القول في تأويل قوله عز وجل: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: (ومثل الذين ينفقون أموالهم) فيصَّدَّقون بها، ويحملون عليها في سبيل الله، ويقوُّون بها أهل الحاجة من الغزاة والمجاهدين في سبيل الله، وفي غير ذلك من طاعات الله، طلب مرضاته = (١).
= (وتثبيتًا من أنفسهم) يعني بذلك: وتثبيتًا لهم على إنفاق ذلك في طاعة الله وتحقيقًا، من قول القائل:"ثَبَّتُّ فلانًا في هذا الأمر" - إذ صححت عزمَه، وحققته، وقويت فيه رأيه -"أثبته تثبيتًا"، كما قال ابن رواحة:
فَثَبَّتَ اللهُ مَا آتَاكَ مِنْ حَسَنٍ تَثْبِيتَ مُوسَى، وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا (١)
* * *
وإنما عنى الله جل وعز بذلك: أن أنفسهم كانت موقنة مصدقة بوعد الله إياها فيما أنفقت في طاعته بغير منّ ولا أذى، فثبتَتْهم في إنفاق أموالهم ابتغاء مرضاة الله، وصححت عزمهم وآراءهم، (٢). يقينًا منها بذلك، (٣). وتصديقًا بوعد الله إياها ما وعدها. ولذلك قال من قال من أهل التأويل في قوله: (وتثبيتًا)، وتصديقًا = ومن قال منهم: ويقينًا = لأن تثبيت أنفس المنفقين أموالَهم ابتغاء مرضاة الله إياهم، (٤). إنما كان عن يقين منها وتصديق بوعد الله.
* ذكر من قال ذلك من أهل التأويل:
٦٠٦٣ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى قال، حدثنا سفيان، عن أبي موسى، عن الشعبي: (وتثبيتًا من أنفسهم)، قال: تصديقًا ويقينًا.
(٢) في المخطوطة: "فيثبتهم في إنفاق أموالهم... "، وهو سهو من الناسخ، أو خطأ في قراءة النسخة التي نقل عنها. وفي المطبوعة: "فثبتهم... وصحح عزمهم"، فغير ما في المخطوطة، وجعل"صححت"، "صحح"، لم يفهم ما أراد الطبري. وانظر التعليق التالي.
(٣) في المطبوعة: "وأراهم"، ومثلها في المخطوطة، والصواب"وآراءهم" كما أثبتها. يعنى أن نفوسهم صححت عزمهم وآراءهم في إنفاق أموالهم. وهذا ما يدل عليه تفسير الطبري. لقولهم"ثبت فلانا في الأمر"، كما سلف منذ قليل.
(٤) "إياهم" مفعول المصدر"تثبيت"، أي أن أنفسهم ثبتتهم في الإنفاق.
٦٠٦٤ - حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن أبي موسى، عن الشعبي: (وتثبيتًا من أنفسهم) قال: وتصديقًا من أنفسهم ثبات ونُصرة.
٦٠٦٥ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: (وتثبيتًا من أنفسهم)، قال: يقينًا من أنفسهم. قال: التثبيت اليقين.
٦٠٦٦ - حدثني يونس قال، حدثنا علي بن معبد، عن أبي معاوية، عن إسماعيل، عن أبي صالح في قوله: (وتثبيتًا من أنفسهم) يقول: يقينًا من عند أنفسهم.
* * *
وقال آخرون: معنى قوله: (وتثبيتًا من أنفسهم) أنهم كانوا يتثبتون في الموضع الذي يضعون فيه صدقاتهم.
* ذكر من قال ذلك:
٦٠٦٧ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وتثبيتًا من أنفسهم) قال: يتثبتون أين يضعون أموالهم.
٦٠٦٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، حدثنا ابن المبارك، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد: (وتثبيتًا من أنفسهم)، فقلت له: ما ذلك التثبيت؟ قال: يتثبتون أين يضعون أموالهم.
٦٠٦٩ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد: (وتثبيتًا من أنفسهم)، قال: كانوا يتثبتون أين يضعونها.
٦٠٧٠ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن علي بن علي بن رفاعة، عن الحسن في قوله: (وتثبيتًا من أنفسهم)، قال: كانوا يتثبتون أين يضعون أموالهم -يعني زكاتهم.
٦٠٧١ - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، حدثنا ابن المبارك، عن علي بن علي، قال: سمعت الحسن قرأ: (ابتغاء مرضاة الله وتثبيتًا من أنفسهم)، قال: كان الرجل إذا همّ بصدقة تثبّت، فإن كان لله مضى، وإن خالطه شك أمسك.
* * *
قال أبو جعفر: وهذا التأويل الذي ذكرناه عن مجاهد والحسن، تأويل بعيد المعنى مما يدل عليه ظاهر التلاوة، وذلك أنهم تأولوا قوله: (وتثبيتًا من أنفسهم)، بمعنى:"وتثبُّتًا"، فزعموا أنّ ذلك إنما قيل كذلك، لأن القوم كانوا يتثبتون أين يضعون أموالهم. ولو كان التأويل كذلك، لكان:"وتثبتًا من أنفسهم"; لأن المصدر من الكلام إن كان على"تفعَّلت""التفعُّل"، (١). فيقال:"تكرمت تكرمًا"، و"تكلمت تكلمًا"، وكما قال جل ثناؤه: (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ) [النحل: ٤٧]، من قول القائل:"تخوّف فلان هذا الأمر تخوفًا". فكذلك قوله: (وتثبيتًا من أنفسهم)، لو كان من"تثبَّت القومُ في وضع صدقاتهم مواضعها"، لكان الكلام:"وتثبُّتًا من أنفسهم"، لا"وتثبيتًا". ولكن معنى ذلك ما قلنا: من أنه: وتثبيتٌ من أنفس القوم إياهم، بصحة العزم واليقين بوعد الله تعالى ذكره.
* * *
فإن قال قائل: وما تنكر أن يكون ذلك نظيرَ قول الله عز وجل: (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلا) [المزمل: ٨]، ولم يقل:"تبتُّلا".
قيل: إن هذا مخالف لذلك. وذلك أن هذا إنما جاز أن يقال فيه:"تبتيلا" لظهور"وتبتَّل إليه"، فكان في ظهوره دلالةٌ على متروك من الكلام الذي منه
قيل:"تبتيلا". وذلك أن المتروك هو:"تبتل فيبتلك الله إليه تبتيلا". وقد تفعل العرب مثلَ ذلك أحيانا: تخرج المصادر على غير ألفاظ الأفعال التي تقدمتها، إذا كانت الأفعال المتقدمة تدل على ما أخرجت منه، كما قال جل وعز: (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأرْضِ نَبَاتًا) [نوح: ١٧]، وقال: (وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا) [آل عمران: ٣٧]، و"النبات": مصدر"نبت". وإنما جاز ذلك لمجيء"أنبت" قبله، فدل على المتروك الذي منه قيل"نباتًا"، والمعنى:"والله أنبتكم فنبتم من الأرض نباتًا". وليس [في] قوله: (وتثبيتًا من أنفسهم) كلامًا يجوز أن يكون متوهَّمًا به أنه معدول عن بنائه، (١). ومعنى الكلام:"ويتثبتون في وضع الصدقات مواضعها"، فيصرف إلى المعاني التي صرف إليها قوله: (وتبتَّل إليه تبتيلا)، وما أشبه ذلك من المصادر المعدولة عن الأفعال التي هي ظاهرة قبلها.
* * *
وقال آخرون: معنى قوله: (وتثبيتًا من أنفسهم)، احتسابًا من أنفسهم.
* ذكر من قال ذلك:
٦٠٧٣ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (وتثبيتًا من أنفسهم) يقول: احتسابًا من أنفسهم. (٢).
* * *
قال أبو جعفر: وهذا القول أيضًا بعيد المعنى من معنى"التثبيت"، لأن التثبيت لا يعرف في شيء من الكلام بمعنى"الاحتساب"، إلا أن يكون أراد مفسِّرُه كذلك: أن أنفس المنفقين كانت محتسبة في تثبيتها أصحابها. فإن كان ذلك كان عنده معنى الكلام، فليس الاحتساب بمعنًى حينئذ للتثبيت، فيترجَم عنه به.
* * *
(٢) سقط من الترقيم سهوا رقم: ٦٠٧٢.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل وعز: ومثل الذين ينفقون أموالهم، فيتصدقون بها، ويُسبِّلُونها في طاعة الله بغير منٍّ على من تصدقوا بها عليه، ولا أذى منهم لهم بها، ابتغاء رضوان الله وتصديقًا من أنفسهم بوعده = (كمثل جنة).
* * *
و"الجنة": البستان. وقد دللنا فيما مضى على أن"الجنة" البستان، بما فيه الكفاية من إعادته. (١).
* * *
= (برَبْوة) والرَّبوة من الأرض: ما نشز منها فارتفع عن السيل. وإنما وصفها بذلك جل ثناؤه، لأن ما ارتفع عن المسايل والأودية أغلظ، وجنان ما غلُظ من الأرض أحسنُ وأزكى ثمرًا وغرسًا وزرعًا، مما رقَّ منها، ولذلك قال أعشى بني ثعلبة في وصف روضة:
مَا رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الحَزْنِ مُعْشِبَةٌ | خَضْرَاءُ جَادَ عَلَيْهَا مُسْبِلٌ هَطِلُ (٢) |
(٢) ديوانه: ٤٣، وسيأتي هو والأبيات التي تليه في التفسير ٢١: ١٩ (بولاق)، من قصيدته البارعة المشهورة. يصف شذا صاحبته حين تقوم:
إِذَا تَقُومُ يَضُوعُ المِسْكُ أَصْوِرَةً | وَالزَّنْبَقُ الوَرْدُ مِن أَرْدَانِهَا شَمِلُ |
مَا رَوْضَةٌ مِن رِيَاضِ الحَزْنِ مُعْشِبَةٌ | خَضْرَاءُ جَادَ عَلَيْها مُسْبِلٌ هَطِلُ |
يُضَاحِكُ الشَّمسَ مِنْهَا كَوْكَبٌ شَرِقٌ | مُؤَزَّرٌ بعَميم النَّبْتِ مُكْتَهِلُ |
يَوْمًا بِأَطْيَبَ منها نَشْرَ رَائِحَةٍ | وَلا بِأَحْسَنَ مِنْهَا إِذْ دَنَا الأُْصُلُ |
مؤزر: قد صار عليه النبات كالإزار يلبسه اللابس، تغطى الخضرة أعواده. ونبت عميم: ثم وطال والتف.
واكتهل النور: بلغ منتهى نمائه، وذلك أحسن له. يقول:
ما هذه الروضة التي وصف زهرها ونباتها ما وصف | بأطيب من صاحبته إذا قامت في أول يومها، حين تتغير الأفواه والأبدان من وخم النوم. |
فوصفها بأنها من رياض الحزن، لأن الحزون: غرسها ونباتها أحسن وأقوى من غروس الأودية والتلاع وزروعها.
* * *
وفي"الربوة" لغات ثلاث، وقد قرأ بكل لغة منهنّ جماعة من القرأة، وهي"رُبوة" بضم الراء، وبها قرأت عامة قرأة أهل المدينة والحجاز والعراق.
و"رَبوة" بفتح الراء، وبها قرأ بعض أهل الشام، وبعض أهل الكوفة، ويقال إنها لغة لتميم. و"رِبوه" بكسر الراء، وبها قرأ -فيما ذكر- ابن عباس.
* * *
قال أبو جعفر: وغير جائز عندي أن يقرأ ذلك إلا بإحدى اللغتين: إما بفتح"الراء"، وإما بضمها، لأن قراءة الناس في أمصارهم بإحداهما. وأنا لقراءتها بضمها أشدّ إيثارًا مني بفتحها، لأنها أشهر اللغتين في العرب. فأما الكسر، فإنّ في رفض القراءة به، دِلالةٌ واضحة على أن القراءة به غير جائزة.
* * *
وإنما سميت"الربوة" لأنها"ربت" فغلظت وعلت، من قول القائل:"ربا هذا الشيء يربو"، إذا انتفخ فعظُم.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
٦٠٧٤ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (كمثل جنة بربوة)، قال: الربوة المكان الظاهرُ المستوي.
٦٠٧٥ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر قال، قال مجاهد: هي الأرض المستوية المرتفعة.
٦٠٧٦ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (كمثل جنة بربوة) يقولا بنشز من الأرض.
٦٠٧٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك: (كمثل جنة بربوة) والربوة: المكان المرتفع الذي لا تجري فيه الأنهار، (١) والذي فيه الجِنان.
٦٠٧٨ - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله: (بربوة)، برابية من الأرض.
٦٠٧٩ - حدثنا عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: (كمثل جنة بربوة)، والربوة النشز من الأرض.
٦٠٨٠ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج، قال ابن عباس: (كمثل جنه بربوة)، قال: المكان المرتفع الذي لا تجري فيه الأنهار.
* * *
وكان آخرون يقولون: هي المستوية.
* ذكر من قال ذلك:
٦٠٨١ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله: (كمثل جنه بربوة)، قال: هي الأرض المستوية التي تعلو فوق المياه.
* * *
قال أبو جعفر: وأما قوله: (أصابها وابل) فإنه يعني جل ثناؤه: أصاب
الجنة التي بالربوة من الأرض، وابلٌ من المطر، وهو الشديد العظيم القطر منه. (١).
* * *
وقوله: (فآتت أكلها ضعفين)، فإنه يعني الجنة: أنها أضعف ثمرها ضعفين حين أصابها الوابل من المطر.
* * *
و"الأكل": هو الشيء المأكول، وهو مثل"الرُّعْب والهُزْء"، (٢). وما أشبه ذلك من الأسماء التي تأتي على"فُعْل". وأما"الأكل" بفتح"الألف" وتسكين"الكاف"، فهو فِعْل الآكل، يقال منه:"أكلت أكلا وأكلتُ أكلة واحدة"، كما قال الشاعر: (٣).
وَمَا أَكْلَةٌ إنْ نِلْتُها بِغَنِيمَةٍ، وَلا جَوْعَةٌ إِنْ جُعْتُهَا بِغَرَام (٤)
ففتح"الألف"، لأنها بمعنى الفعل. ويدلك على أن ذلك كذلك قوله:"ولا جَوْعة"، وإن ضُمت الألف من"الأكلة" كان معناه: الطعام الذي أكلته، فيكون معنى ذلك حينئذ: ما طعام أكلته بغنيمة.
* * *
(٢) في المطبوعة: "والهدء"، وأثبت ما في المخطوطة. ولم يشر الطبري إلى ضم الكاف في"الأكل" وهي قراءتنا في مصحفنا.
(٣) أبو مضرس النهدي.
(٤) حماسة الشجري: ٢٤، من أبيات جياد، وقبله، بروايته، وهي التي أثبتها:
وإنِّي لَمِنْ قَوْمٍ إذا حَارَبُوا العِدَى | سَمَوا فَوْقَ جُرْدٍ للطِّعَانِ كِرَامِ |
وإنِّي إذَا مَا القُوتُ قَلَّ لَمُؤْثِرٌ | رَفِيقِي عَلى نفْسِي بِجُلِّ طَعَامِي |
فمَا أكْلَةٌ إنْ نِلْتُهَا بِغَنِيمَةٍ | ................... |
إِذَا مَا انْتَسَبْنَا لَمْ تَلِدْنِي لَئِيمَةٌ | وَلَمْ تَجِدِي مِنْ أَنْ تُقِرِّي بها بُدَّا (٣) |
(٢) زائدة بن صعصعة الفقعسي.
(٣) سلف تخريجه وبيانه في ٢: ١٦٥، ٣٥٣.
القول في تأويل قوله: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٦٥) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك: (والله بما تعملون) أيها الناس، في نفقاتكم التي تنفقونها = (بصير)، لا يخفي عليه منها ولا من أعمالكم فيها وفي غيرها شيء، يعلم مَنِ المنفق منكم بالمنّ والأذى، والمنفق ابتغاء مرضاة الله وتثبيتًا من نفسه، فيُحصي عليكم حتى يجازيَ جميعكم جزاءه على عمله، إن خيرًا فخيرًا، وإن شرًّا فشرًّا.
وإنما يعني بهذا القول جل ذكره، التحذيرَ من عقابه في النفقات التي ينفقها عباده وغير ذلك من الأعمال أن يأتي أحدٌ من خلقه ما قد تقدّم فيه بالنهي عنه، أو يفرّطَ فيما قد أمر به، لأن ذلك بمرأى من الله ومَسمَع، يعلمه ويحصيه عليهم، وهو لخلقه بالمرصاد. (١).
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ﴾
قال أبو جعفر: ومعنى ذلك: (٢). (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صَفوان عليه تراب فأصابه وابلٌ فتركه صلدًا لا يقدرون على شيء مما كسبوا) = (أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها
(٢) في المطبوعة: "يعنى تعالى ذكره". لا أدرى لم غيره الطابع.
من كل الثمرات وأصَابه الكبر)، الآية. (١)
* * *
ومعنى قوله: (أيود أحدكم)، أيحب أحدكم، (٢). أن تكون له جنة - يعني بستانًا (٣). = (من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار)، يعني: من تحت الجنة = (وله فيها من كل الثمرات)، و"الهاء" في قوله: (له) عائدة على"أحد"، و"الهاء" و"الألف" في: (فيها) على الجنة، (وأصابه)، يعني: وأصاب أحدكم = (الكبر وله ذريه ضعفاء).
* * *
وإنما جعل جل ثناؤه البستانَ من النخيل والأعناب = الذي قال جل ثناؤه لعباده المؤمنين: أيود أحدكم أن تكون له = (٤). مثلا لنفقة المنافق التي ينفقها رياء الناس، لا ابتغاء مرضاة الله، فالناس -بما يظهر لهم من صدقته، وإعطائه لما يعطى وعمله الظاهر - يثنون عليه ويحمدونه بعمله ذلك أيام حياته = (٥). في حسنه كحسن البستان وهي الجنة التي ضربها الله عز وجل لعمله مثلا (٦). من نخيل وأعناب، له فيها من كل الثمرات، لأن عمله ذلك الذي يعمله في الظاهر في الدنيا، له فيه من كل خير من عاجل الدنيا، يدفع به عن نفسه ودمه وماله وذريته، ويكتسب به المحمَدة وحسن الثناء عند الناس، ويأخذ به سهمه من المغنم مع أشياء كثيرة يكثر إحصاؤها، فله في ذلك من كل خير في الدنيا، كما وصف جل ثناؤه الجنة التي وصف مثلا لعمله، بأن فيها من كل الثمرات. (٧).
* * *
(٢) انظر تفسير"ود" فيما سلف ٢: ٤٧٠.
(٣) انظر تفسير"جنة" فيما سلف قريبا: ٥٣٥ تعليق: ١، ومراجعه.
(٤) وضعت هذا الرقم على هذه المواضع جميعًا لكي أبين سياق هذه الجملة المتراكبة، وهذا سياقها، وما بين ذلك فصول متتابعة: "وإنما جعل ثناؤه البستان... مثلا لنفقة المنافق... في حسنه كحسن البستان وهي الجنة... من نخيل وأعناب... ".
(٥) وضعت هذا الرقم على هذه المواضع جميعا لكي أبين سياق هذه الجملة المتراكبة، وهذا سياقها، وما بين ذلك فصول متتابعة: "وإنما جعل ثناؤه البستان... مثلا لنفقة المنافق... في حسنه كحسن البستان وهي الجنة... من نخيل وأعناب... ".
(٦) وضعت هذا الرقم علىهذه المواضع جميعا لكي أبين سياق هذه الجملة المتراكبة، وهذا سياقها، وما بين ذلك فصول متتابعة: "وإنما جعل ثناؤه البستان... مثلا لنفقة المنافق... في حسنه كحسن البستان وهي الجنة... من نخيل وأعناب... ".
(٧) في المطبوعة والمخطوطة: "بعمله" والصواب ما أثبت، وسياق الجملة:
"كما وصف جل ثناؤه الجنة، | بأن فيها من كل الثمرات". |
خَطَّارَةٌ بَعْدَ غِبّ الجَهْدِ نَاجِيةٌ | لم تَلْقَ فِي عَظْمِهَا وَهْنًا وَلا رَقَقَا |
ما كان إليه؟
٦١٠١ - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ضرب الله مثلا حسنًا، وكل أمثاله حسنٌ تبارك وتعالى. وقال قال: (١) "أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل" إلى قوله:"فيها من كل الثمرات" يقول: صنعه في شبيبته، فأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء عند آخر عمره، فجاءه إعصار فيه نار فاحترق بستانه، فلم يكن عنده قوة أن يغرس مثله، ولم يكن عند نسله خير يعودون عليه. وكذلك الكافر يوم القيامة، إذا رُدّ إلى الله تعالى ليس له خيرٌ فيستعتب، (٢) كما ليس له قوة فيغرس مثل بستانه، (٣) ولا يجد خيرًا قدم لنفسه يعود عليه، كما لم يغن عن هذا ولده، وحُرِم أجره عند أفقرِ ما كان إليه، كما حرم هذا جنته عند أفقر ما كان إليها عند كبره وضعف ذريته. وهو مثل ضربه الله للمؤمن والكافر فيما أوتيا في الدنيا: كيف نجَّى المؤمنَ في الآخرة، وذخر له من الكرامة والنعيم، وخزَن عنه المال في الدنيا، وبسط للكافر في الدنيا من المال ما هو منقطعٌ، وخزَن له من الشر ما ليس بمفارقه أبدًا، ويخلد فيها مهانًا، من أجل أنه [فخر على صاحبه] ووثق بما عنده، (٤) ولم يستيقن أنه ملاق ربه. (٥).
(٢) كان بين الكلمات في المخطوطة بياض هكذا: "ذرية ضعفاء عمره فجاءه إعصار فيه نار فاحترقت عنده قوة إن نسله خير يعودون الكافر يوم القيامة إذا رد إلى خير فيستعتب"، وهو مع البياض خلط من الكلام! وأثبت ما في المطبوعة، وهو نص الأثر كما أخرجه السيوطي في الدر المنثور ١: ٣٤٠، ونسبه لابن جرير، وأبي حاتم. وابن كثير في التفسير ٢: ٣٨، ٣٩.
(٣) في المخطوطة والمطبوعة: "كما ليس له قوة"، والصواب من الدر المنثور، وابن كثير.
(٤) الذي بين القوسين هو ما ثبت في المطبوعة، أما المخطوطة فكانت: "من أكل أنه ووثق بما عنده" بياض. ولم أجد بقية الأثر في المراجع السالفة، فتركت ما استظهره طابع المطبوعة على حاله. ولو استظهرته لقلت: "من أجل أنه كفر بلقاء ربه"، والله أعلم.
(٥) الأثر: ٦١٠١ -في الدر المنثور ١: ٣٤٠، وابن كثير ٢: ٣٨، ٣٩، كما أسلفت.
٦١٠٢ - حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع:"أيود أحدكم أن تكون له جنة"، الآية، قال: [هذا مثل ضربه الله] : أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب [له فيها من كل الثمرات]، والرجل [قد كبر سنه وضعف]، وله أولاد صغار [وابتلاهم الله] في جنتهم، (١) فبعث الله عليها إعصارًا فيه نار فاحترقت، (٢) فلم يستطع الرجل أن يدفع عن جنته من الكبر، (٣) ولا ولده لصغرهم، فذهبت جنته أحوجَ ما كان إليها. يقول: أيحب أحدكم أن يعيش في الضلالة والمعاصي حتى يأتيه الموت، فيجيء يوم القيامة قد ضلّ عنه عمله أحوجَ ما كان إليه؟ فيقول: ابن آدم، أتيتني أحوجَ ما كنت قطُّ إلى خير، فأين ما قدمت لنفسك؟
٦١٠٣ - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: وقرأ قول الله عز وجل:"يا أيها الذين آمنوا لا تُبطلوا صدقاتكم بالمنّ والأذى"، ثم ضرب ذلك مثلا فقال:"أيود أحدكم أن تكون له جنّة من نخيل وأعناب"، حتى بلغ"فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت". قال: جرت أنهارها وثمارها، وله ذرية ضعفاء، فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت. أيودُّ أحدكم هذا؟ كما يتجمَّل أحدكم إذ يخرُج من صدقته ونفقته، (٤) حتى إذا كان له عندي جنّة وجرت أنهارها وثمارها،
(٢) كان في المخطوطة: "فبعث الله عنها إعصار فيه نار"، وهو تحريف وخطأ، وما في المطبوعة أشبه بالصواب.
(٣) في المخطوطة: "من الكفر". وهو خطأ بين.
