آيات من القرآن الكريم

وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ ۚ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا ۚ وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ

بكاملين لأنه يجوز أن يقال في حول وبعض آخر: حولين، فرفع ذلك الاحتمال، وأباح الفطام قبل تمام الحولين بقوله تعالى: لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ واشترط أن يكون الفطام عن تراضي الأبوين بقوله: فَإِنْ أَرادا فِصالًا الآية، فإن لم يكن على الولد ضرر في الفطام فلا جناح عليهما، ومن دعا منهما إلى تمام الحولين: فذلك له، وأما بعد الحولين فمن دعا منهما إلى الفطام فذلك له، وقال ابن العباس: إنما يرضع حولين من مكث في البطن ستة أشهر، فمن مكث سبعة فرضاعه ثلاثة وعشرون شهرا، وإن مكث تسعة فرضاعه إحدى وعشرون، لقوله تعالى: وحمله وفصاله ثلاثون شهرا وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ في هذه النفقة والكسوة: قولان: أحدهما: أنها أجرة رضاع الولد، أوجبها الله للأم على الوالد، وهو قول الزمخشري وابن العربي، الثاني: أنها نفقة الزوجات على الإطلاق، وقال منذر بن سعيد البلوطي: هذه الآية نص في وجوب نفقة الرجل على زوجته، وعلى هذا حملها ابن الفرس بِالْمَعْرُوفِ أي: على قدر حال الزوج في ماله، والزوجة في منصبها، وقد بين ذلك بقوله لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها
[الانعام: ١٥٢] لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها قرئ بفتح الراء لالتقاء الساكنين على النهي، وبرفعهما على الخبر، ومعناها النهي، ويحتمل على كل واحد من الوجهين أن يكون الفعل مسندا إلى الفاعل، فيكون ما قبل الآخر مكسورا قبل الإدغام، أو يكون مسندا إلى المفعول، فيكون مفتوحا، والمعنى على الوجهين: النهي عن إضرار أحد الوالدين بالآخر بسبب الولد، ويدخل في عموم النهي: وجوه الضرر كلها والباء في قوله بولدها وبولده: سببية، والمراد بقوله ولا مولود له الوالد، وإنما ذكره بهذا اللفظ إعلاما بأنّ الولد ينسب له لا للأم وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ اختلف في الوارث فقيل: وارث المولود له، وقيل: وارث الصبي لو مات، وقيل: هو الصبي نفسه، وقيل: من بقي من أبويه، واختلف في المراد بقوله: مثل ذلك فقال مالك وأصحابه: عدم المضارة، وذلك يجري مع كل قول في الوارث لأن ترك الضرر واجب على كل أحد وقيل المراد أجرة الرضاع في النفقة والكسوة ويختلف هذا القول بحسب الإختلاف في الوارث، فأما على القول بأنّ الوارث هو الصبي فلا إشكال لأن أجرة رضاعه في ماله، وأما على سائر الأقوال، فقيل: إن الآية منسوخة فلا تجب أجرة الرضاع على أحد غير الوالد، وقيل: إنها محكمة فتجب أجرة الرضاع على وارث الصبي لو مات، أو على وارث الوالد، وهو قول قتادة والحسن البصري وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا إباحة لاتخاذ الغير إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ أي دفعتم أجرة الرضاع
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً الآية: عموم في كل متوفى

صفحة رقم 125

عنها، سواء توفي زوجها قبل الدخول أو بعده، إلّا الحامل فعدتها وضع حملها، سواء وضعته قبل الأربعة الأشهر والعشر أو بعدها عند مالك والشافعي وجمهور العلماء، وقال عليّ بن أبي طالب: عدتها أبعد الأجلين، وخص مالك من ذلك الأمة فعدّتها في الوفاة شهران وخمس ليال، ويتربصن: معناه عن التزويج، وقيل: عن الزينة فيكون أمرا بالإحداد، وإعراب الذين مبتدأ، وخبره: يتربصن على تقدير أزواجهم يتربصن، وقيل التقدير: وأزواج الذين يتوفون منكم يتربصن، وقال الكوفيون: الخبر عن الذين متروك، والقصد الإخبار عن أزواجهم فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ من التزويج والزينة بِالْمَعْرُوفِ هنا إذا كان غير منكر وقيل معناه الإشهاد وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ الآية: إباحة التعريض بخطبة المرأة المعتدّة، ويقتضي ذلك النهي عن التصريح، ثم أباح ما يضمر في النفس بقوله: أو أكننتم في أنفسكم عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ أي تذكروهنّ في أنفسكم وبألسنتكم لم يخف عليكم وقيل: أي ستخطبونهنّ إن لم تنتهوا عن ذلك لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا أي لا تواعدوهنّ في العدة خفية بأن تتزوّجوهنّ بعد العدة، وقال مالك فيمن يخطب في العدّة ثم يتزوّج بعدها: فراقها أحب إليّ، ثم يكون خاطبا من الخطاب، وقال ابن القاسم: يجب فراقها إلّا أن تقولوا قولا معروفا استثناء منقطع، والقول المعروف: هو ما أبيح من التعريض: كقوله: إنكم لأكفاء كرام، وقوله: إنّ الله سيفعل معك خيرا، وشبه ذلك وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ الآية: نهي عن عقد النكاح قبل تمام العدّة، والكتاب هنا:
القدر الذي شرع فيه من المدّة، ومن تزوّج امرأة في عدّتها يفرق بينهما اتفاقا، فإن دخل بها حرمت عليه على التأبيد عند مالك خلافا للشافعي وأبي حنيفة. لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ الآية: قيل: إنها إباحة للطلاق قبل الدخول، ولما نهي عن التزويج بمعنى الذوق، وأمر بالتزويج طلبا للعصمة ودوام الصحبة ظنّ قوم أنّ من طلق قبل البناء وقع في المنهي عنه، فنزلت الآية رافعة للجناح في ذلك، وقيل: إنها في بيان ما يلزم من الصداق والمتعة في الطلاق قبل الدخول، وذلك أنّ من طلق قبل الدخول فإن كان لم يفرض لها صداقا وذلك في نكاح التفويض: فلا شيء عليه من الصداق لقوله: لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ الآية، والمعنى: لا طلب عليكم بشيء من الصداق، ويؤمر بالمتعة لقوله تعالى: ومتعوهنّ وإن كان قد فرض لها: فعليه نصف الصداق لقوله تعالى: فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ ولا متعة عليه، لأنّ المتعة إنما ذكرت فيما لم يفرض لها بقوله: أو تفرضوا أو فيه بمعنى الواو وَمَتِّعُوهُنَّ أي أحسنوا إليهنّ، وأعطوهنّ شيئا عند الطلاق، والأمر بالمتعة

صفحة رقم 126
التسهيل لعلوم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق
عبد الله الخالدي
الناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية