آيات من القرآن الكريم

فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا ۖ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ
ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ

الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٧) حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (٢٣٩) }
شرح الكلمات:
الجناح: الإثم المترتب على المعصية.
﴿مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ : ما لم تجامعوهن.
﴿أَوْ تَفْرِضُوا﴾ : تقدروا لهن١ مهراً.
﴿الْمُوسِعِ قَدَرُهُ﴾ : ذو الوسع في المال، وقدره: ما يقدر عليه ويستطيعه.
﴿الْمُقْتِرِ﴾ : الضيق العيش.
﴿الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ : هو الزوج.
﴿وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ : أي المودة والإحسان.
﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ﴾ : بأدائها في أوقاتها في جماعة مع استيفاء شروطها وأركانها وسننها.
﴿وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى﴾ : صلاة العصر، أو الصبح فتجب المحافظة على كل الصلوات وخاصة العصر والصبح لقول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من صلى البردين –العصر والصبح- دخل الجنة".
﴿قَانِتِينَ﴾ : خاشعين ساكنين٢.
﴿فَرِجَالاً﴾ : مشاة على أرجلكم أو ركباناً على الدواب وغيرها مما يركب.

١ اختلف في من مات زوجها قبل البناء بها ولم يسم لها صداق هل لها مثل صداق مثيلاتها، أو لا صداق لها؟ ولكن لها الميراث وعليها العدة. فمن قال: بالقياس، لا صداق لها، ومن أخذ بحديث بروع الذي رواه الترمذي وصححه قال: لها مهر المثل وترث وتعتد. وبروع: امرأة مات زوجها قبل البناء بها ولم يسم لها مهراً فقضى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لها بمهر المثل والميراث والعدة.
٢ الخشوع في الصلاة مستلزم لترك الكلام فيها وكيف وقد سلم ابن مسعود على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في صلاته فلم يرد عليه، ثم اعتذر له بقوله: "إن في الصلاة لشغلا" أي: عن الكلام.

صفحة رقم 226

معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في بيان أحكام الطلاق وما يتعلق به، ففي هذه الآية (٢٣٦) : يخبر تعالى عباده المؤمنين أنه لا إثم ولا حرج عليهم إن هم طلقوا أزواجهم قبل البناء بهن، وقبل أن يسموا لهن مهوراً أيضاً، وفي هذين الحالين يجب عليهم أن يمتعوهن١ بأن يعطوا المطلقة قبل البناء ولم تكن قد أعطيت مهراً ولا سمى لها فيعرف مقداره في هذه الحال، وقد تكون نادرة يجب على الزوج المطلق جبراً لخاطرها أن يعطيها مالاً على قدر غناه وفقره تتمتع به أياماً عوضاً عما فاتها من التمتع بالزواج، فقال تعالى: ﴿لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾.
وأما الآية الثانية (٢٣٧) فإنه تعالى يخبر أن من طلق امرأته قبل البناء بها وقد سمى لها صداقاً قل أو كثر فإن عليه أن يعطيها وجوباً نصفه إلا أن تعفو عنه المطلقة فلا تأخذه تكرماً، أو يعفو المطلق تكرماً فلا يأخذ منه شيئاً فيعطيها إياه كاملاً فقال عز وجل: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ -أي: فالواجب نصف ما فرضتم- إلا أن يعفون –المطلقات- أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وهو الزوج. ثم بعد تقرير هذا الحكم العادل الرحيم دعا الطرفين٢ إلى العفو، وأن من عفا منهما كان أقرب إلى التقوى فقال عز وجل: ﴿وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ ونهاهم مع هذا عن عدم نسيان المودة والإحسان بينهما فقال: ﴿وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾.
وأما الآية الثانية (٢٣٨) فإنه تعالى يرشد عباده المؤمنين إلى ما يساعدهم على الالتزام بهذه الواجبات الشرعية والآداب الإسلامية الرفيعة وهو المحافظة على إقامة الصلوات الخمس عامة والصلاة الوسطى خاصة فقال تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى﴾، وكانوا قبلها يتكلمون في الصلاة فمنعهم من ذلك بقوله: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ أي ساكنين خاشعين. وإن حصل خوف لا يتمكنون معه من أداء الصلاة على الوجه

١ المتعة واجبة للمطلقة قبل البناء ولم يكن سمي لها مهراً، ومستحبة لغيرها. هذا أشهر المذاهب وأقربها من الحق، ومقدار المتعة موكول إلى المطلق، فليمتع بحسب حاله غنياً وفقراً، هذا في غير المطلقة قبل البناء ولم يسم لها مهراً؛ لأن متعتها واجبة، إذ ليس لها غيرها فقد يتولى القاضي بيان مقدارها.
٢ وإن كان الخطاب صالحاً لكل من الزوج والزوجة إلا إن العفو من الزوجة أولى؛ لأن الطلاق كان منه، ولو كانت هي سببه لكان عفوها هي أولى، ولعل هذا سر قوله: ﴿أقرب للتقوى﴾.

صفحة رقم 227

المطلوب من السكون والخشوع فليؤدوها وهم مشاة على أرجلهم أو راكبون على خيولهم، حتى إذا زال الخوف وحصل الأمن فليصلوا على الهيئة التي كانوا يصلون عليها من سكون وسكوت وخشوع، فقال تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ١ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ يريد الله تعالى بالذكر هنا إقام الصلاة أولاً، ثم الذكر العام مذكراً إياهم بنعمة العلم مطالباً إياهم بشكرها وهو أن يؤدوا الصلاة على أكمل وجوهها وأتمها؛ لأنها المساعد على سائر الطاعات وحسبها أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر. هذا ما تضمنته الآية الرابعة (٢٣٩).
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- بيان حكم المطلقة قبل البناء وقبل تسمية المهر، وأن لها المتعة فقط بحسب حال المطلق من غنى وفقر.
٢- بيان حكم المطلقة قبل البناء وقد سمى لها صداق فإن لها نصفه وجوباً إلا أن تتنازل عنه برضاها فلها ذلك كما أن الزوج المطلق إذا تنازل عن النصف وأعطاها المسمى كاملاً فله ذلك.
٣- الدعوة إلى إبقاء المودة والفضل والإحسان بين الأسرتين: أسرة المرأة المطلقة، وأسرة الزوج المطلق، حتى لا يكون الطلاق سبباً في العداوات والتقاطع.
٤- وجوب المحافظة على الصلوات الخمس وخاصة صلاة العصر٢ وصلاة الصبح "الصلاة الوسطى"٣.
٥- منع الكلام في الصلاة لغير إصلاحها.
٦- وجوب الخشوع في الصلاة

١ ﴿فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ﴾ أي: أتموا الصلاة كما أمركم فأتموا ركوعها وسجودها وقيامها وجلوسها كما تفعلون ذلك في حال الأمن وعدم الخوف.
٢ اختلف في بيان الصلاة الوسطى بلغ الخلاف عشرة أقوال حتى عدت كل صلاة الصلاة الوسطى حتى يتم المحافظة على الصلوات الخمس كلها، وأقوى الأقوال إنها الصبح أو العصر، ورجح مالك: الصبح، ورجح غيره: العصر، والسنة الصحيحة شاهدة لمن قال أنها العصر، وذلك لحديث الصحيح: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر".
٣ الوسطى مؤنث الأوسط، ووسط الشيء خيره وأعدله، وفي هذا المعنى قال الشاعر، يمدح رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
يا أوسط الناس طراً في مفاخرهم وأكرم الناس أماً برةً وأبا
وأفردت الصلاة الوسطى بالذكر تشريفاً لها.

صفحة رقم 228
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية