آيات من القرآن الكريم

وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ ۗ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ۗ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ ﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ

والصلوات هي الصلوات الخمس لله، والطيبات هي الأعمال الزكيات لله ".
قوله: ﴿وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الجنة إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نصارى﴾.
معناه / قالت اليهود ذلك، وقالت النصارى ذلك، فأخبرنا الله أن ذلك هما يتمنون، فقيل لهم: هاتوا برهانكم على ذلك، أي حجتكم وبيّنتكم إن كنتم صادقين. وقد [أكذب الله تمنيهم وقولهم] ذلك بقوله: ﴿فَتَمَنَّوُاْ الموت إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: ٩٤]، إي إن كنتم من أهل الجنة كما زعمتم، فتمنوا الموت لأنكم تنتقلون إلى ما هو خير لكم. فلما / لم يفعلوا عُلم أن قولهم / ذلك شيء لا حقيقة له وكذب وبهتان.
ثم قال: ﴿بلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّهِ﴾. أي: أخلص عمله ونيته بالطاعة والإيمان. وخص الوجه بالذكر دون سائر الأعضاء لأنه أشرف أعضاء بني آدم وأعظمها حُرمة. فإذا خَضَّع وجهه الذي هو أكرم الأعضاء كان ما سواه أحرى أن يخضع.
قوله: ﴿وَقَالَتِ اليهود لَيْسَتِ النصارى على شَيْءٍ﴾. نزلت في قوم من أهل الكتابين تخاصموا عند النبي [عليه السلام] فكفر بعضهم بعضاً، فأخبرنا الله أنه قد فعل هذا من كان قبلهم ممن لا يعلم، وأنهم فعلوا ذلك وهم يجدون في كتبهم كذبهم فيما يقولون لأن كتب الله تعالى يصدق بعضها بعضاً، فلذلك قال تعالى:

صفحة رقم 403

﴿وَهُمْ يَتْلُونَ الكتاب﴾. فهؤلاء قالوه وهم يعلمون أنهم كاذبون لأن في كتاب كل واحد منهم الأمر بالإيمان بالآخر وبمن جاء به. و ﴿الذين لاَ يَعْلَمُونَ﴾ أمم كانت قبلهم.
وقيل: عني بذلك الجاهلية في العرب، قالوا: ليس محمد على شيء.
وقيل: قالوا: ليست اليهود على شيء ولا النصارى على شيء.
وقيل: إنهم قالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان على ديننا. فالذين من قبلهم قالوه وهم غير عالمين، وهؤلاء / قالوا عن علم لأن ما قالوا كذب.
ومعنى قولهم: ﴿لَيْسَتِ النصارى على شَيْءٍ﴾، ﴿لَيْسَتِ اليهود على شَيْءٍ﴾: إنما أرادوا أنهم ليسوا على شيء [مذ دانوا]، ولم يريدوا ليسوا على شيء الساعة لأنهم لو أرادوا ذلك لكانوا صادقين في قولهم، إذ كل فريق منهم قد جحد / نبوة محمد ﷺ وهو يعلم أنه نبي ويجده في كتابه، فهو في ذلك الوقت ليس على شيء لأن

صفحة رقم 404

من جحد آية من كتاب الله فقد جحده كله. فإنما أراد: قال كل فريق منهم: ليس هؤلاء على شيء منذ دانوا، ومنذ أنزل عليهم الكتاب [لا أنهم] أرادوا في الوقت الذي وقع فيه التنازع خاصة لأن ذلك لو كان لكانوا صادقين فيما قالوا، ولأنهم لو أرادوا ذلك لكفر كل واحد نفسه على لسانه، لأن جميعهم جاحد لنبوة محمد ﷺ، فإذا قال فريق: ليس هؤلاء على شيء، واعتقادهم / واحد في محمد ﷺ. فكأنه قال: ليس نحن على شيء. إلى هذا يؤول الكلام لو حمل على أنهم أرادوا الوقت الذي تخاصموا فيه، وإنما أرادوا من تقدم قبل محمد [ ﷺ] فأكذبهم الله تعالى لأن أوائلهم قد كانوا على شيء. ولو أرادوا الزمان الذي بعث فيه محمد ﷺ لم يكذبهم الله في ذلك لأنهم كانوا على غير شيء إذ جحدوا ما عرفوا وبدلوا وغيروا وأنكروا ما في كتابهم، وجعل الله تعالى هذه الآية تحذيراً لئلا يُختلف في القرآن، لأن اختلافهم أخرجهم إلى الكفر، فحُذِّر المسلمون من ذلك.
قوله: ﴿فالله يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ﴾: أي: يفصل.

صفحة رقم 405
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية