آيات من القرآن الكريم

لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ
ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ

قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى ٱلْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى ٱلْمُقْتِرِ قَدَرُهُ ﴾؛ أي لا حرجَ عليكم إن طلقتمُ النساءَ ما لم تجامعوهن أو تُسَمُّوا لَهُنَّ مَهراً؛ ﴿ وَمَتِّعُوهُنَّ ﴾ أي متِّعوا اللاَّتي طلقتموهن قبل المسيسِ. والفرضُ على الغنيِّ بمقدار غناه، وعلى الفقيرِ بمقدار طاقتهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ مَتَاعاً بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾؛ أي ما تعرفونَ أنه القصدُ وقدر الإمكانِ ﴿ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ﴾ أي واجباً على المؤمنين. وانتصبَ ﴿ مَتَاعاً ﴾ على المصدر من قولهِ تعالى: ﴿ وَمَتِّعُوهُنَّ ﴾.
ونصبَ ﴿ حَقًّا ﴾ على الحالِ من قوله ﴿ بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّاً ﴾ تقديرهُ: عُرِفَ حَقّاً. ويجوزُ أن يكون: نصباً على معنى: حُقَّ ذلكَ عليهم حقّاً. وفي الآيةِ دلالةُ جواز النكاحِ بغير تسميةِ المهر؛ لأن اللهَ تعالى حَكَمَ بصحةِ الطلاق مع عدمِ التسميةِ، والطلاقُ لا يصحُّ إلا في نكاحٍ صحيح. ومعنى ﴿ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً ﴾ أي ما لم تَمَسُّوهُنَّ ولم تفرضوا لهنَّ فريضةً. وقد تكون (أو) بمعنى الواو كقوله:﴿ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءَاثِماً أَوْ كَفُوراً ﴾[الإنسان: ٢٤] وكذلك قولهُ:﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن ٱلْغَآئِطِ ﴾[النساء: ٤٣]؛ المعنى: وجاءَ أحدٌ منكم من الغائطِ. وأعلى الْمُتْعَةِ: خادمٌ وثياب ووَرقٌ، وأدناها: خمارٌ ودِرعٌ ومِلْحَفَةٌ. ولا يجاوزُ بالمتعةِ نصفَ المثل بغيرِ رضا الزوج. وقد اختلفَ السلفُ في أن هذه المتعةَ هل يُجبر الزوج عليها أم لا؟ قال شُريح: (إنَّ الْقَاضِي يَأْمُرُ الزَّوْجَ بهَا مِنْ غَيْرِ أنْ يُجْبرَهُ عَلَيْهَا). وكان شُريح يقول للزوج: (إنْ كُنْتَ مِنَ الْمُتَّقِيْنَ أوْ مِنَ الْمُحْسِنِيْنَ فَمَتِّعْهَا). وأما عندنا فإنَّ القاضي يُجبر الزوجَ على المتعةِ للمرأة التي طلَّقها قبلَ المسيسِ والفرضِ؛ لأنَّ الله تعالى قال: ﴿ حَقّاً ﴾ وليسَ في ألفاظ الإيجاب آكدُ مِن قولهم: (حَقّاً عليه). وفي قولهِ: ﴿ عَلَى الْمُحْسِنِينَ ﴾ بيانُ أنَّها من شروطِ الإسلام؛ وعلى كلِّ أحدٍ أن يكون مُحسناً كما قالَ تعالى:﴿ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴾[البقرة: ٢] وهو هدًى للناسِ كلهم. وقيل: إنَّما خصَّ المحسنين بالذكرِ تشريفاً لهم؛ لأنه لا يجبُ على غيرهم، فوصفَ المؤمنين بالإحسانِ؛ لأن الإحسانَ أكثرُ أخلاقِهم.

صفحة رقم 216
كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو بكر الحداد اليمني
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية