آيات من القرآن الكريم

فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ۚ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ۚ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ۚ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ

ومعنى ﴿إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ﴾.
إن كنتم تصدقون إذا جاء التابوت، ولم يكونوا مؤمنين قبل مجيء التابوت لأنهم كذبوا بنبيهم/ فيما قال لهم وسألوه أن يبين صدقه بآية.
قوله: ﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بالجنود قَالَ إِنَّ الله مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ﴾ الآية.
أي مختبركم، وذلك أنهم شكوا إلى طالوت قلة المياه بينهم وبين العدو [وكان قد أخرجوا] في ثمانين ألفاً، ولم تخلف منهم إلا ذو عذر. والنهر بن الأردن وفلسطين، امتحنهم الله به على عطش كانوا فيه.
فقال: " من شرب منه فليس مني: ، أي ليس من أهل ولايتي ".
﴿إِلاَّ مَنِ اغترف غُرْفَةً بِيَدِهِ﴾ سمح الله لهم في الغرفة.
﴿وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ﴾، أي من تركه، ولم يشرب منه فهو مني.
فلما جاوزوا النهر شربه أكثرهم، ولم يقنعوا بغرفة، فكان من شرب عطش، ومن اغترف غرفة روى. وجعل الكفار منهم يشربون فلا يروون، والمؤمن يغترف

صفحة رقم 829

بيده فترويه. فعبر معه منهم أربعة آلاف، وهم الذين اغترفوا، ورجع ستة وسبعون ألفاً "، وهم الذين شربوا.
وقال ابن زيد: " قال طالوت حين فصل، لا يصحبني إلا من نية في الجهاد، فلم يتخلف عنه مؤمن، ولم يصحبه منافق رجعوا كفاراً، وأخذ من بقي منهم غرفة، ومنهم من لم يمسه ".
وكان البراء يقول: " إن أصحاب النبي عليه السلام يوم بدر، على عدة من جاز مع طالوت النهر، وذلك ثلاثمائة وبضعة عشر ".
وقال السدي: " عبر/ النهر معه أربعة ألاف، ورجع ستة وسبعون ألفاً، فلما نظروا إلى جالوت وجنوده، قال المنافقون منهم: ﴿لاَ طَاقَةَ لَنَا اليوم بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ﴾، فرجع منهم ثلاثة آلاف وستمائة وبضعة وثمانون، وخلص طالوت في ثلاثمائة وبضعة عشر، - عدة أهل بدر -، وهم الذين قالوا: ﴿كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ الله﴾.

صفحة رقم 830

ومعنى ﴿يَظُنُّونَ﴾ يوقنون، ويجوز أن يكون " يشكون " أي يشكون هل يقتلون [في تلك الغزاة، أو يسلمون، ليس هو شك في البعث.
قال أكثر المفسرين: واختبرهم الله بالنهر، وامتحنهم/ بالعطش الشديد فشربوا إلا قليلاً منهم اغترفوا ولم يكثروا وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر وكان جالوت في مائة ألف.
قوله: ﴿والله مَعَ الصابرين﴾ أي إذا صبروا في طاعته.
وذكر ابن وهب أن ابن عباس قال لكعب: أخبرني عن ست آيات في القرآن لم أكن علمتهن، ولا تخبرني عنهم إلا بما تجد في كتاب الله المنزل: ما سجين؟ [المطففين: ٨] وما عليين؟ [المطففين: ١٨] وما سدرة المنتهى؟ [النجم: ١٤]، وما جنة المأوى؟ [النجم: ١٥] وما بال أصحاب الرس ذكرهم الله في الكتاب؟ [ق: ١٢]

صفحة رقم 831

وما بال طالوت رغب عنه قومه؟، وما بال إدريس ذكره الله فقال ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً﴾ [مريم: ٥٧].
قال كعب: " والذي نفسي بيده لا أخبرك عنهن إلا بما أجد في كتاب الله المنزل.
أما " سجين "، فإنها صخرة سوداء تحت الأرضين السبع مكتوب فيها اسم كل شيطان. فإذا فبضت نفس الكافر، عرج بها إلى السماء، فغلقت أبواب السماء دونها ثم رمي بها إلى سجين فذلك سجين.
وأما " عليون "، فإنه إذا قبضت نفس المسلم عرج بها إلى السماء، وفتحت لها أبواب السماء، حتى تنتهي إلى العرش، فتخرج كف من العرش فتكتب له: نزله وكرامته فذلك " عليون ".
وأما سدة المنتهى، فإنها سدرة عن يمين العرش، انتهى إليها علم العلماء فلا يعلم العلماء ما وراء تلك السدرة.
وأما " جنة المأوى "، فإنها جنة تأوي إليها أرواح المؤمنين.
وأما " أصحاب الرسّ "، فإنهم كانوا قوماً مؤمنين يعبدون الله في ملك جبار لا يعبد الله فخيرهم أن يكفروا أو يقتلهم، فاختاروا/ القتل على الكفر، فقتلهم ثم

صفحة رقم 832
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية