
فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٧١) }
شرح الكلمات:
﴿مِنْ نَفَقَةٍ﴾ : يريد قليلة أو كثيرة من الجيد أو الرديء.
﴿مِنْ نَذْرٍ﴾ : النذر١: التزام المؤمن بما لم يلزمه به الشارع، كأن يقول: لله عليّ أن أتصدق بألف؛ أو أصوم شهراً أو أصلى كذا ركعة يقول: إن حصل٢ لي كذا من الخير أفعل كذا من الطاعات.
﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ﴾ : أي تظهروها.
﴿فَنِعِمَّا هِيَ﴾ : فنعم تلك الصدقة التي أظهرتموها لُيفتدى بكم بها.
﴿وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ : يكفر بمعنى: يسترها ولا يطالب بها، ومن للتبعيض إذ حقوق العباد لا تكفرها الصدقة.
معنى الآية الكريمة:
بعدما دعا تعالى عباده إلى الإنفاق في الآية السابقة أخبر تعالى أنه يعلم ما ينفقه عباده فإن كان المنفق جيداً صالحاً يعلمه ويجزي به وإن كان خبيثاً رديئاً يعلمه ويجزي به، وقال تعالى مخاطباً عباده المؤمنين: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ٣﴾ فما كان مبتغي به وجه الله ومن جيد المال فسوف يكفر به السيئات ويرفع به الدرجات، وما كان رديئاً ونذراً لغير الله تعالى فإن أهله ظالمون وسيغرمون أجر نفقاتهم ونذرهم لغير الله ولا يجدون من يثيبهم على شيء منها لأنهم ظالمون فيها حيث وضعوها في غير موضعها، ﴿وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ هذا ما تضمنته الآية الأولى (٢٧٠).
٢ النذر المشروط مكروه لقول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "النذر لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من مال البخيل". أو كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أم النذر المطلق فهو قربة من أفضل القرب، وفي التفسير بيان لكل من المطلق والمشروط فانظره.
٣ في الآية إبجاز بليغ إذ التقدير: وما أنفقتم من نفقة فإن الله يعلهما، أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه، فحذف من الأول لدلالة الأخير عليه تجنباً للتكرار المنافي لبلاغة الكلام.

أما الآية الثانية (٢٧١) فقد أعلم تعالى عباده المؤمنين أن ما ينفقونه لوجهه ومن طيب أموالهم علناً وجهراً هو مال رابح، ونفقة مقبولة يثاب عليها صاحبها، إلا أن ما يكون من تلك النفقات سراً ويوضع في أيدي الفقراء يكون خيراً لصاحبه لبعده من شائبة الرياء، ولإكرام الفقراء، وعدم تعريضهم لمذلة التصدق عليهم وإنه تعالى يكفر عن المنفقين سيئاتهم بصدقاتهم، وأخبر أنه عليم بأعمالهم فكان هذا تطميناً لهم على الحصول على أجور صدقاتهم، وسائر أعمالهم الصالحة.
هداية الآيتين:
من هداية الآيتين:
١- الترغيب في الصدقات ولو قلت والتحذير من الرياء فيها وإخراجها من رديء الأموال.
٢- جواز إظهار الصدقة١ عن سلامتها من الرياء.
٣- فضل صدقة السر وعظم أجرها، وفي الحديث الصحيح: " ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" ذكر من السبعة الذين يظلهم الله بظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.
{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٢٧٢) لِلْفُقَرَاءِ٢ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ
٢ من قال بوجوب صدقة الفطر: منع إعطائها لفقراء أهل الذمة، ومن قال بثنيتها دون وجوبها: قال يجوز، والصحيح إنها حق لفقراء المسلمين لانشغالهم بصلاة العيد وبالعبادة في رمضان، وأهل الذمة يعملون الليل والنهار.