آيات من القرآن الكريم

زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا ۘ وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ

والعقاب يَعْقُبُ الجُرْمَ (١).
وقال ابن عباس في رواية عطاء: ﴿سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ يريد: الذين آمنوا بالله ﴿كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ﴾ يريد ما أعطى موسى ﴿وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ﴾ يريد: من تخلف من الإيمان من قريظة والنضير وبني إسرائيل (٢)، فعلى هذا: السؤال راجع إلى مؤمني أهل الكتاب.
وقال مجاهد (٣): النعمة في هذه الآية يراد بها: الحججُ والبراهينُ التي تدل على صحة أمر النبي - ﷺ - ونبوته، مما في كتابهم، وتبديلهم إياها: تغييرهم نعتَه وصفتَه وذكَره، وهذا الوجه اختيار الزجاج (٤).
٢١٢ - قوله تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾ الآية، إنما لم يقل: (زينت)؛ لأن الحياة مصدر، فذهب إلى تذكير المصدر، كقوله: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ﴾ [البقرة: ٢٧٥] ﴿وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ﴾ [هود:

(١) ينظر: "المحرر الوجيز" ٢/ ٢٠٣.
(٢) تقدم الحديث عن رواية عطاء في المقدمة.
(٣) قال ابن عطية في "المحرر الوجيز" ٢/ ٢٠٢: ونعمة الله، لفظ عام لجميع أنعامه، ولكن يقوي من حال النبي - ﷺ - معهم أن المشار إليه هنا محمد - ﷺ -، فالمعنى: ومن يبدل من بني إسرائيل صفة نعمة الله، ثم جاء اللفظ منسحبا على كل مبدل نعمة لله تعالى، وقال الطبري: النعمة هنا الإسلام، وهذا قريب من الأول، ويدخل في اللفظ أيضا كفار قريش الذين بعث محمد منهم نعمة عليهم فبدلوا قبولها والشكر عليها كفرًا، والتوراة أيضًا نعمة على بني إسرائيل أرشدتهم، وهدتهم فبدلوها بالتحريف لها، وجحدوا محمدًا - ﷺ -.
(٤) ذكره الزجاج ١/ ١٨١، وذكر ابن الجوزي ١/ ٢٢٧، أن في المراد بتبديل النعمة ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الكفر بها، قاله أبو العالية ومجاهد. والثاني: تغيير صفة النبي - ﷺ - في التوراة قاله أبو سليمان الدمشقي. والثالث: تعطيل حجج الله بالتأويلات الفاسدة.

صفحة رقم 103

٦٧] هذا قول الفراء (١).
وقال الزجاج: تأنيث الحياة ليس بحقيقي، لأن معنى الحياة والعيش والبقاء واحد، وكأنه قال: زين للذين كفروا البقاء (٢).
وقال ابن الأنباري: إنما لم يقل: (زينت)، لأنه فصل بين زين وبين الحياة بقوله: ﴿لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾، وإذا فصل بين فعل المؤنث وبين الاسم بفاصل حسن تذكير الفعل؛ لأن الفاصل يكفي من تاء التأنيث (٣)، ويقال: من الذي زين لهم؟ قيل: فيه قولان:
أحدهما: زَيَّنَها لهم إبليس بما يمنيهم ويعدهم من شهواتها، قاله ابن كيسان والزجاج (٤).
والقول الثاني: أن الله تعالى زَيَّنَها لهم حين بَسَطَها وَوَسَّعَها عليهم، فهي هَمُّهم وطَلِبَتُهْم ونِيَّتُهم وهم لا يريدون غيرها، كقوله: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ [النجم: ٢٩] وإنما فعل الله ذلك بهم

(١) "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٢٥، وقال: فأما في الأسماء الموضوعة فلا تكاد العرب تذكر فعل مؤنث، إلا في الشعر لضرورته، وقد يكون الاسم غير مخلوق من فعل، ويكون فيه معنى تأنيث، وهو مذكر فيجوز فيه تأنيث الفعل وتذكيره على اللفظ مرة وعلى المعنى مرة، ومن ذلك قوله عز وجل: ﴿وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ﴾ [الأنعام ٦٦] ولم يقل: كذبت، ولو قيلت لكان صوابا، كما قال ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ﴾ [الشعراء ١٠٥].
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٨١، وقد ذكر أيضا العلة التي ذكرها ابن الأنباري بعد.
(٣) ينظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٨١، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٧٠٢، "البحر المحيط" ٢/ ١٢٩، قال: وقرأ ابن أبي عبلة: زينت، بالتاء وتوجيهها ظاهرة لأن المسند إليه الفعل مؤنث. وينظر: "الدر المصون" ٢/ ٣٧١.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٨٢.

صفحة رقم 104

للابتلاء، كما قال: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ﴾ [الكهف: ٧] ويدل على هذا قراءة حميد (١) (زَيَّنَ للذين كفروا) بفتح، الزاي (٢) يعني الله تعالى (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ يقال: سخر منه سُخريَّة، وسُخريًّا، وسَخَرًا، وسُخْرًا، قال الأعشى:
..... لا عَجَبٌ منه ولا سُخْرُ (٤)
ويروى: ولا سَخَرَ، ومعنى السُّخْرِية: الإيهام للشيء والانطواء على خلافه (٥).

(١) هو حميد بن قيس المكي الأعرج، أبو صفوان القارئ، قال ابن حجر. ليس به بأس، من السادسة مات سنة مائة وثلاثين، وقيل بعدها. روى له الجماعة. ينظر: "تقريب التهذيب" ص ١٨٢ (١٥٥٦).
(٢) وبها قرأ أبي بن كعب، والحسن ومجاهد وابن محيصن وابن أبي عبلة وأبو حيوة. ينظر: "المحرر الوجيز" ٢/ ٢٠٣، "زاد المسير" ١/ ٢٢٨.
(٣) ينظر في ذكر الأقوال: "تفسير البغوي" ١/ ٢٤٢، "المحرر الوجيز" ٢/ ٢٠٣، "البحر المحيط" ٢/ ١٢٩ قال البغوي: الأكثرون على أن المزين هو الله تعالى، والتزيين من الله تعالى هو أنه خلق الأشياء الحسنة والمناظر العجيبة، فنظر الخلق إليها بأكثر من قدرها فأعجبتهم ففتنوا بها. وقال ابن عطية جامعا بين القولين: المزين هو خالقها ومخترعها وخالق الكفر، ويزينها أيضا الشيطان بوسوسته وإغوائه. وينظر: "زاد المسير" ١/ ٢٢٨.
(٤) تمام البيت:
إني أتتني لسان لا أسر بها من عَلوَ لا عجبٌ منها ولا سُخْر
قال ذلك لما بلغة خبر مقتل أخيه المنتشر، والتأنيث للكلمة. ينظر: "اللسان" ٤/ ١٩٦٣ (سخر).
(٥) ينظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦٥٠، "المفردات" ٢٣٣، "اللسان" ٤/ ١٩٦٣ (سخر)، ونقل في "التهذيب" عن الفراء قوله: سخِرتُ منه، ولا تقل سخرت به، قال الله تعالى: ﴿لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ﴾ [الحجرات ١١]، وقال ابن السكيت: تقول:=

صفحة رقم 105

وقوله تعالى: ﴿وَيَسْخَرُونَ﴾ مستأنف غير معطوف على ﴿زُيِّنَ﴾، ولا ينكر استئناف المستقبلِ بعد الماضي، وذلك أن الله تعالى خبر عنهم بـ ﴿زُيِّنَ﴾ وهو ماض، ثم خبر عنهم بعد ذلك بفعل يديمونه ويستقبلونه، فقال: ﴿وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي: يسخرون من فقراء المؤمنين ويعيرونهم بالفقر (١).
قال ابن عباس في رواية أبي صالح: نزلت في مشركي العرب، كانوا يتنعمون بما بسط لهم في الدنيا من المال، ويسخرون من فقراء المؤمنين الذين يرفضون الدنيا (٢)، وقال في رواية عطاء: نزلت في رؤساء اليهود وعلمائهم من بني قريظة والنضير وقينقاع، سخروا من المهاجرين حيث أخرجوا من ديارهم وأموالهم (٣).

= سخرت من فلان، فهذه اللغة الفصحية قال الله تعالى: ﴿فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ﴾ [التوبة: ٧٩].
(١) ينظر: "التفسير الكبير" ٦/ ٧، "البحر المحيط" ٢/ ١٣٠، وذكر أنها خبر مبتدأ محذوف تقديره، وهو يسخرون، وقيل الجملة الفعلية معطوفة على الجملة الفعلية، ولا يلحظ فيها عطف الفعل على الفعل؛ لأنه كان يلزم اتحاد الزمان، وإن لم يلزم اتحاد الصيغة، قال: وصدرت الأولى بالفعل الماضي لأنه أمر مفروغ منه، فليس أمرًا متجددًا، وصدرت الثانية بالمضارع لأنها حالة تتجدد كل وقت. وينظر: "الدر المصون" ٢/ ٣٧١ - ٣٧٣.
(٢) ذكره الثعلبي ٢/ ٦٩٨ من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، وهذا إسناد ضعيف جدًّا، وذكر البغوي ١/ ٢٤٢، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٢٢٨، والسمعاني في "تفسيره" ٢/ ٢٦٣، والرازي في "تفسيره" ٦/ ٥، "البحر المحيط" ٢/ ١٢٩، وعزاه أبو الليث في "بحر العلوم" ١/ ١٩٨ إلى الكلبي، وقد روى الطبري ٢/ ٣٣٤، نحوه عن عكرمة.
(٣) تقدم الحديث عن هذه الرواية في المقدمة وقد ذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٠٧ =

صفحة رقم 106

وقوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ قال مقاتل: والذين اتقوا الشرك وهم هؤلاء الفقراء (١)، وقال غيره: والذين اتقوا الله في عهدهِ وأمرهِ فوق الذين سخروا منهم (٢)، يعني: بارتفاع حججهم على حجج الكفار، لأن في القيامة تعلو حجج المؤمنين، ويلزم الذُّلُّ الكافرين (٣).
قال الزجاج (٤) وابن الأنباري: يجوز أن يكون (فوق) يدل على علو موضع المؤمنين على موضع الكافرين (٥)؛ لأن المؤمنين في الجنة، والجنة عالية، والكافرين في النار، والنار هاوية، فوصف المؤمنين بأنهم فوق الكفار، وإن لم يكن للكفار موضع يوصف بالفوقية، كما قال: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا﴾ [الفرقان: ٢٤] وإن لم يكن في مستقر أهل النار خير. وقال بعض أهل المعاني: أراد: أن حالهم في الآخرة فوق حال هؤلاء الكفار في الدنيا، وعلى هذا يتوجه قوله: ﴿خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا﴾ يعني: أن مستقرهم في الآخرة خير من مستقر هؤلاء الذين اغتبطوا به في

= من قول عطاء، وكذا البغوي في "تفسيره" ١/ ٢٤٢، "زاد المسير" ١/ ٢٢٨، و"تفسير الرازي" ٦/ ٥، "البحر المحيط" ٢/ ١٢٩، وقال مقاتل في "تفسيره" ١/ ١٨١ عند قوله: ﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾: نزلت في المنافقين: عبد الله بن أبي وأصحابه، ﴿وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾، في أمر المعيشة بأنهم فقراء نزلت في عبد الله بن ياسر المخزومي وصهيب، وفي نحوهم من الفقراء.
(١) "تفسير مقاتل" ١/ ١٨١.
(٢) ذكره في "الوسيط" ١/ ٣١٥، وينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٣٣ - ٣٣٤.
(٣) ينظر: "زاد المسير" ١/ ٢٢٨، "التفسير الكبير" ٦/ ٨.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٨٢، وينظر: "تفسير البغوي" ١/ ٢٤٢، "المحرر الوجيز" ٢/ ٢٠٤، "زاد المسير" ١/ ٢٢٨، "التفسير الكبير" ٦/ ٨.
(٥) من قوله: قال الزجاج ساقط من (أ) و (م).

صفحة رقم 107

الدنيا (١).
وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد أن أموال قريظة والنضير تصير إليكم بلا حساب ولا قتال بأسهل شيء وأيسره (٢)، فيكون على هذا: والله يرزق من يشاء بغير تقدير من المرزوق للرزق، فيصير إليه ما لم يكن يحتسبه ولم يؤمله، ويكون ذلك من أهنأ العطاء وأحلا الأرزاق، لذلك مدح الله نفسه بهذا.
وقال في رواية لأبي صالح: يعني: كثيرًا بغير فوت ولا مقدار؛ لأن كل ما دخل عليه الحساب فهو قليل (٣). وقال الضحاك: يعني من غير تبعة في الدنيا ولا حساب في الآخرة (٤)، دليله قوله: - ﷺ -: "يدخل الجنة سبعون ألفًا من أمتي بغير حساب" (٥).
وقال مقاتل: يرزق من يشاء حين بسط للكافرين في الرزق، وقتّر على

(١) ينظر: "المحرر الوجيز" ٢/ ٢٠٤ - ٢٠٥، "زاد المسير" ١/ ٢٢٨، "التفسير الكبير" ٦/ ٨، وذكر ابن عطية أن هذه الاحتمالات المذكورة حفظ لمذهب سيبويه والخليل في أن التفضيل إنما يجيء فيما فيه شركة، والكوفيون يجيزونه حيث لا اشتراك.
(٢) هذا من تتمة الخبر السابق، عن عطاء، وقد تقدم تخريجه آنفا. وينظر في: "البحر المحيط" ١/ ١٣١، "غرائب النيسابوري" ٢/ ٣٠١، "الوسيط" للواحدي ١/ ٣١٥.
(٣) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ٧١٢، "البغوي" في "تفسيره" ١/ ٢٤٣، وروى ابن أبي حاتم ٢/ ٣٧٥ عن ابن عباس في تفسيرها قوله: ليس على الله رقيب ولا من يحاسبه.
(٤) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ٧١٣، "البغوي" في "تفسيره" ١/ ٢٤٣.
(٥) رواه البخاري (٦٠٥٩) كتاب الرقاق، باب: يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب، (٥٢٧٠) كتاب الطب، باب: من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو، ومسلم (٣١٧) كتاب الإيمان، باب: الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة.

صفحة رقم 108

المؤمنين، ﴿بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ يعني: ليس فوقي من يحاسبني، لي الملك أعطي من شئت بغير حساب (١). وهذا معنى قول الحسن (٢)؛ لأنه قال: ﴿وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ لا يسأل عما يفعل. هذا الذي ذكرنا هي أقوال المفسرين.
ولأصحاب المعاني أقوال (٣) في هذا:
أحدها: أن ما يعطي الله تعالى العبد على نوعين: ما يستحقه بعمله، ومنه ما يعطيه من فضله ابتداءً من غير استحقاق بعمل، كقوله تعالى ﴿فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النساء: ١٧٣] فقوله: ﴿وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ يعني: ما يتفضل به لا على حساب العمل.
والثاني: لا يخاف نفاد ما عنده فيحتاج إلى حساب ما يخرج منه، إذ كان الحساب من المعطي إنما يكون ليعلم ما يعطي وما يبقى ولا يتجاوز في عطائه إلى ما يجحف به، والله تعالى لا يحتاج إلى الحساب؛ لأنه عالم غني لا يتناهى لمقدوره ولا يخاف نفاد ما عنده (٤).

(١) "تفسير مقاتل" ١/ ١٨١، ونقله في "البسيط" ١/ ٣١٥.
(٢) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٣١٥، وينظر: "البحر المحيط" ٢/ ١٣١، "غرائب النيسابوري" ٢/ ٣٠١.
(٣) ينظر في هذه الأوجه: "تفسير الطبري" ٢/ ٣٣٤، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٧١٣، و"تفسير السمعاني" ٢/ ٢٦٤، "النكت والعيون" ١/ ٢٧٠، "تفسير البغوي" ١/ ٢٤٣، "المحرر الوجيز" ٢/ ٢٠٥ - ٢٠٦، "زاد المسير" ١/ ٢٢٨ - ٢٢٩، "التفسير الكبير" ٦/ ٩ - ١٠، وقد ذكر ثمانية أوجه، إذا كان المراد به عطاء الآخرة، وثلاثة إذا حملت الآية على عطاء الدنيا. "البحر المحيط" ٢/ ١٣١.
(٤) روى نحوه عن الربيع بن أنس كما في "الدر المنثور" ١/ ٤٣٥، وهذا اختيار الطبري" ٢/ ٣٣٤، وينظر: "تفسير الثعلبي" ٢/ ٧١٣.

صفحة رقم 109
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية