آيات من القرآن الكريم

فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۗ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ ۖ قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ ۖ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ

فى حقه البذل في سبيل الله- وحقوق الناس من الديون ونفقة العيال والخادم مقدم على التصدق على الأجنبي لا محالة فان ذلك فريضة وهذه نافلة- ومن التزم على نفسه التزهد والمعاش على حسب عيش النبي ﷺ كاهل الصفة من الصحابة واهل الخانقاه من الصوفية فيكره له إمساك ما فضل عن الحاجة وعليه يحمل حديث ابى امامة ولعل النبي ﷺ عبر التحسر على فوات الأفضل من الأعمال بالكلية- فان قيل لو أنفق ما فضل عن الحاجة قبل بلوغ النصاب والحول فقط ادى نافلة ولو اتفق بعد ما بلغ المال نصابا وحال عليه الحول فقد ادى فريضة وأداء الفريضة يكون أفضل من النافلة فكيف يقال بالعكس- قلنا سبب وجوب الانفاق هو نفس تملك المال وبه يحصل القدرة الممكنة فان الشكر عبارة عن صرف النعمة في رضاء المنعم واشتراط النصاب والنماء والحول رخصة من الله تيسيرا وتفضلا وبه يحصل القدرة الميسرة فمن ترك الانفاق لفوات القدرة الميسرة فلا اثم عليه بناء على الرخصة- ولكن من أنفق مع فوات القدرة الميسرة بعد الممكنة فقد اتى بالعزيمة- والواجب في المال بعد النصاب وان كان ربع العشر مثلا لكن من أنفق كل المال في سبيل الله يقع كل ذلك عن الفريضة كما ان الواجب من القراءة في الصلاة يتادى بالفاتحة وثلاث آيات قصار لكن من قرا القران كله في ركعة يقع عن الواجب لان فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ- وأَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ شامل لهما- وكون المال فاضلا عن الحاجة يكفى لصدق من التبعيضية في قمار رزقنكم كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ الكاف في موضع النصب صفة مصدر محذوف يعنى يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ تبيينا مثل ذلك التبيين فى امر النفقة وغيرها من الاحكام وانما وحدّ العلامة والمخاطب به جمع على تأويل القبيل والجمع او هو خطاب للنبى ﷺ وخطابه يشتمل على خطاب الامة كقوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢١٩) فى الدلائل والاحكام فتعلمون ان تلك الآيات لا يتصور الا من الله العليم بمصالح الأمور وعواقبها الحكيم المتقن فتبادروا بامتثال أوامره والانتهاء عن مناهيه فتفوزوا بمنافع الدارين.
فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ الظرف متعلق بيبين تقدير الكلام يبين الله لكم الآيات ما يصلح لكم في امر الدنيا والاخرة لعلكم تتفكرون وقيل الظرف متعلق بتتفكرون والمعنى تتفكرون فيما يتعلق بالدنيا والاخرة فتأخذون بما هو

صفحة رقم 274

أصلح لكم فتحبسون من أموالكم ما يصلحكم المعاش في الدنيا وتنفقون الفاضل فيما ينفعكم في العقبى او المعنى لعلكم تتفكرون في الدارين فتؤثرون ابقاءهما وأكثرهما منافع- عن على رضى الله عنه قال ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الاخرة مقبلة ولكل واحد منهما بنون فكونوا من أبناء الاخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فان اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل- رواه البخاري في ترجمة باب ورواه البيهقي فى شعب الايمان عن جابر مرفوعا- وعن ابن مسعود ان رسول الله ﷺ نام على حصير وقام وقد اثر في جسده فقال ابن مسعود يا رسول الله لو امرتنا ان نبسط لك فقال ما لى وللدنيا ما انا والدينا الا كراكب استظل نحت شجرة ثم راح وتركها- رواه احمد والترمذي وابن ماجة- وعن ابى الدرداء مرفوعا ان إمامكم عقبة كؤدا لا يجوّزها المثقلون- رواه البيهقي في الشعب والله اعلم اخرج ابو داود والنسائي والحاكم وصححه من حديث ابن عباس انه لما نزلت قوله تعالى وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
وقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً الاية تحرج المسلمون تحرجا شديدا حتى عزلوا اموال اليتامى عن أموالهم فكان يصنع لليتيم طعام فيفضل منه شىء فيتركونه ولا يأكلونه حتى يفسد فاشتد ذلك عليهم وسالوا رسول الله ﷺ فانزل الله تعالى وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ يعنى إصلاح اموال اليتامى وأمورهم خير فان رايتم الإصلاح في المجانبة فذاك وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ ورايتم إصلاحهم في المخالطة فَإِخْوانُكُمْ اى انهم إخوانكم فى الدين والنسب والاخوان يعين بعضهم بعضا ويصيب بعضهم من مال بعض على وجه الإصلاح وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ يعنى الذي يقصد بالمخالطة الخيانة وإفساد مال اليتيم وأكله بغير حق مِنَ الْمُصْلِحِ الذي يقصد به الإصلاح وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ اى لضيّق عليكم وما أباح لكم ذلك ولكنه خفف عنكم فاباح لكم مخالطتهم على قصد الإصلاح إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غالب يحكم ما يشاء سهّل على العبادا وشق عليهم حَكِيمٌ يحكم بفضله على ما يقتضيه الحكمة ويتسع له الطاقة والله اعلم قال البغوي بعث رسول الله ﷺ أبا مرثد الغنوي الى مكة ليخرج منها ناسا من المسلمين سرّا- فلما قدمها سمعت به امراة مشركة يقال لها عناق وكانت خليلة له في الجاهلية فاتته وقالت يا أبا مرثد

صفحة رقم 275
التفسير المظهري
عرض الكتاب
المؤلف
القاضي مولوي محمد ثناء الله الهندي الفاني فتي النقشبندى الحنفي العثماني المظهري
تحقيق
غلام نبي تونسي
الناشر
مكتبة الرشدية - الباكستان
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية