آيات من القرآن الكريم

مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨ ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ

بعد هذا الوصف السابق أشار لهم بإشارة البعيد فقال: إن أولئك المنافقين بتركهم الطريق المستقيم والأدلة الظاهرة والواضحة على صحة هذا الدين- بتركهم هذا حسدا وبغيا- كأنهم دفعوا الهدى ثمنا للضلالة والخسارة في الدنيا والآخرة، وما ربحوا في هذا التجارة، وما أظهر خسارتهم في هذه الصفقة! وهكذا كان شأنهم دائما.
ضرب الأمثال لهم [سورة البقرة (٢) : الآيات ١٧ الى ٢٠]
مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ (١٧) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (١٨) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (١٩) يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠)
المفردات:
المثل: الصفة والقصة الغريبة، والمراد أن حالهم تناهت في الظهور والوضوح حتى أضحت كالمثل الذي لا ينكر. الصّيّب: المطر الكثير النازل. رَعْدٌ الرعد: هو صوت احتكاك الهواء. الْبَرْقُ: نور خاطف ينشأ من شرارة كهربائية: الصَّواعِقِ: جمع صاعقة، وهي: الرعد الشديد، وقيل: إنها من آثار الكهرباء في الجو ينشأ عنه احتراق بعض الأجسام.

صفحة رقم 20

المعنى:
المثل الأول: المنافقون قوم أظهروا الإسلام زمنا قليلا فأمنوا على أنفسهم وأولادهم وأخفوا وراءهم الكفر والفساد، ولكنهم لم يلبثوا على ذلك حتى أظهر الله الحق، وبدا الصبح لذي عينين فأضحوا بعد أمنهم خائفين وصاروا متخبطين في ظلمة النفاق والفضيحة والعذاب الأليم في الدنيا والآخرة، فحالهم هذه تشبه حال جماعة أوقدوا نارا لينتفعوا بها، فلما أوقدت النار وأبصروا ما حولهم زمنا يسيرا أطفأها الله وذهب بنورهم من أساسه وتركهم في ظلمة الليل وظلمة السحب المتراكمة وظلمة إطفاء النار فهم لا يبصرون.
ولا شك أن المنافقين صم عن الحق فلا يسمعون، وبكم فلا يتكلمون، وعمى عن الهدى فلا يبصرون. إذن فهم لا يرجعون أصلا عن حالهم فلا تأس عليهم ولا تحزن.
أردف الله المثل السابق بمثل آخر مستقل واضح ليظهر حالهم فلا تخفى على أبسط الناس فهما وإدراكا.
المعنى:
المثل الثاني: أنزل الله القرآن الكريم: وقد اعترى المنافقين شبهة واهية، وفي هذا القرآن وعد لمن آمن ووعيد لمن كفر، وفيه حجج بينات واضحات، وفيه آيات فاضحة لهم وكاشفة أستارهم كانت تنزل عليهم نزول الصاعقة أو أشد، وهم مع القرآن الكريم إذا نزلت آية فيها مغنم فرحوا وساروا مع المسلمين وإذا نزلت آية تطالبهم بالجهاد أو تكشف حالهم وقفوا وبهتوا.
فحالهم هذه تشبه حال قوم نزل عليهم مطر غزير من كل جانب، وكان يصاحبه صواعق تصم الآذان حتى أنهم يجعلون أنامل أصابعهم في آذانهم خوفا من الموت.
وأما برقه ونوره فكلما ظهر في الأفق فرحوا وساروا آمنين، وهم حريصون على ذلك، وإذا أظلم الأفق وانتهى البرق وقفوا حيارى مبهوتين.
والله محيط بهم قادر عليهم، ولو شاء لأذهب أسماعهم بقوة الرعد وأبصارهم بوميض البرق فهو القادر المختار.

صفحة رقم 21
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية