
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَالُوا اتخذ الله ولدا﴾ يَعْنِي: النَّصَارَى ﴿سُبْحَانَهُ﴾ تَنْزِيه ﴿بل لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ ملكا وملكا ﴿كل لَهُ قانتون﴾ القانت: الْمُطِيع، وأصل الْقُنُوت: الْقيام. وَفِي الْخَبَر: " أَن النَّبِي سُئِلَ عَن أفضل الصَّلَاة، فَقَالَ: طول الْقُنُوت " أَي: طول الْقيام.
وَقَوله: ﴿كل لَهُ قانتون﴾ أَي: قائمون بالعبودية. وَفِي مَعْنَاهُ أَقْوَال:
أَحدهَا: قَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ عَام بِمَعْنى الْخُصُوص. وَالْمرَاد بِهِ الْمُسلمُونَ، وَبِه قَالَ الْفراء. وَلم يرضه من الْفراء نحاة الْبَصْرَة، وَقَالُوا: الْكل يَقْتَضِي الْإِحَاطَة بالشَّيْء، بِحَيْثُ لَا يشذ مِنْهُ شَيْء وَمَعْنَاهُ: كل الْعباد قانتون. فالمسلم يسْجد طَوْعًا. وَالْكَافِر يسْجد ظله كرها، كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَللَّه يسْجد من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكرها وظلالهم بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال﴾.
وَالْقَوْل الثَّانِي: مَعْنَاهُ: ﴿كل لَهُ قانتون﴾ مذللون مسخرون لما خلقُوا لَهُ.
وَالْقَوْل الثَّالِث: ﴿كل لَهُ قانتون﴾ يَعْنِي: فِي الْقِيَامَة.