
اضافة المال وذلك حرام وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ يوفر لكم ثواب أضعافا مضاعفة ولما كان فيه معنى الأداء عدى بالى- او المعنى ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ خلفه استجابة لقول الملك اللهم أعط منفقا خلفا كما مر- ذكر بين الجمل الثلاث حرف العطف مع ان الظاهر ان هذه الشرطية تأكيد للشرطية السابقة فينبغى ان لا يعطف- لانه ليس المقصود به التأكيد فقط بل أريد به إيراد دليل بعد دليل على قبح المن والأذى فان الجملة الاولى تدل على ان المنة على الغير بما فيه منفعة لكم قبيح- والثانية على ان المنة على الفقير بالذي يبتغون به وجه الله طلب عوض من غير من هو له والثالثة بانه منة على الغير بما تأخذون العوض منه أضعافا مضاعفا ولا مفة فيما يؤخذ منه العوض مرة كالبيع وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٢٧٢) اى لا تنقصون من ثواب أعمالكم شيئا- وهذا في صدقة التطوع يجوز ان يعطى الذمي منها- واما الصدقة المفروضة فلا يجوز وضعها الا في المسلمين- واختلفوا في صدقة الفطر والكفارات والنذور فقال ابو حنيفة يجوز دفعها الى الذمي لعموم قوله تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وانما لم يجز دفع الزكوة اليه لحديث بعث معاذ الى اليمن وفيه قد فرض الله عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم- متفق عليه من حديث ابن عباس قال صاحب الهداية هو حديث مشهور جازبه الزيادة على اطلاق الكتاب وقال ابن همام الاية عام خص منه الحربي بالإجماع مستندين الى قوله تعالى إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ- الاية فجاز تخصيصه بعد بخبر الواحد.
لِلْفُقَراءِ الظرف اما لغو متعلق بقوله ما تُنْفِقُوا يعنى ما تنفقوا من خير للفقراء فهو لانفسكم يؤف إليكم او هو متعلق بفعل محذوف دل عليه ما سبق يعنى اعمدوا للفقراء او اجعلوا ما تنفقونه للفقراء- او هو ظرف مستقر خبر مبتدأ مقدر قبله يعنى صدقاتكم للفقراء او مقدر بعده يعنى للفقراء الذين أحصروا حق عليكم الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فى تحصيل العلوم الظاهرة والباطنة والجهاد لا يَسْتَطِيعُونَ لاشتغالهم بالعلم والجهاد ضَرْباً ذهابا فِي الْأَرْضِ للكسب والتجارة يَحْسَبُهُمُ قرا ابو جعفر وابن عامر وعاصم وحمزة بفتح السين في المضارع على وزن يسمع وقرا الآخرون

بالكسر وهو شاذ في غير المثال الْجاهِلُ بحالهم أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ اى من أجل تعففهم من السؤال- والتعفف تفعل من العفة وهو ترك السؤال تكلفا لقناعتهم تَعْرِفُهُمْ يعنى تعرف ايها النبي حاجتهم وفقرهم بِسِيماهُمْ لا بقولهم والسيماء العلامة التي يعرف بها الشيء- يعنى بصفرة ألوانهم من الجوع والضرّ ورثاثة ثيابهم لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً إلحاحا وهو ان يلازم المسئول منه حتى يعطيه- والمعنى انهم لا يسئلون غالبا ولاجل هذا يحسبهم الجاهل بحالهم اغنياء وتعرف حاجتهم بسيماهم وان سالوا عن ضرورة أحيانا لم يلحفوا وقيل هو نفى لمطلق السؤال يعنى لا يسئلون أصلا «١» فيقع فيه الالحاف- منصوب على المصدر فانه كنوع من السؤال- او على الحال اى ملحفين- اخرج ابن المنذر عن ابن عباس هم اهل الصّفة كانوا نحوا من اربعمائة رجل من فقراء المهاجرين لم يكن لهم مساكن في المدينة ولا عشائر يسكنون صفة المسجد يستغرقون أوقاتهم بالتعلم والعبادة وكانوا يخرجون في كل سرية يبعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم- فحث الله تعالى عليهم الناس فكان من عنده فضل أتاهم به إذا امسى- عن عطاء بن يسهار عن رجل من بنى اسد قال قال رسول الله ﷺ من سال منكم وله وقية او عدلها فقد سال إلحافا- رواه مالك وابو داود والنسائي وعن الزبير بن العوام قال قال رسول الله ﷺ لان يأخذ أحدكم حبله فيأتى بحزمة حطب على ظهره فيكف الله بها وجهه خير له من ان يسئل الناس أعطوه او منعوه- رواه البخاري- وعن ابن عمر ان رسول الله ﷺ قال وهو على المنبر وهو يذكر الصدقة والتعفف عن المسألة اليد العليا خير من اليد السفلى- متفق عليه وعن ابن مسعود قال قال رسول الله ﷺ من سال الناس وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ومسئلته في وجهه خموش «٢» او خدوش او كدوح- قيل يا رسول الله وما يغنيه قال خمسون درهما او قيمتها من الذهب- رواه ابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والدارمي وعن سهل بن حنظلة قال قال رسول الله ﷺ من سال وعنده
(٢) خموش الخدوش نهاية خدوش جمع خدش وخدش الجلد قشره بعود او نحوه نهاية الكدوح الخدش وكل اثر من خدش او عض فهو كدح- نهاية منه رحمه الله