
وقال مجاهد: " إنه إذا أفسد وتعدى، كان ذلك سبب إمساك الله القطر، وإمساكه هلاك الحرب والبهائم، وقرأ مجاهد: ﴿ظَهَرَ الفساد فِي البر والبحر بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي الناس﴾ [الروم: ٤١].
وقرأ الحسن وقتادة: ﴿وَيُهْلِكَ﴾ بالرفع عطفاه على يُعْجِبُكَ.
وقال أبو حاتم: " عطف على ﴿سعى﴾، أي يسعى ويهلك، وقال الزجاج: " معناه: وهو يهلك ".
وعن ابن كثير أنه قرأ: " ويهلك " بتح الياء والنصب، الحرب والنسيل بالرفع. ومثل الجماعة أشهر عنه.
قوله: ﴿وَمِنَ الناس مَن يَشْرِي نَفْسَهُ﴾ الآية.
أي يبيع نفسه من أجل مرضاة الله، ونزلت في المهاجرين والأنصار

المجاهدين منهم.
وقال عكرمة: " نزلت في صهيب بن سنان وأبي ذر الغفاري وهو جندب ابن السكن خرجوا/ مهاجرين وطلبهم أهلوهم، فأما أبو ذر فانفلت منهم، وأما صهيب فأخذوه أهله، وافتدى بأهله وماله من مولاه وكان مملوكاً لزيد بن جدعان. وروي أنه كان يعرف بالرومي وأصله من العرب، وإنما سمي بذلك لأنه سبي وهو صغير، فسار إلى الشام، فتغير لسانه ثم صار مملوكاً لزيد بن جدعان، فلما أمر النبي [عليه السلام] بالهجرة آمن وافتدى من مولاه بماله كله، وخلى سبيله/، فخرجت بنو تميم في طلبه، فلما أدركوه أخذ

قوسه وخوفهم من قبله، وتواعدهم، فخافوا رميه ونبله وكان رامياً مجوداً فرجعوا وتركوه، فلما وصل المدينة قال له عمر: " ربح بيعك لا تقيل ولا تقال ". وشهد بدراً، ففيه نزلت ﴿وَمِنَ الناس مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابتغآء﴾ الآية. فيشري على هذا القول بمعنى يشتري، وعلى القول الأول بمعنى " يبيع ".
وقال الربيع: " نزلت في رجل منع الخروج إلى النبي [ ﷺ] فافتدى منهم بداره وماله، وخلوه فخرج إلى النبي عليه السلام فلقيه عمر في رجال فقال: ربح بيعك، قال: وبيعك، فلا خَسِر، فما ذاك؟ قال له: أنزل فيهك كذا وكذا ".
وقيل: نزلت الآية في رجل مسلم حمل على المشركين، بسيفه غضباً لله إذ

سمع الكفر به من رجل من المشركين، فقاتل حتى قتل.
فيشري على هذا بمعنى/ يبيع.
وقيل: نزلت في رجل مسلم قال لمشرك: قل: لا إلا الله. فأبى أن يقولها، فقال المسلم: والله لأشربن نفسي من الله ". أي لأَبِيعَنَّهَا، ثم تقدم فقاتل حتى قتل C.
وقال ابن المسيب: " أقبل صهيب مهاجراً فاتَّبعه نفر من المشركين. فنزل عن راحلته وانتشر ما في كنانته، وقال: يا معشر قريش، لقد علمتم أني من أرماكم رجلاً وأَيْمُ الله، لا تصلون إلي حتى أرمي بما في كنانتي، ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، ثم افعلوا ما شئتم. فعادهوه على أن يدلهم على بيته ماله بمكة ويدعوه