
صاحبه «١» أو يسومه ما يشق عليه «٢».
[١٠/ ب] ١٣٣ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ: استفهام في معنى/ الجحد «٣»، أي: ما كنتم شهداء.
١٣٧ فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ: أي: على مثل إيمانكم «٤» كقولك:
كتبت على ما كتبت، كأنك جعلت المثال آلة تعمل به.
١٣٨ صِبْغَةَ اللَّهِ: دين الله «٥»، كأنّ نور الطهارة وسيما العبادة شبيه اللّون الّذي يظهر عند الصّبغ.
١٤٣ وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ: العامل في الكاف «جعلنا».
وَسَطاً: عدلا «٦»، أو خيارا «٧».
(٢) تفسير القرطبي: ٢/ ١٤٣.
(٣) البحر المحيط: ١/ ٤٠٠، قال أبو حيان: «ومعنى الاستفهام هنا التقريع والتوبيخ، وهو في معنى النفي أي: ما كنتم شهداء فكيف تنسبون إليه ما لا تعلمون ولا شهدتموه أنتم ولا أسلافكم».
(٤) رأى النيسابوري هنا أن الباء بمعنى «على».
وانظر هذا المعنى في معاني الزجاج: ١/ ٢١٤، والبحر المحيط: ١/ ٤٠٩، والدر المصون: ٢/ ١٤٠.
(٥) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: (٣/ ١١٨، ١١٩) عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقتادة، وأبي العالية، ومجاهد، والربيع بن أنس، والسدي، وابن زيد.
وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره: ١/ ٤٠٢ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
وانظر هذا المعنى في مجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ٥٩، ومعاني القرآن للأخفش:
١/ ٣٤٠، وتفسير الغريب لابن قتيبة: ٦٤، وتفسير الماوردي: ١/ ١٦٢.
(٦) ورد هذا المعنى في حديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه: ٥/ ١٥١، كتاب التفسير، والإمام أحمد في مسنده: ٣/ ٩ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا.
وأخرجه الطبريّ في تفسيره: (٣/ ١٤٢، ١٤٣) عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة مرفوعا أيضا.
وانظر هذا المعنى في معاني الفراء: ١/ ٨٣، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ٥٩، وتفسير الماوردي: ١/ ١٦٥.
(٧) ذكره الطبريّ في تفسيره: ٣/ ١٤١، واستشهد بقول زهير بن أبي سلمى:
هم وسط ترضى الأنام بحكمهم | إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم |

شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ: في تبليغ محمد، أو في تبليغ جميع الرسل كما سمعتم من الرسول الصّادق. أو الشّهادة هي الحجّة وظهور الدّلالة، أي: قولكم وإجماعكم حجة.
إِلَّا لِنَعْلَمَ: ليعلم رسولنا وحزبنا «١» كما يقال: بنى الأمير وجبى الوزير، أو هو على ملاطفة الخطاب لمن لا يعلم «٢»، كقولك لمن ينكر ذوب الذّهب: فلتنفخ عليه بالنّار لنعلم أيذوب؟.
أو المعنى [ليوجد أي] «٣» ليكون الموجود كما نعلم «٤» لأن الموجود لا يخالف معلومه، فتعلق الموجود بمعلومه فوق تعلق المسبّب بالسبب.
وَإِنْ كانَتْ: أي: القبلة «٥»، أو التحويلة «٦».
وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا ليعلم رسولي وحزبي وأوليائي من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه، فقال جل ثناؤه: إِلَّا لِنَعْلَمَ ومعناه: ليعلم رسولي وأوليائي، إذ كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأولياؤه من حزبه، وكان من شأن العرب إضافة ما فعلته أتباع الرئيس إلى الرئيس، وما فعل بهم إليه، نحو قولهم: فتح عمر بن الخطاب سواد العراق وجبى خراجها، وإنما فعل ذلك أصحابه، عن سبب كان منه في ذلك... ».
