
مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٠) }.
شرح الكلمات:
﴿وَدَّ﴾ : أحب.
﴿أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ : اليهود والنصارى.
﴿حَسَداً﴾ : الحسد تمني زوال النعمة على من هي به.
﴿تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾ : عرفوا أن محمداً رسول الله وأن دينه هو الدين الحق.
﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا﴾ : لا تؤاخذهم ولا تلوموهم، إذ العفو ترك العقاب، والصفح الإعراض عن الذنب.
﴿حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ﴾ : أي الإذن بقتالهم والمراد بهم يهود المدينة، وهم: بنو قينقاع، وبنو النضير، وبنو قريظة.
﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ : إقامة الصلاة: أداؤها في أقواتها مستوفاة الشروط والأركان والسنن.
﴿وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ : أعطوا زكاة أموالكم وافعلوا كل ما من شأنه يزكي أنفسكم من الطاعات.
معنى الآيات:
في الآية الأولى (١٠٩) يخبر تعالى المؤمنين بنفسية كثير من أهل الكتاب وهي الرغبة الملحة في أن يتخلى المسلمون عن دينهم الحق ليصبحوا كافرين، ومنشأ هذه الرغبة الحسد الناجم عن نفسية لا ترغب أن ترى المسلمين يعيشون في نور الإيمان بدل ظلمات الكفر، وبعد أن أعلم عباده المؤمنين بما يضمر لهم أعداؤهم، أمرهم بالعفو١ والصفح؛ لأن الوقت لم يحن بعد لقتالهم فإذا حان الوقت قاتلوهم وشفوا منهم صدورهم.
وفي الآية الثانية (١١٠) أمر الله تعالى المؤمنين بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وفعل٢ الخيرات
٢ فعل الخيرات هنا مستفاد من قوله تعالى في الآية: ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ الله﴾.

تهذيباً لأخلاقهم وتزكية لنفوسهم وواعدهم بحسن العاقبة بقوله: ﴿إِنَّ اللهَ١ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾.
هداية الآيتين:
من هداية الآيات:
١- اليهود والنصارى يعلمون أن الإسلام حق وأن المسلمين على حق فحملهم ذلك على حسدهم ثم عداوتهم، والعمل على تكفيرهم... وهذه النفسية ما زالت طابع أهل الكتاب إزاء المسلمين إلى اليوم.
٢- في الظرف الذي لم يكن مواتياً للجهاد على المسلمين أن يشتغلوا فيه بالإعداد للجهاد، وذلك بتهذيب الأخلاق والأرواح وتزكية النفوس بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وفعل الخيرات إبقاء على طاقاتهم الروحية والبدنية إلى حين يؤذن لهم بالجهاد.
٣- تقوية الشعور٢ بمراقبة الله تعالى ليحسن العبد نيته وعمله.
﴿وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا٣ بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين (١١١) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١١٢) وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُون (١١٣) ﴾
٢ هذا مستفاد من قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾.
٣ في الآية دليل على بطلان التقليد، وهو قبول قول الغير بلا دليل، وفي الآية أن من ادعى شيئاً نفياً أو إثباتاً يطالب بالدليل بطلت دعواه.