
﴿وليكتب بَيْنكُم كَاتب الْعدْل﴾ أَي: لَا يَزِيد عَلَى الْمَطْلُوب، وَلا ينقص من حق الطَّالِب ﴿وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا علمه الله﴾ الْكِتَابَة، وَترك غَيره فَلم يُعلمهُ ﴿فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ﴾ يَعْنِي: الْمَطْلُوب ﴿وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يبخس مِنْهُ شَيْئا﴾ (ل ٤١) أَي: لَا ينقص من حق الطَّالِب ﴿فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحق سَفِيها﴾ [يَعْنِي: جَاهِلا] ﴿أَو ضَعِيفا﴾ يَعْنِي: فِي عقله ﴿أَوْ لَا يَسْتَطِيع أَن يمل هُوَ﴾ يَعْنِي: الَّذِي عَلَيْهِ الْحق ﴿فَلْيُمْلِلْ وليه﴾ أَي: ولي الْحق ﴿بِالْعَدْلِ﴾ لَا يزْدَاد شَيْئا.
قَوْله: ﴿أَنْ تضل إِحْدَاهمَا﴾ أَي: تنسى إِحْدَاهمَا الشَّهَادَة ﴿فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى﴾ أَي: تذكر الَّتِي حفظت شهادتها الْأُخْرَى.
قَالَ مُحَمَّد: من قَرَأَ ﴿أَن تضل﴾ بِفَتْح الْألف؛ فعلى معنى: من أجل أَن تضل؛ كَذَلِك قَالَ قطرب، وَلغيره من النَّحْوِيين فِيهِ قَول غير هَذَا؛ فَالله أعلم.

﴿وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دعوا﴾ تَفْسِير قَتَادَة: قَالَ: كَانَ الرجل يَأْتِي الْحَيّ الْعَظِيم يطْلب مِنْهُم من يشْهد، فَلَا يتبعهُ مِنْهُم رَجُل، فنهي عَنْ ذَلِكَ. قَالَ الحَسَن: وَإِن وجد غَيره فَهُوَ وَاسع. ﴿وَلَا تسأموا﴾ أَي: لَا تملوا ﴿أَنْ تَكْتُبُوهُ﴾ يَعْنِي: الْحق. ﴿صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجله ذَلِكُم أقسط﴾ أَي: أعدل ﴿وأقوم للشَّهَادَة﴾ أَي: أصوب ﴿وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا﴾ أَي: أَجْدَر أَلا تَشكوا؛ إِذا كَانَ ذَلِكَ مَكْتُوبًا ﴿إِلا أَنْ تكون تِجَارَة حَاضِرَة﴾ أَي: حَالَة ﴿تديرونها بَيْنكُم﴾ لَيْسَ فِيهَا أجل ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جنَاح﴾ حرج ﴿أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تبايعتم﴾ يَعْنِي: أشهدوا عَلَى حقكم؛ كَانَ فِيهِ أجل أَو لم يكن.
قَالَ الحَسَن: وَهَذَا مَنْسُوخ؛ نسخه ﴿فَإِن أَمن بَعْضكُم بَعْضًا﴾ (وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} تَفْسِير مُجَاهِد: لَا يُقَام عَنْ شغله وَحَاجته، فيجد فِي نَفسه، أَو يحرج.
قَالَ يَحْيَى: وَبَلَغَنِي عَنْ عَطَاءٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: هِيَ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا إِذَا دُعِيَ لِيُشْهَدَ، أَوْ لِيَشْهَدَ بِمَا عِنْدَهُ. ﴿وَإِن تَفعلُوا﴾ أَي: تضاروا الْكَاتِب وَالشَّاهِد ﴿فَإِنَّهُ فسوق بكم﴾ أَي: مَعْصِيّة ﴿وَاتَّقوا الله﴾ أَي: لَا تعصوه فيهمَا. [آيَة ٢٨٣]