وانظر تفسير الماوردي: ١/ ١٦٦، والمحرر الوجيز: ٢/ ٨، وتفسير الفخر الرازي: ٤/ ١١٤. [.....]
(٢) هو قول الفراء في معاني القرآن له: ٢/ ٣٦٠، وانظر زاد المسير: ١/ ١٥٥، وتفسير الفخر الرازي: ٤/ ١١٥.
(٣) عن نسخة «ج».
(٤) تفسير الفخر الرازي: ٤/ ١١٤.
(٥) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: ٣/ ١٦٤ عن أبي العالية. وبه قال الزجاج في معاني القرآن: ١/ ٢٢٠، وانظر تفسير الماوردي: ١/ ١٦٦، وتفسير البغوي: ١/ ١٢٣، وزاد المسير: ١/ ١٥٥.
(٦) أخرجه الطبري في تفسيره: ٣/ ١٦٤ عن ابن عباس رضي الله عنهما، ومجاهد، وقتادة، ونقل الماوردي في تفسيره: ١/ ١٦٦ هذا القول عنهم، وأورده ابن الجوزي في زاد المسير: ١/ ١٥٥ وزاد نسبته إلى مقاتل.
قال الطبري- رحمه الله-: «قال بعض نحويي البصرة: أنّثت «الكبيرة» لتأنيث القبلة، وإياها عنى جل ثناؤه بقوله: وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً.
وقال بعض نحويي الكوفة: بل أنّثت «الكبيرة» لتأنيث التولية والتحويلة.
فتأويل الكلام على ما تأوله قائلو هذه المقالة: وما جعلنا تحويلتنا إياك عن القبلة التي كنت عليها وتوليتناك عنها، إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه، وإن كانت تحويلتنا إياك عنها وتوليتناك لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ.
وهذا التأويل أولى التأويلات عندي بالصواب لأن القوم إنما كبر عليهم تحويل النبي صلّى الله عليه وسلّم وجهه عن القبلة الأولى إلى الأخرى، لا عين القبلة، ولا الصلاة، لأن القبلة الأولى والصلاة، قد كانت وهي غير كبيرة عليهم، إلا أن يوجّه موجّه تأنيث «الكبيرة» إلى «القبلة»، ويقول: اجتزئ بذكر «القبلة» من ذكر التولية والتحويلة، لدلالة الكلام على ذلك، كما قد وصفنا لك في نظائره. فيكون ذلك وجها صحيحا ومذهبا مفهوما».

إِيمانَكُمْ: توجهكم إلى القبلة الناسخة. وقيل «١» : صلواتكم إلى
وأخرج الإمام أحمد في مسنده: ٤/ ٢٤١ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لما حرمت الخمر قال أناس: يا رسول الله، أصحابنا الذين ماتوا وهم يشربونها؟ فأنزلت: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا، قال: ولما حوّلت القبلة قال أناس: يا رسول الله، أصحابنا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس؟ فأنزلت:
وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ.
قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: «إسناده صحيح».
وأخرج نحوه الترمذي في سننه: ٥/ ٢٠٨، كتاب التفسير، باب «ومن سورة البقرة»، وقال: «هذا حديث حسن صحيح».
والطبري في تفسيره: (٣/ ١٦٧- ١٦٩) عن ابن عباس رضي الله عنهما، والبراء، وقتادة، وسعيد بن المسيب، والربيع بن أنس.
وأخرجه الحاكم في المستدرك: ٢/ ٢٦٩، كتاب التفسير، وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» ووافقه الذهبي.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: ١/ ٢٥٣، وزاد نسبته إلى وكيع، والفريابي، والطيالسي، وعبد بن حميد، وابن حبان عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وانظر أسباب النزول للواحدي: ٧٧، وتفسير الماوردي: ١/ ١٦٧، وتفسير ابن كثير:
١/ ٢٧٨.