
- ١٤٦ - الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
- ١٤٧ - الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّ عُلَمَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ يَعْرِفُونَ صِحَّةَ مَا جَاءَهُمْ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم كَمَا يَعْرِفُ أَحَدُهُمْ وَلَدَهُ، وَالْعَرَبُ -[١٤٠]- كَانَتْ تَضْرِبُ الْمِثْلَ فِي صِحَّةِ الشَّيْءِ بِهَذَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ مَعَهُ صَغِيرٌ: «ابْنُكُ هَذَا»؟ قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْهَدُ به، قال: «أما أنه لا يخفى عليك ولا تخفى عليه» ويروى عن عمر أنه قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ: أَتَعْرِفُ مُحَمَّدًا كما تعرف ولدك؟ قال: نعم وأكثر، نظل الْأَمِينُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى الْأَمِينِ فِي الْأَرْضِ بنعته فعرفته، وابني لا أدري ما كان من أمه (قُلْتُ): وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ: ﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ من بين أبناء الناس كلهم، لا يشك أحد ولا يمتري في معرفة ابنه إذا رآه من أَبْنَاءِ النَّاسِ كُلِّهِمْ، ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ مَعَ هَذَا التَّحَقُّقِ وَالْإِتْقَانِ الْعِلْمِيِّ، ﴿لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ﴾ أَيْ لَيَكْتُمُونِ النَّاسَ مَا فِي كُتُبِهِمْ مِنْ صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾، ثم ثبَّت تعالى نبيّه ﷺ وَالْمُؤْمِنِينَ وَأَخْبَرَهُمْ بِأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْحَقُّ الذِي لَا مِرْيَةَ فِيهِ وَلَا شَكَّ فَقَالَ: ﴿الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾.