
أي ما تتصدقوا من مال - والخير المال - فإنه لأنفسكم تجزون به. [روى أبو هريرة أن النبي عليه السلام قال: " إِذَا تَصَدَّقَ الْعَبْدُ بِالْصَدَّقَةِ وَقَعَتْ فِي يَدِ اللهِ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي كَفِّ الْسَّائِلِ فَيُرْبِيهَا لأَحَدِكُمْ كَمَا يُرْبِي أَحَدُكُمْ فُلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى إِنَّ اللُّقْمَةَ لَتَصِيرُ مَثْلَ أُحُدٍ ".
وتصديق ذلك في كتاب الله: ﴿َيَمْحَقُ الله الرباوا وَيُرْبِي الصدقات﴾ [البقرة: ٢٧٦]، وقال: ﴿وَيَأْخُذُ الصدقات﴾ [التوبة: ١٠٤].
قوله: ﴿لِلْفُقَرَآءِ الذين أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ الله﴾.
اللام متعلقة بقوله: ﴿وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ﴾ للفقراء الذين من حالهم وقصتهم - ﴿يُوَفَّ إِلَيْكُمْ﴾. وعني به فقراء المهاجرين بالمدينة. ومعنى ﴿أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ الله﴾: منعوا أنفسهم من التصرف وحبسوها على جهاد عدوهم. قاله قتادة وغيره.
وقال ابن زيد: " كانت الأرض للعدو، فلا يستطيعون تصرفاً فهم محصرون ".

وقال السدي: " معناه: حصرهم المشركون بالمدينة ".
﴿لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأرض﴾.
أي تقلباً ولا تصرفاً في المعاش والتجارات.
وقال ابن جبير: " نزلت في قوم أصابتهم جراحات في سبيل الله، فصاروا زمنى من أجل عدوهم، أو من أجل حرصهم على الجهاد والغزو.
قوله: ﴿يَحْسَبُهُمُ﴾. بكسر السين وفتحها لغتان، ونظيره " نَعِمَ " و " يَئِسَ "، يأتي المستقبل بالفتح والكسر.
وحكى أبو إسحاق أن مثله عهد، يقال: " يَعْهِدُ وَيَعْهَدُ.
ومعنى: ﴿يَحْسَبُهُمُ الجاهل﴾.
أي الجاهل بأمرهم وحالهم، أغنياء من تعففهم عن المسألة والتعرض لها.
تعرفهم يا محمد بعلاماتهم وهي السيماء وهي أثر السجود.

وقيل: هي الخشوع والتواضع. قاله مجاهد.
وقيل: هي أثر الفاقة والحاجة. قال السدي.
وقال ابن زيد: " هي رثاثة ثيابهم، / لأن الجوع خفي ".
ومن العرب من يمد السيماء، ومنهم من يقول سيماء بالمد وزيادة ياء بعد الميم.
قوله: ﴿لاَ يَسْأَلُونَ الناس إِلْحَافاً/﴾.
أي إلحاحاً، أي لا يشملون الناس بالسوال، ومنه اللحاف.
والمعنى: لا يكون منهم سؤال فيكون إلحافاً.
وهو كقول امرئ القيس: