آيات من القرآن الكريم

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ

قوله تعالى: ﴿إِنَّ الذين آمَنُواْ والذين هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ الله... ﴾.

صفحة رقم 624

قال ابن عطية: الهجرة الانتقال من موضع الى موضع بنية الإقامة، ومن قال: الانتقال من البادية إلى الحاضرة فقد وهم بسبب أن ذلك كان الأغلب عندهم فيلزم أن لايكون (أَهلُ مكّة مهاجرين) عنده بالإطلاق.
قال ابن عرفة: الهجرة الانتقال من الوطن إلى محل نصرة النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ويقرب منه الهجرة في موضع كثير المنكر إلى موضع (أخف) منه.
فان قلت: لم قال «يَرْجُونَ رَحْمَةَ / الله». وكل مؤمن ولو كان من أهل الكبائر يرجو رحمة الله.
قلت: فالجواب: أن هذا رجاء شهد الله تعالى لهم به، فدل ذلك على صحته. ونظيره: من يزرع فدانا في سنة خصيبة ويوفي بخدمته فيراه الفلاحون فيقولون: هذا زرع يرجو صاحبه بلوغ الأمل، وآخر يزرع فدانا يراه الفلاحون فيذمونه وربه يستحسنه ويرجوا أن يبلغ فيه الأمر ويعتقد ذلك فليس الرجاءان سواء.
فإن قلت: هلا قيل: وَالَّذِينَ هَاجَرُوا والَّذِينَ جَاهَدُوا أو بحذف الموصول (فيهما) واكتُفي بذكره في الأول؟
(فالجواب) أنه قصد التنبيه على أن مجرد الإيمان كاف في حصول المطلوب من ترجي رحمة الله تعالى، ولما كانت الهجرة إنّما هي للجهاد مع النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ونصرته كانا كالشيء الواحد فلذلك لم يكرر ذكر الموصول مع الجهاد.

صفحة رقم 625

قلت لابن عرفة في الختمة الأخرى: إن الآية حجة على المعتزلة في قولهم إن الطائع يجب على الله أن يثيبه لأن الرجاء إنما يتعلق بالمظنون لا بالمحقق، فلو كان الثواب محققا لما قال «يرجون رحمة الله» ؟
فقال: لهم أن يجيبوا بأن من هاجر وجاهد لا يعلم أيموت مسلما أو لا؟ فهو لا يتحقق خاتمته (فصح) إسناد الترجي إليه وبطل الدليل.

صفحة رقم 626
تفسير ابن عرفة
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن محمد ابن عرفة الورغمي التونسي المالكي
تحقيق
حسن المناعي
الناشر
مركز البحوث بالكلية الزيتونية - تونس
سنة النشر
1986
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
2
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية