابن قتيبة، انظر: "غريب القرآن" ص ٤٥.
(٥) قال الزجاج في رده على أبي عبيدة (هذا إقدام من أبي عبيدة، لأن القرآن لا ينبغي أن يتكلم فيه إلا بغاية تجري إلى الحق و (إذ) معناها الوقت، وهي اسم، فكيف يكون لغوا...)، "معاني القرآن" ١/ ٧٥، وممن أنكر على أبي عبيدة النحاس في "إعراب القرآن"، ١/ ١٥٦، و"الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٩٥.
(٦) في المكرر (وهو أن الحرف إذا كان مفيدًا معنى...)، وفي (ب) (مقيد).
معنى صحيحا لم يجز إلغاؤه، قالوا: وفي الآية محذوف معناه: واذكر يا محمد إذ قال ربك (١).
وقال أبو إسحاق (٢): إن الله جل ذكره ذكر خلق الناس في هذه الآية فكأنه قال: ابتدأ خلقكم إذ قال ربك للملائكة (٣).
وأكثر المفسرين (٤) على أن كل ما ورد في القرآن من هذا النحو فالذكر فيه مضمر (٥).
وأما (٦) (الملائكة) فقال سيبويه (٧): واحدها ملك، وأصله مَلْأَك، مهموز، حذف همزه لكثرة الاستعمال، وأنشد:
فَلَسْتَ لإنْسِيٍّ ولكن لمَلْأَكٍ | تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السِّماء يَصُوبُ (٨) |
(٢) في المكرر (الزجاج).
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٦.
(٤) في (ب): (المفسرون) وفي المكرر (وعند غيره من المفسرين...).
(٥) انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٧، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٤٠، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ٢٢٤.
(٦) (الواو) ساقطة من (ب).
(٧) انظر كلام سيبويه في (الكتاب) ٤/ ٣٧٩.
(٨) البيت لعلقمة الفحل، وقيل: لرجل من عبد القيس جاهلي، وقيل لأبي وجزة السعدي، وقد سبق تخريجه عند تفسير قوله تعالى: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ١٩] ص ٥٧٢.
(٩) أصلها (ملْأك)، يحذفون الهمزة منه، وينقلون حركتها إلى اللام وكانت مسكنة في حال همز الاسم. فإذا جمع الاسم ردوا الهمزة على الأصل فقالوا: (ملائكة)، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٩٧، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٠ أ، "مجاز القرآن" ١/ ٣٥، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٠، "تهذيب اللغة" (ملك) ٤/ ٣٤٤٩، =
إلا أن المحدثين من البصريين ذكروا أن هذا من باب القلب (١) فقالوا: نقل همزة (الأَلُوك)، وهو (فاء) إلى عينه، وقدموا العين، فقالوا: (لؤُوك) (٢) وبنوا (الْمَلْأَك) منه، وإنما قالوا ذلك لأنهم لم يجدوا لـ (مَلْأَك) (٣) أصلاً يردّونه إليه. وكان ادعاء القلب في الكلمة أولى عندهم من إهمال أصل (الْمَلْأَك) إذ علموا أن (المَفْعَل) (٤) وما يجري مجراه مما زيد في أوله ميم لابد له (٥) من أصل ثلاثي يرد إليه، ولم يمكن رد (الْمَلأَك) إلى (لَأَكَ) لأنه مهمل لم ينطق به (٦) فردوه إلى (أَلَك) لما (٧) وجدوا في الكلام: (الْمألَك) (٨)، و (الْمَأْلُك) و (الْمَاْلُكة) في معنى
١ - الملائكة جمع (ملك) على أصله في الهمز بعد القلب وهو (مَلْأَك) وأصل (مَلْأَك): (مَأْلكَ) لأنه من أَلكَ إذا أرسل، ووزنه على الأصل (مَفْعَل) فنقلت العين إلى موضع الفاء فصار (مَلْأكًا).
٢ - أنه مشتق من (لَأَك) إذأ أرسل، فاللام (فاء) والهمز (عين) ولا قلب فيه.
٣ - أنه مشتق من (مَلَكْت)، الميم أصلية ووزنه (فَعَلٌ) انظر "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٧٠.
(١) أي قلب المكان.
(٢) في (ب): (لؤك).
(٣) في (ب): (الملاك).
(٤) في (ج): (الفعل).
(٥) (له) ساقط من (ب).
(٦) قال مكي: قال أبو عبيد: هو مشتق -أي: ملك- من (لأك) إذا أرسل، فالهمزة عين ولا قلب فيه، انظر (مشكل إعراب القرآن) ١/ ٣٦، وقد أورد صاحب "اللسان" مادة (لأك) وتكلم عنها، ولم يذكر أنها مهملة، انظر "اللسان" (لأك) ٧/ ٣٩٧٥.
(٧) (لما) ساقطة من (أ)، (ج)، والسياق يقتضيها.
(٨) في (ب): (المألكه).
الرسالة (١).
ومعنى (أَلكَ) في اللغة: علك، يقال الخيل تَأْلُك اللجم، بمعنى: تعلُك، والرسالة سميت (أَلُوكا) لأن الإنسان يَأْلُكُها، ويدير الكلام في فيه، كما يَأْلُك الفرس اللجام (٢).
فعلى هذا (ملك) وزنه (مَفَل) (٣)، وكان في الأصل (٤) (مَعْفَل)، لأنه مَلْأَك، هو مقلوب من (٥) (مأْلَك)، وأوردوا أن يكون مفعلًا من (الألوك)، إلا أنهم قلبوا كما ذكرنا (٦). هذا قول عامة أهل اللغة والنحو في هذا الحرف (٧).
وذهب بعض (٨) المتأخرين من أصحاب أبي علي الفارسي وهو أبو القاسم الزجاجي إلى خلاف ما ذهب إليه هؤلاء فقال: قول من يقول: إن تركيب ملك من (م، ل، ك) أولى من قول من يقول: إنه (مَفْعَل) (٩) من
(٢) ذكره الأزهري عن الليث، انظر: "تهذيب اللغة" (ألك) ١/ ١٨٤، وانظر "اللسان" (ألك) ١/ ١١٠.
(٣) بل الصواب وزنه (مَعَل) لأن المحذوف فاء الكلمة وهي الهمزة، انظر "البيان" ١/ ٧٠.
(٤) (في الأصل) ساقط من (ب).
(٥) في (ج): (عن).
(٦) انظر: "المحكم" (ل أك) ٧/ ٦٩، "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٦، "البيان في غريب إعراب القرآن"، ١/ ٧٠.
(٧) في (ب): (الحروف).
(٨) في (ب): (ذهب المتأخرون).
(٩) انظر: "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٦، "البيان" ١/ ٧٠، وقد رد ابن سيده القول =
(الْأَلُوك) مقلوبًا، لأن (المَفْعَل) لا يكون حامل الرسالة، وهم يقولون: إنما قيل: (ملك) لحمله الرسالة، والذي يصلح من الأبنية له (فَاعِل) أو (فَعُول) (١) أو (فَعِيل) أو (مُفْعَل) فأما (مَفْعَل) فإنه يصلح أن يكون موضعًا أو مصدرًا.
وما يتركب من (م، ل، ك) هو في كلامهم الاستيلاء على الشيء وإجادته وإنعامه كملك الشيء وملك العجين، وإملاكه هو إنعام عجنه، ولا يصل إلى ذلك إلا بالاستيلاء عليه، وإملاك الرجل أن يجعله مالكًا لعقد النكاح، وكل شيء مكنت غيرك منه وجعلته له فقد أملكته (٢) إياه وملكته، وجميع ما يتركب من هذه الحروف راجع إلى ما ذكرنا، وهذا قد مر ذكره في قوله تعالى: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: ٤].
فـ (الْمَلكَ) (٣) اسم الجنس يقع على الواحد والجمع (٤)، ويدل على
(١) في (ب): (مَفْعُول).
(٢) في (ب): (أمكنته).
(٣) في (ب): (والملك).
(٤) من جعل (مَلَك) هو الأصل فهو مفرد جمعه (فعائلة) وهو جمع شاذ كما قال العكبري في (الإملاء) ١/ ٢٨، وقال أبو البركات ابن الأنباري: (مجيء هذا =
ذلك قوله تعالى: ﴿وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا﴾ [الحاقة: ١٧] وهو (فَعَل) في معنى مَفْعول، كالنشر والنقض والخبط.
والله تعالى ذكره وإن كان قد ملك كل الخلق، فإنه أجرى هذه اللفظة على الجنس، لأنه (١) وصفهم فقال: ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: ١٦] وبهذه الصفة يجب أن يكون (٢) كُلٌّ مملوكاً (٣)، فلما وجد فيهم (٤) المعنى الذي يجب أن يكون عليه المملوك من الطاعة سماهم (الملك)، ومثل هذا الاختصاص كثير نحو: (ناقة الله) و (بيت الله).
قال (٥): وذكر ابن دريد في الجمهرة فقال: (ويجمع (الْملَكُ) أمْلاَكًا وَملاَئِك) (٦)، وهذا قد أزال (٧) الخلاف لأن (أَفْعَالاً)، لا يجوز أن يكون جمع ما في أوله ميم زائدة.
وحكى أبو القاسم الآمدي (٨) عن علي بن سليمان الأخفش (٩) أنه
(١) في (ب): (لأنهم).
(٢) (يكون) ساقطة من (ج).
(٣) في الأصل (مملوك) والتصحيح من المحقق.
(٤) في (ب): (منهم).
(٥) أي الزجاجي.
(٦) "جمهرة اللغة" ٢/ ٩٨١.
(٧) في (ب): (ارال).
(٨) هو الحسن بن بشر الآمدي البصري المنشأ، إمام في الأدب، قدم بغداد وأخذ عن الحسن بن علي بن سليمان الأخفش، والزجاج، وابن دريد، وفاتهم سنة سبعين وثلاثمائة، انظر ترجمته في: "إنباه الرواة" ١/ ٢٨٥، "معجم الأدباء" ٢/ ٤٦٩، "بغية الوعاة" ١/ ٥٠٠.
(٩) هو علي بن سليمان بن الفضل، أبو الحسن، المعروف (د) (الأخفش الصغير) =
قال: جمع الملك: أَمْلَاك (١).
وحكي عن العرب (مالك الموت) في (ملك الموت) فلولا أنهم عرفوا أن الأصل فيه (م ل ك) ما عبروا عن (ملَك) بمالك.
قال رويشد بن حنظلة (٢):
غَدَا مالِكٌ يَبْغِي نِسَائِي كَأَنَّمَا | نِسَائِي لسَهْمَيْ مَالِكٍ غَرَضَانِ |
فَيَارَبِّ فَاتْرُكْ لِي جُهَيْمةَ (٣) أَعْصُراً | فَمَالِكُ مَوْتٍ بِالْفِرَاقِ دَهَانِي (٤) |
(١) انظر كلام الأخفش في "الزينة" ٢/ ١٦٢.
(٢) خطأ الأكثرون هذا الشاعر، قال ابن سيده: (ورأيت في بعض الأشعار: مالك الموت في ملك الموت...) ثم ذكر البيت، ثم قال: (وهذا عندي خطأ، وقد يجوز أن يكون من جفاء الأعراب وجهلهم، لأن ملك الموت مخفف عن (مَلْأك)...) "المحكم" ٧/ ٤٧. وقال في موضع آخر: (فإنه ظن ملك الموت من (م ل ك) فصاغ (مالكا) من ذلك، وهو غلط منه، وقد غلط بذلك في غير موضع من شعره... وذلك أنه رآهم يقولون: (ملك) بغير همز، وهم يريدون: (مَلْأَك) فتوهم أن الميم أصل، وأن مثال ملك (فَعَل): كَفَلَك، وسَمَك، وإنما مثال (ملك): (مَفَل) والعين محذوفة ألزمت التخفيف إلا الشاذ.. ومثل غلط رويشد كثير في شعر الأعراب الجفاة) "المحكم" ٧/ ٦٩. وعقد ابن جني في "الخصائص" بابا في أغلاط العرب، وذكر أبيات رويشد، ثم قال: (وحقيقة لفظه غلط وفساد..)، "الخصائص" ٣/ ٢٧٣، ٢٧٤، انظر: "اللسان" (لأك) ٧/ ٣٩٧٥. وروشيد بن حنظلة لم أجد له ترجمة.
(٣) في (ب): (جهينة) وهي رواية في البيت.
(٤) ورد البيتان في "المحكم" ٧/ ٤٧، ٧/ ٦٩، "الخصائص" ٢/ ٧٢، ٣/ ٢٧٣، "اللسان" (لأك) ٧/ ٣٩٧٥.
وهذا الشاعر ماتت نساؤه (١) وأطال التزوج فلم تلبث (٢) عنده واحدة، فهذا كما ترى سمى المَلَك: (مَالِكاً)، وأما البيت الذي أُنشد في (الْمَلْأَك) (٣) فليس فيه حجة قاطعة فإنه شاعر (٤) واحد، ولم يسمع (الْمَلْأَك) إلا في ذلك البيت الواحد، ولعله همز ما ليس أصله الهمز كما قالوا: (رمح يَزْأَنِيَّ) (٥) فزادوا الهمز، وقالوا: (حَلَّأْتُ (٦) السَّويق) وليس أصله الهمز، ومثله كثير.
وأما الجمع فالملائك (فعائل) كالجمائل في جمع الجمل (٧).
ويجوز أن يكون الملائك (مفاعلا)، وإن كان الواحد (فَعَلاً)، لأن باب الجمع ليس بمطرد ولا مقيس، ألا ترى أنهم قالوا في جمع القبح (٨):
(٢) في (ج): (يلبث).
(٣) في (ب): (الملك) والبيت هو ما احتج به سيبويه وغيره من أهل اللغة والنحو وهو قول علقمة الفحل أو غيره: فَلَسْتَ لِإنْسِيٍّ وَلَكِنْ لِمَلْأَكٍ. وقد سبق آنفاً.
(٤) في (أ)، (ج): (لا شاعر) واخترت ما في (ب) لأنه أصح في السياق.
(٥) (يَزْأَنِيّ) نسبة إلى ذي يزن من ملوك حمير نسبت الرماح له لأنه أول من عملت له، والأصل (يَزَنِيُّ) و (أزَنِي) وبعضهم زاد الهمزة فقال: (يَزْأَنِي) انظر "اللسان" (يزن) ٨/ ٤٩٥٦.
(٦) الأصل (حَلَّيْت السويق) أي جعلته حلوا وهمزه شاذ، انظر "سر صناعة الإعراب" ١/ ٩٠، ٤٢٠، "اللسان" (حلا) ٢/ ٩٨٣.
(٧) قوله (في جمع الجمل) ساقط من (ب). وقوله: (فعائل) هذا عند من يرى أن (الميم) في (ملك) أصلية، أما على قول الجمهور فجمعه (معافله) أو (مفاعلة)، انظر "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٦، ٣٧.
(٨) في (ب): (الفتح: مفاتح).
مقابح، وفي جمع الحسن: محاسن، وفي جمع الشبه: مشابه، وفي جمع العزف وهو اللهو معازف، وقالوا: أطعمني مطايب الجزور، لجمع (١) طيب، وهذا باب واسع (٢).
والأمر فيه عند المحققين أن كل لفظة من هذه الألفاظ التي وردت في الجمع مخالفة للقياس هي موضوعة للجمع من غير أن كُسِّر (٣) عليها الواحد، فالمحاسن لفظة نابت (٤) عن جمع الحسن، وكذلك (٥) أشباهها، هذا كلامه وهو طويل وقد (٦) اختصرته (٧).
وحكي عن النضر بن شميل، أنه قال في الملك: إن العرب لا تشتق فعله ولا تصرفه وهو مما فات (٨) علمه، فهذا الذي ذكرنا طرف من الكلام في أصل هذا الحرف (٩) على مقدار ما يليق بهذا الكتاب (على (١٠) صورة
(٢) في (ب): (وهذا جمع واجب يتبع).
(٣) أي: جمع تكسير.
(٤) في (ب): (ثابت).
(٥) في (ب): (وذلك).
(٦) في (ب): (وهو).
(٧) يريد كلام أبي القاسم الزجاجي وسيأتي في المكرر إشارة له بقوله: (وقال بعض المتأخرين أصله (ملك) كما هو الآن... فخالف بهذا القول جميع أهل اللغة، واحتج على ما ذهب إليه بما يطول ذكره) ولعل الواحدي ترك ذكر كلام الزجاجي مفصلا واكتفى عن ذلك بالإشارة إليه.
(٨) في (أ)، (ج): (مات) وما في (ب) موافق لما عند الثعلبي فقد نقل عنه الواحدي كلام النضر والتعليق عليه. "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ أ.
(٩) في (ب): (هذِه الحروف).
(١٠) قوله: (على صورة الماضي).. من هنا إلى قوله: (واحتج على ما ذهب إليه بما =
المضي، لأن ما تحقق كونه، فهو بمنزلة ما قد كان، كقوله تعالى: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ﴾ (١) وأشباهه.
وقال أبو عبيدة (إذ) في هذا الموضع (٢) زائدة. معناه: وقال ربك للملائكة. وأنكر الزجاج وغيره هذا القول، وهو (٣) أن الحرف إذا كان مفيداً (٤) معنى صحيحاً لم يجز إلغاؤه، قالوا: وفي الآية محذوف معناه: واذكر يا محمد إذ قال لربك.
وقال الزجاج (٥): إن الله جل ذكره ذكر خلق الناس (٦) في هذه الآية فكأنه قال: ابتدأ خلقكم إذ قال ربك للملائكة. وعند غيره من المفسرين (٧): أن كل ما ورد في القرآن من هذا النحو فالذكر فيه مضمر.
و (الملائكة) (٨): الرسل واحدها مَلَك وأصله (مَأْلَك) وجمعها
(١) سورة الأعراف: ٤٤. وفي كلامه المكرر السابق أورد آيتين قال: (كقوله: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾، ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ﴾...)
(٢) هناك في المكرر قال: (هاهنا).
(٣) كذا ورد في جميع النسخ وفي الموضع السابق: (وقالوا: إن الحرف...).
(٤) في (ب): (مقيدًا).
(٥) في كلامه المكرر السابق (أبو إسحاق).
(٦) في (ب): (السموات).
(٧) في الكلام المكرر: (وأكثر المفسرين). وتخريج الأقوال والتعليق عليها ذكر في الكلام السابق فلا أطيل بإعادته.
(٨) تفسير لفظ (الملائكة) هنا مختلف عما سبق وأكثر اختصار منه.
(مآلِك) (١) ووزنه من الفعل (مَفْعَل) والهمزة فاء الفعل، واللام عينه ثم أخرت الهمزة بالقلب (٢)، تأخيرهم للعين من (القوس) في جمعها حيث قالوا: (قُسِيّ) (٣) وقالوا: (شَمْأَل وشَأْمَل) (٤) كذلك هاهنا قلبت الهمزة.
ثم خفف (٥) بالحذف فقيل: ملك وأصله من المأْلُكة والمَأْلَكَة (٦) والألوك وهي: الرسالة، ويقال: ألِكْني (٧) إليه، أي: كن رسولي، وبلغ إليه رسالتي. قال لبيد:
وغُلَامٍ أَرْسَلَتْهُ أُمُّهُ | بِأَلُوكٍ فَبَذَلْنَا مَا سَأَلْ (٨) |
(٢) ويسمى قلبًا مكانيًا، انظر "مشكل إعراب القرآن" ١/ ٣٦.
(٣) قال في "اللسان": (قُسي) و (قِسي) كلاهما على القلب عن (قُووس) وإن كان (قُووس) لم يستعمل استغنوا بقسيِّ عنه، فلم يأت إلا مقلوبا...) "اللسان" (قوس) ٦/ ٣٧٧٣.
(٤) في (أ) (شئمال وشأمل)، والصحيح ما أثبت كما في (ب) و (ج)، ومثله عند "الطبري"، وهو على القلب المكاني. انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٩٨.
(٥) في (ج): (خففت).
(٦) (والمألكة) ساقطة من (ب).
(٧) في (ب): (اللي).
(٨) ورد البيت في (ديوان لبيد) مع شرحه: ص ١٧٨، "تفسير الطبري" ١/ ١٩٨، "المعاني الكبير" ١/ ٤١٠، ٣/ ١٢٣٨، "الزاهر" ٢/ ٢٦٧، "المحكم" (أَلك) ٧/ ٦٨، "الخصائص" ٣/ ٢٧٥، "المنصف" ٢/ ١٠٤، "تفسير القرطبي" ١/ ٢٢٤، "الدر المصون" ١/ ٢٥٠، "إملاء ما مَنَّ به الرحمن" ١/ ٢٧، "اللسان" (ألك) ١/ ١١٠. يقول (أرسلت هذا الغلام أمُّه برسالة فأعطيناه ما طلب).
وسميت الرسالة أَلوُكا، لأنه يؤلك في الفم، مشتقّاً (١) من قول العرب: الفرس يألك (٢) اللجام ويعضه بمعنى يمضغ الحديدة (٣). ذكره الليث، قال:
والمعروف: يَلُوك (٤). وقال عبد بني الحسحاس (٥):
أَلِكني إليْهَا عَمْرَكَ اللهُ يَا فَتَى | بآيةِ (٦) مَا جَاءَتْ إليْنَا تَهَادِيَا (٧) |
فَلَسْتَ لإنسيٍّ ولكن لمَلأَكٍ (٩) | تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ يَصُوبُ (١٠) |
(٢) في (ب): (تألك، وتعضه، وتمضع) بالتأنيث في المواضع الثلاثة.
(٣) في (ب)، (ج): (الحديد).
(٤) "تهذيب اللغة" (ألك) ١/ ١٨٤.
(٥) هو سحيم عبد بني الحسحاس، أدرك الجاهلية والإسلام، ولا يعرف له صحبة، كان أسود شديد السواد وبنو الحسحاس: من بني أسد بن خزيمة. انظر ترجمته في: "الشعر والشعراء" ص ٢٥٨، "الخزانة" ٢/ ١٠٢.
(٦) في (أ)، (ج): (كآية) وما في (ب) تفسير موافق لجميع المصادر التي ورد فيها البيت.
(٧) ورد البيت في (ديوان سحيم): ص ١٩، و"الطبري" ١/ ١٩٨، "الخصائص" ٣/ ٢٧٤، "معجم مقاييس اللغة" ١/ ١٣٣، "مجمل اللغة" (ألك) ١/ ١٠٢، أساس البلاغة (ألك): ص ٨، "الخزانة" ٢/ ١٠٤. قوله: ألكني إليها: بلغها عني رسالة، والآية: العلامة، والتهادي: التمايل في المشي.
(٨) قوله: (فرد الملك إلى الأصل) ورد في (ب) بعد البيت وهذا أولى، والمعنى رد الملك إلى أصله وهو (ملأك).
(٩) في (أ) و (ج): (لها لا ك) وهو تصحيف يخالف رواية البيت المشهورة.
(١٠) سبق تخريج البيت.
وأصله مألك (١) فقلب الهمزة كما قالوا: شاك في شائك، ولاث في لائث (٢).
ويقال في الجمع الملائكة والملائك، قال كثير:
كَمَا قَدْ عَمَمْتَ المؤْمِنِينَ بِنَائِلٍ | أَبَا (٣) خَالِدٍ صَلَّتْ عَلَيْكَ المَلاَئِكُ (٤) |
وقال النضر بن شميل في الملك: إن العرب لا تشتق فعله ولا تصرفه، وهو مما فات (٦) علمه.
وقال بعض المتأخرين (٧): أصله ملك كما (٨) هو الآن وهو بمعنى
(٢) انظر: "الكتاب" ٣/ ٤٦٦، ٤/ ٣٧٨، "سر صناعة الإعراب" ١/ ٣٠٧.
(٣) في (ب): (اخالد).
(٤) ورد البيت في "المنصف" ٢/ ١٠٣، "البحر" ١/ ١٢٧، "الدر المصون" ١/ ٢٥١، غير منسوب فيها كلها.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (ملك) ٤/ ٣٤٤٩، (ألك) ١/ ١٨٤، "تفسير الطبري" ١/ ١٩٧، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨٠، "مجاز القرآن" ١/ ٣٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ أ، "الكشاف" ١/ ٣٧١.
(٦) في (ج): (من مات عليه) وكلام النضر ورد في "تفسير الثعلبي" قال: وهو مما فات عليه ١/ ٦٠ أ. وقد سبق كلام النضر. وانظر التعليق عليه.
(٧) هو أبو القاسم الزجاجي ذكره فيما سبق قال: (وذهب بعض المتأخرين من أصحاب أبىِ علي الفارسي، وهو أبو القاسم الزجاجي...). والتعليق عليه هناك، حيث إن للزجاجي قولاً آخر يوافق الجمهور.
(٨) (كما) ساقطة من (أ) و (ج) والسياق يقتضيها.
المملوك يذهب (١) فيه إلى أنه لله بمنزلة العبد لغيره، فهو (فَعَل) بمعنى مفعول كالنقض (٢) والخبط، فخالف بهذا القول جميع أهل اللغة واحتج على ما ذهب إليه بما يطول ذكره (٣).
و (الخليفة) الذي يخلف الذاهب أي يجيء بعده، ويقال للسلطان: خليفة لأنه يخلف من قبله، يقال: خلف فلان مكان فلان، يخلف [إذا كان في مكانه (٤).
اللحياني: خلف فلان فلانا في أهله وفي مكانه يخلفه، (٥) خلافة حسنة، وكذلك (٦) قيل: أوصى له بالخلافة، ويقال: خلفني ربي في أهلي وولد في أحسن الخلافة (٧).
وأصل الخليفة خليف بغير هاء، لأنه (فَعِيل) بمعنى: (فاعل)، كالعليم والسميع، فدخلت (الهاء) للمبالغة بهذا الوصف، كما قالوا: راوية (٨) وعلاَّمة (٩). وقال ابن السكيت: أما الخليفة فإنه وقع للرجال خاصة، وإن كان (١٠) فيه (الهاء)، ألا ترى أنهم قد جمعوه (خلفاء) كما
(٢) في (ب): (بالنقض).
(٣) وقد سبق ذكر احتجاجه مفصلاً في الكلام السابق.
(٤) أنظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٩٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ أ.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٦) في "تهذيب اللغة" (ولذلك) ١/ ١٠٨٩.
(٧) "تهذيب اللغة" (خلف) ١/ ١٠٨٩.
(٨) وفي (ج): (رواية).
(٩) انظر: "الزاهر" لابن الأنباري ٢/ ٢٤١، "الصحاح" (خلف) ٤/ ١٣٥٦، "اللسان" (خلف) ٢/ ١٢٣٥.
(١٠) (كان) ساقط من (ب).
يجمع فعيل. هذا فيمن ذَكَّر واستعمل المعنى، ومن أنث لتأنيث اللفظ قال في الجمع: (خلائف) (١). وقد ورد التنزيل بها، قال الله تعالى: ﴿خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ﴾ [الأعراف: ٦٩]، وقال: ﴿خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ﴾ (٢) ويجوز تأنيث الخليفة على اللفظ كما قال:
أَبُوك خَلِيفَةٌ وَلَدَتْه أُخْرى | وَأَنْتَ خَلِيفَةٌ ذَاكَ الكَمَالُ (٣) |
(٢) سورة يونس: ١٤، وفي فاطر: ٣٩.
(٣) البيت استشهد به الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٢٠٨، ولم ينسبه، وورد في "الزاهر" ٢/ ٢٤٢، "والمذكر والمؤنث" لابن الأنباري: ص ٥٦٥، ونسبه لـ (نُصيب) قال المحقق: ليس في شعره، وورد في "تهذيب اللغة" (خلف) ١/ ١٠٩٠، "الصحاح" ٤/ ١٣٥٦، "اللسان" ٢/ ١٢٣٥، كلهم قالوا: أنشد الفراء.
والشاهد فيه: قوله: (أخرى) فأنث لتأنيث اسم الخليفة، والوجه أن تقول: ولده آخر. قاله الفراء.
(٤) هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي، بالولاء، مدني روى عن أبيه زيد بن أسلم، ضعيف. مات سنة اثنتين وثمانين ومائة. انظر ترجمته في: "الجرح والتعديل" ٥/ ٢٣٣، "تهذيب التهذيب" ٢/ ٥٠٧، "طبقات المفسرين" للداودي ١/ ٢٧١.
(٥) ورد ضمن آثار رويت عن ابن عباس وابن مسعود وابن زيد ذكرها الطبري في "تفسيره" بسنده، وقد علق الأستاذ محمود شاكر على هذِه الآثار بكلام طويل، محصلته أن الطبري استدل بهذِه الآثار لبيان معنى لفظ (خليفة) وتحقيق معناه، ولم يبال بما في الإسناد من وهن لا يرتضيه، وقد رجح الطبري: أن المراد بالخلافة خلافة قرن منهم قرنًا غيرهم، وأن الذي يفسد ويسفك الدماء غير آدم.
وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٥١ - ٤٥٣، وذكر نحوه ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٧٥ وساق الآثار على هذا.
جعله خليفة عن الملائكة الذين كانوا سكان الأرض بعد الجن (١).
قال المفسرون: وذلك أن الله تعالى خلق السماء والأرض، وخلق الملائكة والجن، فأسكن الملائكة السماء وأسكن الجن (٢) الأرض، فغبروا دهراً طويلاً في الأرض، ثم ظهر فيهم الحسد والبغي، فاقتتلوا وأفسدوا، فبعث إليهم جندا من الملائكة يقال لهم: الجن ورأسهم إبليس، وهم خزان الجنان، اشتق لهم اسم من الجنة، فهبطوا إلى الأرض، وطردوا الجن عن وجوهها إلى شعوب الجبال، وجزائر البحور، وسكنوا الأرض، وكانوا أخف الملائكة عبادة، لأن أهل السماء الدنيا أخف عبادة من الذين فوقهم، وكذلك أهل كل سماء، وهؤلاء الملائكة لما صاروا سكان الأرض خفف الله عليهم العبادة، وخلقت الملائكة كلها من نور غير هذا الحي (٣) الذين يقال لهم: الجن (٤)، فأحبوا (٥) البقاء في الأرض.
(٢) (الجن) ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (الجن).
(٤) في "تفسير الطبري": (الحن) بالمهملة. قال شاكر في هامش "الطبري": في المطبوعة في موضعين (الجن) بالجيم وهو خطأ، يدل عليه سياق الأثر، فقد ميز ما بين إبليس، وبين الجن الذين ذكروا في القرآن.. والجن (بالجيم) أول من سكن الأرض، وإبليس جاء لقتالهم في جند من الملائكة..) "تفسير الطبري" ١/ ٤٥٥ (ط. شاكر).
(٥) في (ب): (واحبوا).
كان الله تعالى قد أعطى إبليس ملك الأرض وملك السماء الدنيا وخزانة الجنان، وكان يعبد الله عز وجل تارة في الأرض وتارة في السماء وتارة في الجنة، فأعجب بنفسه، وتداخله الكبر، فاطلع الله على ما انطوى عليه في الكبر، فقال له ولجنده: إني جاعل في الأرض خليفة (١).
وإخبار (٢) الله تعالى الملائكة بهذا يكون على جهة البشارة لهم بمكان آدم كما جرت به سنته بالبشارة بالأنبياء قبل خلقهم وقبل إرسالهم (٣). ولا يكون ذلك (٤) على جهة المشاورة معهم (٥)، لامتناع
(٢) في (ب): (واختار).
(٣) أنظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ٧٤.
(٤) في (أ)، (ج): (على ذلك جهة) وأثبت ما في (ب)، لأنه أصح لاستقامة السياق.
(٥) أورد ابن أبي حاتم في "تفسيره" أثرًا منكرا عن السدي، وفيه: (فاستشار الملائكة في خلق آدم) قال المحقق: هذا خبر منكر، انظر "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٧٦. وأورده ابن كثير في تفسير، وقال: وهذِه العبارة إن لم ترجع إلى معنى الإخبار =
المشاورة في وصفه، لوجوب كونه عالماً لا يخفى عليه شيء.
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾. قال الفراء (١): أراد: فقالوا فحذف فاء النسق كقول الشاعر:
لمَّا رَأَيْتُ نَبَطاً أَنْصَارَا
شَمَّرْتُ عَنْ رُكْبَتِي الإزَارَا
كُنْتُ لَهْمْ مِنْ النَّصَارى جَارَا (٢)
أي: فكنت لهم. واختلفوا (٣) في قول الملائكة: (أتجعل فيها) على أي وجه حصل منهم هذا: فروي أن الذين قالوا هذا عشرة آلاف من الملائكة، فأرسل الله (٤) عليهم نارا فأحرقتهم (٥).
وقال بعض أهل المعاني: فيه إضمار واختصار، معناه: أتجعل فيها من يفسد فيها [ويسفك الدماء؟ أم تجعل فيها من لا يفسد فيها] (٦) ولا يسفك الدماء؟ كقوله تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ﴾ [الزمر: ٩]، يعني
(١) أنظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٤، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ ب.
(٢) أنشد الفراء الرجز ونسبه لبعض الأعراب "معاني القرآن" ١/ ٤٤، وأورده "الطبري" في "تفسيره" ١/ ٣١٨، والثعلبي ١/ ٦٠ ب، وهو في "الزاهر" ١/ ٢٢٥، "تفسير الماوردي" ١/ ١٣٢، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٩، "الدر المصون" ١/ ٤٠٧.
(٣) في (ب): (فاختلوا).
(٤) لفظ الجلالة غير موجود في (ب).
(٥) هذا الكلام ورد في رواية منكرة غريبة أخرجها ابن أبي حاتم في "تفسيره" عن يحيى بن أبي كثير عن أبيه. قال المحقق: (منكر غريب)، "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٧٨. وذكرها ابن كثير عن ابن أبي حاتم، وقال: (إسرائيلي منكر)، "تفسير ابن كثير" ١/ ٧٦.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
كمن هو غير قانت (١)، وكقول أبي ذؤيب:
عَصَيْتُ إليْها القَلْبَ إِنِّي لِأَمْرِهَا | مُطِيعٌ فَمَا أَدْرِي أَرُشْدٌ طِلاَبُهَا (٢) |
وقيل: لما قال الله: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ أشكل على الملائكة أن الخليفة ممن يكون، قالوا: يا ربنا أتجعل في الأرض خليفة كما كان بنو الجان مفسدين؟ أم تجعل خليفة من الملائكة؟ فإنا نسبح بحمدك، فلم يطلعهم الله على ذلك، فقال: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ أي (٧): أن فيهم المطيع والعاصي جميعاً (٨).
(٢) سبق ذكر البيت وتخريجه وشرحه في: ٢/ ٥٥.
(٣) في (ب): (رشد).
(٤) في (أ): (ولاعتراض).
(٥) ذكر نحوه الطبري ورجحه. انظر: "تفسير الطبرى" ١/ ٢٠٩ وهو قريب من قول الزجاج الآتي ذكره، انظر: "معاني القرآن" ١/ ٧٦، وانظر. "زاد المسير" ١/ ٦٠، "تفسير القرطبي" ١/ ١٣٥.
(٦) رجح الطبري أن الله أطلع الملائكة على ما يكون من ولد آدم، لأن ذلك يفهم من السياق، انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢١٠.
(٧) في (ب): (إذ فيهم).
(٨) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٠٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٠ ب، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٦، "تفسير القرطبي" ١/ ٢٣٥.
وقال الزجاج حكاية عن غيره: المعنى في هذا هو (١): أن الله أعلم الملائكة أنه جاعل في الأرض خليفة، أن الخليفة (٢) فرقة من بني آدم [تسفك] (٣) الدماء، وأن الله أذن للملائكة أن يسألوه عن ذلك، وكان (٤) إعلامه إياهم هذا زيادة في التثبيت (٥) في نفوسهم أنه يعلم الغيب، وكأنهم قالوا: أتخلق (٦) فيها قوماً يسفكون الدماء ويعصونك، وإنما ينبغي إذا عرفوا أنك خلقتهم أن يسبحوا بحمدك كما نسبح، ويقدسوا كما نقدس، ولم يقولوا هذا إلا وقد أذن لهم، لأن الله تعالى وصفهم بأنهم يفعلون ما يؤمرون (٧).
فإن قيل: فأين إخبار الله بذلك للملائكة فإنا لا نراه في القرآن؟ قيل: هو محذوف مكتفى بدلالة الكلام عليه، كأنه قال: (إني جاعل في الأرض خليفة) يكون من ولده إفساد (٨) في الأرض، وسفك للدماء (٩)، فحذف هذا اكتفاء (١٠) بما دل عليه من جواب الملائكة، كما
(٢) كذا في جميع النسخ وفي "معاني القرآن" (بالقاف) في الموضعين.
(٣) في (أ) و (ج): (يسفك)، و (ب) غير معجم، وفي "معاني القرآن" (تسفك) ١/ ٧٦.
(٤) (الواو) ساقطة من (ج).
(٥) في (أ) و (ج): (التثبت)، وما في (ب) موافق لما في "معاني القرآن" ١/ ٧٦.
(٦) في النسخ: (الخلق)، تحريف، والصواب ما أثبتنا من "معاني القرآن".
(٧) انتهى كلام الزجاج، انظر: "المعاني": ص ٧٧.
(٨) (إفساد) مكرر في (أ) و (ج).
(٩) في (ب): (الدماء).
(١٠) في (أ) و (ج): (اكتفى) وأثبت ما في (ب)، لأنه هو الأصوب.
قال الشنفرى (١):
فَلَا تَدْفِنُونِي إنَّ دَفْنِي مُحَرَّمٌ | عَلَيْكُمْ ولكن خَامِري أُمَّ عَامِرِ (٢) |
قال الزجاج: ويجوز أن يكون هذا القول من الملائكة على وجه استعلام وجه الحكمة، لا على الإنكار. معناه: كيف تجعل في الأرض من يفسد ويسفك الدماء ونحن نسبحك الآن إذ أجليناهم (٤) وصرنا سكانها، فأخبِرْنا (٥) وجه الحكمة فيه (٦).
(٢) البيت قاله الشنفرى الأزدي في قصة طويلة انظر تفاصيلها في "الخزانة" ٣/ ٣٤٤ - ٣٤٨، ويروى البيت (لا تقتلوني)، (إن قبري)، (ولكن أبشري) وفي "ذيل الأمالي" (لا تقتلوني)، (إن قتلي). وأم عامر: كنية الضبع و (خامري) أي استتري، يريد دنو الضبع مستخفية ملازمة لمكانها حتى تخالط القتيل فتصيب منه. والمعنى:
يقول لا تدفنوني بعد قتلي واتركوني للتي يقال لها (أم عامر).
ورد البيت في "تفسير الطبري" ١/ ٢١٠، "الحماسة بشرح المرزوقي" ٢/ ٤٨٧، "الشعر والشعراء" ص ٣١، "ذيل الأمالي" للقالي ٣/ ٣٦، "الخزانة" ٣/ ٣٢٧.
(٣) السؤال الذي ذكره الواحدي والإجابة عنه، ورد عند الطبري في "تفسيره" ١/ ٢١٠.
(٤) في (ب): (اخليناهم).
(٥) في (ب): (فأضرها).
(٦) نقل الواحدي كلام الزجاج بمعناه، ومنه قوله: (روي أن خلقًا يقال لهم: (الجان) كانوا في الأرض فأفسدوا وسفكوا الدماء. فبعث الله ملائكته فأجلتهم من الأرض، وقيل: إن هؤلاء الملائكة صاروا سكان الأرض بعد الجان.. إلخ) وهذا يوضح قول الواحدي: (ونحن نسبحك الآن إذ أجليناهم وصرنا سكانها). "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٦.
وقال ابن عباس وأكثر المفسرين: إن الله تعالى لما اطلع على كبر إبليس قال للملائكة الذين كانوا معه: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ فقالت (١) الملائكة: أتجعل فيها من يفسد فيهما كما فعل (٢) بنو الجان، قاسوا بالشاهد على الغائب (٣)، فقال الله تعالى: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ من كبر إبليس واغتراره بفعله، ثم لما ظهر من أمر إبليس ما ظهر وعجزت هؤلاء الملائكة عن (٤) الإخبار عن أسماء الأشياء اعترفوا بالعجز، وقالوا: ﴿سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا﴾ (٥) ومع وضوح هذه الأقوال فإن ظاهر الخطاب يدل على أنه شق على الملائكة خلق الخليفة لأنهم لما سكنوا (٦) الأرض خفت عنهم العبادة كما ذكرنا، فخافوا أن يردوا إلى السماء فتثقل عليهم العبادة فلهذا شق عليهم خلق الخليقة (٧).
(٢) في (ب): (فعلوا).
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٠ ب.
(٤) في (ب): (من).
(٥) ورد نحوه في رواية طويلة عن ابن عباس ساقها "الطبري" في "تفسيره"، وعلق عليها بأن الرواية أفادت أن القائل ذلك خاص من الملائكة وليس كلهم. وقد أخذ محمود شاكر من تعليق الطبري: أن الطبري لم يروه لاعتماد سنده وإنما لبيان أن الخطاب لبعض الملائكة، وأن قولهم: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا﴾ لم يكن عن علم بالغيب عرفوه، بل كان ظنا ظنوه).
انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٥٥ - ٤٥٨، "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٨، "الدر المصون" ١/ ٤٥.
(٦) في (ب): (اسكنوا).
(٧) اعتمد الواحدي في هذا على ما ذكره شيخه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٠ ب. وورد نحوه عند أبي الليث في "تفسيره" ١/ ١٠٨. وهذا لا يتناسب مع منزلة الملائكة =
وقوله تعالى: ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾. معنى التسبيح: تنزيه الله من كل سوء، وقد يكون بمعنى الصلاة، ويقال: سبح لله (١) أي صلى لله (٢).
قال الحسن: معناه: يقول سبحان الله وبحمده (٣).
قال الأزهري (٤): أجمع المفسرون وأهل المعاني: أن معنى (٥) تسبيح الله، تنزيه الله وتبرئته عن السوء.
قال: وأصل التسبيح (٦) في اللغة، التبعيد من قولك: سبحت في الأرض، إذا تباعدت فيها، ومن هذا قوله تعالى: ﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ [يس: ٤٠]، فكل من أثنى على الله وبعّده من السوء، فقد سبح له (٧) ونزهه.
وقال بعض أهل المعاني: معنى قوله: ﴿نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ﴾ نتكلم بالحمد لك، والنطق بالحمد لله تسبيح له، كما قال: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ [الشورى: ٥] وقال: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ [النصر: ٣] أي:
(١) في (ب): (الله).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٢١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٧، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ٢٣٦، "زاد المسير" ١/ ٦١.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٠ ب.
(٤) "تهذيب اللغة" (سبح) ٢/ ١٦٠٩. نقل كلامه بتصرف.
(٥) في (ب): (على أن المعنى). وقوله: (أجمع المفسرون وأهل المعاني) ليس في "تهذيب اللغة".
(٦) (التسبيح) ساقط من (ج).
(٧) في (ب): (فقد سبح الله).
احمده، ويكون حمد الحامد لله تسبيحا له، لأن معنى الحمد لله: الثناء عليه والشكر له، وهذا تنزيه له واعتراف بأنه أهل لأن ينزه (١)، ويعظم، ويثنى عليه (٢). ومعنى قول القائل (سبحان الله): براءة الله من السوء (٣) وتنزيهه، وكثر لفظ (سبحان الله) في كلامهم، سيما عند التعجب، حتى صار كلمة للتعجب، قال الأعشى:
أَقُولُ لمّا (٤) جَاءَنِي فَخْرُهُ | سُبْحَانَ مِنْ (٥) عَلْقَمَةَ الفَاخِرِ (٦) |
(٢) نحوه في "تفسير الطبري" ١/ ٢١١، "زاد المسير" ١/ ٦١، "تفسير القرطبي" ١/ ٢٣٧.
(٣) انظر: "الكتاب" ١/ ٣٢٤، "تهذيب اللغة" (سبح) ٢/ ١٦٠٩.
(٤) في (ج): (لمن).
(٥) (من) ساقطة من (ب).
(٦) البيت للأعشى ضمن قصيدة يهجو بها علقمة بن علاثة العامري، ويمدح عامر بن الطفيل، لما تنازعا في الجاهلية على الرياسة في بني كلاب. وقد مات عامر مشركًا، وأسلم علقمة، ولهذا ورد أن النبي ﷺ نهى عن رواية القصيدة. يقول: أقول لما جاءني فخر علقمة على عامر: (سبحان من علقمة الفاخر)، أي أتعجب، سبحان الله منه، كذا خرجه بعضهم، وبهذا المعنى استشهد الواحدي به، وخرجه ابن فارس: بمعنى: ما أبعده، وبعضهم قال معنى (سبحان) في البيت: البراءة والتنزيه، وللراغب في "مفرداته" أقوال أخرى: ص ٢٢١. ورد البيت في "الكتاب" ١/ ٣٢٤، "مجاز القرآن" ١/ ٣٦، "المقتضب" في "تفسيره" ٣/ ٢١٨، "مقاييس اللغة" (سبح) ٣/ ١٢٥، "الزاهر" ١/ ١٤٤، و"الطبري" ١/ ٢١١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٨، "مفردات الراغب": ص ٢٢١، "الخصائص" ٢/ ١٩٧، ٤٣٥، "شرح المفصل" لابن يعيش ١/ ٣٧، ١٢٠، "الديوان": ص ٩٣.
أي تعجب منه. ونحو هذا قال الزجاج في معنى: ﴿نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ﴾ قال: نبرئك من السوء (١).
ويأتي بقية القول في معنى (سبحان) (٢) عند قوله: ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا﴾ [البقرة: ٣٢].
وقوله تعالى: ﴿وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ (٣). أي: نطهرك وننزهك عما لا يليق بك من النقص. و (اللام)، فيه صلة (٤).
و (التقديس): التطهير، والقدس: الطهارة، والبيت المقدس: المطهر (٥). قال الزجاج: ومن هذا قيل للسطل: قدس، لأنه يتقدس منه، أي يتطهر (٦).
قال غيره (٧): والقُداس هو (٨) الجمان (٩) من فضة، لأنه أبيض نقي. قال الشاعر في وصف الدموع:
(٢) في (ج) (سبحانا).
(٣) (الواو) ساقطة من (ب).
(٤) ذكره الثعلبي ١/ ٦١ أ، وأجاز العكبري في (اللام) أن تكون بمعنى: لأجلك، أو زائدة أو تكون معدية للفعل مثل الباء، "الإملاء" ١/ ٢٨.
(٥) انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٨، "تهذيب اللغة" (قدس) ٣/ ٢٩٠٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ٦١ أ.
(٦) "شرح أسماء الله الحسنى" للزجاج: ص ٣٠، وانظر "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٩٠٠، "اللسان" (قدس) ٦/ ٣٥٤٩.
(٧) هو الليث كما في "تهذيب اللغة" (قدس) ٣/ ٢٩٠٠.
(٨) (هو) ساقط من (ب).
(٩) في (ب): (الجمال). والجمان: حب يتخذ من الفضة أمثال اللؤلؤ، وقيل: خرز يُبَيَّض بماء الفضة. "اللسان" (جمن) ٢/ ٦٨٩.
كَنَظْمِ قُدَاسٍ سَلْكُهُ مُتَقَطِّعُ (١)
قال أبو علي الفارسي: معنى نقدس لك: ننزهك عن السوء، فلا (٢) ننسبه إليك، و (اللام) فيه على حدها في قوله: ﴿رَدِفَ لَكُمْ﴾ [النمل: ٧٢] لأن المعنى تنزيهه، وليس المعنى أن ينزه شيء من أجله. فأما قولهم: (بيت المقدس) وقول الراجز:
الحَمْدُ للهِ العَلِيِّ القَادِسِ (٣)
يدل على أن الفعل قد استعمل من التقديس، بحذف الزيادة، فإذا كان كذلك، لم يخل (المَقْدِس) من أن يكون مصدرا أو مكانا، فإن كان مصدرا كان كقوله: ﴿إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ﴾ (٤) ونحوه من المصادر، والتي (٥) جاءت على هذا المثال.
وإن كان مكاناً، فالمعنى: بيت المكان الذي جعل فيه الطهارة أو بيت مكان الطهارة، وتطهيره على إخلائه من الأصنام وإبعاده منها، كما جاء
تَحَدَّرَ دَمْعُ العَيْنِ مِنْهَا فَخِلْتُه
يصف تحدر دمعة العين بنظم القُدَاس إذا انقطع سلكه، والبيت غير منسوب، ذكره الأزهري في "التهذيب" (قدس) ٣/ ٢٩٠٠، والجوهري في "الصحاح" (قدس) ٣/ ٩٦١، وابن فارس في "مجمل اللغة" (قدس) ١/ ٧٤٥، "مقاييس اللغة" (قدس) ٥/ ٦٤، وورد في "اللسان" (قدس) ٦/ ٣٥٥٠.
(٢) في (ب): (ولا).
(٣) ورد في "الحجة" لأبي علي بدون نسبة "الحجة" ٢/ ١٥٢. ولم أجده في غيرها.
(٤) سورة الأنعام: ٦٠، ويونس: ٤. وفي (الحجة): (كقوله: ﴿إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ﴾)، (الحجة) ٢/ ١٥٢. وهي جزء من آية في سورة آل عمران: ٥٥، والعنكبوت: ٨، ولقمان: ١٥.
(٥) (والتي) كذا وردت في جميع النسخ والأولى حذف الواو كما في "الحجة" ٢/ ١٥٢.
﴿أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ﴾ (١) [البقرة: ١٢٥]. انتهى كلامه (٢).
فعلى قول أبي علي (اللام) في (لك) صلة (٣).
وقال أبو إسحاق: معنى: (نقدس لك) أي نطهر أنفسنا لك.
قال: ومن هذا: البيت المقدس، أي: البيت المطهر، وبيت المقدس أي بيت المكان الذي يتطهر فيه من الذنوب (٤).
فعلى هذا (اللام) لام أجل (٥)، أي نطهر لأجلك قلوبنا من الشرك، وأبداننا من المعصية.
وقوله تعالى: ﴿قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾.
قال ابن عباس: يعني من إضمار إبليس العزم على المعصية، وما اطلع عليه من كبره (٦).
وقال ابن مسعود: ﴿مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ مما يؤول إليه أمر إبليس (٧).
(٢) أي كلام أبي علي، نقله بتصرف، انظر: "الحجة" ٢/ ١٥١، ١٥٢.
(٣) وهو قول الثعلبي كما مر قريبًا وذكر العكبري فيها أقوالًا أخرى، انظر: "الإملاء" ص ٧٠٦، تعليق رقم ٥.
(٤) انظر كلام الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٧٨، ليس فيه قوله: (البيت المقدس) أي (البيت المطهر).
(٥) وبه أخذ العكبري، انظر: ص ٧٠٦، تعليق ٥، وانظر "الإملاء" "تفسير الطبري" ١/ ٢١١، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ٢٣١.
(٦) أخرجه "الطبري" بسنده من طريق الضحاك، "تفسير الطبري" ١/ ٢١٢، وانظر "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٣٢، "الدر" ١/ ٩٥، "زاد المسير" ١/ ٦١.
(٧) أخرجه "الطبري" من طريق السدي عن مرة عن ابن مسعود، وعن أبي صالح عن ابن عباس ١/ ٢١٢، وأخرج ابن أبي حاتم نحوه ١/ ٧٩، وانظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٣٢.
وقال قتادة (١): ﴿أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ أنه يكون في أولاد آدم من هو من أهل الطاعة.
وقال الزجاج: معناه أبتلي من تظنون أنه مطيع فيؤديه الابتلاء إلى المعصية، ومن تظنون أنه عاص فيؤديه إلى الطاعة (٢).
وقيل: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ من تفضيل آدم عليكم، وما أتعبدكم به من السجود له، وأفضله به عليكم من تعليمي الأسماء، وذلك أنهم قالوا فيما بينهم: ليخلق ربنا ما يشاء، فلن يخلق خلقاً أفضل ولا أكرم عليه منا (٣).
وفتح أبو عمرو وابن كثير (الياء) في قوله: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ﴾ [البقرة: ٣٠]، ﴿إِنِّي أَرَى﴾ (٤) عند الهمزة المفتوحة. وزاد أبو عمرو عند الهمزة المكسورة، مثل: ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ﴾ (٥).
وزاد نافع عند المضمومة، مثل: ﴿عَذَابِي أُصِيبُ﴾ [الأعراف: ١٥٦]، ﴿فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ﴾ [المائدة: ١١٥]، ﴿إِنِّي أُرِيدُ﴾ (٦).
(٢) ذكر كلام الزجاج بمعناه. انظر: "معاني القرآن" ١/ ٧٧، وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٦٢.
(٣) لم أجد هذا القول فيما اطلعت عليه من كتب التفسير، والله أعلم.
(٤) سورة الأنفال: ٤٨، وسورة يوسف: ٤٣، وسورة الصافات: ١٠٢.
(٥) سورة يونس: ٧٢، سورة هود: ٢٩، وسورة سبأ: ٤٧.
(٦) (إني) ساقط من (ب). سورة المائدة: ٢٩، والقصص: ٢٧. =
وحجتهم في ذلك (١) أن هذه (الياء) أصلها الحركة، لأنها بإزاء الكاف للمخاطب، فكما فتحت الكاف، كذلك تفتح (الياء).
فإن قيل: إن الحركة في حروف اللين مكروهة؟
قيل: الفتحة من بينها (٢) لا تكره، وإن كرهت الضمة والكسرة، ألا ترى أن (القاضي) ونحوه يحرك بالفتح (٣)، كما يحرك (٤) سائر الحروف التي لا لين لها (٥)، ألا ترى أن (غواشي) (٦) تجري في النصب مجرى
انظر: "السبعة" لابن مجاهد: ص ١٥٢، "الحجة" لأبي علي ١/ ٤١١، "الكشف" لمكي ١/ ٣٢٤، "تحبير التيسير": ص ٧٩، "البدور الزاهرة": ص ٢٨.
(١) أي حجة من قرأ بالفتح، والكلام منقول من "الحجة" بتصرف ١/ ٤١٤.
(٢) (بينها) ساقطة من (ج).
(٣) أي أن الاسم الذي آخره (ياء) مكسور ما قبلها لا يدخله جر ولا رفع لثقل ذلك، يدخله الفتح، ولذلك بني على الفتح، انظر "المقتضب" ٤/ ٢٤٨.
(٤) في (ج): (تحرك).
(٥) في (ج): (فيها) وهذا موافق لما في "الحجة" ١/ ٤١٤.
(٦) كذا في جميع النسخ وفي "الحجة": (.. أن الياء في (غواش)..) ١/ ٤١٤، قال تعالى: ﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ [الأعراف: ٤١].
مساجد ونحوه (١) من الصحيح.
وقد اتفقوا أيضًا على تحركها بالفتح، إذا سكن ما قبلها، نحو بشراي (٢) وغلامي وقاضيّ، ورأيت غلاميّ (٣)،
فاجتماعهم على تحريكها بالفتح (٤) في هذا النحو يدل على أن ذلك أصلها إذا تحرك ما قبلها (٥).
وأما (٦) من أسكن هذه (الياءات) فحجته أن الفتحة مع (الياء) قد كرهت في (٧) الكلام، كما كرهت الحركتان (٨) الأخريان فيها، ألا ترى أنهم قد أسكنوها في الكلام في حال السعة إذا لزم تحريكها بالفتحة، كما أسكنوها إذا لزم تحريكها بالحركتين الأخريين (٩)، وذلك قولهم: (قالي قلا) (١٠)،
(٢) (ب): (براى).
(٣) الياء في (قاضي) ورأيت غلامي (مشددة) والأولى منهما ساكنة فتفتح (الياء) الثانية انظر: "الكتاب" ٣/ ٤١٤، ٤/ ١٨٧.
(٤) في (ب): (نحو في هذا النحو).
(٥) انتهى من بيان حجة من قرأ بفتح الياء في قوله: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ﴾ والكلام من "الحجة" بتصرف ١/ ٤١٤. وانظر: "الحجة" لابن خالويه: ص ٧٤، "الكشف" لمكي ١/ ٣٢٤، "البيان" لابن الأنباري ١/ ٧٢٠.
(٦) في (ب): (وإنما من).
(٧) في (ب): (بالكلام).
(٨) في (ب): (الحركات). والحركات: هما الضمة والكسرة.
(٩) في (أ) و (ج): (الأخرين) وأثبت ما في (ب) لأنه أصح وموافق لما في "الحجة" ١/ ٤١٥.
(١٠) (قالي قلا) اسم مدينة بأرمينة، سميت باسم امرأة ملكتهم وبنت تلك المدينة وإليها ينسب بعض العلماء كالقالي، انظر: "معجم البلدان" ٤/ ٢٩٩.
و (بادي بدا) (١)، و (معد يكرب) (٢) و (حيري (٣) دهر) (٤).
و (الياء) في هذه المواضع في موضع الفتحة التي في آخر أول الاسمين، نحو: (حضر موت) و (بعلبك) وقد أسكنت كما أسكنت في الجر (٥) والرفع (٦).
ومما يؤكد الإسكان فيها أنها مشابهة (٧) للألف، والألف تسكن (٨) في الأحوال الثلاث (٩)، كذلك (الياء) تسكن. والدليل على شبه (الياء) الألف قربها منها في المخرج، وإبدالهم إياها منها في نحو (طائيٍّ) و (حاريٍّ) في
(٢) في (أ)، (ج): (معدي).
(٣) في (ب): (حرى).
(٤) ومنه قول العرب (لا أفعل ذلك حيري دهر). أي: أبداً. انظر "الكتاب" ٣/ ٣٠٧.
(٥) في (ب): (الخبر).
(٦) يقول: إن الأسماء المركبة مثل (قالي قلا) مما آخر الاسم الأول (ياء) فالياء تسكن، لأنها في وسط الاسم، ولأنها لو كانت معربة بالجر أو الرفع سكنت، كما تقول: (مررت بالقاضي). وكان ينبغي في هذِه الياء أن تفتح، كما فتح آخر الاسم الأول من المركب نحو (حضرموت) والذي جعل الاسمان فيه كاسم واحد، لأن الحركة تستثقل عليه، والفتح أخف الحركات، ولما ثقلت الفتحة على الياء لم يبق بعد الفتح إلا السكون. انظر: "الكتاب" ٣/ ٣٠٤، ٣٠٥، "المقتضب" ٤/ ٢١، "البيان" ١/ ٧٢.
(٧) في (ب): (متشابهه).
(٨) في (أ): (سكن) وفي (ب): (يسكن) وما في (ج) أصح في السياق وموافق لما في "الحجة" ١/ ٤١٦.
(٩) في (ب): (السبت).
النسب (١) إلى (طيئ) (٢) و (الحيرة) وقوله:
لَنَضْرِبَنْ بِسَيْفِنَا قَفَيْكَا (٣)
كثر إسكان (الياء) في (٤) موضع النصب في الشعر لهذه المشابهة (٥)، حتى ذهب بعضهم إلى استجازته في الكلام (٦).
فأما حجة أبي عمرو حيث لم يفتح عند المضمومة، وفتح عند المفتوحة والمكسورة (٧)، هي: أن الهمزة قد فتحت لها (٨) ما لم يكن يفتح
(٢) قال سيبويه: ولا أراهم قالوا: طائي إلا فرارا من (طيئي) وكان القياس (طيئي) ولكنهم جعلوا الألف مكان الياء. "الكتاب" ٣/ ٣٧١.
(٣) البيت لأعرابي، ونسبه أبو زيد لراجز من حمير، يخاطب به عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- وقبله:
يَابنَ الزُّبَيْرِطَالَمَا عَصَيْكَا | وَطَالَمَا عَنَّيْتَنَا إِلَيْكَا |
والشاهد (قفيكا) حيث أبدل الألف ياء مع الإضافة للضمير، والأصل قفاكا، وبعضهم يجعله من ضرورة الشعر. وردت الأبيات في "النوادر": ص ٣٤٧، "الحجة" ١/ ٤١٦، "المسائل العسكرية" لأبي علي ص ١٥٨، "أمالي الزجاجي": ص ٢٣٦، "المحكم" ٦/ ٣٥٤، "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٨٥، "الخزانة" ٤/ ٤٢٨.
(٤) (في) ساقطة من (ب).
(٥) أي مشابهة الياء للألف.
(٦) انتهى ما نقله المؤلف عن "الحجة" لأبي علي ١/ ٤١٥ - ٤١٧. في حجة من أسكن الياء في قوله: ﴿قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ﴾ وانظر "الحجة" لابن خالويه: ص ٧٤.
(٧) مر بنا أن أبا عمرو يفتح (الياء) إذا وقع بعدها همزة مفتوحة أو مكسورة، ويسكنها إذا وقع بعدها همزة مضمومة.
(٨) في (ب): (قد فتحت لما لم تكن تفتح)، وفي "الحجة" (فتح لها ما لم يكن يفتح..) ١/ ٤١٧. وهو الصواب.
لو لم تجاور الهمزة، ألا ترى أنهم فتحوا نحو: (يقرأ ويبرأ) ولولا الهمزة لم يفتح شيء من ذلك. فإذا فتحت لها ما لم (١) يفتح إذا لم تجاور (٢) الهمزة، فأن يفتح لها ما قد يفتح مع غيرها أحرى.
والمفتوحة والمكسورة (٣) سيّان (٤) في إتباع (الياء) لها في التحريك بالفتح، ألا ترى أنهم قد غيروا للهمزة (٥) المكسورة الحرف (٦) الذي قبلها، فقالوا: (الضِّئين) (٧) في جمع [الضَّائِن] (٨)، و (صأى صِئِيَّا (٩) ولم يفعلوا ذلك في (رؤوف) وكذلك لم تفتح (الياء) قبل الهمزة المضمومة (١٠) كما
(٢) في (ب): (يجاوز)، وفي "الحجة": (يجاور) ١/ ٤١٧.
(٣) في (ب): (من المكسورة).
(٤) في (أ): (شيان) وفي (ب): (سان) وأثبت ما في (ج)، لأنه أصوب وموافق للحجة ١/ ٤١٧.
(٥) في (ب): (الهمزة).
(٦) في (ب): (للحرف).
(٧) في (أ)، (ب) (الصيئن) وأثبت ما في (ج)، لأنه هو الصواب وموافق لما في (الحجة) ١/ ٤١٧.
(٨) في جميع النسخ (الضان) وفي (الحجة) (الضائن)، قال في "الصحاح": (الضائن) خلاف الماعز والجمع (الضأن) وقد يجمع على (ضئين) "الصحاح" (ضائن) ٦/ ٢١٥٣.
(٩) في (أ). (صآ. صئيا) وفي (ب): (صاصا) وفي (ج): (صاصيا) وفي (الحجة): (صأي، صئيا)، "الحجة" ١/ ٤١٧. و (الصِّئي) مثلثة: صوت الفرخ، والفيل والخنزير والفأر كلها تَصْأَى صِئِيّاً، انظر: "تهذيب اللغة" (صآ) ٢/ ١٩٥٥، "القاموس" (صأي): ص ١٣٠١.
(١٠) كما في قوله تعالى: ﴿عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ﴾ [الأعراف: ١٥٦].
فتحت قبل المفتوحة والمكسورة (١).
فإن قيل: إن ما ذكرته من التغيير للهمزة المفتوحة والمكسورة إنما جاز في المتصل نحو (يقرأ) و (يبرأ) و (الضَّئين) و (الضَّئِي) (٢)، وما فعله أبو عمرو من فتح (الياء) مع المفتوحة والمكسورة منفصل.
قيل: شبه (٣) المنفصل بالمتصل. وقد ذكرنا أشياء من هذا في الحجة لمن خفف: (وهو ولهو) (٤).
ومن قال: إنه فتح (الياء) مع الهمزة، لتتبين (٥) (الياء) معها، لأنها خفية، كما بينوا (النون) مع حرف الحلق، وأخفوها مع غيرها، فإن هذه العلة لا تستقيم (٦)، لأنه (٧) يلزمه تحريك (الياء) مع الهمزة المضمومة لأن [النون تُبَيَّن مع الهمزة المضمومة كما تُبَيَّن مع المفتوحة والمكسورة، وأيضا
(٢) (الضئي) كذا وردت في (أ، ج) وكذا في "الحجة" ١/ ٤١٨، وفي (ب): (الضبي) ولم أعرف المراد به، والمعروف (ضأي): دق جسمه. انظر "تهذيب اللغة" (ضأي) ٣/ ٢٠٨٣، "اللسان" (ضأي) ٤/ ٢٥٤٢، "القاموس": ص١٣٠٤. ولعل المراد (الصئي) كما سبق أن مثل بها مع (الضئين).
(٣) في (أ)، (ج): (نشبه) وفي "الحجة": (يشبه) ١/ ٤١٨، وأثبت ما في (ب)، لأنه أولى بالسياق.
(٤) في (أ)، (ج): (وهو وهو) وأثبت ما فىِ (ب). وعبارة أبي علي في (الحجة): (قد ذكرنا منها أشياء في هذا "الكتاب" ١/ ٤١٨، وقد سبق هذا في: ٢/ ٣٠٦ - ٣٠٩.
(٥) في (أ)، (ج): (ليتبين) وما في (ب) أولى، وموافق لما في "الحجة" ١/ ٤١٨.
(٦) في (أ) (يستقيم). وعبارة أبي علي في (الحجة): (فإنا لا نرى أن أبا عمرو اعتبر هذا الذى سلكه هذا القائل، ولو كان كذلك لحرك (الياء)... إلخ) ١/ ٤١٨.
(٧) في (ب): (لا يلزمه).