(٤) في المطبوعة"فما يحمل"، وفي المخطوطة"كما يحمل"، ثم فيهما جميعًا: "أن يخرج"، وهو كلام لا مفهوم له. واستظهرت قراءاتها كذلك، لأن الذي يخرج نفقته رئاء الناس، إنما يتجمل بذلك عندهم. وهذا هو الصواب سياق الأثر. والمخطوطة كما تبين من التعليقات السالفة، فاسدة كل الفساد من اضطراب كتابة الناسخ، ومن عجلته، أو عجزه عن قراءة النسخة التي نقل عنها.
وكانت لولده وولد ولده أصابها ريح إعصار فحرقها.
٦١٠٤ - حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا زهير، عن جويبر، عن الضحاك في قوله:"أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار"، رجل غرس بستانًا فيه من كل الثمرات، فأصابه الكبر، وله ذرية ضعفاء، فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت، فلا يستطيع أن يدفع عن بستانه من كبره، ولم يستطع ذريته أن يدفعوا عن بستانه، فذهبت معيشته ومعيشة ذريته. فهذا مثل ضربه الله للكافر، يقول: يلقاني يوم القيامة وهو أحوج ما يكون إلى خير يصيبه، فلا يجد له عندي خيرًا، ولا يستطيع أن يدفع عن نفسه من عذاب الله شيئًا.
* * *
قال أبو جعفر: وإنما دللنا أن الذي هو أولى بتأويل ذلك ما ذكرناه، لأن الله جل ثناؤه تقدَّم إلى عباده المؤمنين بالنهي عن المنّ والأذى في صدقاتهم، ثم ضرب مثلا لمن منَّ وآذى من تصدق عليه بصدقة، فمثَّله بالمرائي من المنافقين المنفقين أموالهم رئاء الناس. وكانت قصة هذه الآية وما قبلها من المثل، نظيرةَ ما ضرب لهم من المثل قبلها، فكان إلحاقُها بنظيرتها أولى من حمل تأويلها على أنه مثلُ ما لم يَجر له ذكر قبلها ولا معها. (١)
* * *
فإن قال لنا قائل: وكيف قيل:"وأصابه الكبر"، وهو فعل ماض، فعطف به على قوله:"أيود أحدكم"؟
قيل: إن ذلك كذلك، لأن قوله:"أيود"، يصح أن يوضع فيه"لو" مكان"أن" فلما صلحت ب"لو" و"أن" ومعناهما جميعًا الاستقبال، استجازت العرب أن
يردّوا"فعل" بتأويل"لو" على"يفعل" مع"أن" (١) فلذلك قال:"فأصابها"، وهو في مذهبه بمنزلة"لو"، إذْ ضارعت"أن" في معنى الجزاء، فوضعت في مواضعها، وأجيبت"أن" بجواب"لو" و"لو" بجواب"أن"، فكأنه قيل: أيود أحدكم لو كانت له جنة من نخيل وأعناب، تجري من تحتها الأنهار، له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر؟ (٢).
فإن قال: وكيف قيل ههنا:"وله ذرية ضعفاء"، وقال في [النساء: ٩]، (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا) ؟
قيل: لأن"فعيلا" يجمع على"فعلاء" و"فِعال"، فيقال:"رجل ظريف من قوم ظرفاء وظراف.
* * *
وأما"الإعصار"، فإنه الريح العاصف، تهب من الأرض إلى السماء كأنها عمود، تجمع"أعاصير"، ومنه قول يزيد بن مفرغ الحميري:
أُنَاسٌ أَجَارُونَا فَكَانَ جِوارُهُمْ | أَعَاصِيرَ مِنْ فَسْوِ العِرَاقِ المُبَذَّرِ (٣) |
(٢) هذا نص مقالة الفراء في معاني القرآن ١: ١٧٥، وقد استوفى الباب هناك. وانظر ما سلف في جواب"لو" بالماضي من الفعل ٢: ٤٥٨ /٣: ١٨٤، ١٨٥، والتعليق هناك.
(٣) تاريخ الطبري ٦: ١٧٨، والأغاني ١٧: ١٧٨: وسيأتي في التفسير ١٥: ٥٣ مصحفًا أيضًا: "من فسق العراق المبذر". والبيت في المطبوعة والمخطوطة هنا: "من سوء العراق المنذر"، وهو كلام بلا معنى، ولكنى رأيت شارحًا شرحه على ذلك، فأشهد الله كاد يقتلني من فرط الضحك! وهو من أبيات ثلاثة قالها ابن مفرغ في خبره مع بن زياد، حين هجاه، وهجا معاوية بن أبي سفيان (وانظر ما سلف ٤: ٢٩٣ وتعليق: ٢) وفارق عبادًا مقبلًا إلى البصرة، فطاف بأشرافها من قريش يسجير بهم، فما كان منهم إلا الوعد، ثم أتي المنذر بن الجارود (من عبد القيس) فأجاره وأدخله داره، ووشى الوشاة به إلى عبيد الله بن زيادة أنه دار المنذر. وكان المنذر في مجلس عبيد الله، فلم يشعر إلى بابن مفرغ قد أقيم على رأسه، فقام المنذر فقال: أيها الأمير، قد أجرته! فقال: يا منذر، واله يمدحنك وأباك ويهجوني أنا وأبي، ثم تجيره على! فأمر به فسقى دواء وحمل على حمار يطاف به وهو يسلح في ثيابه من جراء الدواء، فقال عندئذ لعبيد الله بن زياد:
يَغْسِلُ المَاءُ مَا صَنَعْتَ وَقَولِي | راَسِخٌ مِنْكَ فِي العِظَامِ البَوالِى |
تَرَكْتُ قُرَيْشًا أَنْ أُجَاوِرَ فِيهمُ | وَجَاورْتُ عبدَ القَيْس أَهْلَ المُشَقَّرِ |
أُناسٌ أَجَارُونَا فَكَانَ جِوَارُهُمْ | أَعَاصِيرَ مِنْ فَسْوِ العِرَاقِ المبَذَّرِ |
فَأَصْبَحَ جَارِي مِنْ جَذِيمةَ نَائمًا | ولا يمنَعُ الجِيرَانَ غَيْرُ المُشَمِّرِ |
قد جاء الأخطل بعد ذلك فهجا ابنه أيضًا مالك بن المنذر بن الجارود، فقال له:
وَعَبْدُ القَيْسِ مُصْفَرٌ لِحَاهَا | كَأَنَّ فُسَاءَهَا قِطَعُ الضَّبَابِ!! |
قال أبو جعفر: واختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"إعصار فيه نار فاحترقت".
فقال بعضهم: معنى ذلك: ريح فيها سموم شديدةٌ.
* ذكر من قال ذلك:
٦١٠٥ - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع، قال: حدثنا يوسف بن خالد السمتي، قال: حدثنا نافع بن مالك، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله:"إعصار فيه نار"، ريح فيها سموم شديدةٌ.
٦١٠٦ - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن عطية، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس في:"إعصارٌ فيه نار"، قال: السموم الحارة التي خلق منها الجانّ، التي تحرق.
٦١٠٧ - حدثنا أحمد (١) قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس:"فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت"، قال: هي السموم الحارة التي لا تبقى أحدًا. (٢).
٦١٠٨ - حدثنا المثنى، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس:"إعصار فيه نار فاحترقت" التي تقتل.
٦١٠٩ - حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عمن ذكره، عن ابن عباس، قال: إن السموم التي خلق منها الجان جزء من سبعين جزءًا من النار.
٦١١٠ - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"إعصار فيه نار فاحترقت"، هي ريح فيها سموم شديدٌ.
٦١١١ - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس:"إعصار فيه نار"، قال: سموم شديد.
٦١١٢ - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة:"إعصار فيه نار"، يقول: أصابها ريح فيها سموم شديدة.
٦١١٣ - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، نحوه.
٦١١٤ - حدثني موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن
(٢) في المطبوعة حذف قوله: "لا تبقي أحدًا"، وعلق عليه بقوله: "في بعض النسخ زيادة: "التي لا تضر أحدًا"، وهي في المخطوطة كذلك، ولكن الناسخ أفسد الكلمة، وصوابها كما أثبت: "لا تبقى أحدًا". وسيأتي في حديث التميمي عن عباس، وهو الحديث التالي: "التي تقتل". فهذا هذا.