آيات من القرآن الكريم

۞ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ۚ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ ﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ

فاجتمعا بعرفات يوم عرفة وتعارفا او لغير ذلك كما ذكر في التفاسير وفيه دليل على وجوب الوقوف بعرفات لان الاضافة مأمور بها وهي موقوفة على الحضور فيها والوقوف بها وما لم يتم الواجب الا به فهو واجب فيكون الوقوف واجبا فَاذْكُرُوا اللَّهَ بالتلبية والتهليل والتسبيح والتحميد والثناء والدعوات عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ قزح وهو الجبل الذي يقف عليه الامام وعلى الميقدة وفي المغرب الميقدة هو موضع بالمشعر الحرام على قزح كان اهل الجاهلية يوقدون عليها النار وتقييد محل الذكر والوقوف بقوله عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ للتنبيه على ان الوقوف فيما يقرب من جبل قزح أفضل من الوقوف في سائر مواضع ارض مزدلفة وذلك لا ينافى صحة الوقوف فى جميع مواضعها كما ان عرفات كلها موضع الوقوف لكن الوقوف بقرب جبل الرحمة أفضل واولى والمشعر العلم اى للعبادة. والشعائر العلامات من الشعار وهو العلامة ووصفه بالحرام لحرمته فلا يفعل فيه ما نهى عنه وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ اى كما علمكم كيف تذكرونه مثل كون الذكر ذكرا كثيرا وعلى وجه التضرع والخيفة والطمع ناشئا عن الرغبة والرهبة ومشاهدة جلال المذكور وجماله كما قال عليه السلام (الإحسان ان تعبد الله كأنك تراه) فالمقصود من الكاف مجرد التقييد لا التشبيه اى اذكروه على الوجه الذي هداكم اليه لا تعدلوا عما هديتم اليه كما تقول افعل كما علمتك وليس هذا تكرارا لقوله فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ لان الاول لبيان محل الذكر والوقوف وتعليم النسك المناسب لذلك المحل وأوجب بالثاني ان يكون ذكرنا إياه كهدايته إيانا اى موازيا لها في الكم والكيف وَإِنْ هى المخففة واللام هي الفارقة كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ اى من قبل ما ذكر من هدايته إياكم لَمِنَ الضَّالِّينَ غير العالمين بالايمان والطاعة قال القاشاني ان الله تعالى هدى اولا الى الذكر باللسان في مقام النفس. ثم الى الذكر بالقلب وهو ذكر الافعال اى تصور آلاء الله ونعمائه ثم الى ذكر السر وهو معاينة الافعال ومكاشفة علوم تجليات الصفات.
ثم الى ذكر الروح وهو مشاهدة أنوار تجليات الصفات مع ملاحظة نور الذات. ثم الى ذكر الخفي وهو مشاهدة جمال الذات مع بقاء الاثنينية. ثم الى ذكر الذات وهو الشهود الذاتي بارتفاع البعد وان كنتم من قبل الهدى الى هذه المقامات لمن الضالين عن طريق هذه الاذكار انتهى ولما امر بذكر الله تعالى إذا فعلت الافاضة امر بان تكون الافاضة من حيث أفاض الناس مرتبا الأمر الثاني على الاول بكلمة ثم فقال ثُمَّ أَفِيضُوا اى ارجعوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ اى من عرفة لا من المزدلفة كانت قريش وحلفاؤها وهم الحمس يقفون بالمزدلفة ويقولون نحن اهل الله وسكان حرمه فلا نخرج من الحرم ويستعظمون ان يقفوا مع الناس بعرفات لكونها من الحل وسائر العرب كانوا يقفون بعرفات اتباعا لملة ابراهيم عليه السلام فاذا أفاض الناس من عرفات أفاض الحمس من المزدلفة فانزل الله هذه الآية فأمرهم ان يقفوا بعرفات وان يفيضوا منها كما يفعله سائر الناس والمراد بالناس العرب كلهم غير الحمس. والحمس في الأصل جمع احمس وهو الرجل الشجاع والأحمس ايضا الشديد الصلب في الدين والقتال وسميت قريش وكنانة وجديلة وقيس حمسا لتشددهم في دينهم وكانوا لا يستظلون ايام منى ولا يدخلون البيوت من ابوابها وكذلك كان من حالفهم او تزوج منهم وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ من جاهليتكم في تغيير المناسك ومخالفتكم

صفحة رقم 317

فى الموقف إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ يغفر ذنب المستغفر وينعم عليه فامر النبي عليه السلام أبا بكر رضي الله تعالى عنه ان يخرج بالناس جميعا الى عرفات فيقف بها- روى- ان الله تعالى يباهى ملائكته باهل عرفات ويقول (انظروا الى عبادى جاؤا من كل فج عميق شعثا غبرا اشهدوا انى غفرت لهم) ويروى ان الشيطان ما رؤى في يوم هو أصغر واحقر وأذل منه يوم عرفة وما ذلك الا لما يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إذ يقال ان من الذنوب ذنوبا لا يكفرها الا الوقوف بعرفة وفي الحديث (أعظم الناس ذنبا من وقف بعرفة فظن ان الله تعالى لا يغفر له) والحجة الواحدة أفضل من عشرين غزوة في سبيل الله وقيل ان البعير إذا حج عليه مرة بورك في أربعين من أمهاته وإذا حج عليه سبع مرات كان حقا على الله ان يرعاه في رياض الجنة ومصداق ذلك ما قال النهرانى رحمه الله بلغني ان وقاد تنور حمام اتى بسلسلة عظام حمل ليوقدها قال فألقيتها في المستوقد فخرجت منه فألقيتها فعادت فخرجت فعدت فألقيتها الثالثة فعادت فخرجت بشدة حتى وقعت في صدرى وإذا بصوت هاتف يقول ويحك هذه عظام جمل قد سعى الى مكة عشر مرات كيف تحرقها بالنار وإذا كانت هذه الرأفة والرحمة بمطية الحاج فكيف به ثم ان الفضل على ثلاثة اقسام بالنسبة الى احوال العبد فان التنوع راجع الى تغيير احوال العباد لا الى تغيير صفة من صفات الحق تعالى. فالاول منها ما يتعلق بالمعاش الإنساني من المال والجاه ونوع يتعلق بالغذاء واللباس الضروري وهذا الفضل مفسر بالرزق قال الله تعالى وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ.
والثاني منها ما يتعلق بالمصالح الاخروية للعبد وهو نوعان ما يتعلق باعمال البدن على وفق الشرع ومتابعة الشارع ومجانبة طريق الشيطان المنازع قال تعالى يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وما يتعلق باعمال القلب وتزكية النفس قال تعالى وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً. والقسم الثالث منها ما يتعلق بالله تعالى وهو نوعان ما يتعلق بمواهب القربة قال تعالى وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيراً اى قربا كبيرا فانه اكبر من الدنيا والآخرة وما يتعلق بمواهب الوصلة قال تعالى ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ يعنى فضل مواهب الوصلة أعظم من الكل ولكل قسم من هذه الاقسام الثلاثة مقام في الابتغاء. اما الذي يتعلق بالمصالح الاخروية وهو فضل الرحمة فمقام ابتغائه بترك الموجود وبذل المجهود وهو فى السير الى عرفات. واما الذي يتعلق بالله وهو فضل المواهب فمقام ابتغائه عند الوقوف بعرفات وعرفات اشارة الى المعرفة وهي معظم اركان الوصلة. واما الذي يتعلق بالمصالح الدنيوية وهو فضل الرزق فمقام ابتغائه بعد استكمال الوقوف بعرفات المعرفة عند الافاضة. ففى الآية تقديم وتأخير اى إذا أفضتم من عرفات فليس عليكم إلخ وذلك لان حال اهل السلوك في البداية ترك الدنيا والتجريد عنها. وفي الوسط التوكل والتفريد. وفي النهاية المعرفة والتوحيد فلا يسلم الشروع في المصالح الدنيوية الا لاهل النهاية لقوتهم في المعرفة وعلو همتهم بان يطهر الله قلوبهم من رجز حب الدنيا الدنية ويملأها نورا بالالطاف الخفية فلا اعتبار للدنيا وشهواتها ونعيم الآخرة ودرجاتها عند الهمم العالية فلا يتصرفون في شىء منها وتصرفهم بالله وفي الله ولله لا لحظوظ النفس بل لمصالح الدين وإصابة الخير الى الغير كذا في التأويلات النجمية: قال في المثنوى

صفحة رقم 318

نصيب عظيم كائن من جنس ما كسبوا من الأعمال الحسنة وهو الثواب الذي هو المنافع الحسنة او من أجل ما كسبوا لانهم استحقوا ذلك الثواب الحسن بسبب أعمالهم الحسنة ومن أجلها فتكون من ابتدائية لان العلة مبدأ الحكم ثم اومأ الى قدرته محذرا من الموت وحاثا على اعمال الخير بقوله وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ والحساب يراد به نفس الجزاء على الأعمال فان الحساب سبب للاخذ والعطاء واطلاق اسم السبب جائز شائع اى يحاسب العباد على كثرتهم وكثرة أعمالهم في مقدار لمحة لعدم احتياجه الى عقد يد او وعى صدر او نظر وفكر فاحذروا من الإخلال بطاعة من هذا شأن قدرته او يوشك ان يقيم القيامة ويحاسب الناس وفي خطبة بعض المتقدمين ولت الدنيا حذاء ولم يبق الاصابة كصبابة الإناء فليبادر المؤمن الى الطاعات واكتساب الحسنات والذكر في كل الحالات قال الحسن البصري اذكروني بما يذكر الصغير أباه فانه أول ما يتكلم يقول يا اب يا اب فعلى كل مسلم ان يقول يا رب يا رب وعن النبي عليه السلام (أغبط أوليائي عندى مؤمن خفيف الحاذ ذو حظ من الصلاة احسن عبادة ربه وأطاعه في السر وكان غامضا فى الناس لا يشار اليه بالأصابع وكان رزقه كفافا فصبر على ذلك) ثم نقر بيده فقال (هكذا عجلت منيته قلت بواكيه قل ثراؤه) وكان رسول الله ﷺ يكثر ان يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار والاشارة فاذا قضيتم مناسك وصلتكم وبلغتم مبلغ الرجال البالغين من اهل الكمال فلا تأمنوا مكر الله ولا تهملوا وظائف ذكر الله فاذكروا الله كما تذكرون في حال طفوليتكم آباءكم للحاجة والافتقار بالعجز والانكسار وفي حال رجوليتكم للحجة والافتخار بالمحبة والاستظهار فاذكروا الله افتقارا وافتخارا او أشد ذكرا وأكد في الافتخار لانه يمكن للطفل الاستغناء عن الله بولي وكذلك البالغ يحتمل ان يفتخر بغير الله ولكن العباد ليس لهم من دون الله من ولى ولا واق فمن الناس من اهل الطلب والسلوك من يقول بتسويل النفس وغرورها بحسبان الوصول والكمال عند النسيان وتغير الأحوال ربنا آتنا في الدنيا حسنة يعنى تميل نفسه الى الدنيا وتنسى المقصد الأصلي ويظن الطالب الممكور انه قد استغنى عن الاجتهاد فاهمل وظائف الذكر ورياضة النفس ومخاطرة القلب ومراقبة السر فاستولت عليه النفس وغلب عليه الهوى واستهوته الشياطين في الأرض حيران حتى أوقعته في اودية الهجران والفراق وما له في الآخرة من خلاق ومنهم اى من اهل الوصول وارباب الفتوة من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة نعمة من النعم الظاهرة كالعافية والصحة والسعة والفراغة والطاعة واستطاعة البدن والوجاهة والإرشاد والأخلاق وفي الآخرة حسنة نعمة من النعم الباطنة هي الكشوف والمشاهدات وانواع القربات والمواصلات وقنا عذاب النار اى نار القطيعة وحرقة الفراق أولئك لهم نصيب اى لهؤلاء البالغين الواصلين نصيب وافر مما كسبوا من المقامات والكرامات ومما سألوا من إيتاء الحسنات والله سريع الحساب لكلا الفريقين فيما سألوه اى يعطيهم بحسب نياتهم على قدر هممهم وطوياتهم كذا في التأويلات النجمية وَاذْكُرُوا اللَّهَ اى كبروه أعقاب الصلوات وعند ذبح القرابين ورمى الجمار وغيرها فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فى ايام التشريق هي ثلاثة ايام بعد يوم النحر. أولها يوم القر وهو الحادي عشر

صفحة رقم 320

من ذى الحجة يستقر الناس فيه بمنى. والثاني يوم النفر الاول لان بعض الناس ينفرون في هذا اليوم من منى. والثالث يوم النفر الثاني وهذه الأيام الثلاثة مع يوم النحر ايام رمى الجمار وايام التكبير ادبار الصلوات وفي الحديث (كبر دبر كل صلاة من يوم عرفة الى آخر ايام التشريق) وسميت معدودات لقلتهن كقوله تعالى دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ اى قليلة. والأيام المعلومات في قوله تعالى وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فى ايام معلومات في سورة الحج عشر ذى الحجة آخرهن يوم النحر وفي الكواشي معدودات جمع معدودة وايام جمع يوم ولا ينعت المذكر بمؤنث فلا يقال يوم معدودة وقياسه فى ايام معدودة لان الجمع قد ينعت بالمؤنث كقوله تعالى لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قالوا ووجهه انه اجرى معدودات على لفظ ايام وقابل الجمع بالجمع مجازا انتهى فَمَنْ تَعَجَّلَ اى استعجل
وطلب الخروج من منى فِي يَوْمَيْنِ فى تمام يومين بعد يوم النحر واكتفى برمى الجمار في يومين من هذه الأيام الثلاثة فلم يمكث حتى يرمى في اليوم الثالث فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ بهذا التعجيل وهو مرخص له فعند ابى حنيفة رحمه الله ينفر قبل طلوع الفجر من اليوم الثالث ومحصله ان على الحاج ان يبيت بمنى الليلة الاولى والثانية من ايام التشريق ويرمى كل يوم بعد الزوال احدى وعشرين حصاة عند كل جمرة سبع حصيات ورخص في ترك البيتوتة لرعاء الإبل واهل سقاية الحاج ثم كل من رمى اليوم الثاني من ايام التشريق وأراد ان ينفر بعد البيتوتة في الليلة الاولى والثانية من ايام التشريق ورمى يوميهما فذلك له واسع لقوله تعالى فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ومن لم ينفر حتى غربت الشمس فعليه ان يبيت حتى يرمى اليوم الثالث ثم ينفر وَمَنْ تَأَخَّرَ عن الخروج حتى رمى في اليوم الثالث قبل الزوال او بعده ثم يخرج إذا فرغ من رمى الجمار كما يفعل الناس الآن وهو مذهب الشافعي والإمامين فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ بترك الترخص والمعنى انهم مخيرون بين التعجيل والتأخير فان قلت أليس التأخير بأفضل قلت بلى ويجوز ان يقع التخيير بين الفاضل والأفضل كما خير المسافر بين الصوم والإفطار وان كان الصوم أفضل وانما أورد بنفي الإثم تصريحا بالرد على اهل الجاهلية حيث كانوا فريقين منهم من جعل المتعجل آثما ومنهم من جعل المتأخر آثما فورد القرآن بنفي الإثم عنهما جميعا لِمَنِ اتَّقى خبر مبتدأ محذوف اى الذي ذكر من التخيير ونفى الإثم عن المتعجل والمتأخر لمن اتقى اى مختص بمن اتقى المناهي لانه الحاج على الحقيقة والمنتفع به لانه تعالى قال إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ومن كان ملوثا بالمعاصي قبل حجه وحين اشتغاله به لا ينفعه حجه وان كان قدادى الفرائض ظاهرا وَاتَّقُوا اللَّهَ اى حال الاشتغال باعمال الحج وبعده ليعتد بأعمالكم فان المعاصي تأكل الحسنات عند الموازنة وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ اى تبعثون وتجمعون للجزاء على أعمالكم وهو تأكيد للامر بالتقوى وموجب للامتثال به فان علم بالحشر والمحاسبة والجزاء كان ذلك من أقوى الدواعي الى ملازمة التقوى وكانوا إذا رجعوا من حجهم يجترئون على الله بالمعاصي فشدد في تحذيرهم قال ابو العالية يجيئ الحاج يوم القيامة ولا اثم عليه إذا اتقى فيما بقي من عمره فلم يرتكب ذنبا بعد ما غفر له في الحج والمذنب المصر إذا حج فلا يقبل منه لعوده الى ما كان عليه فعلامة الحج المبرور ان يرجع زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة فاذا

صفحة رقم 321
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية