
قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُهُ ﴾؛ أي ما تصدَّقتم بهِ مِن صدقةٍ أو أوجبتُمُوه على أنفسِكم من فعلِ برٍّ مثلَ صلاةٍ أو صدقةٍ أو صومٍ، فإنَّ اللهَ لا يخفَى عليه ذلكَ ويقبلَه ويجازي عليهِ. ويقالُ: معنى ﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُهُ ﴾ أي يحفظهُ، وإنَّما قالَ: ﴿ يَعْلَمُهُ ﴾ ولم يقل يعلمُهَا؛ لأنه ردَّهُ إلى الآخرِ منهُما كقولهِ تعالى:﴿ وَمَن يَكْسِبْ خَطِيۤئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً ﴾[النساء: ١١٢].
وإنْ شئتَ حَمَلْتَهُ على (ما) التي قبلهُ كقوله تعالى:﴿ وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ ٱلْكِتَابِ وَٱلْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ ﴾[البقرة: ٢٣١] ولم يقل: بهما. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾؛ أي وما للواضعينَ النفقةَ والنَّذْرَ في غيرِ موضعِهما بالرِّيَاءِ والمعصيةِ ونحوِهما (مِنْ) أعوانٍ يدفعون عنهم العذابَ. والأَنْصَارُ: جمع نَصِيْرٍ مثل جَنِيبٍ وأجنابٍ وشريفٍ وأشرافٍ.